الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَمَاءُ الرَّهنِ، وَكَسْبُهُ، وَأرْش الْجِنَايَةِ عَلَيهِ، مِنَ الرَّهْنِ.
ــ
1790 - مسألة: (ونَماءُ الرَّهْنِ، وكَسْبُه، وأرْشُ الجنايَةِ عليه، مِن الرَّهْنِ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ نَماءَ الرَّهْنِ جَمِيعَه وغَلَّاته تَكُونُ رَهْنًا في يَدِ مَن الرَّهْنُ في يَدِه، كالأصلِ. وإذا احْتِيجَ إلى بَيعِه في وَفاءِ الدَّينِ بِيعَ مع الأصْلِ، وسَواءٌ في ذلك المُتَّصِلُ؛ كالسِّمَنِ، والتَّعَلُّمِ، والمُنْفَصِلُ؛ كالكَسْبِ، والأجْرَةِ، والوَلَدِ، والثَّمَرِ، واللَّبَنِ، والصُّوفِ، والشَّعَرِ. وبنحو هذا قال النَّخَعِيُّ، والشَّعْبِي. وقال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّوْرِيُّ، وأصحابُ الرَّأي: يَبِيعُ (1) النماءَ، ولا يَبِيعُ (1) الكَسْبَ؛ [لأنَّ الكَسْبَ](2) لا يَتْبَعُ (3) في حُكْمِ الكِتابَةِ والاسْتِيلادِ والتَّدْبِيرِ، فلا يَتْبَعُ في الرَّهْنِ، كإعْتاقِ مالِ الرَّاهِنِ. وقال مالكٍ: يَتْبَعُ الوَلَدُ في الرَّهْنِ خاصَّةً دُونَ سائِرِ النماءِ؛ لأن الوَلَدَ يَتْبَعُ الأصْلَ في الحُقُوقِ الثَّابِتَةِ، كوَلَدِ أم الوَلَدِ. وقال الشَّافعي، وأبو ثَوْر، وابنُ المُنْذِرِ: لا يَدْخُلُ في الرَّهْنِ شيءٌ مِن النَّماءِ المُنْفَصِلِ، ولا مِن الكَسْبِ؛ لأنَّه حَق تَعَلَّقَ بالأصْلِ، يُسْتَوْفَى مِن ثَمَنه، فلا يَسْرِي إلى غيرِه، كحَقِّ جِنايَته. حتَّى قال الشافعيُّ: لو رَهَنَه ماشِيَةً مخاضًا، فنُتِجَتْ، فالنِّتاجُ لا يَدْخُلُ في الرَّهْنِ. وخالفَه أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، واحْتَجُّوا بقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِه، لهُ غُنْمُهُ، وعَلَيه غُرْمُه» (4). [والنَّماءُ غُنْمٌ، فيَكُونُ للرَّاهِنِ. ولأنَّها عَين مِن أعْيانِ مِلْكِ الرَّاهِنِ، لم يَعْقِدْ عليها عَقْدَ رَهْن، فلم تَكُن](5) رَهْنًا، كسائرِ مالِه. ولَنا، أنَّه حُكْم يَثْبُتُ في العَينِ بعَقْدِ المالِكِ (6)، فيَدْخُلُ فيه النَّماءُ والمَنافِعُ، كالمِلْكِ بالبَيعِ وغيرِه، ولأن
(1) في م: «يتبع» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في الأصل: «يباع» .
(4)
أخرجه الدارقطني، في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني 3/ 33.
(5)
في م: «وإنَّما يكون» .
