الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ بَيعُ جِنْس فِيهِ الرِّبَا بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَمَعَ أحَدِهِمَا أَوْ مَعَهُمَا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِمَا، كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَم بمُدَّينِ، أو بِدِرْهَمَينِ، أوْ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ بِشَرْطِ أنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي مَعَهُ غيرُهُ، أوْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِ.
ــ
الثانِي، أنَّ القِياسَ لا يُعْمَلُ به إذا خالفَ نَصًّا، وقِياسُهم يُخَالِفُ نُصُوصًا غيرَ مَخْصُوصَةٍ، وإنّما يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بالقِياسِ على المَحَلِّ المَخْصُوصِ، ونَهْيُ [النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم](1) عن بَيعِ العِنَبِ بالزَّبِيبِ، لم يَدْخُلْه (2) تَخْصِيصٌ فيُقاسُ عليه، وكذلك سائِرُ الثّمارِ.
1690 - مسألة: (ولا يَجُوزُ بَيعُ جِنْسٍ فيه الرِّبَا بَعْضِه بِبَعْضٍ ومع أحَدِهما أو معهما من غَيرِ جِنْسِهما؛ كمُدِّ عَجْوَةٍ ودِرْهَم بمُدَّينِ، أو بدِرْهَمَينِ، أو بمُدٍّ ودِرْهَمٍ. وعنه، يَجُوزُ بشَرْطِ أنْ يكونَ المُفْرَدُ أكثَرَ من الذي معه غيرُه، أو يكونَ مع كُلِّ واحِدٍ منهما من غيرِ جِنْسِه)
هذه المسألةُ تُسَمَّى مسألةَ مُدِّ عَجْوَةٍ. وظاهِرُ المَذْهَبِ أنَّ ذلك لا يَجُوزُ.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «يدل على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَصَّ عليه أحمدُ في مواضِعَ كَثِيرَةٍ. قال ابنُ أبي مُوسَى في السَّيفِ المُحَلَّى والمِنْطَقَةِ والمَراكِبِ المُحَلَّاةِ تُباعُ بجِنْسِ ما عليها: لا يَجُوزُ، قَوْلًا واحِدًا. ورُوِيَ هذا عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ، والقاسِمِ بنِ محمّدٍ، وشُرَيحٍ، وابنِ سِيرِينَ. وبه قال الشّافِعِيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وعن أحمدَ، أنّه يَجُوزُ، بشَرْطِ أنْ يكونَ المُفْرَدُ أكثرَ من الذي معه غيرُه، أو يكونَ مع كُلِّ واحِدٍ منهما من غيرِ جِنْسِه. قال حَرْب: قلتُ لأحمدَ: دَفَعْتُ دِينارًا كُوفِيًّا ودِرْهَمًا، وأَخَذْتُ دِينارًا شامِيًّا، وَزْنُهما سَواءٌ؟ قال: لا يَجُوزُ، إلَّا أنْ يَنْقُصَ الدِّينارَ، فيُعْطِيَه بِحِسَابه فِضَّةً. وكذلك رَوَى عنه (1) محمّدُ بنُ أبي حَرْبٍ الجَرْجَرَائِيُّ (2). قال أبو دَاوُدَ: سَمِعْت أحمدَ يُسأَلُ عن الدَّرَاهِمِ المُسَيَّبِيَّةِ (3)، بَعْضُها صُفْرٌ وبعْضُها فِضَّةٌ،
(1) في م: «عن» .
(2)
ترجمه ابن أبي يعلى، في طبقات الحنابلة 1/ 331. وهو في المطبوع مها:«محمد بن النقيب بن أبي حرب» ، تقدمت ترجمته في 9/ 295.
