الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ تَقَابَضَا، ثُمَّ افْتَرَقَا، فَوَجَدَ أحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ رَدِيئًا، فَرَدَّهُ، بَطَلَ الْعَقْدُ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَالأخْرَى، إِنْ قَبَضَ عِوَضَهُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، لَمْ يَبْطُل، وَإنْ رَدَّ بَعْضَهُ، وَقُلْنَا: يَبْطُلُ فِي الْمَرْدُودِ. فَهَلْ يَبْطُلُ فِي غيرِه؟ عَلَى وَجهَينِ.
ــ
1699 - مسألة: (وإنْ تَقَابَضَا، ثم افْتَرَقَا، فوَجَدَ أحَدُهما ما قَبَضَه رَدِيئًا، فرَدَّهُ، بَطَلَ العَقْدُ، في إحْدَى الرِّوَايَتَينِ)
هذا إنْ كان فيه عَيبٌ مِن غيرِ جِنْسِه؛ لأنَّهُما تَفَرَّقا قَبْلَ قَبْضِ المَعْقُودِ عليه فيما يُشْتَرَطُ قَبْضُه. اخْتَارَه الخِرَقِيُّ (1). والأخْرَى، لا يَبْطُلُ؛ لأَنَّ (قَبْضَ عِوَضِه في مَجْلِسِ الرَّدِّ) يقومُ مَقامَ قَبْضِه في المجلِسِ (وإنْ رَدّ بَعْضَه، وقُلْنا: يَبْطُلُ في المَرْدُودِ. فهل يَبْطُلُ في الباقِي؟ على رِوَايَتَينِ) بناءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وإنْ كان العَيبُ من جِنْسِه، فسَنَذْكُرُه إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.
(1) في الأصل، ق، م:«القاضي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا باعَ مُدَّى تَمْرٍ رَدِئٍ بدِرْهَم، ثم اشْتَرَى بالدِّرْهَمِ تَمْرًا جَيِّدًا، أو اشْتَرَى من رَجُلٍ دينارًا صَحِيحًا بدَراهِمَ، وتَقَابَضَا، ثمّ اشْتَرَى منه بالدّرَاهِمِ قُراضَةً عن غيرِ مُواطَأةٍ ولا حِيلَةٍ، فلا بأْسَ به. وقال ابنُ أبي مُوسَى: لا يَجُوزُ، إلَّا أنْ يَمْضِيَ إلى غَيرِه لِيَبْتَاعَ منه، فلا يَسْتَقِيمُ له، فيَجُوزُ أنْ يَرْجِعَ إلى البائِعِ فيَبْتَاعَ منه. وقال أحمدُ في رِوَايَةِ الأثْرَم: يَبِيعُها من غَيرِه أحَبُّ إلَيَّ. قلتُ له: فإنْ لم يُعْلِمْه أنّه يُرِيدُ أنْ يَبِيعَها منهَ؟ فقال: يَبيعُها من غَيرِه، فهو أطْيَبُ لنَفْسِه، وأَحْرَى أنْ يَسْتَوْفِيَ الذَّهَبَ منه، فإنَّه إذا رَدَّها إليه لَعَلَّه أنْ لا يُوَفِّيَهُ الذَّهَبَ ولا يُحْكِمَ الوَزْنَ ولا يَسْتَقْصِيَ. يقولُ: هي تَرْجِعُ إليه. قيل لأبِي عبدِ اللهِ: فذَهَبَ ليَشْتَرِيَ الدّراهِمَ بالذَّهَبِ الذي أخَذَها منه من غيرِه فلم يَجِدْها، فرَجَعَ إليه؟ فقال: إذا كان لا يُبَالِي اشْتَرَى منه أو من غيرِه، فَنَعَم. فظاهِرُ هذا أنَّه على وَجْهِ الاستِحْبَابِ، لا الإِيجابِ. ولَعَلَّ أحمدَ إنّما أرادَ اجْتِنابَ المُواطَأَةِ على هذا، ولهذا قال: إذا كالت لا يُبَالِي اشتَرَى منه أو من غيرِه، فنَعَمْ. وقال مالِكٌ: إنْ فَعَلَ ذلك مَرَّةً، جازَ، وإنْ فَعَلَه أكثرَ من مَرَّةٍ، لم يَجُزْ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه يُضَارِعُ الرِّبَا. ولَنا، ما رَوَى أبو سَعِيدٍ، قال: جاءَ بِلالٌ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«من أينَ هذا؟» قال بلالٌ: كان