الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَينٍ يَجُوزُ بَيعُهَا، إلا بَنِي آدَمَ، وَالْجَوَاهِرَ وَنَحْوَهَا، مِمَّا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ فِيهِمَا.
ــ
المُقْرِضِ وإضْرارًا به، أمّا إن كان مَعْرُوفًا بالوَفاءِ، لم يُكْرَهْ؛ لكوْنِه إعانَةً له، وتَفْرِيجًا لكُرْبَتِه.
فصل: ولا يَصِحُّ إلَّا مِن جائِزِ التَّصَرُّفِ؛ [لأنَّه عَقْدٌ على المالِ، فلم يَصِحَّ إلَّا مِن جائِزِ التَّصَرُّفِ](1)، كالبَيعِ. وحُكْمُه في الإِيجابِ والقَبُولِ حُكْمُه (2)، على ما مَضَى. ويَصِحُّ بلفظِ السَّلَفِ (3)، والقَرْضِ؛ لوُرُودِ الشَّرْعِ بهما، وبكلِّ لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْناهُما، نحوَ قَوْلِه: مَلَّكْتُكَ هذا، على أن تَرُدَّ عليَّ بَدَلَه. أو تُوجَدُ قَرِينَةٌ دالَّةٌ على إرادَتِه. وإن لم يَذْكُرِ البَدَلَ، ولم توجَدْ قَرِينَةٌ، فهو هِبَةٌ. فإنِ اخْتَلَفا، فالقولُ قولُ المَوْهُوبِ له؛ لأنَّ الظّاهِرَ معه؛ لأنَّ التَّمْلِيكَ مِن غيرِ عِوَضٍ هِبَةٌ. ولا يَثْبُتُ فيه خِيارٌ؛ لأنَّ المُقْرِضَ دَخَل على بَصِيرَةِ أنَّ الحَظَّ لغَيرِه، والمُقْتَرِضُ متى شاء رَدَّه، وذلك يُغْنِيه عن ثُبُوتِ الخِيارِ.
1760 - مسألة: (ويَصِحُّ في كلِّ عَينٍ يَجُوزُ بَيعُها، إلَّا بَنِي آدَمَ، والجَواهِرَ ونحوَها، ممّا لا يَصِحُّ السَّلَمُ فيه، في أحَدِ الوَجْهَينِ فيهما)
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «السلم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَجُوزُ قَرْضُ المَكِيلِ والمَوْزُونِ بِغيرِ خِلافٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ اسْتِقْراضَ ما لَهُ مِثْلٌ، مِن المَكِيلِ والمَوْزُونِ والأطْعِمَةِ، جائِزٌ. ويَجُوزُ قَرْضُ كلِّ ما يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ سَلَمًا، غيرَ بني آدَمَ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجُوزُ قَرْضُ غيرِ (1) المَكِيلِ والمَوْزُونِ؛ لأنَّه لا مِثْلَ له، أشْبَهَ الجَواهِرَ. ولَنا، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ بَكْرًا. وليس بمَكِيلٍ ولا مَوْزُونٍ. ولأنَّ ما يَثْبُتُ سَلَمًا، يُمْلَكُ بالبَيعِ، ويُضْبَطُ بالوَصْفِ، فجاز قَرْضه، كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ. وقَوْلُهم: لا مِثْلَ له. خِلافُ أصْلِهِم، فإنَّ عندَ أبي حنيفةَ: لو أتْلَفَ ثَوْبًا، ثَبَت في ذِمَّتِه مِثْلُه، ويَجُوزُ الصُّلْعُ عنه بأكْثَرَ مِن قِيمَتِه. فأمّا ما لا يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ سَلَمًا، كالجَواهِرِ وشِبْهِها، فقال القاضِي: يَجُوزُ قَرْضُها، ويَرُدُّ المُسْتَقْرِضُ القِيمَةَ؛ لأنَّ ما لا مِثْلَ له يُضْمَنُ بالقِيمَةِ، والجواهِرُ كغَيرِها في القِيَمِ. وقال أبو الخَطّابِ: لا يَجُوزُ؛ لأنَّ القَرْضَ يَقْتَضِي رَدَّ المِثْلِ، وليس لها مِثْلٌ، ولأنَّه لم يُنْقَلْ قَرْضُها، ولا هي في مَعْنَى ما نُقِلَ القَرْضُ فيه؛ لكَوْنِها ليست مِن المرافِقِ،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا تَثْبُتُ في الذِّمَّةِ سَلَمًا، فيَجِبُ إبْقاؤُها على المَنْعِ. ويُمْكِنُ بِنَاءُ هذا الخِلافِ على الوَجْهَينِ في