الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وادَّعَى الْجَهَالةَ، وَكَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ، فَلَا حَدَّ عَلَيهِ، وَلَا مَهْرَ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ.
ــ
1822 - مسألة: (وإن وَطِئَها بإذْنِ الرّاهِنِ، وادَّعَى الجَهالةَ، وكان مِثْلُه يَجْهَل ذلك، فلا حَدَّ عليه، ولا مَهْرَ، ووَلَدُه حُرٌّ، لا تَلْزَمُه قِيمَته)
وجمْلَةُ ذلك، أنَّ المُرْتَهِنَ إذا وَطِئَها بإذْنِ الرّاهِنِ، وادَّعَى الجَهالةَ بالتَّحْرِيمِ، فإنِ احْتَمَلَ صِدْقَه، لكَوْنِه مِمَّن نَشَأ ببادِيَةٍ، أو حَدِيثَ عَهْدٍ بالإِسْلامِ، فلا حَدَّ عليه، ووَلَدُه خر؛ لأنَّه وَطِئَها مُعْتَقِدًا إباحَةَ وَطْئِها، فهو كما لو وَطِئَها يَظُنُّها أمَتَهُ، وإن لم يَحْتَمِلْ صِدْقَه، كالنّاشِئ ببلادِ المُسْلِمِين مُخْتَلِطًا بهم مِن أهْلِ العِلْمِ، لم تقْبَلْ دَعْواه، لأنَّه لا يَخْلو ممَّن يَسْمَعُ منه ما يَعْلَم به تَحْرِيمَ ذلك، فيَكُونُ كمَن لم يَدَّعِ الجَهْلَ، فيَكونُ وَلَدُه رَقِيقًا للرّاهِنِ؛ لأنَّه مِن زِنًى. ومتى كان الوَطْءُ بإذْنِ الرّاهِنِ، لمِ يَجِبْ عليه قِيمَة الوَلَدِ. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّ الإِذْن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الوَطْءِ إذْنٌ فيما يَحْدُثُ منه، بدَلِيل أنَّه لو أذِنَ المُرْتَهِنُ للرّاهِنِ في الوَطْءِ، فحَمَلَتْ، سَقَط حَقُّه مِن الرَّهْنِ، وكما لو أذِنَ في قَطْعِ إصْبَع، لم يَضْمَنْها، وكالحُرَّةِ إذا أذِنَتْ في وَطْئِها يَسْقُطُ عنه الضَّمانُ، وفيه قولٌ، أنَّ قِيمَةَ الوَلَدِ تَجِبُ، وإن أذِنَ الرَّاهِنُ في الوَطْءِ. وهو مَنْصُوصُ الشافعيِّ؛ لأنَّ وُجُوبَ الضَّمانِ يَمْنَعُ انْخِلاقَ (1) الوَلَدِ رَقِيقًا، وسَبَبُه (2) اعْتِقادُ الحِلِّ، وما حَصَل ذلك بإذْنِه، بخِلافِ وَطْءِ الرّاهِنِ؛ فإنَّ خُرُوجَها مِن الرَّهْنِ بالحَمْلِ الذي سَبَبُه الوَطْءُ المأذُونُ فيه، ولا يَجِبُ المَهْرُ إذا كان الوَطْءُ بإذْنِ الرّاهِنِ. وقال أبو حنيفةَ: يَجِبُ. وعن الشافعيةِ كالمَذْهَبَين. ولَنا، أنَّه أذِنَ في سَبَبِه، وهو حَقُّه، فلم يَجِبْ، كما لو أذِنَ في قَتْلِها، ولأنَّ المالِكَ أذِنَ في اسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ، فلم يَجِبْ عِوَضُها، كالحُرَّةِ المُطاوعَةِ. ووَلَدُه حُرٌّ للشُّبْهَةِ، وقد ذَكَرْناه. ولا تَصِيرُ هذه الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بحالٍ، سواءٌ مَلَكَها المُرْتَهِنُ بعدَ الوَضْعِ أو قَبْلَه، وسواءٌ حَكَمْنا برِقِّ الوَلَدِ أو حُرِّيَّته. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه إذا مَلَكَها حامِلًا، أنَّها تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ. وسَنَذْكُرُ ذلك في أمَّهاتِ الأوْلادِ.
(1) في م: «اتخاذ» .
(2)
في الأصل: «شبهه» . وفي م: «يشبه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: سَألْتُ أبي عن رجل عندَه رُهُونٌ كثِيرَةٌ، لا يَعْرِفُ أصحابَها، ولا مَن رَهَن عندَه. قال: إذا أيِسْتَ مِن مَعْرِفَتِهم، ومَعْرِفَةِ وَرَثَتِهم، فأرَى أنَّ تُباعَ ويُتَصَدَّقَ بثَمَنِها، فإن عَرَف بعدُ أرْبَابَها، خَيَّرَهُم بينَ الأجْرِ أو يَغْرَمُ لهم، هذا الذي أذْهَبُ إليه. وقال أبو الحارِثِ، عن أحمدَ، في الرَّهْنِ يَكُونُ عندَه السِّنينَ الكَثِيرَةَ، يَأيَسُ مِن صاحِبِه: يَبِيعُه ويَتَصَدَّقُ بالفَضْلِ. فظاهِرُ هذا أنَّه يَسْتَوْفى حَقه. ونَقَل أبو طالبٍ: لا يَسْتَوفى حَقَّه مِن ثَمَنِه، ولكِن إن جاء صاحِبُه بعدُ فَطَلَبَه، أعْطاه إياهُ وطَلَب منه حَقَّه، وأمّا إن رَفَع أمْرَه إلى الحاكِمِ، فباعَه، ووَفّاه حَقَّهُ منه، جازَ ذَلك.