الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاللَّحْمُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ. وَعَنْهُ، جِنْسٌ وَاحِدٌ. وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ. وَعَنْهُ، فِي اللَّحْمِ، أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ؛ لَحْمُ الْأَنْعَامِ، وَلَحْمُ الْوَحْشِ، وَلَحْمُ الطَّيرِ، وَلَحْمُ دَوَابِّ الْمَاءِ.
ــ
كما لو طُيِّبَ سائِرُ أنْواعِ الأَجْنَاسِ. وقَولُهم: لا تُقْصَدُ للأَكْلِ. قلنا: هي صالِحَةٌ للأكلِ، وإنّما تُعَدُّ لما هو أعْلَى منه، فلا تَخْرُجُ عن كَوْنِها مَأكُولَةً بصَلاحِها لغَيرِه. وقَوْلُهم: إنّها أجْنَاسٌ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّها من أصْلٍ واحِدٍ، ويَشْمَلُها اسْمٌ واحِدٌ، فكانَتْ جِنْسًا، كأنوَاعِ التَّمْرِ، والحِنْطَةِ.
فصل: وقد يكونُ الجِنْسُ الواحِدُ مُشْتَمِلًا على جِنْسَينِ، كالتَّمْرِ يَشْتَمِلُ على النَّوَى وغَيرِه، وهما جِنْسَانِ، واللَّبَنِ يَشْتَمِلُ على المَخِيضِ والزُّبْدِ، وهما جِنْسَانِ، فما دَاما مُتَّصِلَينِ اتِّصال الخِلْقَةِ فهما جِنْسٌ واحِدٌ، فإذا مُيِّزَ أحَدُهما من الآخَرِ، صارا جِنْسَينِ، حُكْمُهُما حُكْمُ الجِنْسَينِ الأصْلِيَّينِ.
1680 - مسألة: (واللَّحْمُ أجنَاسٌ باخْتِلافِ أُصُولِه. وكذلك اللَّبَنُ. وعنه، جِنْسٌ واحِدٌ. وعنه، في اللَّحْمِ، أنَّه أرْبَعَةُ أجْنَاسٍ؛ لَحْمُ الأنْعَامِ، ولَحْمُ الوَحْشِ، ولَحْمُ الطَّيرِ، ولَحْمُ دَوابِّ الماءِ)
اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في اللَّحْمِ، فرُوىَ عنه أنّه جِنْسٌ واحِدٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا الذي ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. وهو قَوْلُ أبِي ثَوْرٍ، وأحَدُ قَوْلَي الشّافِعِيِّ. وأنْكَرَ القاضِي أبو يَعْلَى كونَ هذه رِوايَةً عن أحمدَ، وقال: الأنْعَامُ والوَحْشُ والطَّيرُ ودَوابُّ الماءِ أجْنَاسٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فيها، رِوَايَةً واحِدةً، وإنَّما في اللَّحْمِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُما، أنّه أرْبَعَةُ أجْنَاسٍ، كما ذَكَرْنَا. وهو مَذْهَبُ مالِكٍ، إلَّا أنّه يَجْعَلُ (1) الأنْعَامَ والوَحْشَ جِنْسًا وَاحِدًا فيكونُ عندَه ثَلاثةُ أصْنَافٍ. ورُوِيَ عنه، أنّه أجْنَاسٌ باخْتِلافِ أُصُولِه. وهو قول أبي حَنِيفَةَ، وأحَدُ قَوْلَي الشافِعِيِّ. وهي أصَحُّ؛ لأنها فُرُوعُ أُصُولٍ هي أجنَاسٌ، فكانت أجْنَاسًا، كالأدقَّةِ، والأخبَازِ. وهذا اخْتِيارُ ابنِ عَقِيلٍ. وعنه في اللَّحْمِ، أنّه أرْبَعَةُ أجْنَاس على ما ذَكَرْنَا. وهذا اخْتِيَارُ القَاضِي، واحْتَجَّ بأن لَحْمَ هذه الحَيَواناتِ تَخْتَلِفُ المَنْفَعَةُ بها، والقَصْدُ إلى أكْلِها، فكانت أجْنَاسًا. قال شيخُنا (2): وهذا ضَعِيفٌ؛ لأنَّ كَوْنَها أجْنَاسًا لا يُوجِبُ حَصْرَها في أرْبَعَةِ أجْنَاس، ولا نَظيرَ لهذا فيُقاسُ عليه. والصَّحِيحُ، أنّه أجْنَاسٌ باخْتِلافِ أُصُولِه. ووَجْهُ
(1) في م: «يحتمل أن» .
