الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا لَا يَجُوزُ بَيعُهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، إلا الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مِنْ
ــ
فيُمْكِنُ المُشْتَرِيَ أن يَقْبِضَه، ثم يُقْبِضَه. وإنَّما لم يَجُزْ بَيعُه؛ لأنَّه يُفْضِي إلى رِبْحِ ما لم يَضْمَنْ، وهو مَنْهِيٌّ عنه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ رَهْنُه؛ لأنَّه لا يَصِحُّ بَيعُه برِبْحٍ ولا برَأسِ المالِ، ولا يَصِحُّ هِبَتُه، فكذلك رَهْنُه.
1780 - مسألة: (وما لا يَجُوزُ بَيعُه لا يَجُوزُ رَهْنُه، إلَّا الثَّمَرَةَ
غَيرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ.
ــ
قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها مِن غيرِ شَرْطِ القَطْعِ، في أحَدِ الوَجْهَين) لا يَصِحُّ رَهْنُ ما لا يَجُوزُ بَيعُه؛ كأمِّ الوَلَدِ، والوَقف، والعَينِ المَرْهُونَةِ؛ لأنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ استيفاءُ الدَّين مِن ثَمَنِه، وما لا يَجُوزُ بَيعُه، لا يُمْكِنُ ذلك فيه. ولو رَهَن العَينَ المَرْهُونةَ عندَ المُرْتَّهِنِ، لم يَجُزْ، فلو قال الرّاهِنُ للمُرْتَهِنِ: زِدْنِي مالًا يَكُونُ الذي عندَك به رَهْنًا، وبالدَّينِ الأوَّلِ. لم يَجُزْ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ. وهو أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. وقال مالكٌ، وأبو يُوسُفَ، والمُزَنِيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: يَجُوزُ ذلك؛ لأنَّه لو زادَه رَهْنًا، جاز، فكذلك إذا زادَ في دَينِ الرَّهْنِ، ولأنه لو فَدَى المُرْتَهِنُ العَبْدَ الجانِيَ بإذْنِ الرّاهِنِ ليَكُون رَهْنًا بالمالِ الأوَّلِ و [بما فَداه](1) به، جاز، فكذلك ها هنا، ولأنَّها وَثِيقَةٌ مَحْضَةٌ، فجازَتِ الزِّيادَةُ فيها، كالضَّمانِ. ولَنا، أنَّها عَينٌ مَرْهُونَةٌ، فلم يَجُزْ رَهْنُها بدَين آخَرَ، كما لو رَهَنَها عندَ غيرِ المُرْتَّهِنِ. فأمّا الزِّيادَةُ في الرَّهْنِ، فتَجُوزُ؛ لأنَّها زِيادَةُ اسْتِيثاقٍ، بخِلافِ مَسْألتِنا. وأمّا العَبْدُ الجانِي، فلَنا فيه مَنْعٌ، وإن سُلِّمَ (2)، فإنَّما يَصِحُّ (3) فِداؤه، ليَكُونَ رَهْنًا بالفِداءِ والمالِ الأوَّلِ؛ لكَوْنِ
(1) في الأصل: «ويفدى» .
(2)
في م: «سلمنا» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرَّهْنِ لا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الأرْشِ بالجانِي، لكَوْنِ الجِنايَةِ أقْوَى، وأنَّ لِوَلِيِّ الجِنايَةِ المُطالبَةَ ببَيعِ الرَّهْنِ وإخْراجِه مِن الرَّهْنِ، فصار بمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ الجائِزِ قبلَ قَبْضِه، والرَّهْنُ الجائزُ تَجُوزُ الزِّيادَةُ فيه، فكذلك إذا صارَ جائِزًا بالجِنايَةِ. ويُفارِقُ الرَّهْنُ الضَّمانَ، فإنَّه يَجُوزُ أن يَضْمَنْ لغيرِه. إذا ثَبَت هذا، فرَهَنَه بحَق ثانٍ، كان رَهْنًا بالأوَّلِ خاصَّةً. فإن شَهِد بذلك شاهِدان يَعْتَقِدان فَسادَه، لم يكُنْ لهما أن يَشْهَدا به، وإنِ اعْتَقَدا صِحَّتَه، جاز أن يَشْهَدَا بكَيفِيَّةِ الحالِ، ولا يَشْهَدان أنَّه رَهَنَه بالحَقَّين مُطلقًا.
فصل: ويَصِحُّ رَهْنُ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها مِن غيرِ شَرْطِ القَطْعِ، والزَّرْعِ الأخْضَرِ، في أحَدِ الوَجْهَين. اخْتارَه القاضِي؛ لأنَّ الغَرَرَ يَقِلُّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيه، فإن الثَّمَرَةَ متى تَلِفَتْ، عاد إلى حَقِّه في ذِمَّةِ الرّاهِنِ، ولأنَّه يَجُوزُ بَيعُه، فجاز رَهْنُه، ومتى حَلَّ الحَقُّ بِيعَ، وإنِ اخْتارَ المُرْتَهِنُ تَأخِيرَ بَيعِه، فله ذلك. والثّانِي، لا يصِحُّ. وهو مَنْصُوصٌ الشَّافعيِّ؛ لأنَّه لا يَجُوزُ بَيعُه، فلا يَصِحُّ رَهْنُه، كسائِرِ ما لا يَجُوزُ بَيعُه.
فصل: وإن رَهَن ثَمَرَةً إلى مَحِلِّ تَحْدُثُ فيه أخْرَى لا تَتَمَيَّزُ، فالرَّهْنُ باطِل؛ لأنَّه مَجْهُولٌ حينَ حُلُولِ الحَقِّ، فلا يُمْكِنُ إِمْضاءُ الرَّهْنِ على مُقْتَضَاه. وإن رَهَنَها بدَين حالِّ أو شَرَط قَطْعَها عندَ خوْفِ اخْتِلاطِها، جاز؛ لأنَّه لا غَرَر فيه. فإن لم يَقْطَعْها حتَّى اخْتَلَطَتْ، لم يَبْطُلِ الرَّهْنُ؛ لأنَّه وَقَع صَحِيحًا. لكنْ إن سَمَح الرّاهِنُ ببَيعِ الجَمِيعِ، أو اتَّفَقا على قَدْرٍ منه، جاز. وإنِ اخْتَلَفا وتَشاحَّا، فالقولُ قولُ الرّاهِنِ مع يَمِينه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَصِحُّ رَهْن المُصْحَفِ، في إحْدَى الرِّوايَتَين. نَقَل جَمَاعَة عنه: لا أُرَخِّصُ في رَهْنِ المُصْحَفِ، وذلك لأنَّ المَقْصُودَ مِن الرَّهْنِ اسْتِيفاءُ الدَّينِ مِن ثَمَنِه، ولا يَحْصل ذلك إلَّا بِبَيعِه، وبَيعه غير جائِز. والثّانِية، يَصِحُّ. فإنَّه قال: إذا رَهَن مُصْحَفًا، لا يَقْرأ فيه إلَّا بإذْنِه. فظاهِر
في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وهو أوْلَى.