عِنْدَنا تمْرٌ رَدِئٌ، فبِعْتُ صاعَينِ بصَاعٍ، ليَطعَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «أوَّهْ، عَينُ الرِّبا، عَينُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، ولَكِنْ إذا أرَدْتَ أنْ تَشتَرِيَ فَبعِ التَّمْرَ بِبَيعٍ آخرَ ثم اشْتَرِ به» . ورَوَى أبو سَعِيدٍ، أنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا على خَيبرَ فجاءَه بتَمْر جَنِيبٍ (1)، فقال:«أَكُلُّ تَمْرٍ خَيبَرَ هكذا؟» فقال: لَا واللهِ، إنّا لنَأْخُذُ الصّاعَ من هذا بالصَّاعَين، والصَّاعَينِ بالثَّلَاثَةِ. فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لا تَفْعَلْ، بعِ التَّمْرَ بالدَّرَاهمِ، ثم اشْتَرِ بالدَّراهمِ جَنِيبًا» . مُتَّفَقٌ عليهما (2). ولم يَأْمُرْه أنْ يَبِيعَهُ مِنْ غيرِ مَنْ يَشْتَرِي منه، ولو كان ذلك مُحَرَّمًا لبَيَّنَهُ له وعَرَّفَه إيّاهُ، ولأنَّه باعَ الجِنْسَ بغَيرِه مِنْ غيرِ شَرْطٍ ولا مُوَاطأَةٍ، فجازَ، كما لو باعَهُ
(1) الجنيب: من أجود التمر.
(2)
الأول تقدم تخريجه في صفحة 8.
والثاني: أخرجه البخاري، في: باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه، من كتاب البيوع، وباب الوكالة في الصرف والميزان، من كتاب الوكالة. صحيح البخاري 3/ 102، 129. ومسلم، في: باب بيع الطعام مثلًا بمثل، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1215.
كما أخرجه النسائي، في: باب بيع التمر بالتمر متفاضلا، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 238. والإمام مالك، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من غَيرِه. ولأنَّ ما جازَ من التَّبايُعاتِ مَرَّةً، جازَ على الإِطْلَاقِ، كسائِرِ البِياعَاتِ، فإنْ تَواطَآ على ذلك، لم يَجُزْ، وكان حِيلَةً مُحَرَّمَةً. وبه قال مالِكٌ. وقال أبو حَنِيفَةَ، والشّافِعِيُّ: يَجُوزُ، ما لم يكُنْ مَشْرُوطًا في العَقْدِ. ولَنا، أنَّه إذا كان عن مُوَاطَأَةٍ كان حِيلَةً، والحِيَلُ مُحَرَّمَة، على ما سَنَذْكُرُه.
فصل: والصَّرْفُ يَنْقَسِمُ إلى قِسْمَينِ؛ أحدُهما، أنْ يَبِيعَ عَينًا بعَينٍ، وهو أنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هذا الدِّينارَ بهذه الدَّراهِمِ. والثّانِي، أنْ يَقَعَ العَقْدُ على مَوْصُوفٍ، نحوَ أنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ ديتارًا مِصْرِيًّا بعَشَرَةِ دَراهِمَ ناصِرِيَّةٍ. وقد يكونُ أحَدُ العِوَضَينِ مُعَيَّنًا دونَ الآخرِ، وكلُّ ذلك جائِزٌ. وظاهِرُ المَذْهَبِ، أنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ في العُقودِ، فيَثْبُتُ المِلْكُ في أعْيانِها. فإنْ تَبَايَعَا عَينًا بعَينٍ، ثم تَقَابَضَا، فوَجَدَ أحَدُهما عَيبًا فيما قَبَضه، فذلك قسْمانِ؛ أحَدُهما، أنْ يكُونَ العَيبُ غِشًّا من غيرِ جِنْسِ المَبِيعِ، كالنُّحاسِ في الدَّرَاهِمِ، والمِسِّ (1) في الذَّهَبِ، فالصَّرْفُ باطِل. وهو قَوْلُ
= في: باب ما يكره من بيع التمر، من كتاب البيوع. الموطأ 2/ 623.
