الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمُرْتَهِنُ بِاخْتِيَارِهِ إِلَى الرَّاهِن، زَال لُزُومُه، فَإِنْ رَدَّهُ إِلَيهِ، عَادَ اللُّزُومُ.
ــ
الرَّهْنَ (1)، انْبَنَى على صِحَّةِ رَهْنِ المُكاتَبِ، فإن قُلْنا: يَجُوزُ رَهْنُه. لم يَبْطُلِ الرَّهْنُ، كالتَّدْبِيرِ. وإن قُلْنا: لا يجُوزُ. بَطَل الرَّهْنُ، كما لو أعْتَقَه.
فصل: فإن قُلْنا: إنَّ ابْتِداءَ القَبْضِ شَرْطٌ في لُزُومِ الرَّهْنِ. فاسْتِدامَةُ القَبْضِ شَرْطٌ؛ لأنَّها إحْدَى حالتَيِ الرَّهْنِ، فأشْبَهَتْ الابتِداءَ. وإن قُلْنا: إنَّ الابتِداءَ ليس بشَرْطٍ في اللُّزُومِ. فكذلك الاسْتِدامَةُ.
1783 - مسألة: (فإن أخْرَجَه المُرْتَهِنُ إلى الرّاهِنِ باخْتِيَارِه، زال لُزُومُ الرَّهْنِ)
وبَقِيَ العَقْدُ، كأنَّه لم يُوجَدْ فيه قَبْضٌ، سواء أخْرَجَه بإجارَةٍ، أو إعارَةٍ، أو إيداع، أو غيرِ ذلك. فإذا عاد فرَدَّه إليه، عاد اللُّزُومُ بحُكْمِ العَقْدِ السابقِ؛ لأنَّه أقْبَضَه باخْتِيارِه، فلَزِمَ به، كالأوَّلِ. قال أحمدُ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ: إذا ارْتَهَنَ دارًا، ثم أكْراهَا (2) صاحِبَها،
(1) زيادة من: م.
(2)
في الأصل: «اكتراها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَرَجتَ مِن الرَّهْنِ، فإذا رَجَعَت إليه صارَتْ رَهْنًا. وقال في مَن رَهَن جارِيَةً، ثم سَأل المُرْتَهِنَ أن يَبْعَثَها إليه لتَخْبِزَ لهم، فبَعَثَ بها، فوَطِئَها: انْتَقَلَتْ مِن الرَّهْنِ، فإن لم يَكُنْ وَطِئَها، فلا شيءَ. قال أبو بكر: لا تَكُونُ رَهْنًا في تِلْكَ الحالِ، فإذا رَدَّها رَجَعَتْ إلى الرَّهْنِ. وكان أوْجَبَ اسْتِدامَةَ القَبْضِ مالكٍ، وأبو حنيفة. وهذا التَّفْرِيعُ على القولِ الصَّحِيحِ، فأمّا على قولِ مَن قال: ابْتِداءُ القَبْضِ ليس بشَرْطٍ. فأوْلَى أن يقولَ: الاسْتِدامَةُ غيرُ مُشْتَرَطَةٍ؛ لأنَّ كلَّ شَرْطٍ يُعْتَبَرُ في الاسْتِدامَةِ يُعْتَبَرُ في الابتِداءِ، وقد يُعْتَبَرُ في الابتِداءِ ما لا يُعْتَبَرُ في الاسْتِدامَةِ. وقال الشَّافعي: اسْتِدامَةُ (1) القَبْضِ ليست شَرْطًا؛ لأنَّه عَقْدٌ يُعْتَبَرُ (2) القَبْضُ في ابْتِدائِه، فلم يُشْتَرَطِ اسْتِدامَتُه، كالهِبَةِ. ولَنا، قولُه تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} .
(1) في الأصل: «استدامته في» .
(2)
في الأصل: «يشترط» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّها إحْدَى حالتَي الرَّهْنِ، فكان القَبْض فيه شَرْطًا، كالابتِداءِ. ويُفارِقُ الهِبَةَ، فإن القَبْضَ في ابْتِدائِها يُثْبِتُ المِلْكَ، فإذا ثَبَت اسْتَغْنَى عن القَبْضِ ثانِيًا، والرَّهْنُ يُرادُ للوَثِيقَةِ ليَتَمَكَّنَ مِن بَيعِه واسْتِيفاءِ الدَّين مِن ثَمَنِه، فإذا لم يَكُنْ في يَدِه، لم يَتَمَكَّنْ مِن بَيعِه. وإن أزِيلَتْ يَدُ المُرْتَهِن بغَيرِ حَقٍّ؛ كالغَصْبِ، والسَّرِقَةِ، أو إباقِ العَيدِ، أو ضَياعِ المَتاعِ، ونحو ذلك، لم يَزُلْ لُزُومُ الرَّهْنِ؛ لأنَّ يَدَه ثابِتَةٌ حُكْمًا، فكأنَّها لم تَزُلْ.