الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلا بِالْقَبْضِ، وَاستِدَامَتُهُ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ،
ــ
إذا قُلْنا: إنَّ للوَرَثَةِ التَّصَرُّفَ في التَّرِكَةِ ووَفاءَ الدَّينِ مِن أمْوالِهم. فإن قِيلَ: فما الفائِدَةُ في القولِ بصِحَّةِ الرَّهْنِ إذا لم يَخْتَصَّ المُرْتَهِنُ (1) به؟ قُلْنا: فائِدَتُه أنَّه يَحْتَمِلُ أن يَرْضَى الغُرَماءُ بتَسْلِيمِه إليه، فيَتِمُّ الرَّهْنُ. وسَواءٌ فيما ذَكَرْنا ما بعدَ الإِذْنِ في القَبْضِ وقبلَه؛ لأنَّ الإِذْن يَبْطُلُ بالجُنُونِ والمَوْت والإِغْماءِ والحَجْرِ.
فصل: ولو حُجِرَ على الرَّاهِنِ لفَلَسٍ قبلَ التَّسْلِيم، لم يَكُنْ له تَسْلِيمُه؛ لأنَّ فيه تَخْصِيصًا للمُرْتَهِن، بثَمَنِه، وليس له تَخصِيصُ بعض غُرَمائِه. وإن حُجِرَ عليه، لسَفَهٍ، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو زال عَقْلُه بجُنُونٍ، على ما أسْلَفْنا. وإن أُغْمِيَ عليه، لم يَكُنْ للمُرْتَهِنِ قَبْضُ الرَّهْن، وليس لأحَدٍ تَقْبِيضُه، لأنَّ المُغْمَى عليه، لا تَثْبُتُ عليه الولايةُ. وإن أُغمِيَ على المُرْتَّهِنِ لم يَكُن لأحَدٍ أن يَقُومَ مَقامَه في قَبْض الرَّهْنِ، وانْتُظِرَ إفاقَتُه. وإنْ خرِسَ، وكانت له كِتابَةٌ مَفْهُومَة أو إشارَةَ مَعْلُومَة، فحُكْمُه حُكْمُ المُتَكَلِّمِين، وإن لم تُفْهَمْ إشارَتُه ولا كِتابَتُه، لم يَجُزِ القَبْضُ. وإن كان أحَدُ هؤلاء قد أذِنَ في القَبْض، فحُكْمُه حُكْمُ مَن لم يَأذَنْ، لأنَّ إذنهم يَبْطُلُ ممّا (2) عَرَض لهم.
1782 - مسألة: (ولا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بالقَبْضِ، واسْتِدامَتُه شَرْطٌ
(1) في ر 1: «الرهن» .
(2)
في م: «بما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في اللُّزُوم) لا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بالقَبْضِ، ويَكُونُ قبلَ القَبْضِ رَهْنًا جائِزًا، يَجُوزُ للرّاهِنِ فَسْخُه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافعيُّ. وسَواءٌ في ذلك المَكِيلُ والمَوْزُونُ وغيرُه. وقال بعضُ أصْحابِنا: في غيرِ المَكِيلِ والمَوْزُونِ رِوايَةٌ أخْرَى، أنَّه يَلْزَمُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ، كالبَيعِ. وقد نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ. وقال مالِكٌ: يَلْزَمُ الرَّهْنُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ قبلَ القَبْضِ؛ لأنَّه عَقْدٌ يَلْزَمُ بالقَبْضِ، فلَزِمَ قبلَه، كالبَيعِ. ووَجْهُ الأولَى قَوْلُه تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (1). وَصَفَها بكَوْنِها مَقْبُوضَةً، ولأنَّه عَقْدُ إرْفاقٍ يَفْتَقِرُ إلى القَبُولِ، فافْتَقَرَ إلى القَبْضِ، كالقَرْضِ، ولأنَّه رَهْنٌ لم يُقْبَضْ، فلا يَلْزَمُ إقْباضُه، كما لو مات الرّاهِنُ. فعلى هذا، إن تَصَرَّفَ
(1) سورة البقرة 283.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرّاهِنُ فيه قبلَ القَبْضِ بهِبَةٍ أو بَيعٍ أو عِتْقٍ، أو جَعَلَه صَداقًا، أو رَهَنَه ثانِيًا، بَطَل الرَّهْنُ الأوَّلُ، سَواءٌ قَبَض الهِبَةَ والبَيعَ والرَّهنَ الثَّانِيَ أو لم يَقْبِضْه؛ لأنَّه أخْرَجَه عن إمْكانِ اسْتِيفاءِ الدَّينِ مِن ثَمَنِه، أو فَعَل ما يَدُلُّ على قَصْدِه ذلك. وإن دَبَّرَه أو أجَرَه، أو زَوَّجَ الأمَةَ، لم يَبْطُلِ الرَّهْنُ، لأنَّ هذا التَّصَرُّفَ لا يَمْنَعُ البَيعَ، فلا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ. ولأنَّه لا يَمْنَعُ ابْتِداءَ الرَّهْنِ، فلا يَقْطَعُ اسْتِدامَتَه، كاسْتِخْدامِه. وإن كاتَبَ العَبْدَ