الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: وَإذَا شَكَّ في الرَّضَاعِ أَوْ عَدَدِهِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، وَإن شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ، ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا. وَعَنْهُ، أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرْضِيَّة اسْتُحْلِفَتْ، فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ حَتَّى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا، وَذَهَبَ في ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه.
ــ
فصل: قال رضي الله عنه: (وإِذا شَكَّ في الرَّضاعِ أو عَدَدِه، بَنَى على اليَقِينِ) فلم يُحَرمْ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الرَّضاعِ في المَسْأَلَةِ الأُولَى، وعَدَمُ وُجُودِ الرَّضاعِ المُحَرِّمِ في الثانيةِ، فهو كما لو شَكَّ في وُجُودِ الطَّلاقِ أو عَدَدِه.
3939 - مسألة: (وَإن شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ، ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا. وَعَنْهُ، أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرْضِيَّة اسْتُحْلِفَتْ، فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ حَتَّى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا، وَذَهَبَ في ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ)
وجملةُ ذلك، أنَّ الرَّضاعَ إذا شَهِدَتْ به امرأةٌ مَرْضِيَّة، حَرُمَ النِّكَاحُ، وثَبَتَ الرَّضاعُ بشَهادَتِها. وعنه رواية أُخرَى، كالتي ذكَرْناها عن ابنِ عباسٍ، [أنَّها تُسْتَحْلَفُ، وتُقْبَلُ شَهادَتُها. وهو قولُ ابنِ عباس، وإسحاقَ](1)، فإنَّ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنَ عباسٍ، قال في امرأةٍ زَعَمَتْ أنَّها أرْضَعَتْ رَجُلًا وأهْلَه، قال: إن كانت مَرْضِيَّةً، اسْتُحْلِفَتْ، وفارَقَ أهْلَه. وقال: إن كانت كاذِبَةً، لم يَحُلِ الحَوْلُ حتَّى يَبْيَضَّ ثَدْياها (1). أي يُصِيبَها فيهما بَرَصٌ، عُقُوبَةً على كَذِبِها. وهذا لا يَقْتَضِيه القِياسُ، ولا يَهْتَدِي إليه رَأيٌ، فالظاهِرُ أنَّه لا يَقُولُه إلَّا تَوقِيفًا. وممَّن ذهبَ إلى أنَّ شهادةَ المرأةِ الواحدةِ مَقْبُولَةٌ في الرَّضاعِ، إذا كانتْ مَرْضِيَّةً؛ طاوسٌ، والزُّهْرِيُّ، والأوْزاعِيُّ، وابنُ أبي ذِئْبٍ، وسعيدُ بنُ عبدِ العزيزِ. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخرَى، لا تُقْبَلُ إلَّا شهادةُ امْرَأتَين. وهو قولُ الحَكَمِ؛ لأنَّ الرِّجال أكْمَلُ مِن النِّساءِ، ولا تُقْبَلُ إلَّا شهادةُ رَجُلَين، فالنِّساءُ أَولَى. وقال عطاءٌ، والشافعيُّ: لا يُقْبَلُ مِن النِّساءِ أقَلُّ مِن أرْبَع؛ لأنَّ كلَّ امْرأتَين كرَجُل. وقال أصْحابُ الرَّأْي: لا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلانِ، أو رَجُلٌ وامْرَأتان. [ورُوِيَ ذلك عن عمرَ؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَينِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَّمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامْرَأتانِ (2)} ] (3). ولَنا، ما روَى عُقْبَةُ بنُ الحارثِ، قال: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يحيى بنتَ أبي إِهابٍ، فجاءتْ أَمَةٌ سوداءُ، فقالتْ: قد أرْضَعْتُكُما. فأتَينا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكَرْتُ ذْلك له،
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب شهادة امرأة على الرضاع، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 482، 483.
(2)
سورة البقرة 282.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقال: «وَكَيفَ، وقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ!» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وفي لَفْظٍ رواه النَّسَائِيُّ، قال: فأتَيتُه مِن قِبَلِ وَجْهِه، فقلتُ: إنَّها كاذِبةٌ. فقال: «وَكَيفَ، وَقَدْ زعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُما؟ خَلِّ سَبِيلَهَا» . وهذا يَدُلُّ على الاكْتِفاءٍ بالمَرْأةِ الواحدةِ. وقال الزُّهْرِيُّ: فُرِّقَ بينَ أهْلِ أبياتٍ في زَمَنِ عُثْمان بشَهادةِ امْرَأةٍ في الرَّضاعِ (2). وقال الشَّعْبِيُّ: كانتِ القُضاةُ يُفَرِّقُونَ بينَ الرَّجُلِ والمرأةِ بشَهادَةِ امْرأَةٍ واحدةٍ في الرَّضاعِ (3). ولأنَّ هذه شَهادَة على عَوْرَةٍ، فتُقْبَلُ فيه شَهادَةُ [المُنْفَرِداتِ، كالولادَةِ. وعلى الشافعيِّ، أنَّه مَعْنًى يُقْبَلُ فيه قولُ النِّساءِ المُنْفَرداتِ، فيُقْبَلُ فيه](4) شهادةُ (5) امْرأَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، كالخَبَرِ.
فصل: وتُقْبَلُ فيه شَهادةُ المرْضِعَةِ على فِعْلِ نَفْسِها؛ لِما ذكَرْنا مِن حَدِيثِ عُقْبَةَ، مِن أنَّ الأمَةَ السَّوْداءَ قالت: قد أرْضَعْتُكُما. فقَبِلِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم شَهادَتَها. ولأنَّه فِعْلٌ لا يَحْصُلُ لها به نَفْعٌ مَقْصُودٌ، ولا تَدْفعُ عنها به ضَرَرًا، فقُبِلَتْ شَهادَتُها به (6)، كفِعْلِ غيرِها. فإن قِيلَ: فإنَّها تَسْتَبِيحُ الخَلْوَةَ به، والسَّفَرَ معه، وتَصِيرُ مَحْرَمًا له. قُلْنا: ليس هذا مِن
(1) تقدم تخريجه في 10/ 347.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب شهادة امرأة على الرضاع، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 482.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 484.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
سقط من: الأصل، م.
(6)
سقط من: م.