(1)
المس. بكسر الميم الخلط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشّافِعِيِّ. وذَكَرَ أبو بكْرٍ فيها ثلاثَ رِواياتٍ؛ إحداهُنَّ، البَيعُ باطِلٌ. والثانِيَةُ، صَحِيحٌ، وللمُشْتَرِي الخِيارُ، والرَّدُّ (1) وأخْذُ البَدَلِ. والثالِثَةُ، يَلْزَمُه العَقْدُ، وليس له رَدٌّ ولا بَدَلٌ. ولَنا، أنَّه باعَهُ غيرَ ما سَمَّى له، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: بِعْتُكَ هذه البَغْلَةَ. فإذا هو حِمارٌ. أو: هذا الثَّوْبَ القَزَّ. وإذا هو كَتَّانٌ. وأمّا القَوْلُ بأَنَّه يَلْزَمُه البَيعُ، فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه اشْتَرَى مَعِيبًا لم يَعْلَمْ عَيبَه، فلم يَلْزَمْه ذلك بغيرِ أرْشٍ، كسائِرِ البِيَاعَاتِ. القِسْمُ الثانِي، أنْ يكونَ العَيبُ من جِنْسِه، كالسَّوَادِ في الفِضَّةِ، والخُشُونَةِ، و (5) كَوْنِها تَتَفَطَّرُ عند الضربِ، أو أنَّ سَكَّتَهَا مُخالِفَةٌ لسَكَّةِ السُّلْطانِ، فيَصِحُّ العَقْدُ، ويُخَيَّر المُشْتَرِي بينَ الإِمْسَاكِ والرَّدِّ (2)، ولا بَدَلَ له؛ لأنَّ العَقْدَ وَقَعَ على مُعَيَّنٍ، فإذا أخَذَ غَيره، أخَذَ ما لم يَشْتَرِه. وإنْ قُلْنا: إنَّ النَّقْدَ لا يَتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ في العَقْدِ. فله أخْذُ البَدَلِ، ولا يَبْطُل العَقْدُ؛ لأنَّ الذي قَبَضَه ليس هو المَعْقُودَ عليه، فأشْبَهَ المُسْلَمَ إذا قَبَضَه فوَجَدَ به عَيبًا. ومَذْهَبُ الشّافِعِيِّ في هذا الفَصْلِ على ما ذَكَرْنَا.
(1) في م: «الترك» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو أرادَ (1) أخْذَ أرْشِ العَيبِ، والعِوَضَانِ في الصَّرْفِ من جِنْسٍ واحِدٍ، لم يَجُزْ؛ لحُصُولِ الزِّيَادَةِ في أحَدِ العِوَضَينِ، وفَواتِ المُماثَلَةِ المُشْتَرَطَةِ في المَجْلِسِ (2) الواحِدِ. وخَرَّجَ القاضِي وَجْهًا لجَوازِ أخْذِ الأرْشِ في المَجْلِسِ؛ لأنَّ الزِّيَادَةَ طَرَأتْ بعدَ العَقْدِ. وليس لذلك وَجْهٌ، فإنَّ أرْشَ العَيبِ من العِوَضِ يُجْبَرُ به في المُرَابَحَةِ، ويُرَدُّ به (3) إذا رَدَّ المَبِيعَ بفَسْخٍ أو إقالةٍ، ولو لم يكُنْ من العِوَضِ، فَبِأيِّ شيءٍ اسْتَحَقَّهُ المُشْتَرِي؟ فإنَّه ليس بهِبَةٍ، على أنَّ الزِّيادَةَ في المجْلِسِ من العِوَضِ، وإنْ لم يكُنْ أرْشًا، فالأرْشُ أوْلَى. وإنْ كان الصرفُ بغَيرِ جِنْسِه، فله أخْذُ الأرْشِ في المَجْلِسِ؛ لأنَّ المُماثَلَةَ غيرُ مُعْتَبَرَةٍ، وتَخَلُّفُ قَبْضِ بَعْضِ العِوَضِ عن بَعْضٍ لا يَضُرُّ ما دَامَا في المَجْلِسِ، فجازَ كما في سائِرِ المَبِيع، وإنْ كان بعدَ الِتَّفَرُّقِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يُفْضِي إلى حُصولِ التَّفَرُّقِ قبلَ قبضِ أحَدِ العِوَضَينِ، إلَّا أنْ يَجْعَلَا الأرْشَ من غيرِ جِنْسِ
(1) في م: «أرادا» .
