الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا؛ فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
3960 - مسألة: (وأمَّا المُتَوَفَّى عنها)
زَوْجُها (فإن كانت حَائِلًا، فلا سُكْنَى لها ولا نَفَقةَ) في مُدَّةِ العِدَّةِ؛ لأَنَّ النِّكاحَ قد زالَ بالمَوْتِ (وإن كَانت حامِلًا) ففيها رِوَايتان؛ إحداهما، لها السُّكْنَى والنَّفقةُ؛ لأنَّها حامِلٌ مِن زَوْجِها، فكانتْ لها السُّكْنَى والنَّفقَةُ، كالمُفارِقَةِ في الحياةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثانيةُ، لا سُكْنَى لها ولا نَفَقةَ؛ لأنَّه قد صارَ للوَرَثَةِ، ونَفَقةُ الحامِلِ وسُكْناها إنَّما هو للحَمْلِ، أو مِن أجْلِه، ولا يَلْزَمُ ذلك الوَرَثَةَ؛ لأنَّه إن كان للمَيِّتِ مِيراثٌ، فنَفَقةُ الحَمْلِ مِن نَصِيبِه، وإن لم يكنْ له مِيراثٌ، لم يَلْزَمْ وارِثَ المَيِّتِ الإِنْفاقُ على حَمْلِ امرأتِه، كما بعدَ الوِلادَةِ. قال القاضى: وهذه الرِّوايةُ أصَحُّ.
فصل: ولا تَجِبُ النَّفَقةُ على الزَّوْجِ في النِّكاحِ الفاسدِ؛ لأنَّه ليس بينَهما نِكاحٌ صحيحٌ، فإن طَلَّقَها أو فُرِّقَ بينَهما قبلَ الوَطْءِ، فلا عِدَّةَ عليها، وإن كان بعدَه، فعليها العِدَّةُ، ولا نَفَقةَ لها ولا سُكْنَى إن كانت حائِلًا؛ لأنَّه إذا لم يَجِبْ ذلك قبلَ التَّفْرِيقِ فبعدَه أَوْلَى، وإن كانت حامِلًا، فعلى ما ذكَرْنا؛ فإن قُلْنا: لها النَّفَقةُ إذا كانتْ حامِلًا. فلها ذلك قبلَ التَّفْريقِ؛ لأنَّه إذا وَجَبَ بعدَ التَّفْريقِ فقَبْلَه أَوْلَى. ومتى أنْفقَ عليها قبلَ مُفارَقَتِها أو بعدَها، لم يَرْجِعْ عليها بشئٍ؛ لأنَّه إن كان عالِمًا بعدَمِ الوُجُوبِ، فهو مُتَطَوِّعٌ به، وإن لم يَكُنْ عالِمًا، فهو مُفَرِّطٌ، فلم يَرْجِعْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به (1)، كما لو أنْفَقَ على أجْنَبِيَّةٍ. وكلُّ مُعْتَدَّةٍ مِن وَطْءٍ في (2) غيرِ نِكاحٍ صَحيحٍ، كالمَوْطُوءَةِ بشُبْهَةٍ وغيرِها، إن كان يَلْحَقُ الواطِئَ نَسَبُ وَلَدِها، فهى كالمَوْطُوءَةِ في النِّكاحِ الفاسدِ، وإن كان لا يَلْحَقُه نَسَبُ وَلَدِها، كالزَّانِى، فليس عليه نَفَقَتُها، حامِلًا كانت أَوْ لا؛ لأنَّه لا نِكاحَ بيْنَهما، ولا بينَهما وَلَدٌ يُنْسَبُ إليه (3).
فصل: ولا تجبُ على الزَّوْجِ نَفَقةُ النَّاشِزِ، فإن كان لها منه وَلَدٌ، أعْطاها نَفَقةَ وَلَدِها. والنُّشُوزُ مَعْصِيَتُها إيَّاه فيما يجبُ عليها، ممَّا أوْجَبَه الشَّرْعُ بسَبَبِ النِّكاحِ، فمتى امْتَنَعَتْ مِن فِراشِه، أو مِن الانْتِقالِ معه إلى مَسْكَنِ مِثْلِها، أو خَرَجَتْ مِن مَنْزِلِه بغيرِ إذْنِه، أو أبَتِ السَّفَرَ معه إذا لم تَشْتَرِطْ بَلَدَها، فلا نَفَقَةَ لها ولا سُكْنَى، في قَوْلِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «من» .
