الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
1758 - مسألة: (وهل يَجُوزُ الرَّهْنُ والكَفِيلُ بالمُسْلَمِ فيه؟ على رِوَايَتَينِ)
اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ في الرَّهْنِ والضَّمِينِ في السَّلَمِ، فرَوَى المَرُّوذِيُّ، وابنُ القاسِمِ، وأبو طَالِبٍ، مَنْعَ ذلك. وهو الذي ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. واخْتارَهُ أبو بَكْرٍ. ورُويَتْ كَرَاهَتُه عن عَلِيٍّ، وابنِ عمرَ، وابنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ، وسَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ، والأوْزَاعِيِّ. ورَوَى حَنْبَلٌ جَوَازَه. وهو قَوْلُ عَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وعَمْرِو بنِ دِينارٍ، والحَكَمِ، ومالِكٍ، والشافعيِّ، وإسحاقَ، وأصْحَابِ الرَّأْي، وابنِ المُنْذِرِ، لقَوْلِ اللهِ تَعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَينٍ} إلى قولِه {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (1). وقد رُوِيَ عن ابنِ عَبّاسٍ، وابنِ عمرَ، أنَّ المُرادَ به السَّلَمُ. ولأنَّ اللَّفْظَ عامٌّ، فيَدْخُلُ فيه السَّلَمُ. ولأنَّه أحَدُ نَوْعَيِ البَيعِ، فجازَ أخْذُ الرَّهْنِ بما في الذِّمَّةِ منه، كبُيُوعِ الأعْيَانِ. وَوَجْهُ الأُولَى أنَّ الرَّهْنَ والضَّمِينَ إنْ أخذَ برَأْسِ مالِ السَّلَمِ، فقد أخَذَ بما ليس بوَاجِبٍ،
(1) سورة البقرة 282، 283.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا (1) مآلُه إلى الوُجُوبِ؛ لأنَّ المُسْلَمَ إليه قد مَلَكَه، وإنْ أخَذَ بالمُسْلَمِ فيه، فالرَّهْنُ إنَّما يَجُوزُ بشيءٍ يمكنُ اسْتِيفاؤُه من ثَمَنِ الرَّهْنِ، والمُسْلَمُ فيه لا يُمْكِنُ اسْتِيفاؤُه من ثمَنِ الرَّهْنِ، ولا من ذِمَّةِ الضّامِنِ، ولأنَّه لا يَأْمَنُ هَلاكَ الرَّهْنِ في يَدِه بعُدْوَانٍ، فيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لحَقِّه من غيرِ المُسْلَمِ فيه، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أسْلَفَ في شيءٍ فلا يَصْرِفْه إلى غَيرِه» . رَواهُ أبو دَاودَ (2). ولأنَّه يُقِيمُ ما في ذمَّةِ الضّامِنِ مُقَامَ ما في ذمَّةِ المَضْمُونِ عنه، فيَكُونُ في حُكْمِ أخْذِ العِوَضِ والبَدَلِ عنه، ولا يَجُوزُ ذلك.
فصل: فإن أخَذَ رَهْنًا أو ضَمِينًا بالمُسْلَمِ فيه، ثم تَقَايَلَا السَّلَمَ، أو فُسِخَ العَقْدُ لِتَعَذُّرِ المُسْلَمِ فيه، بَطَلَ الرَّهْنُ؛ لزَوَالِ الدَّينِ الذي به الرَّهْنُ، وبَرِئَ الضامِنُ، وعلى المُسْلَمِ إليه رَدُّ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ في الحالِ، ولا يُشْتَرَطُ قَبْضُه في المَجْلِسِ؛ لأنَّه ليس بعِوَضٍ. ولو أقْرَضَه ألْفًا، وأخَذَ به رَهْنًا، ثم صالحَه من الأَلْفِ على طَعامٍ مَعْلُومٍ في ذِمَّتِه، صَحَّ، وزال الرَّهْنُ؛ لِزَوَالِ دَينِه من الذِّمَّةِ، وبَقِيَ الطَّعامُ في الذِّمَّةِ، ويُشْتَرَطُ قَبْضُه في المَجْلِسِ كَيلَا يكونَ بَيعَ دَينٍ بدَينٍ. فإنْ تَفَرَّقَا قبلَ القَبْضِ،
(1) بعده في م: «ما» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 251.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَطَلَ الصُّلْحُ، ورَجَعَ الألْفُ إلى ذِمَّتِه برَهْنِه؛ لأنَّه يَعُودُ إلى ما كان عليه، كالعَصِيرِ إذا تَخَمَّرَ ثم عادَ خَلًّا. وكذا لو صَالحَه عن الدَّرَاهِمِ بدَنانِيرَ في ذِمَّتِه، فالحُكْمُ على ما بَيَّنَّا في هذه المَسْأَلَةِ.