(2)
في: المغني 6/ 85.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلِ الخِرَقِيِّ، أنَّه اشْتَرَكَ في الاسمِ الواحِدِ حال حُدُوثِ الرِّبَا فيه، فكان جِنْسًا واحِدًا، كالطَّلْعِ. والصَّحِيحُ، ما ذَكَرْنا. وما ذَكَرَه من الدَّلِيل مُنْتَقِضٌ بعَسَلِ النَّحْلِ وعَسَلِ القَصَبِ، وغيرِ ذلك. فعَلى هذا، لَحْمُ الإِبِلِ كُلُّه صِنْفٌ، بَخَاتِيِّها وعِرابِها، والبَقَرُ عِرابُها وجَوامِيسُها صِنْفٌ، والغَنَمُ ضَأنها ومَعْزُها جِنْسٌ (1). ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَا صِنْفَينِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى سَمَّاهَا في الأزْوَاجِ الثّمانِيَةِ، ققال:{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَينِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَينِ} (2). فَفَرَّقَ بَينَهُما، كما فَرَّق بينَ الإِبِل والبَقَرِ، فقال:{وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَينِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَينِ} (3). والوَحْشُ أصنَافٌ؛ بَقَرُها صِنْفٌ، وغَنَمُها صِنْفٌ، وظِباؤها صِنْفٌ، وكُلُّ ما لَه اسْمٌ يخُصُّه فهو صِنْفٌ. والطَّيرُ أَصْنَافٌ، كُلُّ ما انْفَرَدَ باسْم وصِفةٍ فهو صِنْفٌ، فيَجُوزُ أنْ يُباعَ لَحْمُ صِنْفٍ بلَحْمِ صِنْفٍ آخَرَ، مُتَفَاضِلًا ومُتماثِلًا، ويُبَاعُ بصِفَةٍ (4) مُتَماثِلًا، ومَنْ جَعَلَها صِنْفًا واحِدًا، لم يُجِزْ بَيعَ لَحْمٍ بلَحْمٍ إلَّا (5) مُتَماثِلًا.
(1) كذا في المسخ، وقد جاء قبلها في نسخة ق:«صنف» مضروبًا عليها. وفي المغني 6/ 85: «صنف» .
(2)
سورة الأنعام 143.
(3)
سورة الأنعام 144.
(4)
في ق، ر 1:«نصفه» . وغير منقوطة في: الأصل.
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وفي اللَّبَن رِوَايَتَانِ؛ إحْداهُما، هو جِنْسٌ واحِدٌ؛ لما ذَكَرنا في اللَّحْمِ. والثانِيَةُ، هو أجنَاسٌ باخْتِلَافِ أُصُولِه، كاللَّحْمِ. وهذا مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ. وقال مالِكٌ: لَبَنُ الأَنْعَامِ كُلِّها جِنْسٌ واحِدٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لَبَنُ البَقَرِ الأهْلِيَّةِ والوَحْشِيَّةِ جِنْسٌ واحِدٌ على الرِّوَايَاتِ كُلِّها، لأنَّ اسْمَ البَقَرِ يَشْمَلُهُمَا (1). ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ لَحْمَهما جِنْسانِ، فكان لَبَنُهما جِنْسَينِ، كالإِبِلِ والبَقَرِ. ويَجُوزُ بَيعُ اللَّبَنِ بغَيرِ جِنْسِه مُتَفاضِلًا،
(1) في ر 1، م:«يشملها» .