(2)
في ر 1، م:«الجنس» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّمَنِ، كأنَّه أخَذَ أرْشَ عيبِ الفِضَّةِ حِنْطَةً، فيَجُوزُ. وكذلك الحُكْمُ في سائِرِ أمْوالِ الرِّبَا، فيما بِيعَ بجِنْسِه أو بغيرِ جِنْسِه، مما يُشْتَرَطُ فيه القَبْضُ، فإذا كان ممّا لا يُشْتَرَطُ قَبْضُه. كمن باعَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بقَفِيزَيْ شَعِيرٍ، فوَجَدَ أحَدُهُما عَيبًا، فأخَذَ أرْشَه دِرْهَمًا، جازَ وإنْ كان بعدَ التَّفَرُّقِ؛ لأَنه لم يَحْصُلِ التَّفَرُّقُ قبلَ قبْضِ ما يُشْتَرَطُ فيه القَبْضُ.
فصل: وإنْ تَلِفَ العِوَضُ في الصَّرْفِ بعد القَبْضِ، ثم عَلِمَ عَيبَه، فَسَخَ العَقْدَ، ويَرُدُّ المَوْجُودَ، وتَبْقَى قِيمَةُ العَيبِ (1) في ذِمَّةِ من تَلِفَ في يَدِه، فيَرُدُّ مثْلَها، أو عِوَضَها إنِ اتَّفَقَا عليه، سواءٌ كان الصَّرْفُ بجِنْسِه أو بغيرِ جِنْسِه. ذكَره ابنُ عَقِيلٍ. وهو قولُ الشّافِعِي. قال ابنُ عقيلٍ: وقد رُوِيَ عن أحمدَ جَوازُ أخْذِ الأرْشِ. والأوَّلُ أوْلَى، إلَّا أنْ يكُونَا في المَجْلِسِ والعِوَضانِ من جِنْسَين. القسمُ الثانِي، أنْ يَصْطرَفا في الذِّمَّةِ، فيَصِحُّ، سواء كانتِ الدَّرَاهِمُ والدَّنانِيرُ عندهما أوْ لَا، إذا تَقَابَضَا قبلَ الافْتِراقِ.
(1) في ر 1، ق:«المعيب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبهذا قال أبو حَنِيفَةَ، والشّافِعِيُّ. وحُكِيَ عن مالِكٍ: لا يَجُوزُ الصَّرْفُ، إلَّا أنْ تَكُونَ العَينانِ حاضِرَتَينِ. وعنه، لا يَجُوزُ حتى تَظْهَرَ إحْدَى العَينَينِ وتُعَيَّنَ. وعن زُفَرَ مثْلُه؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لا تَبِيعُوا غَائِبًا مِنْهَا بنَاجِزٍ» (1). ولأَنه إذا لم يُعَيَّنْ أحَدُ العِوَضَينِ، كانَ بَيعَ دَينٍ بدَينٍ. ولَنا، أنَّهما تَقَابَضَا في المَجْلِسِ، فصَحَّ، كما لو كانَا حاضِرَينِ. والحَدِيثُ يرادُ به أنْ لا يباعَ عاجِلٌ بآجِلٍ، أو مَقْبُوضٌ بغيرِ مَقْبُوضٍ؛ بدَلِيلِ ما لو عَيَّنَ (2) أحَدَهما، فإَّنه يَصِحُّ وإنْ كان الآخَرُ غائِبًا، ولأنَّ القَبْضَ في المَجْلِسِ جَرَى مَجْرَى القَبْضِ حالةَ العَقْدِ، ألَا تَرَى إلى قَوْلِه:«عَينًا بعَين، يدًا بِيَدٍ» ؟ والقَبْضُ يَجْرِي في المَجْلِسِ.، كذا التَّعْيِينُ. إذا ثَبَتَ هذا، فلا بُدَّ من تعْيِينهما (3) بالتَّقَابُضِ في المَجْلِسِ. ومتى تَقَابَضَا فوَجَدَ أحَدُهما بما قَبَضَه عَيبًا قبلَ التَّفَرُّقِ، فله المُطَالبَةُ بالبَدَلِ، سواء كان العَيبُ من جِنْسِه، أو من غيرِ جِنْسِه؛ لأَنَّ العَقْدَ وقَعَ على مُطْلَقٍ لا عَيبَ فيه، فكان
(1) تقدم تخريجه في صفحة 8.
(2)
في م: «غير» .