فصل: وإذا حَكَمْنَا بصِحَّةِ ضَمانِ السَّلَمِ، فلِصاحِبِ الحَقِّ مُطَالبَةُ مَن شاءَ منهما، وأَيُّهما قَضَاهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُما منه. فإن سَلَّمَ المُسْلَمُ إليه المُسْلَمَ فيه إلى الضامِنِ لِيَدْفَعَه إلى المُسْلِمِ، جازَ، وكان وَكِيلًا. وإن قال: خُذْه عن الذي ضَمِنْتَ عَنِّي. لم يَصِحَّ، وكان قَبْضًا فاسِدًا مَضْمُونًا عليه؛ لأنَّه إنّما يَسْتَحِقُّ الأَخْذَ بعد الوَفاءِ، فإنْ أوْصَلَه إلى المُسْلِمِ بَرِئَ بذلك؛ لأنَّه سَلَّمَ إليه ما سَلَّطَه المُسْلَمُ إليه في التَّصَرُّفِ فيه. وإن تَلِفَ، فعليه ضَمانُه؛ لأنَّه قَبَضَه على ذلك. وإنْ صالحَ المُسْلِمُ الضَّامِنَ عن المُسْلَمِ فيه بثَمَنِه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه إقالةٌ، فلا يَصِحُّ مِن غيرِ المُسْلَمِ إليه. وإنْ صالحَه المُسْلَمُ إليه بثَمَنِه، صَحَّ، وبَرِئَتْ ذِمَّتُه وذِمَّةُ الضامِنِ؛ لأنَّ هذا إقالةٌ. وإنْ صالحَه على غيرِ ثَمَنِه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه بَيعٌ للمُسْلَمِ فيه قبلَ القَبْضِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والذي يَصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ به: كُلُّ دَينٍ ثابِتٍ في الذِّمَّةِ يَصِحُّ اسْتِيفاؤُه من الرَّهْنِ؛ كأثْمانِ البِياعَاتِ، والأُجْرَةِ في الإِجَارَاتِ، والمَهْرِ، وعِوَضِ الخُلْعِ، والقَرْضِ، وأرْشِ الجِنايَاتِ، وقِيَمِ المُتْلَفَاتِ. ولا يَجُوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بما ليس بواجِبٍ، ولا (1) مآلُه إلى الوُجُوبِ؛ كالدِّيَةِ على العاقِلَةِ قبلَ الحَوْلِ؛ لأنَّها لم تَجِبْ بعدُ، ولا يُعْلَمُ إفْضَاؤُها إلى الوُجُوبِ، لأنَّها قد تَسْقُطُ بالجُنُونِ و (2) الفَقْرِ و (2) المَوْتِ، فلم يَصِحَّ أخْذُ الرَّهْنِ بها. ويَحْتَمِلُ جَوازُ أخْذِ الرَّهْنِ بها قبلَ الحَوْلِ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ الحياةِ واليَسارِ والعَقْلِ. فأمّا بعدَ الحَوْلِ فيَجُوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بها؛ لأنَّها قد اسْتَقَرَّتْ. ولا يَجُوزُ أخْذُ الرّهْنِ بالجُعْلِ في الجَعَالةِ قبلَ العَمَلِ؛ لأنَّه لم يَجِبْ، ولا يُعْلَمُ إفْضاؤُه إلى الوُجُوبِ. ويَحْتَمِلُ جَوازُ أخْذِ (3) الرَّهْنِ به. ذكَرَه القاضِي؛ لأنَّ مآله إلى الوُجُوبِ
(1) بعده في م: «ما» .