(3)
في الأصل: «المشيبية» . والمسيبية: دراهم من ضرب الإسلام عامها ذهب إلا شيئًا فيها فضة. معجم البلدان 1/ 519. ومسائل الإمام أحمد لأبي داود 195، 196. النقود العربية، للكرملي 150.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالدَّراهِم؟ قال: لا أقولُ فيه شيئًا. قال أبو بكْرٍ: رَوَى هذه المسألةَ عن أحمدَ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا، كُلُّهم اتَّفَقُوا على أنّه لا يَجُوزُ حتى يَفْصِلَ، إلَّا المَيمُونِيَّ. وقال حَمّادُ بنُ أبِي سُلَيمانَ، وأبو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ ذلك بما ذَكَرْنا من الشَّرْطِ. وقال الحَسَنُ: لا بَأْسَ بِبَيعِ السَّيفِ المُحَلَّى بالفِضَّةِ بالدَّرَاهِمِ (1). وبه قال الشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ. واحْتَجُّوا بأنَّ العَقْدَ إذا أمْكَنَ حَمْلُه على الصِّحَّةِ، لم يُحْمَلْ على الفَسَادِ؛ لأنَّه لو اشْتَرَى لَحْمًا من قَصَّابٍ، جازَ، مع احْتِمالِ كَوْنِه مَيتَة. لكنْ يَجِبُ حَمْلُه على أنّه مُذَكًّى؛ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ (2)، وقدأمْكَنَ تَصْحِيحُ العَقْدِ ها هنا بجَعْلِ الجِنْسِ في مُقابَلَةِ غيرِ الجِنْسِ، أو جَعْلِ غيرِ الجِنْسِ في مُقَابَلَةِ الزّائِدِ على المِثْلِ. ولَنا، ما رَوَى فَضالةُ بنُ عُبَيدٍ، قال: اُّتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بقِلَادَةٍ
(1) أخرجه عبد الرزاق في: المصنف 8/ 70.
(2)
سقط من: الأصل، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها ذَهَبٌ وخَرَزٌ، ابْتَاعَها رَجُلٌ بتِسْعَةِ دَنانِيرَ أو سَبْعَةِ دَنانِيرَ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لا، حَتَّى تُمَيِّزَ بَينَهُما» . قال: فَرَدَّهُ حَتَّى مَيَّزَ بَينَهُما. رَواهُ أبو دَاوُدَ (1). وفي لَفْظٍ رَواهُ مسلمٌ قال: فأمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالذَّهَبِ الذي في القِلادَةِ فَنُزِعَ وحْدَه، ثم قال لهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«الذَّهَبُ بالذَّهَب وزْنًا بوَزْنٍ» . ولأنَّ العَقْدَ إذا جَمَعَ عِوَضَينِ مُخْتَلِفَي الجِنْسِ، وَجَبَ أن يَنْقَسِمَ أحَدُهما على الآخَرِ، على قدْرِ قِيمَةِ الآخَرِ في نَفْسِه، فإذا اخْتَلَفَتِ القِيمَةُ اخْتَلَفَ ما يَأْخُذُه من العِوَضِ. بَيانُه، إذا اشْتَرَى عَبْدَينِ، قِيمَةُ أحَدِهما مثلُ نِصْفِ قِيمَةِ الآخَرِ بعَشَرَةٍ، كان ثَمَنُ احدِهما ثُلُثَي العَشَرَةِ، والآخَرِ ثُلُثَها، فلو رَدَّ أحَدَهُما بعَيبٍ، رَدَّهُ بقِسْطِه من الثَّمَنِ، وكذلك إذا اشْتَرَى شِقْصًا وسَيفًا بثَمَن، أخَذَ الشَّفِيعُ الشقْصَ بقِسْطِه
(1) في: باب في حلية السيف تباع بالدراهم، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 223، 224. كما أخرجه مسلم، في: باب بيع القلادة فيها خرز وذهب، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1213. والترمذي، في: باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 260. والنسائي، في: باب بيع القلادة فيها الخرز والذهب بالذهب، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 245.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من الثَّمَنِ، فإذا فَعَلْنا هذا في مَن باعَ دِرْهَمًا ومُدًّا قِيمَتُه دِرْهَمانِ، بمُدَّين قِيمَتُهُما ثَلاثَة، حصل الدِّرْهَمُ في مُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ مُدٍّ، والمُدُّ الذي مع الدِّرْهَمِ في مُقَابَلَةِ ما وثُلُثٍ، هذا إذا تَفَاوَتَتِ القِيَمُ، ومع التَّسَاوي يُجْهَل ذلك؛ لأنَّ التَّقْويمَ ظَنٌّ وتَخْمِينٌ، والجَهْلُ بالتَّسَاوي كالعِلْمِ بعَدَمِه في بابِ الرِّبَا، ولذلك (1) لم يَجُزْ بَيعُ صُبْرَةٍ بصُبْرَةٍ بالظَّنِّ والخَرْصِ. وقَوْلُهم: يَجِبُ تَصْحِيحُ العَقْدِ. مَمْنُوع، بل يُحْمَلُ على ما يَقْتَضِيه من صِحَّةٍ وفَسَادٍ.
(1) في ق: «وكذلك» .