(3)
بعده في الأصل: «فصل: وعليه دفع النفقة إليها في صدر نهار كل يوم» . ويأتى في متن المقنع في صفحة 332.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منهم الشَّعْبِىُّ، وحَمَّادٌ، ومالِكٌ، والأوْزاعِىُّ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى، وأبو ثَوْرٍ. وقال الحَكَمُ: لها النَّفَقةُ. قال ابنُ المُنْذِرِ (1): ولا أعْلَمُ أحدًا خالَفَ هؤلاءِ إلَّا الحَكَمَ. ولعَلَّه يَحْتَجُّ بأنَّ نُشُوزَها لا يُسْقِطُ مَهْرَها، فكذلك نَفَقَتُها. ولَنا، أنَّ النَّفَقَةَ إنَّما تجبُ في مُقابَلَةِ تَمْكِينِها، بدَلِيلِ أنَّها لا تجبُ قبلَ تَسْلِيمِها إليه، ولأنَّه إذا مَنَعَها النَّفَقةَ كان لها مَنْعُه التَّمْكِينَ، فكذلك إذا مَنَعَتْه التَّمْكِينَ كان له مَنْعُها النَّفَقةَ، كما قبلَ الدُّخولِ. ويُخالِفُ المَهْرَ؛ فإنَّه يجبُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ، ولذلك (2) لو مات أحَدُهما قبلَ الدُّخُولِ، وجَبَ المَهْرُ دُونَ النَّفَقةِ. فأمَّا نَفَقَةُ وَلَدِها منه، فهى واجِبَةٌ عليه، فلا يَسْقُطُ حَقُّه بمَعْصِيَتِها، كالكَبِيرِ. وعليه دَفْعُها إليها إذا كانتْ هى الحاضِنَةَ له (3)، أو المُرْضِعَةَ، وكذلك أجْرُ رَضاعِها، يَلْزَمُه تَسْلِيمُه إليها؛ لأنَّه أجْرٌ مَلَكَتْه عليه بالإِرْضاعِ (4)، لا في مُقابَلَةِ الاسْتِمْتاعِ، فلا يَزُولُ بزَوالِه.
فصل: وإذا سَقَطَتْ نَفَقَتُها بالنُّشُوزِ، فعادت عن النُّشُوزِ والزَّوْجُ
(1) انظر الإشراف 1/ 123.
(2)
في م: «كذلك» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل، تش:«بالارتضاع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حاضِرٌ، عادتْ نَفَقَتُها؛ لزَوالِ المُسْقِطِ لها، ووُجُودِ التَّمْكِينِ المُقْتَضِى لها. وإن كان غائِبًا، لم تَعُدْ نَفَقَتُها حتى يَعُودَ التَّسْلِيمُ بحُضُورِه، أو حُضُورِ وَكِيلِه، أو حُكْمِ الحاكمِ بالوُجُوبِ إذا مَضَى زَمَنُ الإِمْكانِ. ولو ارْتَدَّتْ، سَقَطَتْ نَفَقَتُها، [فإن عادت إلى الإِسلامِ، عادت نَفَقَتُها (1) بمُجَرَّدِ عَوْدِها؛ لأَنَّ المُرْتَدَّةَ إنَّما سَقَطَتْ نَفَقَتُها](2) لخُرُوجِها عن الإِسلامِ، فإذا عادت إليه، زالَ المَعْنى المُسْقِطُ، فعادتِ النَّفَقةُ، وفى النُّشُوزِ سَقَطَتِ النَّفقةُ بخُرُوجِها عن يَدِه، أو مَنْعِها له مِن التَّمْكِينِ المُسْتَحَقِّ عليها، ولا يَزُولُ ذلك إلَّا بعَوْدِها إلى يَدِه، وتَمْكِينِه منها، ولا يَحْصُلُ ذلك في غَيْبَتِه، ولذلك (3) لو بذَلَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِها قبلَ دُخُولِه بها وهو غائِبٌ، لم تَسْتَحِقَّ النَّفقةَ بمُجَرَّدِ البَذْلِ، كذا ههُنا.
