الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيرِ شَرْطٍ، أَوْ قَضَى خَيرًا مِنْهُ، أَوْ أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً بَعْدَ
ــ
ولأَنه شَرَط عَقْدًا في عَقْدٍ، فلم يَجُزْ، كما لو باعَه دارَه بشَرْطِ أنْ يَبِيعَه الآخَرُ دارَه. وإن شَرَط أن يُؤْجرَه دارَه بأقَلَّ مِن أُجْرَتِها، أو على أنْ يَسْتَأْجِرَ دارَ المُقْرِضِ بأكْثَرَ مِن أُجْرَتِها، أو على أن يُهْدِيَ له، أو يَعْمَلَ له عَمَلًا، كان أبْلَغَ في التَّحْرِيمِ.
فصل: وإن شَرَط أنْ يُوَفِّيَه أنْقَصَ ممّا أقْرَضَه، لم يَجُزْ، إذا كان ممّا يَجْرِي فيه الرِّبا؛ لإِفْضائِه إلى فَواتِ المُماثَلَةِ فيما تُشْتَرَطُ (1) فيه، وإن كان في غيرِه، فكذلك. وهو أحَدُ الوَجْهَين لأصْحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّ القَرْضَ يَقْتَضِي رَدَّ المِثْلِ، وشَرْطُ النُّقْصانِ يُخالِفُ (2) مُقْتَضاه، فلم يَجُزْ، كشَرْطِ الزِّيادَةِ. ولهم وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يَجُوزُ؛ لأنَّ القَرْضَ جُعِلَ للرِّفْقِ بالمُسْتَقْرِضِ، وشَرْطُ النُّقْصانِ لا يُخْرِجُه عن مَوْضُوعِه، بخِلافِ الزِّيادَةِ.
1769 - مسألة: (وإن فَعَل ذلك مِن غيرِ شَرْطٍ، أو قَضَى خَيرًا
(1) في م: «هي شرط» .
(2)
في الأصل: «بخلاف» .
الْوَفَاءِ، جَازَ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَرَدَّ خَيرًا مِنْهُ، وَقَال:«خَيرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» .
ــ
منه، أو أهْدَى له هَدِيَّةً بعدَ الوَفاء، جازَ) [إذا أقْرَضَه مُطْلَقًا، فقَضاه أكْثَرَ منه، أو خَيرًا منه في الصِّفَةِ أَو دُونَه برِضاهُما، جاز](1). وكذلك إن كَتَب له سُفْتَجَةً، أو قَضاه في بَلَدٍ آخَرَ جاز. ورَخَّصَ في ذلك ابنُ عُمَرَ، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحَسَنُ، والنَّخَعِي، والشَّعْبِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وقَتادَةُ، ومَكْحُولٌ، ومالِكٌ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ. وقال أبو الخَطّابِ: إن قَضاه خَيرًا منه، أو زادَه زِيادَةً بعدَ الوَفاءِ مِن غيرِ شَرْطٍ ولا مُواطَأةٍ، فعلى رِوايَتَين. ورُوِيَ عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وابنِ عباسٍ، أنَّه يَأْخُذُ مثلَ قَرْضِه، ولا يَأْخُذُ فَضْلًا؛ لئَلَّا يَكُونَ قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَةً. ولَنا أنَّ (النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ بَكْرًا، فرَدَّ خَيرًا منه، وقال: «خَيرُكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاءً») مُتَّفَقٌ عليه (2). ولأنَّه لم يَجْعَلْ تلك الزِّيادَةَ عِوَضًا في القَرْضِ، ولا وَسِيلَةً إليه، ولا إلى اسْتِيفاءِ دَينِه، أشْبَهَ ما لو لم يَكُنْ قَرْضٌ.
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 221.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال ابنُ أبي مُوسى: إذا زادَه بعد الوَفاءِ، فعادَ المُسْتَقْرِضُ بعدَ ذلك يَلْتَمِسُ منه قَرْضًا ثانيًا، ففَعَلَ، لم يَأْخُذْ منه إلَّا مِثْلَ ما أعْطاه، فإن أخَذَ زِيادَةً، أو أجْوَدَ ممّا أعْطاه، حَرُم، قَوْلًا واحِدًا. وإذا كان الرجلُ مَعْرُوفًا بحُسْنِ القَضاء، لم يُكْرَهْ إقْراضُه. وقال القاضي: فيه وَجْهٌ آخر (1)، أنَّه يُكْرَهُ؛
(1) زيادة من: م.