الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ جُنِيَ عَلَيهِ جِنَايَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاص، فَلِسَيِّدِهِ الْقِصَاصُ، فَإِنِ
ــ
إذا قُدِّمَ المالُ على حَقِّ المُرْتَهِنِ، فالقِصاصُ أوْلَى. ولأنَّ القِصاصَ يَثْبُتُ للمَوْرُوثِ مُقَدَّمًا على حَقِّ المُرْتَهِنِ، فكذلك في حَقِّ وارِثِه. فإن كانتِ الجِنايَةُ على مُكاتَبِ السَّيِّدِ، فهي كالجِنايَةِ على وَلَدِه، وتَعْجِيزُه كمَوْتِ وَلَدِه، فيما ذَكَرْناه.
فصل: فإن جَنَى العَبْدُ المَرْهُونُ بإذْنِ سَيِّدِه، وكان مِمَّنْ (1) يَعْلَمُ تَحْرِيمَ الجِنايَةِ، وأنَّه لا يَجبُ عليه قَبُولُ ذلك مِن سَيِّدِه، فهي كالجِنايَةِ بغيرِ إذْنِه، وإنْ كان صَبِيًّا أَو أعْجَمِيًّا لا يَعْلَمُ ذلك، فالجانِي هو السَّيِّدُ، يَتَعَلَّقُ به مُوجَبُ الجِنايَةِ، ولا يُباعُ العَبْدُ فيها (2)، مُوسِرًا كان السَّيِّدُ (3) أو مُعْسِرًا، كما لو باشَرَ السَّيِّدُ (4) الجِنايَةَ. وقال القاضِي: فيه وَجْهٌ، أنَّ العَبْدَ يُباعُ مع إعْسارِ السَّيِّدِ؛ لأنَّ العَبْدَ باشَرَ الجِنايَةَ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ العَبْدَ آلةٌ، فلو تَعَلَّقَتِ الجِنايَةُ به، بِيعَ فيها (3) مع اليَسارِ. وحُكْمُ إقْرارِ العَبْدِ بالجِنايَةِ حُكْمُ إقْرارِ غيرِ المَرْهُونِ، على ما يَأْتِي بَيانُه إنْ شَاءَ الله تَعالى.
1817 - مسألة: (وإن جُنِيَ عليه جِنايَةٌ مُوجِبَةٌ للقِصاصِ
،
(1) زيادة من: م.
(2)
في الأصل: «فيهما» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل.
اقْتَصَّ، فَعَلَيهِ قِيمَةُ أَقلِّهِمَا قِيمَةً، تُجْعَلُ مَكَانَهُ.
ــ
فللسَّيِّدِ القِصاصُ، فإنِ اقْتَصَّ، فَعَلَيه قِيمَةُ أقَلِّهما قِيمَةً، تُجْعَلُ مَكانَه) إذا جُنِيَ على الرَّهْنِ، فالخَصْمُ في ذلك السَّيِّدُ؛ لأنَّه المالِكُ، والأرْشُ الواجبُ بالجِنايَةِ مِلْكُه، وإنَّما للمُرْتَهِنِ فيه حَقُّ الوَثِيقَةِ، فصارَ كالعَبْدِ المُسْتَأْجَرِ والمُودَعِ. وبهذا قال الشافعيُّ وغيرُه. فإن تَرَكَ المُطالبَةَ، أو أخَّرَها، أو كان غائِبًا، أو له عُذْرٌ يَمْنَعُه منها، فللمُرْتَهِنِ المُطالبَةُ بها؛ لأنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بمُوجِبِها، فكان له الطَّلَبُ (1) به، كما لو كان الجانِي سَيِّدَه. ثم إن كانتِ الجِنايَةُ مُوجِبَةً للقِصاصِ، فللسَّيِّدِ القِصاصُ؛ لأنَّه حَقٌّ له، وإنَّما يَثْبُتُ ليُسْتَوْفَى، فإنِ اقْتَصَّ، أُخِذَتْ منه قِيمَةُ أقَلِّهما قِيمَةً، فجُعِلَتْ مَكانَه رَهْنًا. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وهل قولُ إسحاقَ. ويَتَخَرَّجُ أنَّ لا يَجِبَ عليه شيءٌ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه لم يَجِبْ بالجِنايَةِ مالٌ، ولا اسْتُحِقَّ بحالٍ، وليس على الرّاهِنِ أنَّ يَسْعَى
(1) في م: «المطالبة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للمُرْتَهِنِ في اكْتِسابِ مالٍ. ووجْهُ الأوَّلِ، أنَّه أتْلَفَ مالًا اسْتُحِقَّ بسَبَبِ إتْلافِ الرَّهْنِ، فغَرِمَ قِيمَتَه، كما لو كانتِ الجِنايَةُ مُوجِبَةً للمالِ. وهكذا الحُكْمُ فيما إذا ثَبَت القِصاصُ للسَّيِّدِ في عَبْدِه المَرْهُونِ. وإنَّما أوْ جَبْنا أقَلَّ القِيمَتَين؛ لأنَّ حَقَّ المُرْتَهِنِ إنَّما يَتَعَلَّقُ بالمالِيَّةِ، والواجِبُ مِن المالِ هو أقَلُّ القِيمَتَين؛ لأنَّ الرَّهْنَ إن كان أقَلَّ لم يَجبْ أكْثَرُ مِن قِيمَتِه، وإن كان الجانِي أقَلَّ قِيمَةً لم يَجِبْ أكْثَرُ مِن قِيمَتِه؛ لأَنَّها التي أتْلَفَها بالقِصاصِ، وإن عَفا على مالٍ، صَحَّ عَفْوُه، ووَجَبَ أقَلُّ القِيمَتَينِ؛ لِما ذَكَرْنا. هذا إذا كان القِصاصُ قَتْلًا، وإن كان جُرْحًا أو قَلْعَ سِنٍّ، أو نحْوَه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالواجِبُ بالعَفْو أقَلُّ الأمْرَينِ؛ مِن أرْشِ الجُرْحِ، أو قِيمَةِ الجانِي؛ لِما ذَكَرْنا. وإن عَفَا مُطْلَقًا، انْبَنَى على مُوجِبِ العَمْدِ ما هو؟ فإن قُلْنا: مُوجبُه أحَدُ شَيئَين. ثَبَت المالُ. وإن قُلْنا: موجِبُه (1) القِصاصُ عَينًا. فحُكْمُهَ كما لو اقْتَصَّ، إن (2) قُلْنا ثَمَّ: تَجِبُ القِيمَةُ على الرّاهِنِ. وَجَب هنا. وهو اخْتِيارُ أبي الخَطّابِ، لأنَّه فَوَّاتَ بَدَلَ (3) الرَّهْنِ بعَفْوه، أشْبَهَ ما لو
(1) زيادة من: م.
(2)
في م: «أو» .
(3)
في الأصل: «بذلك» .