الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، فَأنْكَرَ، وَلَمْ يَكُنْ قَضَاهُ بِبَيِّنةٍ، ضَمِنَ. وَعَنْهُ، لَا يَضْمَنُ، إلا أن يَكُونَ أُمِرَ بِالإشْهَادِ، فَلَمْ يَفْعَلْ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَكِيلِ.
ــ
المُشْتَرِي مع يَمِينِه. وهو إحْدَى الرِّوايَتَين عن أحمدَ. فإذا حَلَف المُشْتَرِي، رَجَع على العَدْلِ، ورَجَع العَدْلُ على الرَّاهِنِ. فإن تَلِفَ المَبِيعُ في يَدِ المُشْتَرِي، ثم بان مُسْتَحَقًّا قبلَ وَزْنِ ثَمَنِه، فللمَغْصُوبِ منه تَضْمِينُ مَن شاء مِن الغاصِبِ والعَدْلِ والمُرْتَهِنِ (1)، ويَسْتَقِرُّ الضَّمانُ على المُشْترِي؛ لأنَّ التَّلَفَ في يَدِه، هذا إذا عَلِمَ بالغَصْبِ، وإن لم يَكُنْ عالِمًا، فهل يَسْتَقِرُّ الضَّمانُ عليه، أو على الغاصِبِ؟ على رِوايَتَين.
1805 - مسألة: (وإنِ ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إلى المُرْتَّهِنِ، فأنْكَرَ، ولم يَكُنْ قَضاه ببَيِّنةٍ، ضَمِن. وعنه، لا يَضْمَنُ، إلَّا أن يَكُونَ أُمِرَ بالإِشْهادِ، فلم يَفْعَلْ. وهكذا الحُكْمُ في الوَكِيلِ)
إذا ادَّعَى العَدْلُ دَفعَ الثَّمَنِ إلى المُرْتَّهِنِ، فأنْكَرَ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يُقْبَلُ قَوْلُه في حَقِّ الرَّاهِنِ، ولا يُقْبَلُ في حَقِّ المُرْتَّهِنِ. ذَكَرَه القاضِي. وهو مَذْهَبُ الشَّافعيِّ؛ لأنَّ العَدْلَ وَكِيلُ الرَّاهِنِ في دَفْعِ الثَّمَنِ إلى المُرْتَّهِنِ، وليس
(1) بعده في م: «والمشترى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بوَكِيل للمُرْتَهِنِ في ذلك، إنَّما هو وَكِيلُه في الحِفْظِ فقط، فلم يُقْبَلْ قَوْلُه عليه فيما ليس بوَكِيل له فيه، كما لو وَكَّلَ رجلًا في قَضاءِ دَين، فادَّعَى أنَّه سَلَّمَه إلى صاحِبِ الدَّينِ. والثّانِي، يُقْبَلُ قَوْلُه على المُرْتَهِنِ في إسْقاطِ الضَّمانِ عن نَفْسِه، ولا يُقْبَلُ في نَفْي الضّمانِ عن غيرِه. ذَكَرَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه أمِين، فقُبِلَ قَوْلُه في إسْقاطِ الضَّمانِ عن نَفْسِه، كالمُودَعِ يَدَّعِي رَدَّ الوَدِيعَةِ. فعلى هذا، إذا حَلَف العَدْلُ، سَقَط الضَّمانُ عنه، ولم يَثْبُتْ على المُرْتَهِنِ أنَّه قَبَضَه. وعلى القولِ الأولِ، يَحْلِفُ المُرْتَهِنُ، ويَرْجِعُ على مَن شاء منهما، فإن رَجَعَ على العَدْلِ، لم يَرْجِعِ العَدْلُ على الرّاهِنِ؛ لأنَّه يَقُولُ: ظَلَمَنِي وأخَذَ مِنِّي بغَيرِ حَق. فلم يَرْجِعْ على الرّاهِنِ، كما لو غَصَبَه مالًا آخَرَ، وإن رَجَع على الرّاهِنِ، فهل يَرْجِعُ الرّاهِنُ على العَدْلِ؟ يُنْظَرُ؛ فإن كان دَفَعَه إلى المُرْتَهِنِ بحَضْرَةِ الرّاهِنِ، أو ببَيِّنَةٍ فماتَتْ أو غابَتْ، لم يَرْجِعْ عليه؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأَنه أمِينٌ، ولم يُفَرِّطْ في القَضاءِ، وإن دَفَعَه في غَيبَةِ الرّاهِنِ بغَيرِ بَيِّنَةٍ، رَجَع عليه في إحْدَى الروايَتَين؛ لأنَّه فَرَّطَ في القَضاءِ بغيرِ بَيِّنةٍ، فلَزِمَه الضَّمانُ، كما لو تَلِفَ الرَّهْنُ بتَفْرِيطِه. والرِّوايَةُ الثّانِيَةُ، لا يَرْجِعُ الرّاهِنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، سَواءٌ صَدَّقَه أو كَذَّبَه؛ لأنَّه أمِين في حَقِّه، إلَّا أنَّه إن كَذَّبَه، فله عليه اليَمِينُ. فإنْ كان الرّاهِنُ أمَرَه بالإِشْهادِ، فلم يَفْعَلْ، لَزِمَه الضَّمانُ؛ لأنَّه مُفَرِّط. وهكذا الحُكْمُ في الوَكِيلِ؛ لأنَّه في مَعْناهُ.
فصل: إذا غَضب المُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِن العَدْلِ ثمّ رَدَّه إليه، زال عنه الضَّمانُ. ولو كان الرهْنُ في يَدِ المُرْتَهِنِ، فتَعَدَّى فيه، ثم أزال التَّعدى، أو سافَرَ به، ثم رَدَّه، لم يَزُلْ عنه الضَّمانُ؛ لأنَّ استِئْمَانه زال بذلك، فلم يَعُدْ بفِعْلِه مع بَقائِه في يَدِه، بخِلافِ التي قَبْلَها، فإنَّه رَدَّه إلى يَدِ نائِبِ مالِكِها، أشْبَهَ ما لو رَدَّها إلى مالِكِها.
فصل: إذا اسْتَقْرَضَ ذِمِّيٌّ مِن مُسْلِم مالًا ورَهَنَه خَمْرًا، لم يَصِحَّ، سَواءٌ جَعَلَه في يَدِ ذِميٍّ أو غيرِه. فإن باعَها الرّاهِنُ أو نائِبُه الذِّمِّي، وجاء المُقْرِضَ بثَمَنِها، لَزِمَه قَبُولُه (1). فإن أربى، قيل له: إمّا أنَّ تَقْبِضَ، وإمّا أنَّ تُبْرِئ؛ لأنَّ أهْلَ الذِّمَّةِ إذا تَقابَضُوا في العُقُودِ الفاسِدَةِ جَرَت مَجْرَى الصَّحِيحةِ. قال عمرُ، رضي الله عنه، في أهْلِ الذِّمَّةِ معهم الخَمْرُ: وَلُّوهم بَيعَها، وخُذُوا مِن أثْمانِها (2). وإن جَعَلَها على يَدِ مُسْلِم، فباعَهَا، لم يُجْبَرِ المُرْتَهِنُ على قَبُولِ الثَّمَنِ؛ لأنَّه بَيعٌ فاسِدٌ لا يُقَرَّانِ عليه، ولا حُكْمَ له.
(1) في الأصل: «قبولها» .
(2)
تقدم تخريجه في 10/ 430.