(3)
في م: «تعينها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له المُطَالبَةُ بما وَقَعَ عليه العَقْدُ، كالمُسْلَمِ فيه. وإنْ رَضِيَهُ بعَيبه، والعَيبُ من جِنْسِه، جازَ، كما لو رَضِيَ بالمُسْلَمِ فيه مَعِيبًا، وإنِ اخْتَارَ أَخْذَ أَرْشِه، وكان العِوَضانِ من جِنْسَينِ، جازَ، وإن كانا من جِنْسٍ لم يَجُزْ، وقد ذَكَرْنَاهُ. وإنْ تَقَابَضَا ثم افْتَرَقَا، ثم وَجَدَ العَيبَ من جِنْسِه، فله إبْدَالُه، في إحْدَى الرِّوَايَتَينِ. اخْتارَها الخَلّالُ، والخِرَقِيُّ. ورُوِيَ ذلك عن الحَسَنِ، وقَتادَةَ. وبه قال أبو يُوسُفَ ومحمدٌ. وهو أحَدُ قَوْلَي الشّافِعِيِّ؛ لأنَّ ما جازَ إبْدَالُه قبلَ التَّفَرُّقِ، جازَ بعد التَّفَرُّقِ، كالمُسْلَمِ فيه. والثانِيَةُ، ليس له ذلك. اخْتَارَهَا أبو بكْرٍ. وهو مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ، والقَوْلُ الثانِي للشَّافِعِيِّ؛ لأَنَّه يَقْبِضُه بعدَ التَّفَرُّقِ، ولا يَجُوزُ ذلك في الصَّرْفِ ومَنْ نصرَ الرِّوَايَةَ الأولَى قال: قَبْضُ الأوَّلِ صَحَّ به العَقْدُ، وقَبْضُ الثاني بَدَلٌ عن الأوَّلِ. ويُشْتَرَطُ أن يَأْخُذَ البَدَلَ في مَجْلِسِ الرَّدِّ، فإن لم يَأْخُذْه فيه، بَطَل العَقْدُ. وإنْ وَجَدَ البَعْضَ رَدِيئًا، فرَدَّه، فعلى الرِّوَايَةِ الأولَى، له البَدَلُ، وعلى الثانِيَةِ، يَبْطُلُ في المَرْدُودِ. وهل يَصِحُّ فيما لم يَرُدَّ؟ على وَجْهَينِ، بناءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. ولا فَرْقَ بينَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَوْنِ المَبِيعِ من جِنْسٍ، أو من جِنْسَينِ. وقال مالِكٌ: إنْ وَجَدَ دِرْهَمًا زَيفًا فَرَضِيَ به، جازَ، وإنْ رَدَّه، انْتقَضَ الصَّرْفُ في دينارٍ، وإن رَدَّ أحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، انْتقَضَ في دِينارَينِ، وكُلَّما زادَ على دينارٍ، انْتَقَضَ الصَّرْفُ في دينارٍ آخَرَ. ولَنا، أنَّ ما لا عَيبَ فيه لم يُرَدَّ، فلم يَنْتَقِضَ الصَّرْفُ فيما يُقابِلُه، كسائِرِ العِوَضِ. وإنِ اخْتارَ واجِدُ العَيبِ الفَسْخَ، فعلى قَوْلِنا: له البَدَلُ. ليس له الفَسْخُ إذا [أبْدَلَ له](1)؛ لأنَّه يُمْكِنُه أخْذُ حَقِّهِ غيرَ مَعِيبٍ. وعلى الرِّوَايَةِ الأخْرَى، له الفَسْخُ أو الإِمْساكُ في الجَمِيعِ، لأنَّه تَعَذَّرَ عليه الوُصُولُ إلى ما عَقَدَ عليه مع إبْقاءِ العَقْدِ. وإنِ اخْتَارَ أخْذَ أرْشِ العَيبِ بعد التَّفَرُّقِ، لم يَكُنْ له ذلك؛ لأنَّه عِوَضٌ يَقْبِضُه بعدَ التَّفَرُّقِ عن الصَّرْفِ، ويَجوزُ على الرِّوَايَةِ الأخْرَى.
فصل: ومِنْ شَرْطِ المُصَارَفَةِ في الذِّمَّةِ أنْ يكونَ العِوَضَانِ مَعْلُومَينِ، إمّا بصِفَةٍ يَتَمَيَّزانِ بها، أو يكونَ للبَلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ أو غالِبٌ، فيَنْصَرِف الإِطْلَاقُ إليه. ولو قال: بِعْتُكَ دِينارًا مِصْرِيًّا لا بعِشْرِين دِرْهمًا من نَقْدِ عَشَرَةٍ بدِينارٍ. لم يَصِحَّ، إلَّا أنْ لا يَكُونَ في البَلَدِ نَقْدُ عَشَرَةٍ بدِينَارٍ، إلَّا نَوْعٌ واحِدٌ، فتَنْصَرِفُ الصِّفَةُ إليه، وكذلك الحُكْمُ في البَيعِ.
