الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لَهُ فِي بَيعِ الرَّهْنِ، أوْ هِبَتِهِ، وَنَحْو ذَلِكَ، فَفَعَلَ، صَحَّ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ، إلا أن يَأذَنَ لَهُ فِي بَيعِهِ بِشَرْطِ أن
ــ
بوَلَدٍ لا يَلْحَقُ بالرَّاهِنِ، فالرَّهْنُ بحالِه، وكذلك إن كان يلحَقُ به، لكنْ لا تَصِيرُ به أمَّ وَلَدٍ، مثلَ أن وَطِئَها وهي زَوْجَتُه، ثم مَلَكَها ورَهَنَها. وإن بانَتْ حامِلًا بما تَصِيرُ به أمَّ وَلَدٍ، بَطَل الرَّهْنُ، ولا خِيارَ للمُرْتَهِنِ، وإن كان مَشْرُوطًا في بَيع؛ لأنَّه دَخَل مع العِلْمِ بأنها قد لا تَكُونُ رَهْنًا، فإذا خَرَجَتْ مِن الرَّهْنِ بذلك السَّبَبِ الذي عَلِمَه، لم يَكُنْ له خِيارٌ، كالمَرِيضِ إذا ماتَ، والجانِي إذا اقْتُصَّ منه. وهذا قولُ أكثرَ الشافعيَّةِ. وقال بَعْضُهم: له الخِيارُ؛ لأنَّ الوَطْءَ بنَفْسِه لا يُثْبِتُ الخِيارَ، فلم يَكُنْ رِضَاهُ به رِضًا بالحَمْلِ الذي يَحْدُثُ منه، بخِلافِ الجِنايَةِ والمَرَضِ. ولَنا، أنَّ إذنه في الوَطْءِ إذْن فيما يَئُولُ إليه، كذلك رِضاه به رِضًا بما يَئُولُ إليه. الحالُ الثَّالثُ، أقَرَّ بالوَطْءِ بعد لُزُومِ الرَّهْنِ، فإنَّه يُقْبَلُ في حَقِّه، ولا يُقْبَلُ في حَق المُرْتَّهِنِ؛ لأنَّه أقَرَّ بما يَفْسَخُ عَقْدًا لازِمًا لغيرِه، فلم يُقْبَلْ، كما لو أقَرَّ بذلك بعد بَيعها. ويَحْتَمِلُ أن يُقْبَلَ؛ لأنَّه أقَرَّ في مِلْكِه بما لا تُهْمَةَ فيه، لأنَّه يَسْتَضِرُّ مِن ذلك أكثرً مِن نَفْعِه بخُرُوجِها مِن الرَّهْنِ. والأولُ أصَحُّ؛ لأنَّ إقْرارَ الإِنْسانِ على غيرِه لا يُقْبَلُ.
1789 - مسألة: (وإنْ أذِنَ له المُرْتَهنُ في بَيعِ الرَّهْنِ، أو هِبَتِه، أو نحو ذلك، صَحَّ، وبَطَل الرَّهْنُ، إلَّا أن يَأذَنَ له في بَيعِه بشَرْطِ أن يَجْعَلَ
يَجْعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا، أَوْ يُعَجِّلَ دَينَهُ كانْ ثَمَنِهِ.
ــ
ثَمَنَه رَهْنًا، أو يُعَجِّلَ دَينَه من ثَمَنِه) وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه متى أذِنَ المُرْتَهِنُ للرَّاهِنَ في بَيعِ الرَّهْنِ، أو هِبَتِه، أو وَقْفِه، ففَعَلَ، صحَّ؛ لأنَّ المَنْعَ كان لِحَقِّه، فجاز بإذْنِه، ويَبْطُلُ الرَّهْنُ؛ لأنَّ هذا تَصَرُّف يُنافِي الرَّهْنَ، فلا يَجْتَمِعُ مع ما يُنافِيهِ، إلَّا البَيعَ، فله ثَلاثَةُ أحْوالٍ؛ أحَدُها، أن يَأذَنَ له في بَيعِه بعدَ حُلُولِ الحَقِّ، فيَصِحُّ، ويَتَعَلَّقُ حَقُّ المُرْتَّهِنِ بثَمَنِه، ويَجِبُ قَضاءُ الدَّين منه؛ لأنَّ مُقْتَضَى الرَّهْنِ بَيعُه واسْتِيفاءُ الدَّينِ مِن ثَمَنِه. الثاني، أن يَأَذَنَ له قبلَ حُلُولِه مُطْلَقًا، فيَبيعُه، فيَبْطُلُ الرَّهْنُ، ولا يَكُونُ عليه عِوَضُه؛ لأنَّه أذِنَ له فيما يُنافِي حَقَّهُ، فأشْبَهَ ما لو أذِنَ في عِتْقِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وللمالِكِ أخْذُ ثَمَنِه. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ: يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا؛ لأنَّ الرَّاهِنَ باع الرَّهْنَ بإذْنِ المُرْتَّهِنِ، فوَجَبَ أن يَثْبُتَ حَقُّه فيه، كما لو حَلَّ الدَّينُ. قال الطَّحاويُّ (1): حَقُّ المُرْتَّهِنِ يَتَعَلَّقُ بعَينِ الرَّهْنِ، والثَّمَنُ بَدَلُه، فوَجَبَ أن يَتَعَلَّقَ به، كما لو أتْلَفَه متلف. ولَنا، أنَّه تَصَرُّف يُبْطِلُ حَقَّ المُرْتَّهِنِ مِن عَينِ الرَّهْنِ، لا يَمْلِكُه المُرْتَهِنُ، فإذا أذِن فيه، أسْقَطَ حَقَّه، كالعِتْقِ. [ويُخالِفُ](2) ما بعدَ الحُلُولِ؛ لأنَّ
(1) انظر: شرح معاني الآثار 4/ 104، 105.
(2)
في الأصل: «بخلاف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُرْتَهِنَ يَسْتَحِقُّ البَيعَ. ويُخالف الإِتْلافَ؛ لأنَّه غيرُ مَأذُونٍ فيه مِن جِهَةِ المُرْتَّهِنِ. فإن قال: إنَّما أرَدْتُ بإطْلاقِ الإِذْنِ أن يَكُونَ ثَمَنُه رَهْنًا. لم يُقْبَلْ قَوْلُه؛ لأنَّ إطْلاقَ الإِذْنِ يَقْتَضِي بَيعًا يَفْسَخُ الرَّهْنَ. وبهذا قال الشافعيّ. الثَّالثُ، أن يَأذَنَ فيه بشَرْطِ أن يَجْعَلَ ثَمَنَه رَهْنًا مَكانَه، أو يُعَجِّلَ له دَينَه مِن ثَمَنِه، فيَجُوزُ، ويَلْزَمُ ذلك؛ لأنَّه لو شَرَط ذلك بعدَ حُلُولِ الحَقِّ، جاز، فكذلك قبلَه. وإنِ اخْتَلَفا في الإِذْنِ، فالقولُ قولُ المُرْتَّهِنِ؛ لأنَّه مُنْكِر. وإنْ أقَرَّ بالإِذْنِ، واخْتَلَفَا في شَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِه رَهْنًا، أو تَعْجيلِ دَينه منه، فالقولُ قولُ الرَّاهِنِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ يُقَدَّمَ قولُ المُرْتَّهِنِ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ الوَثِيقَةِ.