(2)
في م: «أو» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واللُّزُومِ، فأَشْبَهَتْ أثْمانَ البِيَاعَاتِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأَنَّ إفْضَاءَها [إلى الوُجُوبِ](1) مُحْتَمِلٌ، فأَشْبَهَتِ الدِّيَةَ قبلَ الحَوْلِ. ويَجُوزُ أخْذُ الرَّهْنِ به بعدَ العَمَلِ؛ لأَنَّه قد وَجَبَ. ولا يَجُوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بمالِ الكِتَابَةِ؛ لأنَّه غيرُ لازِمٍ؛ فإنّ للعَبْدِ تَعْجِيزَ نَفْسِه. ولا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ دَينِه من الرَّهْنِ؛ لأَنَّه لو عَجَزَ، صارَ الرَّهْنُ للسَّيِّدِ؛ لأنَّه من جُمْلَةِ مالِ المُكَاتَبِ. وقال أبو حَنِيفَةَ: يجُوزُ. ولَنا، أنَّها وَثِيقَةٌ لا يمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الحَقِّ منها، فلم يَصِحَّ، كضَمَانِ الخَمْرِ. ولا يَجُوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بعِوَضِ المُسابَقَةِ؛ لأنَّها جَعَالةٌ، ولا يُعْلَمُ إفْضاؤُها إلى الوُجُوبِ؛ لأنَّ الوُجُوبَ إنَّما يَثْبُتُ بسَبْقِ غيرِ المُخْرجِ، وهو غيرُ مَعْلُومٍ ولا مَظْنُونٍ. وقال بَعْضُ أصْحابِنَا: فيها وَجْهانِ، هل هي إجَارَةٌ أو جَعَالةٌ؟ فإن قُلْنا: هي إجارَةٌ، جاز أخْذُ الرَّهْنِ بعِوَضِها. وقال القاضي: إن لم يكنْ فيها مُحَلِّلٌ، فهي جَعالةٌ، وإن كان فيها مُحَلِّلٌ، فعلى وَجْهَينِ. وهذا كُلُّه بَعِيدٌ؛ لأنَّ الجُعْلَ ليس في مُقابَلَةِ العَمَلِ، بدَلِيلِ أنَّه لا يَسْتَحِقّه إذا كان مَسْبُوقًا وقد عَمِلَ العَمَلَ، وإنَّما هو عِوَضٌ عن السَّبْقِ، ولا تُعْلَمُ القُدْرَةُ عليه. ولأنَّه لا فائِدَةَ للجَاعِلِ فيه، ولا هو مُرَادٌ له، وإذا لم يَكُنْ إجارَةً مع عَدَمِ المُحَلِّلِ، فمع وُجُودِه أَوْلَى؛ لأنَّ مُسْتَحِقَّ الجُعْلِ هو السَّابِقُ، وهو غيرُ مُعَيَّنٍ،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يَجُوزُ اسْتِئْجارُ رَجُلٍ غيرِ مُعَيَّنٍ، ثم لو كانت إجَارَةً، لكانَ عِوَضُها غيرَ واجِبٍ في الحالِ، ولا يُعْلَمُ إفْضَاؤُه (1) إلى الوُجُوبِ، ولا يُظنُّ، فلم يَجُزْ أخْذُ الرَّهْن به، كالجُعْلِ في رَدِّ الآبِقِ. ولا يَجُوزُ أخذُ الرَّهْنِ بعِوَضٍ غيرِ ثابِتٍ في الذِّمَّةِ؛ كالثَّمَنِ المُعَيَّنِ، والأُجْرَةِ المُعَيَّنَةِ في الإِجَارَةِ، والمَعْقُودِ عليه في الإِجَارَةِ إذا كان مَنافِعَ مُعَيَّنَةً؛ كإجارَةِ الدَّارِ، والعَبْدِ المُعَيَّنِ، والدَّابَّةِ المُعَيَّنَةَ مُدَّةً مَعْلُومَةً، أو لحَمْلِ شيءٍ مُعَيَّنٍ إلى مَكانٍ مَعْلُومٍ؛ لأنَّ هذا حَقٌّ تَعَلَّقَ بالعَينِ لا بالذِّمَّةِ، ولا يُمْكِنُ اسْتِيفاؤُه من الرَّهْنِ؛ لأنَّ مَنْفَعَةَ العَينِ لا يمْكِنُ اسْتِيفَاؤُها من غَيرِها، وتَبْطُلُ الإِجارَةُ بتَلَفِ العَينِ. فأمّا إنْ وَقَعَتِ الإِجَارَةُ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ، كخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وبناءِ دَارٍ، جازَ (2) أخْذُ الرَّهْنِ به؛ لأنَّه ثابِتٌ في الذِّمَّةِ، ويُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُه مِن الرَّهْنِ، بأَنْ يَسْتَأْجِرَ مِن ثمَنِه مَن يَعْمَلُ ذلك العَمَلَ، فجازَ أخْذُ الرَّهْنِ به؛ كالدَّينِ. ومَذْهَبُ الشافعيِّ في هذا كُلِّه كما قُلْنَا.