(1) في الأصل: «أبدله» . وفي ر 1: «بذل له» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا كان لرَجُلٍ في ذِمَّةِ رَجُلٍ ذَهَبٌ، وللآخَرِ عليه دَراهِمُ، فاصْطرفَا بما في ذِمَمِهما، لم يَصِحَّ. وبهذا قال اللَّيثُ، والشّافِعِيُّ. وحكى ابنُ عبدِ البَرِّ (1) عن مالِكٍ، وأبي حَنِيفَةَ جَوازَهُ؛ لأنَّ الذمَّةَ الحاضِرَةَ كالعَينِ الحاضِرَةِ، ولذلك جازَ أنْ يَشْتَرِيَ الدَّراهِمَ بدِينارٍ مِن غيرِ تَعْيِينٍ. ولَنا، أنَّه بَيعُ دَينٍ بدَينٍ، وقد قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ بَيعَ الدَّينِ بالدَّينِ لا يَجُوزُ. قال أحمدُ: إنَّما هو إجْماع. وقد رَوَى أبو عُبَيدٍ في الغَرِيبِ (2)، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيع الكالِئِ بالكالِئِ. وفَسَّرَه [بِبَيع الدَّينِ] (3) بالدَّينِ. إلَّا أنَّ الأثْرَمَ رَوَى أنَّ أحمدَ سُئِلَ: أيَصِحُّ هذا الحَدِيثُ؟ قال: لا. فأمّا الصَّرْفُ فإنَّما صَحَّ بغَيرِ تَعْيِينٍ، بشَرْطِ أنْ يَتَقَابَضَا في المَجْلِسِ، فجَرَى القَبْضُ والتَّعْيِينُ في المَجْلِسِ مَجْرَى وجُودِه حالةَ العَقْدِ. ولو كان لرَجُلٍ على رَجُلٍ دَنانِيرُ، فقَضاهُ دَراهِمَ شيئًا بعدَ شَيءٍ، فإنْ كان يُعْطِيهِ كُلَّ دِرْهَم بحِسابِه من
(1) في الاستذكار 10/ 20، 11.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 106.
(3)
في م: «بالدين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدِّينارِ (1) صَحَّ. نَصَّ عليه. وإنْ لم يَفْعَلْ ذلك، ثم تَحاسَبَا بعدُ، فَصارَفَه بها وَقْتَ المُحاسَبَةِ، لم يَجُزْ. نصَّ عليه أيضًا؛ لأنَّ الدّنانِيرَ دَينٌ، والدّراهِمَ قد صارَتْ دَينًا، فيَصِيرُ بَيعَ دَينٍ بدَينٍ. وإن قَبَضَ أحَدُهما من الآخَرِ ما لَه عليه، ثم صارَفَه بعَين وذِمَّةٍ، صَحَّ. وإذا أعْطَاهُ الدَّراهِمَ شيئًا بعدَ شيءٍ، ولم يُقْبِضْه (2) إيّاها وَقْتَ دَفْعِها إليه، ثم أحْضَرَها، وقَوَّمَاهَا، فإنَّه يَحْتَسِبُ بقِيمَتِها يومَ القَضاءِ، لا يَوْمَ دَفْعِها إليه؛ لأنَّها قبلَ ذلك لم تَصِرْ في مِلْكِه، إنَّما هي وَدِيعَةٌ في يَدِه. فإنْ تَلِفَتْ أو نَقَصَتْ، فهي من ضَمَانِ مالِكِها، ويَحْتَمِلُ أنْ تكونَ من ضَمانِ القابِضِ إذا قَبَضَها بنيَّةِ الاسْتِيفاءِ؛ لأنَّها مَقْبُوضَةٌ على أنَّها عِوَضٌ ووَفاءٌ، والمَقْبُوضُ في عَقْدٍ فاسِدٍ كالمَقْبُوضِ في عَقْدٍ صَحِيحٍ، فيما يَرْجِعُ إلى الضَّمانِ وعَدَمِه. ولو كان لرَجُلٍ عند صَيرَفِيٍّ دَنانِيرُ، فأَخَذَ منه دَراهِمَ أدْوارًا (3)، لتَكُونَ هذه بهذه، لم يكُنْ كذلك، بل كُلُّ واحِدٍ منهما في ذِمَّةِ من قَبَّضَه، فإذا أرادَا التَّصَارُفَ أحْضَرا (4) أحَدَهما، واصْطرفَا بعَينٍ وذِمَّةٍ.
