الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ عَفَا السَّيِّدُ عَنِ الْمَالِ، صَحَّ فِي حَقِّهِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَإِذا انْفَكَّ الرَّهْنُ، رُدَّ إِلَى الْجَانِي. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَصِحُّ، وَعَلَيهِ قِيمَتُهُ.
ــ
أرادَ الرّاهِنُ أنَّ يُصالِحَ عنها، أو (1) يَأْخُذَ عِوَضًا عنها، لم يَجُزْ إلَّا بإذْنِ المُرْتَهِنِ، فإن أذِنَ، جاز؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، وما قَبَض مِن شيءٍ فهو رَهْنٌ، بَدَلًا عن الأوَّلِ، وقائِمًا مَقامَه.
1820 - مسألة: (وإن عَفا السَّيِّدُ عن المالِ، صَحَّ في حَقِّه، ولم يَصِحَّ في حَقِّ المُرْتَهِنِ، فإذا انْفَكَّ الرَّهنُ، رُدَّ إلى الجانِي. وقال أبو الخَطّابِ: يَصِحُّ، وعليه قِيمَتُه)
إذا عَفا السَّيِّدُ عن المالِ، فقال القاضِي: يَسْقُطُ حَقُّ الرّاهِنِ دُونَ حَقِّ (2) المُرْتَهنِ، فتُؤْخَذُ القِيمَةُ مِن الجانِي، تَكُونُ رَهْنًا، فإذا زال الرَّهْنُ، رَجَع الأَرْشُ إلى الجانِي، كما لو أقَرَّ أنَّ الرَّهْنَ مَغْصُوبٌ أو جانٍ. فإنِ اسْتَوْفَى الدَّينَ مِن الأرْشِ، احْتَمَلَ أنَّ يَرْجِعَ الجانِي
(1) في م: «و» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على العافِي؛ لأنَّ ماله ذَهَب في قَضاءِ دَينِه، فلَزِمَتْه غَرَامَتُه، كما لو اسْتَعارَه فرَهَنَه، واحْتَمَلَ أنَّ لا يَرْجِعَ عليه؛ لأنَّه لم يوجَدْ منه في حَقِّ الجانِي ما يَقْتَضِي وُجوبَ الضَّمانِ، وإنَّما اسْتُوفِيَ بسَبَب منه حال مِلْكِه له، فأشبَهَ ما لو جَنَى إنْسانٌ على عَبْدِه ثم وَهَبَه لغيرِه، فتَلِفَ بالجِنايَةِ السابِقَةِ. وقال أبو الخَطّابِ: يَصِحُّ (1) العَفْوُ مُطْلَقًا، ويُؤْخَذُ مِن الرّاهِنِ قِيمَتُه تَكُونُ رَهْنًا؛ لأنَّه أسْقَطَ دَينَه عن غَرِيمِه، فصَحَّ، كسائِرِ دُيُونِه. قال: ولا يُمْكِن كَوْنُه رَهْنًا مع عَدَم (2) حَقِّ الرّاهِنِ فيه، ولَزِمَتْه القِيمَةُ، لتَقْويَةِ حَق المُرْتَهِنِ، كما لو أتْلَفَ بَدَلَ الرّهْنِ. وقال الشافعيُّ: لا يَصِحُّ العَفْو أصْلًا؛ لأنَّ حَقَّ المرْتَهِنِ مُتَعَلِّق به، فلم يَصِحَّ عَفْو الرّاهِنِ عنه، كالرَّهْنِ نَفْسِه، وكما لو وُهِبَ الرَّهْن أو غُصِبَ، فعَفا عن غاصِبِه.
(1) في م: «يضمن» .
(2)
في م: «تقدم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال شَيخُنا (1): وهذا أصَحُّ في النَّظَرِ. فإن قال المُرْتَهِنُ: أسْقَطْتُ حَقِّي مِن ذلك. سَقَط؛ لأنَّه يَنْفَعُ الرّاهِنَ ولا يَضُرُّه. وإن قال: أسْقَطْتُ الأرْشَ. أو: أبْرَأْتُ منه. لم يَسْقُطْ؛ لأنَّه مِلْكٌ للرّاهِنِ، فلا يَسْقُطُ بإسْقاطِ غيرِه. وهل يَسْقُطُ حَقُّه؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَسْقُطُ. وهو قولُ القاضِي (2)؛ لأنَّ ذلك يَتَضَمَّنُ إسْقاطَ حَقِّه، وإذا لم يَسْقُطْ حَقُّ غيرِه، سَقَط حَقُّه، كما لو قال: أسْقَطْتُ حَقِّي وحَقَّ الرّاهِنِ. والثانِي، لا يَسْقُطُ؛ لأنَّ العَفْوَ والإِبْراءَ منه لا يَصِحُّ، فلم يَصِحَّ ما تَضَمَّنَه.
فصل: وإن أقَرَّ رجُل بالجنايَةِ على الرَّهْنِ، فكَذَّباه، فلا شيءَ لهما. وإن كَذَّبَه المُرْتَهِنُ وصَدَّقَه الرَّاهِنُ، فله الأرْشُ، ولا حَقَّ للمُرْتَهِنِ فيه، فإن صَدَّقَه المُرْتَهِنُ وَحْدَه، تَعَلَّقَ حَقُّه بالأرْشِ، وله قَبْضُه. فإذا قَضَى الرّاهِنُ الحَقَّ، أو أبْرَأَة المُرْتَهِنُ، رَجَع الأرْشُ إلى الجانِي، ولا شيءَ للرّاهِنِ فيه. وإنِ اسْتَوْفَى حَقَّه مِن الأرْشِ، لم يَمْلِكِ الجانِي مُطالبَةَ الرّاهِنِ بشيء؛ لأنَّه مُقِرٌّ له باسْتِحْقاقِه.
(1) في: المغني 6/ 498.
(2)
في الأصل: «الشافعي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو كان الرَّهْنُ أمَةً حامِلًا، فضَرَبَ بَطْنَها أجْنَبِيٌّ، فألْقَتْ جَنِينًا مَيتًا، ففيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه. وإن ألْقَتْه حَيًّا، ثم مات لوَقْتٍ يَعِيشُ مِثلُه، ففيه قِيمَتُه. ولا يَجِبُ ضَمانُ نَقْصِ الولادَةِ؛ لأَنه لا يَتَمَيَّزُ نَقْصُها عمّا وَجَب ضَمانُه مِن وَلَدِها. ويَحْتَمِلُ أنْ يَضْمَنَ نَقْصَها بالولادَةِ؛ لأَنه حَصَل بفِعْلِه، فلَزِمَه ضَمانُه، كما لو غَصَبَها ثم جَنَى عليها. ويَحْتَمِلُ أنَّ يَجِبَ أكْثَرُ الأمْرَين؛ مِن نَقْصِها، أو ضَمانِ جَنِينِها؛ لأنَّ سَبَبَ ضَمانِهما (1) وُجِدَ، فإذا لم يَجْتَمِعْ ضَمانُهما، وَجَب ضَمانُ أكْثَرِهما. وإن ضَرَب بَطْنَ بَهِيمَةٍ، فألْقَتْ وَلَدَها مَيِّتًا، ففيه ما نَقَصَتْها الجِنايَةُ لا غيرُ، وما وَجَب مِن ذلك كلِّه، فهو رَهْن مع الأمِّ. وقال الشافعيُّ: ما وَجَب لنَقْصِ الأمِّ
(1) في الأصل، م:«ضمانها» .