الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَينَ.
ــ
ولا يَصِحُّ بالإِجْماعِ. ولو قال: أَسْلَمْتُ إليك مائةً (1) في كُرِّ طَعامٍ. وشَرَط (2) أنْ يُعَجِّلَ له منها خَمْسِينَ، ويُؤجِّلَ خَمْسِينَ، لم يَصِحَّ العَقْدُ في الكُلِّ، قى قَوْلِ الخِرَقِيِّ. ويُخرَّجُ في صِحَّتِه في قَدْرِ المَقْبُوضِ وَجْهانِ؛ أحَدُهما، يَصِحُّ. وهو قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ، بِناءً علي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. والثاني، لا يَصِحُّ. وبه قال الشّافِعِيُّ. وهو أصَحُّ؛ لأنَّ للمُعَجَّلِ فَضْلًا على المُؤجَّلِ، فيَقْتَضِي أنْ يكونَ في مُقَابَلَتِه أكْثَرَ ممّا في مُقابَلَةِ المُؤَخَّرِ (3)، والزِّيادَةُ مَجْهُولَةٌ، فلا يَصِحُّ.
1741 - مسألة: (وهل يُشْتَرَطُ كَوْنُه مَعْلُومَ الصِّفَةِ والقَدْرِ كالمُسْلَمِ فيه؟ على وَجْهَينِ)
اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ في مَعْرِفَةِ صِفَةِ الثَّمَنِ
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «شرطا» .
(3)
في ر 1: «المؤجل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُعَيَّنِ. ولا خِلافَ في اشْتِراطِ مَعْرِفَةِ صِفَتِه إذا كان في الذِّمَّةِ؛ لأنَّه أحَدُ عِوَضَي السَّلَمِ، فإذا لم يكُنْ مُعَيَّنًا، اشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ صِفَتِه، كالآخَرِ، إلَّا أنَّه إذا أطْلَقَ وفي البَلَدِ نَقْدٌ واحِدٌ، انْصَرَفَ إليه، وقامَ مَقامَ وَصْفِه، وإنْ كان الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، فقال القاضِي، وأبو الخَطّابِ: يُشْتَرَطُ ذلك؛ لأنَّ أحمدَ قال: يقولُ: أسْلَمْتُ إليك كذا وكذا دِرْهَمًا. ويَصِفُ (1) الثَّمَنَ. فاعْتَبَرَ [ضَبْطَ صِفَتِه](2). وهذا قَوْلُ مالِكٍ، وأبي حَنِيفَةَ؛ لأنَّه عَقْدٌ لا يُمْكِنُ إتْمامُه في الحالِ، ولا تَسْلِيمُ المَعْقُودِ عليه، ولا يُؤْمَنُ انْفِسَاخُه، فوَجَبَ مَعْرِفَةُ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ فيه، لِيَرُدَّ بدَلَه، كالقَرْضِ. ولأنَّه لا يُؤْمَنُ أنْ يَظْهَرَ بَعْضُ الثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا، فيَنْفَسِخُ العَقْدُ في قَدْرِه، فلا يَعْلَمُ في كم بَقِيَ وكم انْفَسَخَ؟ فإن قيل: هذا مَوْهُومٌ، والمَوْهُومَاتُ لا تُعْتَبَرُ. قُلْنا: الوَهْمُ ها هنا مُعْتَبَرٌ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الجَوازِ، وإنّما جازَ إذا وَقَعَ الأمْنُ من الغررِ، ولم يُوجَدْ ها هنا، بدَلِيلِ ما إذا أسْلَمَ في ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بعَينِه، أو قَدَّرَ السَّلَمَ بِصَنْجَةٍ بعَينِها. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنّه لا يُشْتَرَطُ؛ لأنَّه لم يَذْكُرْه في شُرُوطِ السَّلَمِ. وهو أحَدُ قَوْلَي الشّافِعِيِّ؛
(1) في م: «ونصف» .
