الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا بَيعِ الرَّطْبَةِ، وَالْبُقُولِ، إلا بِشَرْطِ جَزِّهِ، وَلَا الْقِثَّاءِ وَنَحْوهِ، إلا لَقَطَةً لَقَطَةً، إلا أن يَبِيعَ أصلَهُ.
ــ
1711 - مسألة: (ولا)
يَجُوزُ (بَيعُ الرَّطْبَةِ والبُقُولِ، إلَّا بشَرْطِ جزِّهِ، ولا القِثَّاءِ ونحوه، إلَّا لَقَطَةً لَقَطَةً (1)، إلَّا أنْ يَبِيعَ أصْلَه) الرَّطْبَةُ وما أشْبَهَها مما تَثْبُتُ أصُولُه في الأرْضِ، ويُؤخَذُ ما ظَهَرَ منه بالقَطْعِ مَرَّةً بعدَ أخْرَى؛ كالنَّعْنَاعِ والهِنْدِبا وشِبْهِهِما، لا يَجُوزُ بَيعُه إلَّا أنْ يَبِيعَ الظّاهِرَ منه بشَرْطِ القَطْعِ في الحالِ. وبذلك قال الشّافِعِيُّ. ورُوِيَ ذلك عن الحَسَنِ، وعَطاءٍ. ورَخَّصَ مالِكٌ في شراءِ جَزَّتَينِ وثلاثةٍ. ولا يَصِحُّ ذلك؛ لأنَّ ما في الأرْضِ منه مَسْتُورٌ، وما يَحْدُثُ منه مَعْدُومٌ، فلا يَجُوزُ بَيعُه، كما لا يَجُوزُ بَيعُ ما يَحْدُثُ (2) من الثَّمَرَةِ. ومتى اشْتَرَى جزَّةً، لم يجُزْ إبقاؤها؛ لأن ما يَظْهَرُ منها أعيانٌ لم يَتَنَاوَلْها البَيعُ، فيكونُ للبائِعِ إذا ظَهَرَ، فيُفْضِي إلى اخْتِلاطِ المبِيعِ بغيرِه. فإنْ أخَّرَها حتى طالتْ، فالحُكْمُ فيها يُذكَرُ إنْ شاءَ الله تعالى.
(1) لقطة لقطة: أي دورًا من النضج إثر دور.
(2)
في ر، ر 1:«لا يحدث» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا باعَ ثَمَرَةَ شيءٍ من هذه البُقُولِ، كالقِثَّاءِ، والباذِنْجَانِ، لم يَجُزْ إلَّا بَيعُ المَوجودِ منها دونَ المَعْدُومِ. وبهذا قال أبو حَنِيفَةَ، والشّافِعِيُّ. وقال مالِكٌ: يَجُوزُ بَيعُ الجَمِيعِ، لأنَّ ذلك يَشُقُّ تَمْيِيزُه، فجُعِلَ ما لم يَظْهَرْ تَبَعًا لِما ظَهَرَ، كما أنّ ما لم يَبْدُ صَلاحُه تَبَع لِما بَدَا. ولَنا، أنّها ثَمَرَةٌ لم تُخْلَقْ، فلم يَصِحَّ بَيعُها، كما لو باعَها قبلَ ظُهُورِ شيءٍ منها، والحاجَةُ تَنْدَفِعُ بِبَيعِ أصُولِه، ولأنَّ ما لم يَبْدُ صَلاحُه يَجُوزُ إفْرادُه بالبَيعِ، بخِلافِ ما لم يُخْلَقْ، ولأنَّ ما لم يُخْلَقْ من ثَمَرَةِ النَّخْلِ لا يَجُوزُ بَيعُه تَبَعًا لما خُلِقَ، وإنْ كان ما لم يَبْدُ صَلَاحُه تَبَعًا لِمَا بَدا. إذا ثَبَتَ ذلك، فإنْ باعَها قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، لم يَجُزْ إلَّا بشَرْطِ القَطْعِ، وإنْ كان بعدَ بُدُوِّ صَلاحِه، جازَ مُطْلَقًا، وبشَرْطِ القَطْعِ والتَّبْقِيَةِ، على ما نَذْكُرُ في ثَمَرَةِ الأشْجَارِ، وسَنُبَيِّنُ بما يكونُ بُدُوُّ صَلَاحِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَصِحُّ بَيعُ هذه الأصُولِ التي تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُها من غيرِ شَرْطِ القَطْعِ. ذَكَرَه القاضِي. وهو مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ، والشَّافِعِيِّ. ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِ الأصُولِ صِغارًا أو كِبارًا، مُثْمِرَةً أو غيرَ مُثْمِرَةٍ؛ لأنه أصْلٌ تَتَكَرَّرُ (1) فيه الثَّمَرَةُ، فأشْبَهَ الشَّجَرَ. فإنْ باعَ المُثْمِرَ منه، فثَمَرَتُه الظّاهِرَةُ للبائعِ مَتْرُوكَة إلى حينِ بُلُوغِها، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَها المُبْتاعُ. فإنْ حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أخْرَى، فهي للمُشْتَرِي. وإنِ اخْتَلَطَتْ بثَمَرَةِ البائِع ولم تَتَمَيَّزْ، كان الحُكْمُ فيها كثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ إذا اخْتَلَطَتْ بثَمَرَةٍ أخْرَى، على ما يَأتي حُكْمُه.
فصل: والقُطْنُ ضَرْبانِ؛ أحَدُهما، ما لَهُ أصْلٌ يَبْقَى في الأَرْضِ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أعْوامًا، فهذا حُكْمُه حُكْمُ الشَّجَرِ، في أنه يَصِحُّ إفْرادُه بالبَيعِ، وإذا بِيعَتِ الأرْضُ بحُقُوقِها دَخَلَ في البَيعِ، وثَمَرُه كالطَّلْعِ، إنْ تَفَتَّحَ فهو للبائِعِ، وإلَّا فهو للمُشْتَرِي. الثاني، ما يَتَكَرَّرُ زَرْعُه كُلَّ عام، فحُكْمُه حُكْمُ الزَّرْعِ، ومتى كان جَوْزُه ضَعِيفًا رَطْبًا لم يَقْوَ ما فيه، لم يَصِحَّ بَيعُه، إلَّا بشَرْطِ (1) القطْعِ، كالزَّرْعِ الأخْضَرِ. وإنْ قَوىَ حَبُّه واشْتَدَّ، جازَ بَيعُه بشَرْطِ التبقِيَةِ، كالزَّرْعِ إذا اشْتَدَّ حَبُّه، وإذا بِيدَتِ الأرْضُ لم يَدْخُلْ في البَيعِ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَهُ المُبْتَاعُ. والباذِنْجَانُ الذي تَبْقَى أصُولُه وتَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُه كالشَّجَرِ، وما يَتَكَرَّرُ زَرْعُه كُلَّ عام فهو (2) كالحِنْطَةِ والشَّعِيرِ.
فصل: ولا يَجُوزُ بَيعُ ما المَقْصُودُ منه مَسْتُور في الأرْضِ؛ كالجَزَرِ والفُجْلِ والثُّومِ والبَصَلِ، حتى يُقْلَعَ ويُشاهَدَ. وهذا قَوْلُ الشّافِعِيِّ، وابنِ المُنْذِر، وأصحَابِ الرَّأي. وأباحَهُ مالِك، والأوْزَاعِي، وإسْحاقُ؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إليه، فأشْبَهَ بَيعَ ما لم يَبْدُ صَلَاحُه تَبَعًا لِمَا بَدَا. ولَنا، أنّه مَجْهُول لم يَرَهُ ولم يُوصَفْ له، فأشْبَهَ بَيعَ الحَمْلِ. ولأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيعِ الغَرَرِ. رَواهُ مسلمٌ (3). وهذا غَرَرٌ. وأمّا بَيعُ ما
(1) في م: «أن يشترط» .
(2)
زيادة من: م.
(3)
تقدم تخريجه في 11/ 90.