الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي بَيعِ النَّوَى بِتَمْرٍ فِيهِ النَّوَى، وَاللَّبَنِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ، وَالصُّوفِ بِنَعْجَةٍ عَلَيهَا صُوفٌ، رِوَايَتَانِ.
ــ
1692 - مسألة: (وفي بَيعِ النَّوَى بتَمْرٍ فيه النَّوَى، واللَّبَنِ بشَاةٍ ذاتِ لَبَنٍ، والصُّوفِ بنَعْجَةٍ عليها صُوف، رِوَايَتَانِ)
إذا باعَ النَّوَى بتَمْرٍ نَواهُ فيه، فعِلى رِوايَتَينِ؛ إحداهُما، لا يَجُوزُ. رَواهُ عنه مُهَنَّا، وابنُ القاسِمِ؛ لأنَّه كَمَسألةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وكما لو باعَ تمْرًا فيه نَواهُ بتَمْر مَنْزُوعِ النَّوَى. والثانِيَةُ، يَجُوزُ. رَوَاهَا ابنُ مَنْصُورٍ؛ لأن النَّوى في التَّمْرِ غيرُ مَقْصُودٍ، فجازَ، كما لو باعَ دارًا مُمَوَّهًا سَقْفُهَا بذَهبٍ. فعلى هذا، يجوزُ بَيعُه مُتَفاضِلًا ومُتَسَاويًا؛ لأن النَّوَى الذي في التَّمْرِ لا عِبْرَةَ به، فصارَ كبَيعِ النَّوَى بتَمْرٍ مَنْزُوعِ النَّوَى.
فصل: وإنْ باعَ شاةً ذاتَ لَبَنٍ بلبنٍ، أو شاةً عليها صُوفٌ بصُوفٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو باعَ لَبونًا بلبونٍ، أو ذاتَ صُوفٍ بمِثْلِها، خُرجَ فيه الرِّوَايَتانِ، كالتي قَبْلَها؛ إِحداهُما، الجَوازُ. اخْتَارَهُ ابنُ حامِدٍ. وهو قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ، وسواءٌ كانتِ الشّاةُ حَيَّةً أو مُذَكَّاةً؛ لأنَّ ما فيه الرِّبَا غيرُ مَقْصُودٍ. والثاني، المَنْعُ. وهو مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ؛ لأنَّه باعَ مال الربَا بأَصْلِه الذي فيه منه، أَشْبَهَ بَيعَ اللَّحْمِ بالحَيَوانِ. والأوَّلُ أوْلَى، والفَرْقُ بَينَهفا أنّ اللَّحْمَ في (1) الحَيَوانِ مَقْصُودٌ، بخِلافِ اللَّبَنِ والصُّوفِ. ولو كانتِ الشّاةُ مَحْلُوبَةَ اللَّبَنِ، جازَ بَيعُها بمِثْلِها، وباللَّبَنِ، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّ اللَّبَنَ لا أثَرَ له، ولا يُقَابِلُه شيءٌ من الثَّمَنِ، فأشْبَهَ المِلْحَ في الشَّيرَجِ والخُبْزِ والجُبْنِ، وحَبّاتِ الشّعِيرِ في الحِنْطَةِ، ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وكذلك لو كان اللَّبَنُ المُنْفَرِدُ من غيرِ جِنْسِ لَبَنِ الشّاةِ، جازَ بكُلِّ حالٍ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَجُوزَ على قَوْلِنا: إنَّ اللَّبَنَ جِنْسٌ واحِدٌ. ولو باعَ نَخْلَةً عليها ثَمَر بتَمْرٍ (2) أو بنَخْلَةٍ عليها تمْرٌ (3)، ففيه أيضًا وَجْهانِ؛ أحدُهما، الجَوازُ. اخْتارَهُ أبو بكْرٍ؛ لأنَّ التَّمْرَ (4) غيرُ مَقْصُودٍ بالبَيعِ. والثانِي، لا يَجُوزُ.
(1) في الأصل، ق، م:«و» .
(2)
في الأصل، م:«بثمر» .
(3)
في م، ق:«ثمر» .
(4)
في م: «الثمر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ووَجْهُ الوَجْهَينِ ما ذَكَرْنَا في المسألةِ قَبْلَها. واخْتَارَ القاضِي المَنْع، وفَرَّقَ بَينَهما وبَينَ الشَّاةِ ذاتِ اللَّبَنِ بكَوْنِ الثَّمَرَةِ يَصِحُّ إفْرادُها بالبَيعِ، وهي مَعْلُومَة، بخِلافِ اللَّبَنِ في الشَّاةِ. وهذا الفرقُ غيرُ مُؤثِّرٍ، فإنّ ما يَمْنَعُ إذا جازَ إفرادُه، يَمْنَعُ وإنْ لم يَجُزْ إفْرادُه، كالسَّيفِ المُحَلَّى يُباعُ بجِنْسِ حِلْيَيه، وما لا يَمْنَعُ، لا يَمْنَعُ وإنْ جازَ إفْرادُه، كمالِ العَبْدِ.