فصل: فأمَّا الأعْيَانُ المَضْمُونَةُ؛ كالمَغْصُوبِ، والعَوَارِي، والمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْم، ففيها وَجْهانِ؛ أحَدُهُما، لا يَصِحُّ الرَّهْنُ بها. وهو مَذْهَبُ الشافعيّ؛ لَأنَّ الحَقَّ غيرُ ثابِتٍ في الذِّمَّةِ، أشْبَهَ ما ذَكَرْنا،
(1) في م: «إفضاؤها» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّه إنْ رَهَنَه على قِيمَتِها إذا تَلِفَتْ، فهو رَهْنٌ على ما ليس بوَاجِبٍ، ولا يُعْلَمُ إفْضَاؤُه إلى الوُجُوبِ، وإن كان الرَّهْنُ على عَينِها، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ اسْتِيفاءُ عَينِها من الرَّهْنِ، فأشْبَهَ أثْمانَ البِياعَاتِ المُتَعَيِّنَةِ. والثاني، يَصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ بها. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ، وقال: كلُّ عَينٍ كانت مَضْمُونةً بنَفْسِها، جاز أَخْذُ الرَّهْنِ بها. يُرِيدُ ما يُضْمَنُ بمِثْلِه أو قِيمَتِه، كالمَبِيعِ يَجُوزُ أخْذُ الرَّهْنِ به؛ لأنَّه مَضْمُونٌ بفَسادِ العَقْدِ، ولأنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ الوَثِيقَةُ بالحَقِّ، وهذا حاصِلٌ، فإنَّ الرَّهْنَ بهذه الأعْيانِ يَحْمِلُ الرّاهِنَ على أدائِها، وإن تَعَذَّرَ أداؤُها، اسْتَوْفَى بَدَلَها مِن ثَمَنِ الرَّهْنِ، فأشْبَهَتِ الدَّينَ في الذِّمَّةِ.
فصل: قال القاضِي: كُلُّ ما جاز أخْذُ الرَّهْنِ به، جاز أخْذُ الضَّمِينِ به، وما لم يَجُزِ الرَّهْنُ به، لم يَجُزْ أَخْذُ الضَّمِينِ به، إلَّا ثَلاثَةَ أشْياءَ؛ عُهْدَةُ المَبِيعِ يَصِحُّ ضَمانُها، ولا يَصِحُّ الرَّهْنُ بها. والكِتابَةُ لا يَصِحُّ الرَّهْنُ بدَينِها، ويَصِحُّ ضَمانُها في إحْدَى الرِّوايَتَينِ. وما لا يَجِبُ لا يَصِحُّ الرَّهْنُ به، ويَصِحُّ ضَمانُه. والفَرْقُ بينَهما مِن وَجْهَينِ؛ أحَدُهما، أنَّ الرَّهْنَ بهذه الأشْياءِ يُبْطِلُ الإِرْفاقَ، فإنَّه إذا باع عَبْدَه بألْفٍ، ودَفَع رَهْنًا يُساوي ألْفًا، فكَأنَّه ما قَبَض الثَّمَنَ، ولا ارْتَفَقَ به، والمُكاتَبُ إذا دَفَع ما يُساوي كِتَابَتَه، فما ارْتَفَق بالأَجَلِ؛ لأَنَّه كان يُمْكِنُه بَيعُ الرَّهْنِ وإبْقاءُ الكِتابَةِ ويَسْتَرِيحُ، والضَّمانُ بخِلافِ هذا. والثّانِي، أنَّ ضَرَرَ الرَّهْنِ يَعُمُّ؛ لأنَّه يَدُومُ بقاؤُه عندَ المُشْتَرِي، فيَمْنَعُ البائِعَ التَّصَرُّفَ فيه، والضَّمان بخِلافِهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا اخْتَلَفَ المُسْلِمُ والمُسْلَمُ إليه في حُلُولِ الأجَلِ، فالقولُ قولُ المُسْلَمِ إليه؛ لأنَّهُ مُنْكِرٌ. وإنِ اخْتَلَفَا في أداءِ المُسْلَمِ فيه، فالقولُ قولُ المُسْلِمِ كذلك (1). وإنِ اخْتَلَفَا في قَبْضِ الثمَنِ، فالقولُ قولُ المُسْلَمِ إليه؛ لذلك (2). وإنِ اتَّفَقَا عليه، وقال أحَدُهما: كان في المَجْلِسِ قبلَ التَّفَرُّقِ. وقال الآخَرُ: بعدَه. فالقولُ قولُ مَن يَدَّعِي القَبْضَ في المَجْلِسِ؛ لأنَّ معه سَلامَةَ العَقْدِ. وإن أقامَ كلُّ واحِدٍ بَيِّنَةً بما ادَّعاه، قُدِّمَتْ أيضًا بَيِّنَتُه؛ لأنَّها مُثْبِتَةٌ، بخِلافِ الأُخْرَى.
(1) في الأصل، م:«لذلك» .
(2)
في ق: «كذلك» .