الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا لا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ؛ كالثيابِ، وَالْحَيَوَانِ، يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِمَا. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ فِي الْجنْسِ الْوَاحِدِ، كَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ، وَيَجُوزُ فِي الْجِنْسَينِ، كَالثِّيَابِ بِالْحَيَوانِ.
ــ
والثانِيَةُ، يَجُوزُ. وهو قَوْلُ النَّخَعِيِّ، لأنَّهُما لم يَجْتَمِعا في أحَدِ وَصْفَيْ عِلَّةِ رِبَا الفَضْلِ، فجازَ النَّساءُ فيهما، كالثِّيابِ بالحَيَوانِ، وعند مَن يُعَلِّلُ بالطَّعْمِ لا يُجِيزُه ها هنا، وَجْهًا واحِدًا.
1696 - مسألة: (وما لا يَدْخُلُه رِبَا الفَضْلِ؛ كالثِّيابِ، والحَيَوانِ، [يجوزُ النَّساءُ فيهما. وعنه، لا يَجُوزُ. وعنه، لا يَجُوزُ في الجنسِ الواحِدِ؛ كالحيَوانِ بالحَيَوانِ، ويَجُوزُ في الجِنْسَينِ؛ كالثِّيَابِ بالحَيَوانِ])
(1) فيه أرْبَعُ رِوايَاتٍ، إحْدَاهُنَّ، لا يَحْرُمُ النَّساءُ فيه، سواءٌ
(1) سقط من: الأصل، ق، ر 1.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِيعَ بجِنْسِه أو بغَيرِه، مُتَسَاويًا أو مُتَفَاضِلًا. وقال القاضِي: إن كان مَطْعُومًا حَرُمَ النَّساءُ فيه، وإنْ لم يَكُنْ مَكِيلًا ولا مَوْزُونًا. وهذا مَبْنِيٌّ على أنَّ العِلَّةَ الطَّعْمُ. وهو مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ. ووجْهُ جَوازِ النَّساءِ ما رَوَى أبو داودَ (1) عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَرَه أنْ يُجَهِّزَ جَيشًا، فنَفِدَتِ الإِبِلُ، فأمَرَهُ أنْ يَأْخُذَ في قِلاصِ (2) الصَّدَقَةِ، فكان يَأْخُذُ التعِيرَ بالبَعِيرَينِ إلى إِبِلِ الصَّدَقَةِ. ورَوَى سعيدٌ في سُنَنِه، عن أبي مَعْشَرٍ، عن صالِحِ بنِ كَيسَانَ، عن الحسنِ بنِ محمدِ بنِ عَلِيٍّ: أنَّ عَلِيًّا باعَ بَعِيرًا له، يقالُ له: عُصَيفِيرٌ، بأرْبَعَةِ أبْعِرَةٍ إلى أجَل (3). ولأنهُما مَالانِ، لا يَجْرِي فيهما رِبَا الفَضْلِ، فجازَ النَّساءُ فيهما، كالعَرْضِ بِالدِّينارِ، ولأنَّ النَّساءَ أحَدُ نَوْعَي الرِّبَا، فلم يَجُزْ في الأمْوالِ كُلِّها، كالنَّوْعِ الآخرِ.
(1) في: باب في الرخصة في الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 225.
(2)
قلاص: جمع قلوص، وهي الشابة من الابل.
(3)
أخرجه الإمام مالك، في: باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه، من كتاب البيوع. الموطأ 2/ 652. والبيهقي، في: باب من أجاز السلم في الحيوان. . . . إلخ، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 6/ 22. ولكن بلفظ:«بعشرين بعيرًا إلى أجل» . أما لفظ: «بأربعة أبعرة» . فأخرجاه أيضًا عن عبد الله بن عمر بلفظ: «أن عبد الله بن عمر اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه، يوفيها صاحبها بالرَّبذة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى هذه الرِّوايَةِ، عِلَّةُ تَحْرِيمِ النَّساءِ الوصْفُ الذي مع الجِنْسِ. أمّا الكَيلُ، أو الوَزْنُ، أو الطَّعْمُ عند من يُعَلِّلُ به، فيَخْتَصُّ تحريمُ النَّساءِ بالمَكِيلِ والمَوْزُونِ عند من يُعَلِّلُ [بهما، وبالمَطْعُومِ عند مَنْ يُعَلِّلُ](1) به. اخْتَارَها القاضِي. والرِّوَايَةُ الثانِيَةُ، يَحْرُمُ النَّساءُ في كُلِّ مالٍ بِيعَ بمالٍ آخَرَ، سواء كان من جِنْسِه أوْ لَا؛ لِما رَوَى سَمُرَةُ، قال: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَةً. قال التِّرْمِذِيُّ (2): حَدِيثٌ صَحِيحٌ. ولم يُفرِّقْ بينَ الجِنْسِ والجِنْسَينِ، ولأنَّه بَيعُ عَرْضٍ بعَرْضٍ، فحَرُمَ النَّسَاءُ بَينَهُما، كالجِنْسَينِ من أَموالِ الرِّبَا، فيكونُ عِلَّةُ النَّسَاءِ بينهما المالِيَّةَ، على هذه الرِّوَايَةِ. قال القاضِي: فعلى هذا، لو باعَ عَرْضًا بعَرْضٍ ومع أحَدِهما دراهِمُ العُرُوضِ نَقْدًا، والدَّرَاهِمُ نَسِيئَةٌ، جازَ، وإنْ كان بالعَكْسِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يُفْضِي إلى النَّسِيئَةِ في العُرُوضِ. قال
(1) زيادة من: ر 1.