(2)
في ر 1: «ضبطه وصفته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه عِوَضٌ مُشاهَدٌ، فلم يَحْتَجْ إلى مَعْرِفَةِ قَدْرِه، كبُيُوعِ الأعْيانِ. وكلامُ أحمدَ إنَّما تَناوَلَ غيرَ المُعَيَّنِ، ولا خِلافَ في اعْتِبارِ أوْصافِه. ودَلِيلُهم يَنْتَقِضُ بعَقْدِ الإِجارَةِ، فَإنَّه يَنْفَسِخُ بتَلَفِ العَينِ المُسْتَأْجَرَةِ، ولا يَحْتَاجُ مع التَّعْيِينِ إلى مَعْرِفَةِ الأوْصَافِ. ولأنَّ رَدَّ مِثلِ الثَّمَنِ إنَّما يُسْتَحَقُّ عندَ فَسْخِ العَقْدِ، لا من جِهَةِ عَقْدِه، وجَهَالةُ ذلك لا تُؤَثِّرُ، كما لو باعَ المَكِيلَ والمَوْزُونَ. ولأنَّ العَقْدَ قد تَمَّتْ شَرائِطُه، فلا يَبْطُلُ بأمْرٍ مُوهِمٍ (1). فعلى القَوْلِ الأوَّلِ، لا يَجُوزُ أنْ يَجْعَلَ رَأْسَ مالِ السَّلَمِ ما لا يُمْكِنُ ضَبْطُه بالصِّفَةِ، كالجَواهِرِ، وسائِرِ ما لا يَجُوزُ السَّلَمُ فيه، فإنْ فَعَلَا، بَطَلَ العَقْدُ، ويَرُدُّه إنْ كان مَوْجُودًا، وإلَّا يَرُدُّ قِيمَتَه، فإنِ اخْتَلَفَا في القِيمَةِ، فالقَوْلُ قَوْلُ المُسْلَمِ إليه؛ لأنَّه غارِمٌ. وكذلك إنْ حَكَمْنا بصِحَّةِ العَقْدِ ثم انْفَسَخَ. فإنِ اخْتَلَفَا في المُسْلَمِ فيه، فقال أحَدُهما: في كذا مُدْىٍ (2) حِنْطَةٍ. وقال الآخَرُ: في كذا مُدْىٍ (2) شَعِيرٍ. تَحالفَا، وتَفاسَخَا. وبه قال الشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْي، كما لو اخْتَلَفَا في ثَمَنِ المَبِيعِ.
فصل: وكُلُّ مالَيْنِ حَرُم النَّسَاءُ فيهما، لا يجوزُ أنْ يُسَلَّمَ أحَدُهما في
(1) في م، ر 1:«موهوم» .
(2)
في ر 1: «مد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الآخَرِ؛ لأنَّ السَّلَمَ من شَرْطِه النَّسَاءُ والتَّأْجِيلُ. والذي ذَكَرَه الخِرَقِيُّ في أنّه لا يَجُوزُ النَّساءُ في العُرُوضِ. وهو إحْدَى الرِّوَايَتَينِ. فعلى هذا، لا يَجُوزُ إسْلامُ بَعْضِها في بَعْضٍ. وقال ابنُ أبي مُوسَى: لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ رَأْسُ مالِ السَّلَمِ إلَّا عَينًا، أو وَرِقًا (1). قال القاضِي: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: قيلَ لأحْمَدَ: يُسْلِمُ ما يُوزُنُ فيما يُكالُ، وما يُكالُ فيما يُوزَنُ؟ فلم يُعْجِبْه. فعلى هذا، لا يَجُوزُ أنْ يكونَ المُسْلَمُ فيه ثَمَنًا. وهو قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ؛ لأنَّها لا تَثْبُتُ في الذِّمَّةِ إلَّا ثَمَنًا، فلا يَجُوزُ أنْ تَكُونَ مُثْمَنَةً. وعلى الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ: يَجُوزُ النَّسَاءُ في العُرُوضِ. يَجُوزُ أنْ يكونَ رَأْسُ المالِ عَرْضًا، كالثَّمَنِ سَواءً، ويَجُوزُ إسْلامُها في الأَثْمانِ. قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ: يَجُوزُ السَّلَمُ في الدَّرَاهِمِ والدَّنَانِيرِ. وهذا مَذْهَبُ مالِكٍ، والشافعيِّ؛ لأنَّها تَثْبُتُ في الذِّمَّةِ صَدَاقًا، فَتَثْبُتُ في الذِّمَّةِ سَلَمًا، كالعُرُوضِ. ولأنّه لا رِبًا بَينَهُما من حيث التَّفَاضُلُ ولا النَّسَاءُ، فصَحَّ إسْلامُ أحَدِهما في الآخَرِ، كالعَرْضِ بالعَرْضِ (2). ولا يَصِحُّ ما قاله أبو حَنِيفةَ، فإنّه لو باعَ دَرَاهِمَ بدَنَانِيرَ، صَحَّ، ولا بُدَّ أنْ يكونَ أحَدُهما مُثْمَنًا. فعلى هذا، إذا أسْلَمَ عَرْضًا في عَرْضٍ مَوْصُوفٍ بصِفَاتِه، فجاءَهُ عندَ الحُلُولِ بذلك العَرْضِ بعَينِه، لَزِمَهُ قَبُولُه على أحَدِ
(1) في الأصل: «وزنا» .
(2)
في م: «في العرض» .