(1) في م: «الدنانير» .
(2)
في ر 1: «يقضه» .
(3)
في ر 1، م:«أدرارًا» .
(4)
في ر 1: «أحضر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجُوزُ اقْتِضاءُ أحَدِ النَّقْدَينِ من الآخَرِ، ويكُونُ صَرْفًا بعَينٍ وذِمَّةٍ، في قوْلِ الأكْثَرِين. ومَنَعَ منه ابنُ عَبّاسٍ، وأبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرّحمنِ، وابنُ شُبْرُمَةَ. ورُوِيَ عن ابنِ مَسْعُودٍ؛ لأنَّ القَبْضَ شَرْطٌ، وقد تَخَلَّفَ (1). ولَنا، أنَّ ابنَ عمرَ قال: كنتُ أَبِيعُ الإِبِلَ، فأَبِيعُ بالدَّنَانِيرِ، وآخُذُ الدَّراهِمَ، وأبِيعُ بالدَّراهِمِ وآخذُ الدّنانِيرَ، آخُذُ هذه من هذه، وأُعْطِي هذه من هذه، فأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في بَيتِ حَفْصَةَ، فقُلْتُ: يارسولَ الله، رُوَيدَكَ أَسْأَلُكَ، إنِّي أَبِيعُ الإبِلَ بالبَقِيع، فأَبِيعُ بالدَّنَانِيرِ وآخُذُ الدَّراهِمَ، وأبِيعُ بالدَّرَاهِمِ وآخُذُ الدّنَانِيرَ، آخُذُ هذه من هذه، وأُعْطِي هذه منِ هذه، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لا بَأْسَ أنْ تَأْخُذَها بسِعْرِ يَوْمِها، ما لم تَفرَّقَا وليس بَينَكُمَا شيءٌ» . روَاهُ أبو دَاوُدَ (2)، والأثْرَمُ. قال أحمدُ: إنّما يَقْضِيه إيَّاهَا بالسِّعْرِ. لم يَخْتَلِفُوا إلَّا ما قال أصحابُ الرأي: إنَّه يَقْضِيه مكانَها ذَهَبًا على التَّراضِي، لأنه بَيعٌ في الحالِ، فجازَ ما تَرَاضَيَا عليه إذا اخْتَلَفَ الجِنْسُ،؛ لو كان العِوَضُ عَرْضا. ولَنا، قولُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:«لا بَأْسَ أنْ تَأْخُذَها بسِعْرِ يَوْمِها» . فشَرَطَ أَخْذَها
(1) في الأصل، ق، م:«يختلف» .
(2)
تقدم تخريجه في 11/ 506.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالسِّعْرِ. ورُوِيَ أنَّ بكْرَ بنَ عبدِ اللهِ، ومُوَرقًا (1) العِجْلِيَّ سَأَلَا ابنَ عمرَ عن كَرِيٍّ (2) لهما، له عليهما دَرَاهِمُ، وليس مَعَهُما إلَّا دَنانِيرُ؛ فقال ابنُ عمرَ: أَعْطُوهُ بسِعْرِ السُّوقِ. ولأنَّ هذا جَرَى مَجْرَى القَضَاء، فَيُقَيَّدُ بالمِثْلِ، كالقَضاء من الجِنس، والتماثُلُ ها هنا بالقِيمَةِ؛ لتَعَذُّرِ التماثُلِ بالصُّورَةِ. قيل لأبي عبدِ اللهِ: فإنّ أهْلَ السُّوقِ يَتَغَابَنُونَ بَينَهُم بالدّانَقِ في الدِّينارِ وما أَشْبَهَه، [فسَهَّلَ فيه إذا](3) كان ممّا يَتَغابَنُ النّاسُ به، ما لم يَكُنْ حِيلَةً.