(2)
في: باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 246.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 224. والنسائي، في: باب بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 257. وابن ماجه، في: باب الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 763. والدارمي، في: باب في النهي عن بيع الحيوان بالحيوان، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 204.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَيخُنا (1): وهذه الرِّوَايَةُ ضَعِيفَةٌ جدًّا؛ لأنَّه إثْباتُ حُكْمٍ يُخالِفُ الأصْلَ بغيرِ نَصٍّ ولا إجْماعٍ ولا قِياسٍ صَحِيحٍ، فإنَّ [في المَحلِّ](2) المُجْمَعِ عليه، أو المَنْصُوصِ عليه، أوصافًا لها أَثَرٌ في تَحْرِيمِ الفَضْلِ، فلا يَجُوزُ حَذْفُها عن دَرَجَةِ الاعْتِبارِ، وما هذا سَبِيلُه لا يَجُوزُ إثبات الحُكْمِ فيه، وإنْ لم يُخالِفْ أَصْلًا، فكيفَ يَثْبُتُ (3) مع مُخَالفَةِ الأصْلِ في حِلِّ البَيعِ. فأمّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فهو من رِوَايَةِ الحَسَنِ عن سَمُرَة، وأبو عبدِ اللهِ لا يُصَحِّحُ سماعَ الحَسَنِ من سَمُرَةَ. قاله الأثْرَمُ. والرِّوايَةُ الثالِثَةُ، يَحْرُمُ النَّساءُ في كُلِّ ما بِيعَ بجِنْسِه، كالحَيَوانِ بالحَيَوانِ، والثِّيَابِ بالثِّيَابِ، ولا يَحْرُمُ في غيرِ ذلك. وهذا مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ. ويُرْوَى كراهَةُ بَيعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَساءً، عن ابنِ الحَنَفِيَّةِ (4)، وعبدِ اللهِ بنِ عُبَيدِ بنِ عُمَيرِ، وعِكْرِمَةِ بنِ خالِدٍ (5)، وابنِ سِيرِينَ، والثَّوْريِّ،
(1) في: المغني 6/ 66.
(2)
في م: «للمحل» .
(3)
سقط من: م.
(4)
هو محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، أبو القاسم، المعروف بابن الجفية نسبة إلى أمه خولة بنت جعفر من بني حنيفة، سبيت في حروب الردة، كان رجلا صالحا ثقة، من أصح التابعين إسنادًا عن علي رضي الله عنه، وكانت الشيعة تسميه المهدي. توفي سنة ثلاث وسبعين. تهذيب التهذيب 9/ 354، 355.
(5)
عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي القرشي. روى عن أبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم، تابعي ثقة له أحاديث. تهذيب التهذيب 7/ 258، 259.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والحَسَنِ. ورُوِيَ ذلك عن عَمّارٍ، وابنِ عمرَ؛ لحَدِيثِ سَمُرَةَ، ولأَنَّ الجِنْسَ أحَدُ وَصْفَيْ عِلَّةِ رِبَا الفَضْلِ، فحَرُم النَّساءُ؛ كالكَيلِ والوَزْنِ. والرِّوَايَةُ الرّابِعَةُ، لا يَحْرُمُ النَّسَاءُ إلَّا فيما بِيعَ بجِنْسِه مُتَفَاضِلًا؛ لِما رَوَى جابِرٌ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«الحَيَوانُ اثْنَان (1) بواحِدٍ لا يَصْلُحُ نَساءً، ولا بَأْسَ به يَدًا بِيَدٍ» . قال التِّرْمِذِيُّ (2): حَدِيثٌ حَسَنٌ. ورَوَى الإمامُ أحمدُ (3) بإسْنَادِه عن ابنِ عمرَ، أنَّ رَجُلًا قال: يا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيتَ الرَّجُلَ يَبِيعُ الفَرَسَ بالأفْرإسِ، والنَّجِيبَةَ بالإِبِلِ؟ فقال:«لا بَأْسَ إذا كان يَدًا بِيَدٍ» . وهذا يَدُلّ بمَفْهُومِه على إِباحَةِ النَّساءِ مع التَّمَاثُلِ. والرِّوَايَةُ الأولَى أَصَحُّ؛ لمُوافَقَتِها الأَصْلَ. والأحَادِيثُ المُخالِفَةُ لها، قد قال أحمدُ: ليس فيها حَدِيثٌ يُعْتَمَدُ عليه، ويُعْجِبُنِي أنْ يَتَوَقَّاه. وذُكِرَ له حَدِيث ابنِ عَبّاسٍ وابنِ عمرَ في هذا، فقال: هما مُرْسَلَانِ. وحَدِيثُ سَمُرَةَ
(1) في النسخ: «اثنين» . وعند ابن ماجه: «لا بأس بالحيوان واحدًا باثنين يدًا بيد» .
(2)
في: باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، من أبوب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 247. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 763.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 11.