فصل: وإنْ باعَ دارًا سَقْفُفَا مُمَوَّهٌ بذَهَبٍ، أو دارًا بدارٍ مُمَوَّهٌ سَقْفُ كُلِّ واحِدَةٍ منهما، جازَ؛ لأنَّ ما فيه الرِّبَا غيرُ مَقْصُودٍ بالبَيعِ، فوُجُودُه كعَدَمِه. وكذلك لو اشْتَرَى عَبْدًا له مالٌ، فاشْتَرَطَ ماله، وهو من جِنْسِ الثَّمَنِ، جازَ، إذا كان المالُ غيرَ مَقْصُودٍ، فهو كالسَّقْفِ المُمَوَّهِ، ولو اشْتَرَى عَبْدًا بعَبْدٍ، واشْتَرَطَ كلُّ واحِدٍ منهما مال العَبْدِ، جازَ أيضًا، إذا كان المالُ غيرَ مَقْصُودٍ.
فصل: وإنْ باعَ جِنْسًا فيه الرِّبَا بجِنْسِه، ومع كُلٍّ واحِدٌ فن غيرِ جِنْسِه غيرُ مَقْصُودٍ، فهو على أقسَام؛ أحدُها، أنْ يكونَ غيرُ المَقْصُودِ يَسِيرًا لا يُؤثِّرُ في كَيل ولا وَزْنٍ، كالمِلْحِ فيما يُعْمَلُ فيه، وحَبَّاتِ الشَّعِيرِ في الحِنْطةِ، فلا يَمْنَعُ؛ لأنَّه يَسِيرٌ لا يُخِلُّ بالتّمَاثلِ، وكذلك لو وُجِدَ في أحَدِهما دونَ الآخرِ، لم يَمْنَعْ؛ لذلك، ولو باعَ ذلك بجِنْسِ غيرِ المَقْصُودِ الذي معه، كبَيعِ الخُبْزِ بالمِلْحِ، جَازَ؛ لأنَّ وُجُودَ ذلك كعَدَمِه. الثاني، أنْ يكون غيرُ المَقْصُودِ كَثِيرًا، إلَّا أنَّه لمَصْلَحَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَقصُودِ، كالماءِ في خَلِّ التَّمْرِ، والزَّبِيبِ، ودِبْسِ التَّمْرِ، فيَجُوزُ بَيعُه بمثْلِه، ويَتَنَزَّلُ خِلْطُه بمَنْزِلَةِ رُطُوبَتِه؛ لكَوْنِه من مَصْلَحَتِه، فلم يَمْنَعْ من بَيعِه بما يُماثِلُه، كالرُّطَبِ بالرُّطَبِ. ولا يَجُوزُ بَيعُه بما ليس فيه خِلْطٌ، كبَيعِ خَلِّ العِنَبِ بخَلِّ الزَّبِيبِ؛ لإِفْضائِه إلى التّفاضُلِ، فجَرَى مَجْرى بَيعِ التَّمْرِ بالرُّطَبِ. ومَنَعَ الشّافِعِيُّ ذلك كُلَّه إلَّا بَيعَ الشَّيرَجِ بالشَّيرَجِ؛ لكَوْنِ الماءِ لا يَظْهَرُ في الشَّيرَجِ. الثالثُ، أنْ يكُونَ غيرُ المَقْصُودِ كَثِيرًا، وليس من مَصْلَحَتِه؛ كاللَّبَنِ المَشُوبِ بالماء بمثْلِه، والأثْمانِ المغْشُوشَةِ بغَيرِها، فلا يَجُوزُ بَيعُ بَعضها ببَعْضٍ؛ لأنَّ خِلْطَهُ ليس من مَصْلَحَتِه، وهو يُخِلُّ بالتّماثُلِ المَقْصُودِ فيه. وإنْ باعَهُ بجِنْسِ غيرِ المَقْصُودِ، كبَيعِه الدِّينارَ المغْشُوشَ بالفِضَّةِ بالدَّرَاهِمِ، احْتَمَلَ الجوازَ؛ لأنَّه يَبِيعُه بجِنْس غيرِ مَقْصُودٍ فيه، فأشْبَهَ بَيعَ اللَّبَنِ بشَاةٍ فيها لَبَنٌ، ويَحْتَمِلُ المنعَ، بناءً على الوَجْهِ الآخَرِ في الأصْلِ. وإنْ باعَ دِينارًا مَغْشُوشًا بمِثْلِه، والغِشُّ فيهما مُتَفاوتٌ أو غيرُ مَعْلُومِ المِقْدارِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يُخِلُّ بالتَّمَاثُلِ المَقْصُودِ. وإنْ عَلِمَ التَّسَاويَ في الذَّهَبِ والغشَّ الذي فيهما، خُرِّجَ على وَجْهَينِ؛ أوْلاهُما، الجَوازُ؛ لأنَّهُما تماثَلَا في المَقْصُودِ وفي غَيرِه، ولا يُفْضِي إلى التَّفَاضُلِ بالتَّوْزِيعِ بالقِيمَةِ؛ لكونِ الغِشِّ غيرَ مَقْصُودٍ، فكَأَنَّه لا قِيمَةَ له.
فصل: ولو دَفَعَ إلى إنْسانٍ دِرْهَمًا، وقال: أعْطِنِي بنِصْفِ هذِا الدِّرْهَمِ نِصْف دِرْهَمٍ، وبنِصْفِه فُلُوسًا. أو: حاجَةً أُخْرَى. جازَ؛ لأَنَّه