الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ سَائِرِ آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا،
ــ
3994 - مسألة: (ويَلْزَمُه نَفَقَةُ سائِرِ آبائِه وإن عَلَوْا، وأوْلادِه وإن سَفَلُوا)
وبذلك قال الشافعىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. وقال مالِكٌ: لا تَجِبُ النَّفَقةُ عليهم ولا لهم؛ لأَنَّ الجَدَّ ليس بأبٍ حَقِيقِىٍّ. ولَنا، قولُه سُبْحانَه:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (1). ولأنَّه يَدْخُلُ في مُطْلَقِ اسْمِ الوَلَدِ والوالِدِ، بدليلِ أنَّ اللَّهَ تعالى قال:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (2). فيَدْخُلُ فيهم وَلَدُ البَنِينَ. وقال تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} (2). وقال: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (3). ولأَنَّ بينَهما قَرابَةً تُوجِبُ العِتْقَ ورَدَّ الشهادةِ، فأشْبَهَ الوَلَدَ والوالِدَينِ القَرِيبَيْنِ (4).
(1) سورة البقرة 233.
(2)
سورة النساء 11.
(3)
سورة الحج 78.
(4)
في الأصل: «والقريبين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُشْتَرَطُ لوُجُوبِ الإِنْفاقِ ثَلاثَةُ شُرُوطٍ؛ أحَدُها، أن يكونُوا فُقَراءَ لا مالَ لهم، ولا كَسْبَ يَسْتَغنُونَ (1) به عن إنْفَاقِ غيرِهم، فإن كانُوا مُوسِرِينَ بِمَالٍ أو كَسْبٍ يَكْفِيهِم، فلا نَفَقةَ لهم؛ لأنَّها تَجِبُ على سبِيلِ المُواساةِ، والمُوسِرُ مُسْتَغْنٍ عن المُواساةِ. الثانى، أن يكونَ لِمَن
(1) في الأصل: «يستعينوا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَجِبُ عليه النَّفقةُ ما يُنْفِقُ عليهم، فاضِلًا عن نَفَقةِ نَفْسِه، إمَّا مِن مالِه، وإمَّا مِن كَسْبِه. فأمَّا مَن لا يَفْضُلُ عنه شئٌ، فليس (1) عليه شئٌ؛ لِما روَى جابِرٌ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذا كان أحَدُكُمْ فَقِيرًا، فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإن فَضَلَ، فعَلَى عِيالِهِ، فإنْ كان فَضْلٌ، فَعَلَى قَرابَتِهِ» (2). وفى لَفْظٍ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» . حَدِيثٌ صَحِيحٌ (3) وروَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ رَجُلًا جاءَ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، عندِى دِينارٌ. قال:«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ» . قال. عندِى آخَرُ. قال: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ» . قال: عندِى آخَرُ. قال: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجِكَ» . قال: عندِى آخَرُ. قال: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ» . قال: عندى آخَرُ. قال: «أنْتَ أبْصَرُ» . روأه أبو داودَ (4). ولأنَّها مُواساةٌ، فلا تَجبُ على المُحْتاجِ، كالزَّكاةِ. الثالثُ، أن يكونَ المُنْفقُ وارِثًا، لقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} . ولأَنَّ بينَ المُتَوارِثين قَرابَةً تَقْتَضِى كَوْنَ الوارِثِ أحَقَّ بمالِ المَوْرُوثِ مِن سائِرِ الناسِ، فيَنْبَغِى أن
(1) في ق، م:«فلا يجب» .
(2)
تقدم تخريجه في 6/ 340، حاشية 3.
(3)
قال الحافظ: لم أجده هكذا. تلخيص الحبير 2/ 184.
وانظر ما تقدم في التخريج السابق.
(4)
تقدم تخريجه في 7/ 95.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَخْتَصَّ بوُجُوبِ صِلَتِه بالنَّفَقةِ دُونَهم، فإن لم يكُنْ وَارِثًا لعَدَمِ القَرابَةِ، لم تَجِبْ عليه النَّفقةُ لذلك (1).
فصل: ولا يُشْتَرَطُ في نَفَقةِ الوَالِدَيْن والمَوْلُودِين نَقْصُ الخِلْقَةِ، ولا نَقْصُ الأحْكامِ، في ظاهرِ الذَّهَبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقال القاضى: لا يُشْتَرَطُ ذلك في الوَالِدَيْن. وهل يُشتَرَطُ ذلك في الوَلَدِ؟ فكلامُ أحمدَ يَقْتَضِى رِوايتَيْن؛ إحْداهما، تَلْزَمُ نَفَقَتُه؛ لأنَّه فَقِيرٌ. والثانيةُ، أنَّه إن كان يَكْتَسِبُ فيُنْفِقُ على نَفْسِه، لم تَلْزَمْ نَفَقَتُه. وهذا القولُ يَرْجِعُ إلى (2) الذى لا يَقْدِرُ على الكَسْبِ بما (3) يَقُومُ به تَلْزَمُ نَفَقَتُه، رِوايةً واحِدَةً، سواءٌ كان ناقِصَ الأَحْكامِ، كالصَّغِيرِ والمَجْنونِ، أو ناقِصَ الخِلْقَةِ، كالزَّمِنِ. وإنَّما الرِّوايتانَ في مَن لا حِرْفَةَ له ممَّن يَقدِرُ على الكَسْبِ ببَدَنِه (4). وقال الشافعىُّ: يُشْتَرَطُ نُقْصانُه، إمَّا مِن طَريقِ الحُكْمِ، أو مِن طَريقِ الخِلْقَةِ. وِقال أبو حنيفةَ: يُنْفَقُ على الغُلامِ حتى يَبْلُغَ، فإذا بَلَغَ صَحِيحًا انْقَطَعَتْ نفَقَتُه، ولا تَسْقُطُ نَفَقةُ الجارِيَةِ حتى تَتَزَوَّجَ. ونحوَه قال مالِكٌ، إلَّا أنَّه قال: يُنْفَقُ على النِّساءِ حتى يتَزَوَّجْنَ ويَدْخُلَ بهِنَّ الأزْواجُ، ثم لا نَفقةَ لَهُنَّ، وإن طُلِّقْنَ قبل البِناءِ بِهِنَّ، فهُنَّ على نَفَقَتِهِنَّ.
(1) في م: «كذلك» .
(2)
بعده في م: «أن» .
(3)
في م: «ما» .
(4)
في م: «بيديه» .