فصل: إذا خالَعَتِ المرأةُ زَوْجَها وهى حامِلٌ، ولم تُبْرِئْه مِن حَمْلِها، فلها النَّفقةُ، كالمُطَلَّقَةِ ثلاثًا وهى حامِلٌ؛ لأَنَّ الحَمْلَ وَلَدُه، فعليه نَفَقَتُه، وإن أبْرأتْه من الحَمْلِ عِوَضًا في الخُلْعِ، صَحَّ، سواءٌ كان العِوَضُ كلَّه أو بعضَه، وقد ذكَرْناه في الخُلْعِ، وذكَرْنا الخِلافَ فيه. ولا يَبْرأُ (4) حتى تَفْطِمَه، إذا كانت قد أبْرأتْه مِن نَفَقَةِ الحَمْلِ وكفالَةِ
(1) زيادة من: «تش» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «كذلك» .
(4)
في م: «تبرأ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَلَدِ إلى ذلك، أو أطْلَقَتِ البَراءَةَ مِن نَفَقةِ الحَمْلِ وكَفالتِه؛ لأَنَّ البَراءَةَ المُطْلَقَةَ تَنْصَرِفُ إلى المُدَّةِ التى تَسْتَحِقُّ المرأةُ العِوَضَ عليه فيها، وهى مُدَّةُ الحَمْلِ والرَّضاعِ؛ لأَنَّ المُطْلَقَ إذا كان له عُرْفٌ، انْصَرَفَ [إلى العُرْفِ](1)، وإنِ اخْتَلَفا في مُدَّةِ الرَّضاعِ، انْصَرَف إلى حَوْلَيْن؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (2). وقال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (3). ثمَّ قال تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (3). فدَلَّ على أنَّه لا يجوزُ فِصالُه قبلَ الحَوْلَيْن [إلَّا بتَراضٍ](4) منهما وتَشاوُرٍ.
(1) في م: «إليه» .
(2)
سورة لقمان 14.
(3)
سورة البقرة 233.
(4)
في تش: «لأن التراضى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن قَدَّرا مُدَّةَ البَراءَةِ بزَمَنِ الحَمْلِ، أو بعامٍ، أو نحوِ ذلك، فهو على ما قَدَّراه، وهو أَوْلَى؛ لأنَّه أقْطَعُ للنِّزاعِ، وأبْعَدُ مِن اللَّبْسِ والاشْتِباهِ. ولو أبْرأتْه مِن نَفَقةِ الحَمْلِ، انْصَرَفَ ذلك إلى زَمَن (1) الحَمْلِ قبلَ وَضْعِه. قال القاضى: إنَّما صَحَّ مُخالَعَتُها على نَفَقةِ الوَلَدِ وهى للوَلَدِ دُونَها؛ لأنَّها في حُكْمِ المالِكَةِ لها، لأنَّها التى تَقْبِضُها، وتَسْتَحِقُّها، وتَتَصَرَّفُ فيها، فإنَّها في مُدَّةِ الحملِ هى الآكِلَةُ لها، المُنْتَفِعَةُ بها، وبعدَ الوِلادَةِ هى أجْرُ رَضاعِها إيَّاه، وهى الآخِذَةُ لها، المُتَصَرِّفَةُ فيها، فصارت كمِلْكٍ مِن أمْلاكِها، [فصَحَّ جَعْلُها](2) عِوَضًا. فأمَّا النَّفَقةُ الزائدةُ على هذا، مِن كُسْوَةِ الطِّفلِ ودُهْنِه، ونحوِ ذلك، فلا يَصِحُّ أن تُعاوِضَ به في (3) الخُلْعِ؛ لأنَّه ليس هو لها، ولا في حُكْمِ ما هو لها.
(1) في تش: «نفقة» .
(2)
في الأصل، تش:«فيصح خلعها» .
(3)
سقط من: الأصل، تش.