فصل: فإنْ كان المَقْضِيُّ الذي في الذَمَّةِ مُؤجَّلًا، فقد تَوَقَّفَ أحمدُ فيه. وقال القاضِي: يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ؛ أحَدُهما، المَنْعُ. وهو قولُ مالِكٍ، ومَشْهُورُ قَوْلَي الشّافِعِيِّ؛ لأنَّ ما في الذمَّةِ غيرُ مُسْتَحَقِّ القَبْضِ، فكان القَبْضُ نَاجِزًا في احدِهما، والنَّاجزُ يَأْخُذُ قِسْطًا من الثَّمَنِ. والثانِي، الجَوَازُ. وهو قولُ أبي حَنِيفَةَ؛ لأَنَّه ثابِتٌ في الذِّمَّةِ، وما في الذِّمَّةِ بمَنْزِلَةِ المَقْبُوض، فكَأنَّه رَضِيَ بتَعْجِيلِ المُؤجَّلِ. وهذا هو الصَّحِيحُ إذا قَضَاه
(1) في م: «مسروقا» .
(2)
الكرى: الأجير.
(3)
في م: «فقال إن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بسِعْرِ يَوْمِها ولم يَجْعَلْ للمَقْضِيِّ فَضْلًا لأجْلِ تَأْجِيلِ ما في الذِّمَّةِ؛ لأنَّه إذا لم يَنْقُصْه عن سِعْرِها شيئًا، فقد رَضِيَ بتَعْجِيلِ ما فِي الذِّمَّةِ بغيرِ عِوَضٍ، فأَشْبَهَ ما لو قَضَاه من جِنْسِ الدَّينِ، ولم يَسْتَفْصِلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابنَ عمرَ حينَ سَأَلَه، ولو افْتَرَقَ الحالُ، لسَال واسْتَفْصَلَ. هذا اخْتِيارُ شَيخِنا (1).
فصل: قال أحمدُ: لو كانَ لرَجُلٍ على رَجُلٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فدَفَعَ إليه دِينارًا، وقال: اسْتَوْفِ حَقَّكَ منه. فاسْتَوْفَاهُ بعد التَّفَرُّقِ، جازَ. ولو كان عليه دَنانِيرُ، فوَكَّلَ غَرِيمَه في بَيعِ دارِه، واسْتِيفَاءِ دَينِه من ثَمَنِها، فَبَاعَها بدَراهِمَ، لم يَجُزْ أنْ يَأْخُذَ منها قَدْرَ حَقِّه؛ لأنَّه لم يَأْذَن له في مُصارَفَةِ نَفْسِه، ولأنَّهُ مُتَّهَمٌ. نَصَّ أحمدُ على ذلك.
فصل: ولو كانَ له عندَ رَجُلٍ دِينارٌ ودِيعَةً، فَصَارَفَه به، وهو مَعْلُومٌ بقاؤُه أو مَظْنُونٌ، صَحَّ الصَّرْفُ، وإنْ ظَنَّ عَدَمَه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ حُكْمَه حُكْمُ المَعْدُومِ. وإنْ شَكَّ فيه، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يَصِحُّ. وهو قَوْلُ بَعْضِ
(1) انظر المغني 6/ 108.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشّافِعِيَّةِ. وقال القاضِي: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه غيرُ مَعْلُومِ البَقاءِ. وهو مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ الأصْلَ بقاؤه، فصَحَّ البناءُ عليه عند الشَّكِّ؛ لأنَّ الشَّكَّ لا يُزيلُ اليَقِينَ، ولذلك صَحَّ بَيعُ الحَيَوانِ المَشْكُوكِ في حَياتِه. فإنْ تَبَيَّن أنَّه كان تالِفًا حين العَقْدِ، تَبَيَّنَّا أنَّ العَقْدَ وَقَعَ باطِلًا.
فصل: وإذا عَرَفَ المُصْطرَفَانِ وَزْنَ العِوَضَينِ، جازَ أنْ يَتَبايَعَا بغَيرِ وَزْنٍ. وكذلك لو أخبرَ أحَدُهما الآخَرَ بوَزْنِ ما مَعَه، فصَدَّقَهُ، فإذا باعَ دِينارًا بدِينارٍ كذلك، وافْتَرَقَا، فوَجَدَ أحَدُهما ما قَبَضَه ناقِصًا، بَطَلَ الصَّرْفُ؛ لأنَّهُما تَبَايَعَا ذَهَبًا بذَهَبٍ مُتَفاضِلًا. فإنْ وَجَدَ أحَدُهما فيما قَبَضَه زِيادَةً على الدِّينارِ، فإنْ كان قال: بِعْتُكَ هذا الدِّينارَ