الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ.
ــ
صاحِبِ الحائِطِ الذي له النَّخِيلُ الكَثِيرُ يُعَرِّيه الناسَ، أنّه لا يَعْجِزُ عن أداءِ ثَمَنِ العَرِيَّةِ، وفيه حُجَّةٌ على من اشْتَرَطَ كَونَها مَوْهُوبَةً لبائِعِها؛ لأَنَّ عِلَّةَ الرُّخْصَةِ حاجَةُ المُشْتَرِي إلى أكل الرُّطَبِ ولا ثَمَنَ (1) معه سِوَى التَّمْرِ، فمتى وُجِدَ ذلك، جازَ البَيعُ. ولأنَّ اشْتِراطَ كَوْنِها مَوْهُوبَةً، مع اشْتِرَاطِ حاجَةِ المُشْتَرِي إلى أَكْلِها رُطَبًا ولا ثَمَنَ معه، يُفْضِي إلى سُقُوطِ الرُّخْصَةِ، إذْ لا يكادُ يَتَّفِقُ ذلك. ولأنَّ ما جازَ بَيعُه (2) إذا كان مَوْهُوبًا، جازَ وإن لم يكُنْ مَوْهُوبًا، كسائِرِ الأموالِ، وما جازَ بَيعُه لواهِبِه جازَ لغَيرِه، كسائِرِ الأمْوالِ، وإنَّما سُمِّيَ عَرِيَّةً لتَعَرِّيه عن غيرِه، وإفْرادِه بالبَيعِ.
1689 - مسألة: (ولا يَجُوزُ في سائِرِ الثّمارِ، في أحَدِ الوَجْهَينِ)
(1) في ر 1، ق:«ثمرة» .
(2)
بعده في الأصل، ق، م:«لواهبه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يَجُوزُ بَيعُ العَرِيَّةِ في غيرِ النَّخِيلِ. اخْتَارَه ابنُ (1) حامِدٍ. وهو قَوْلُ اللَّيثِ، إلَّا أن تكونَ ثَمَرَتُه ممّا لا يَجْرِي فيها الرِّبَا، فيَجُوزُ بَيعُ رَطْبِها بِيَابِسِها؛ لعَدَمِ جَرَيانِ الرِّبَا فيها. وقال القاضِي: يجوزُ في سائِرِ الثِّمارِ. وهو قولُ مالِكٍ، والأوْزَاعِيِّ، قِياسًا على ثَمَرَةِ النَّخِيلِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَجُوزَ في العِنَبِ [والرُّطَبِ](2) دونَ غَيرِهما. وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ؛ لأنَّ العِنَبَ كالرُّطَبِ في وجُوبِ الزَّكاةِ فيه، وجَوازِ خرْصِه وتَوْسِيقِه، وكَثْرَةِ يابِسِه، واقْتِياتِه (3) في بَعْضِ البُلْدانِ، والحاجَةِ إلى أكلِ رَطْبِه، والتَّنْصيصُ على الشيءِ يُوجِبُ ثُبوتَ الحُكْمِ في مِثْلِه. ولا يَجُوزُ في غيرِهما؛ لاخْتِلافِهما في أكثرِ هذه المَعانِي، فإنّه لا يُمْكِنُ خرْصُها؛ لتَفَرُّقِها في الأغْصَانِ، واسْتِتَارِها بالأوْرَاقِ، ولا يُقْتَاتُ يابِسُها، فلا يُحْتَاجُ إلى الشِّراءِ به. ووَجْهُ الأوَّلِ أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن المُزَابَنَةِ، التَّمْرِ بالثَّمَرِ، إلَّا اصحابَ العَرايَا، فإنّه أَذِنَ لهم، وعن بَيعِ العِنَبِ بالزَّبِيبِ، وكُلِّ ثَمَرٍ بخَرْصِه. وهذا حَدِيث حَسَنٌ. رَواهُ لتِّرْمِذِيُّ (4). وهو يَدُلُّ على تَخْصِيصِ العَرِيَّةِ بالتَّمْرِ.
(1) في الأصل، م:«أبو» .
(2)
سقط من: الأصل، ق، م.
(3)
في الأصل، ق، م:«اقتنائه» .
(4)
في: باب ما جاء في العرايا والرخصة في ذلك، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 307.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعن زيدِ بنِ ثابِتٍ، عن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أنّه أرْخَصَ بعدَ ذلك في بَيعِ العَرِيَّةِ بالرُّطَبِ، أو بالتَّمْرِ، ولم يُرَخِّصْ في غيرٍ ذلك (1). وعن ابن عمرَ، رضي الله عنهما، قال: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن المُزَابَنَةِ (2). والمُزَابَنَةُ، بَيعُ ثمَرِ النَّخْلِ بالتمْرِ كَيلًا، [وبَيعُ العِنَبِ بالزَّبِيبِ كيلًا](3)، وعن كُل ثَمَرٍ بخَرْصِه. ولأنَّ الأصْلَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ بَيعِ العَرِيَّةِ، وإنّما جازَتْ في ثَمَرَةِ النَّخِيلِ رُخْصَةً، ولا يَصِحُّ قِياسُ غَيرِها عليها؛ لوَجْهَينِ، أحَدُهما، أنّ غَيرَها لا يُسَاويها في كَثْرَةِ الاقْتِيَاتِ بها وشهُولَةِ خَرْصِها، وكَوْنِ الرُّخْصَةِ في الأَصْلِ لأَهْلِ المَدِينَةِ، وإنّما كانت حاجَتهم إلى الرُّطَبِ دونَ غيرِه.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 70.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 52.
(3)
سقط من: الأصل، ق، م.