الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ رَدَّهُ الْمُقْتَرِضُ عَلَيهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ، أَوْ يَكُنْ فُلُوسًا،
ــ
الزِّيادَةَ فيه، كخِيارِ المَجْلِس. وقال أبو حنيفةَ في القَرْضِ وبَدَلِ المُتْلَفِ كقَوْلِنا، وفي ثَمَنِ المَبِيعِ والأُجْرَةِ والصَّداقِ وعِوَضِ الخُلْعِ كقَوْلِهما؛ لأنَّ الأجَلَ يَقْتَضِي جُزْءًا بِن المُعَوَّضِ، والقَرْضُ لا يَحْتَمِلُ الزِّيادَةَ والنَّقْصَ في عِوَضِه، وبَدَلُ المُتْلَفِ يَجِبُ فيه المِثْلُ مِن غيرِ زِيادَةٍ ولا نَقصٍ؛ فلذلك لم يَتَأَجَّلْ، وبَقِيَّةُ الأعْواضِ يَجُوزُ الزِّيادَةُ فيها، فجاز تَأْجِيلُها. ولَنا، أنَّ الحَقَّ يَثْبُتُ حالًّا، والتَّأْجِيلُ تَبَرُّعٌ ووَعْدٌ، فلا يَلْزَمُ الوَفاءُ به، كما لو أعارَه شيئًا، وهذا لا يَقَعُ عليه اسْمُ الشَّرْطِ، ولو سُمِّيَ، فالخَبَرُ مَخْصُوصٌ بالعارِيَّةِ (1)، فيَلْحَقُ به ما اخْتَلَفْنا فيه؛ لأنَّه مِثْلُه. ولَنا على أبي حنيفةَ، أنَّها زِيادَةٌ بعد اسْتِقْرارِ العَقْدِ، فأشْبَه القَرْضَ. وأمّا الإِقالةُ، فهي فَسْخٌ وابْتِداءُ عَقْدٍ آخَرَ، بخِلافِ مَسْألَتِنا، وأمّا خِيارُ المَجْلِسِ، فهو بمَنْزِلَةِ ابْتِداءِ العَقْدِ، بدَلِيلِ أنه [يُجْزِئُ فيه](2) القَبْضُ لِما يُشْتَرَطُ قَبْضُه، والتَّعْيِينُ لِما في الذِّمَّةِ.
1764 - مسألة: (فإن رَدَّه المُقْتَرِضُ عليه، لَزِمَه قَبُولُه ما لم
(1) في الأصل: «بالعادة» .
(2)
في م: «يجري» .
أَوْ مُكَسَّرَةً، فَيُحَرِّمَهَا السُّلْطَانُ، فَتَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْقَرْضِ.
ــ
يَتَعَيَّبْ، أو يَكُنْ فُلُوسًا، أو مُكَسَّرَةً، فيُحَرِّمَها السُّلْطانُ، فتكونُ له القِيمَةُ وَقْتَ القَرْضِ) يَجُوزُ للمُقْتَرِضِ رَدُّ ما اقْتَرَضَه على المُقْرِضِ إذا كان على صِفَتِه لم يَنْقُصْ، ولم يَحْدُثْ به عَيبٌ، ويَلْزَمُ المُقْرِضَ قَبُولُه؛ لأنَّه على صِفَةِ حَقِّه، أشْبَهَ ما لو أعْطَاه غَيرَه، وقِياسًا على المُسْلَمِ فيه، وسواءٌ تَغَيَّرَ سِعْرُه، أو لم يَتَغَيَّرْ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَلْزَمَ المُقْرِضَ قَبُول غيرِ المِثْلِيِّ؛ لأنَّ القَرْضَ فيه يُوجِبُ رَدَّ القِيمَةِ، على أحَدِ الوَجْهَينِ، فإذا رَدَّهُ بعَينِه لم يَرُدَّ الواجِبَ عليه، فلم يَجِبْ قَبُولُه، كالبَيعِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصلِ: فإن تَعَيَّبَ أو تَغَيَّرَ، لم يَجِبْ قَبُولُه؛ لأنَّ عليه في قَبُولِه ضَرَرًا، لأنَّه دُون حَقِّه، فأشْبَهَ ما لو نَقَصَ. وكذلك إن كان القَرْضُ فُلُوسًا، أو مُكَسَّرَةً، فحَرَّمَها السُّلْطَانُ وتُرِكَتِ المُعامَلَةُ بها؛ لأنَّه كالعَيبِ، فلا يَلْزَمُهُ قَبُولُها، ويَكُونُ له قِيمَتُها وَقْتَ القَرْضِ، سواءٌ كانت باقِيَةً أو اسْتَهْلَكَها. نَصَّ عليه أحمدُ في الدَّراهِمِ المُكَسَّرَةِ، فقال: يُقَوِّمُها كم تُسَاوِي يومَ أخَذَها؟ ثم يُعْطِيه، وسواءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُها قَلِيلًا أو كَثِيرًا. وذَكَر أبو بكْرٍ في «التَّنْبِيهِ» أنَّه يَكُونُ له قِيمَتُها وَقْتَ فَسَدَتْ وتُرِكَتِ المُعامَلَةُ بها؛ لأنَّه كان يَلْزَمُه رَدُّ مِثْلِها ما دامَتْ نافِقَةً (1)، فإذا فَسَدَت، انْتَقَلَ إلى قيمَتِها حِينَئِذٍ، كما لو عَدِمَ المِثل قال القاضي: هذا إذا اتَّفَقَ النّاسُ على تَرْكِها، فأمّا إن تَعامَلُوا بها مع تَحْرِيمِ السُّلْطانِ
(1) في م: «نافعة» . ونافقة أي رائجة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لها، لَزِمَهُ أخْذُها. وقال مالِكٌ، واللَّيثُ، والشافعيُّ: ليس له إلَّا مِثْلُ ما أقْرَضَه؛ لأنَّ ذلك ليس بعَيبٍ حَدَثَ فيها، فجَرَى مَجْرَى رُخْصِ سِعْرِها. ولَنا، أنَّ تَحْرِيمَ السُّلْطانِ مَنَعَ إنْفاقَها، وأبْطَلَ مالِيَّتَهَا، فأشْبَهَ كَسْرَها، أو تَلَفَ أَجْزائِها، وأمّا رُخْصُ السِّعْرِ، فلا يَمْنَعُ، سواءٌ كان قَلِيلًا أو كَثِيرًا؛ لأنَّه لم يَحْدُثْ فيها شيءٌ، إنَّما تَغَيَّرَ السِّعْرُ، فأشْبَهَ الحِنْطَةَ إذا رَخُصَتْ أو غَلَتْ. وكذلك يُخَرَّجُ في المَغْشُوشَةِ إذا حَرَّمَها السُّلْطَانُ.