(6)
في م: «المال» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّماءَ حادِثٌ مِن عينِ (1) الرَّهْنِ، فيَدْخُلُ فيه، كالمُتَّصِلِ، ولأنَّه حَقٌّ مُسْتَقِرٌّ في الأمِّ، ثَبَت برِضَا المالِك، فسَرَى إلى الوَلَدِ، كالتَّدْبِيرِ والاسْتِيلادِ. ولَنا على مالك، أنَّه نَماءٌ حادثٌ مِن عَينِ (2) الرَّهْنِ، فسَرَى إليه حُكْمُ الرَّهْنِ، كالولَدِ. وعلى أبي حنيفةَ، أَنَّه عَقْدٌ يَسْتَتْبعُ النَّماءَ، فاسْتَتبعَ الكَسْبَ، كالشِّراءِ. وأمّا الحَدِيثُ، فنَقُولُ به، وأنَّ غُنْمَه وكَسْبَه وَنَماءَه للرَّاهِنِ، لكنْ يَتَعَلَّقُ به حَقُّ الرَّهْنِ (3)، كالأصْلِ. والفَرْقُ بَينَه وبينَ سائِرِ مالِ الرَّاهِنِ، أنَّه [بَيعٌ، فيَثْبُت](4) له حُكْمُ أصْلِه. وأمّا حَقُّ الجِنايَةِ، فإنَّه ثَبَت بغَيرِ رِضَا المالِك، فلم يَتَعَدَّ ما ثَبَت فيه؛ لأنَّه جَزاءُ عُدْوانٍ، فاخْتَصَّ الجانِيَ، كالقِصاصِ، ولأنَّ السِّرايَةَ في الرَّهْنِ لا تُفْضِي إلى اسْتِيفاءِ أكثر مِن دَينه، فلا يَكْثُرُ الضَّرَرُ فيه. فأمَّا أرْش الجِنايَةِ على الرَّهْنِ، فيَتَعَلَّقُ بها حَقُّ المُرْتَّهِنِ؛ لأنَّها بَدَلُ جُزْءٍ منه، فكانت مِن الرَّهْنِ، كقِيمَتِه إذا أتْلَفَه إنْسانٌ. وهذا قولُ الشَّافعيِّ وغَيرِه.
فصل: إذا ارْتَهَن أرْضًا أو دارًا أو غَيرَهما، تَبِعَه في الرَّهْنِ ما يَتْبَعُ في
(1) في الأصل، م:«غير» .
(2)
في م: «غير» .
(3)
في الأصل: «الرَّاهن» .
(4)
في م: «تبع فثبت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البَيعِ، فإن كان في الأرْضِ شَجَرٌ، فقال: رَهَنْتُكَ هذه الأرْضَ بحُقُوقِها. أو ذَكَر ما يَدُلُّ على أنَّ الشَّجَرَ في الرَّهْنِ، دَخَل، وإن لم يَذْكُرْ ذلك، فهل يَدْخُلُ في الرَّهْنِ؟ على وَجْهَين، بناءً على دُخُولِه في البَيعِ. وإن رَهَنَه شَجَرًا مُثْمِرًا وفيه ثَمَرَة ظاهِرَة، لم تَدْخُلْ في الرَّهْنِ، كما لا تَدْخُلُ في البَيعِ، وإن لم تَكُنْ ظاهِرَةً، دَخَلَتْ. وقال الشَّافعي: لا تَدْخُلُ بحالٍ (1). وقال أبو حنيفةَ: تَدْخُلُ بكلِّ حالٍ؛ لأنَّ الرَّهْنَ عندَه لا (2) يَصِحُّ على الأصْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ، وقد قَصَد إلى عَقْدٍ صَحِيح، فتَدْخلُ الثَّمَرَةُ ضَرُورَةَ الصِّحَّةِ. ولَنا، أنَّ الثَّمَرَةَ المُؤَبَّرَةَ لا تَدْخُلُ في البَيعِ، مع قُوَّتِه وإزالتِه لملك البائعِ، فالرَّهْنُ مع ضَعْفِه أوْلَى، وعلى الشَّافعيِّ، أنَّه عَقْدٌ على الشَّجَرِ، فاسْتَتْبَعَ الثَّمَرَةَ غيرَ المُؤَبَّرَةِ، كالبَيعِ. ويَدْخُلُ في الرَّهْنِ الصُّوفُ واللَّبَنُ المَوْجُودانِ كما يَدْخُلُ في البيع، وكذك الحَمْلُ وسائِرُ ما يَتْبَعُ في البَيعَ؛ لأنَّه عَقْدٌ وارِدٌ على العَينَ، فدَخَلَتْ فيه هذه التَّوابع، كالبَيعِ. ولو كان الرَّهْنُ دارًا، فخَرِبَت، كانت أنْقاضُها رَهْنًا مَعَها؛ لأنَّها مِن أجْزائِها، وقد كانت مَرْهُونَةً قبلَ خَرابِها. ولو رَهَنَه أرْضًا، فنَبَتَ فيهِا شَجَرٌ، فهو مِن الرَّهْنِ، سَواءٌ نَبَت بفِعْلِ الرَّاهِنِ، أو بغَيرِ فِعْلِه؛ لأنَّه مِن نَمائِها.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.