الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا مَا كَانَ مِنْ مَصَالِحِهَا، كَالْمِفْتَاحِ، وَحَجَرِ الرَّحَى الْفَوْقَانِيِّ، فَعَلَى وَجْهَينِ.
ــ
1703 - مسألة: (فأمّا ما كانَ من مَصالِحِها)
لكنَّه مُنْفَصِل عنها (كالمِفْتَاحِ، وحَجَرِ الرَّحَى الفوقانِيِّ) إذا كان السُّفلانِيُّ مَنْصُوبًا (ففيه وَجْهانِ) أحَدُهما، يَدْخُلُ في البَيعِ؛ لأنه لمَصْلَحَتِها، فأشْبَهَ المَنْضُوبَ فيها. والثانِي، لا يَدْخُلُ، لأنَّه مُنْفَصِلٌ عنها، فأشْبَهَ القُفْلَ والدَّلْوَ، ونحوَ ذلك. وهذا مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ.
فصل: وما كانَ في الأرْضِ مِن الحِجَارَةِ المخْلُوقَةِ فيها، أو مَبْنِيٍّ فيها، كأسَاسَاتِ الحِيطانِ المُهَدَّمَةِ، فهو للمُشْتَرِي؛ لأنَّه من أَجْزَائِها، فهو كتُرابِها. والمعادِنُ الجامِدَةُ فيها والآجُرُّ كالحِجَارَةِ في هذا. وإذا كانَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُشْتَرِي [عالِمًا بذلك](1) فلا خِيارَ له. وإنْ لم يَعْلَمْ وكان يَضُرُّ بالأرْضِ ويَنقُصُها، كالصَّخْرِ المُضِرِّ بعُرُوقِ الشَّجَرِ، فهو عَيبٌ، حُكْمُه حُكْمُ سائِرِ العُيُوبِ. فإنْ كانتِ الحِجَارَةُ والآجُرُّ مُودَعًا فيها، فهو للبائِع، كالكَنْزِ، ويَلْزَمُه نَقْلُها وتَسْويَةُ الأرْضِ وإصْلَاحُ الحُفَرِ؛ لأنَّه ضَرَر لَحِقَ لاسْتِصْلاحِ مِلْكِه، فكان عليه إزالتُه. وإنْ كان قَلْعُها يَضُرُّ بالأرْض أو تَتَطَاوَلُ مُدَّتُه، فهو عَيب. وإنْ لم يكُنْ في نَقْلِها ضَرَر، وكان يُمْكنُ نَقْلُها في أيام يَسِيرَةٍ، كالثَّلاثةِ فما دونَ، فليس بِعَيبٍ، وله مُطَالبَةُ البائِعِ؛ لأنَّه لا عُرْفَ في تَبْقِيَتها، بخلافِ الزَّرْعِ. ومتى كان عالِمًا بالحالِ، فلا أجْرَةَ له في الزَّمَانِ الذي نُقِلَتْ فيه؛ لأنَّه عَلِمَ بذلك ورَضِيَ به، فهو كما لو اشْتَرَى أرْضًا فيها زَرْعٌ. وإنْ لم يَعْلَمْ فاخْتَارَ إمْسَاكَ المَبِيعِ، فهل له أجْرَة لزَمانِ النَّقْلِ؟ على وَجْهَينِ؛ أحدُهما، له ذلك؛ لأنَّ المنافِعَ مَضْمُونَة على المُتْلِفِ، فكان عليه بدَلُها، كالآجُرِّ. والثاني، لا يَجِبُ؛ لأنَّه لمَّا رَضِيَ بإمْسَاكِ المَبِيع رَضِيَ بتَلَفِ المَنْفَعَةِ
(1) سقط من: الأصل، ق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في زمانِ النَّقْلِ، فإنْ لم يَخْتَرِ الإِمْسَاكَ، فقال البائِعُ: أنا أدَعُ ذلك لك. وكان ممّا لا ضَرَرَ في بقَائِه، لم يكُنْ له خِيَارٌ؛ لزَوَالِ الضَّرَرِ عنه.
فصل: فإنْ كان في الأرْضَ مَعادِنُ جامِدَة؛ كمعَادِنِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ ونَحْوها (1)، دَخَلَتْ في المبِيعِ (2)، ومُلِكَتْ بمِلْكِ الأرْضِ التي هي فيها؛ لأنَّها من أجْزَائِها، فهي كأحْجَارِها، ولكن لا يُبَاعُ مَعْدِنُ الذَّهَبِ بذَهَبٍ، ويَجُوزُ بَيعُها بغَيرِ جِنْسِها. وإنْ ظَهَرَ في الأرْضِ مَعْدِنٌ لم يَعْلَمْ به البائِعُ، فله الخِيارُ؛ لأنَّه زِيادَةٌ لم يَعْلَمْ بها، فأشْبَهَ ما لو باعَهُ ثَوْبًا على أنَّه عَشَرَةُ أذْرُع فَبَانَ أحَدَ عَشَرَ. هذا إذا كان قد مَلَكَ الأرْضَ بإحْياءٍ أو إقْطَاعٍ. وقد رُوِيَ أنَّ وَلَدَ بلالِ بنِ الحارِثِ باعُوا عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ أرْضًا، فَظَهَر فيها مَعْدِنٌ، فقالُوا: إنَّما بِعْنَا الأرضَ، ولم نِبع المَعْدِنَ. وأتوْا عمرَ بالكتابِ الذي فيه قَطِيعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأبِيهِم، فأخذه فَقَبَّلَه ورَدَّ عليهم المَعْدِنَ (3). وإنْ كانَ البائِعُ مَلَكَ الأرْضَ بالبَيعِ، احْتَمَلَ أنْ لَا يَثْبُتَ له خِيار؛ لأنَّ الحَقَّ لغَيرِه، وهو المالِكُ الأولُ، واحْتَمَلَ أنْ يَثْبُتَ له الخِيارُ، كما لو اشْتَرَى مَعِيبًا، ثمَّ باعَهُ ولم يَعْلَمْ عَيبَه، فإنَّه يَسْتَحِقّ الرَّدَّ، وإنْ كانَ قد باعَهُ مثلَ ما اشْتَرَاه. ورَوَى أبو طَالِبٍ عن أحمدَ: إذا ظَهَرَ
(1) في م: «نحوهما» .
(2)
في م: «البيع» .
(3)
تقدم تخريجه في 6/ 577.