الواجِبِ في بَدَلِ غيرِ المَكِيلِ والمَوْزُونِ، فإذا قُلْنا: يَجِبُ رَدُّ المِثْلِ. لم يَجُزْ قَرْضُ الجَواهِرِ، ولا ما لا يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ سَلَمًا؛ لتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِها. وإنْ قُلْنا: الواجِبُ رَدُّ القِيمَةِ. جاز قَرْضُه؛ لإِمْكانِ رَدِّ القِيمَةِ. ولأصْحابِ الشافعيِّ وَجْهان كهذَين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا بنو آدمَ، فقال أحمدُ: أكْرَهُ قَرْضَهم. فيَحْتَمِلُ كَراهَةَ التَّنْزِيهِ، ويَصِحُّ قَرْضُهم. وهو قولُ ابنِ جُرَيجٍ، والمُزَنِيِّ؛ لأنَّه مالٌ يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ سَلَمًا، فصَحَّ قَرْضُه، كسائِرِ الحَيَوانِ. ويَحْتَمِلُ [أنَّه أرادَ كَراهَةَ التَّحْرِيمِ، فلا يَصِحُّ قَرْضُهم. اخْتاره القاضِي؛ لأنَّه لم يُنْقَل قَرْضُهم، ولا هو مِن المَرافِقِ. ويَحْتَمِلُ](1) صِحَّةَ قَرْضِ العَبْدِ دُونَ الأَمَةِ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، إلَّا أن يُقْرِضَهُنَّ مِن ذَوى مَحارِمِهِنَّ؛ لأنَّ المِلْكَ بالقَرْضِ ضَعِيفٌ، فإنَّه لا يَمْنَعُها مِن رَدِّها على المُقْرِضِ، فلا يُسْتَبَاحُ به الوطءُ، كالمِلْكِ في مُدَّةِ الخِيارِ، وإذا لم يُبَحِ الوَطْءُ، لم يَصِحَّ القَرْضُ؛ لعَدَمِ القائِلِ بالفَرْقِ، ولأنَّ الأبْضاعَ ممّا يُحْتاطُ لها، ولو أبَحْنا قَرْضَهُنَّ، أفْضَى إلى أنَّ الرجلَ يَسْتَقْرِضُ أمَةً فيَطَؤُها ثم يَرُدُّها
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن يَوْمِه، ومتى احْتاجَ إلى وَطْئِها اسْتَقْرَضَها فوطِئَهأ ثم رَدَّها، كما يَسْتَعِيرُ المَتاعَ فيَنْتَفِعُ به ثم يَرُدُّه. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ ناقِلٌ للْمِلْكِ، فاسْتَوَى فيه العَبْدُ والأمَةُ، كسائِرِ العُقُودِ. ولا نُسَلِّمُ ضَعْفَ المِلْكِ، فإنَّه مُطْلَقٌ لسائِرِ (1) التَّصَرُّفاتِ، بخِلافِ المِلْكِ في مُدَّةِ الخِيارِ. وقَوْلُهم: متى شاء المُقْتَرِضُ رَدَّها. مَمْنُوعٌ؛ فإنَّنا إذا قُلْنا: الواجبُ رَدُّ القِيمَةِ. لم يَمْلِكِ المُقْتَرِضُ رَدَّ الأمَةِ، وإنّما يَرُدُّ قِيمَتَها، وإن سَلَّمْنا ذلك، لكنْ مَتَى قَصَد المُقْتَرِضُ هذا، لم يَحِلَّ له فِعْلُه، ولا يَصِحُّ اقْتِراضة، كما لو اشْتَرَى أمَةً ليَطَأَها ثم يَرُدَّها بالمُقابَلَةِ أو بِعَيبٍ فيها، وإن وَقَع هذا بحُكْمِ الاتِّفاقِ لم يَمْنَعِ الصِّحَّةَ، كما لو وَقَع ذلك في البَيعِ، وكما لو أسْلَمَ جارِيَةً في أُخْرَى مَوْصُوفَةٍ بصِفاتِها، ثم رَدَّها بعَينِها عند حُلُولِ الأَجَلِ. ولو ثَبَت أنَّ القَرْضَ ضَعِيفٌ لا يُبيحُ الوَطْءَ، لم يَمْنَعْ منه في الجَوارِي، كالبَيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ. وعَدَمُ القائِلِ بالفَرْقِ ليس بشيءٍ، على ما عُرِفَ في مَواضِعِه. وعَدَمُ نَقْلِه ليس بحُجَّةٍ؛ فإنَّ أكْثَرَ الحَيواناتِ لم يُنْقَلْ قَرْضُها، وهو جائِزٌ.
فصل: ولو اقْتَرَضَ دَراهِمَ أو دَنانِيرَ غيرَ مَعْرُوفَةِ الوَزْنِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ القَرْضَ فيها يُوجِبُ رَدَّ المِثْلِ، فإذا لم يُعْرَفِ القَدْرُ، لم يُمْكِنِ
(1) في ر 1، م:«كسائر» .