الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ لِحَمْلِهَا، أَوْ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهَا لَهَا، فَتَجِبُ لَهَا إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا. وَلَا تَجِبُ لِلنَّاشِزِ، وَلَا لِلْحَامِلِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَالثَّانِيَةُ، أَنَّهَا لِلْحَمْلِ، فَتَجِبُ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ،
ــ
حتى تَضَعَ حَمْلَها، ثمَّ تكونُ لها النَّفَقةُ في تَمامِ عِدَّتِها. وإن وَطِئَها زَوْجُها في العِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، حَصَلَتِ الرَّجْعَةُ. وإن قُلْنا: لا تَحْصُلُ. فالنَّسَبُ لاحِقٌ به، وعليه النَّفَقةُ لمُدَّةِ حَمْلِها. وإن وَطِئَها بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، أو وَطِئَ البائِنَ عالِمًا بذلك وبتَحْرِيمِه، فهو زِنًى، لا يَلْحَقُه نَسَبُ الوَلَدِ، ولا نَفَقَةَ (1) عليه مِن أجْلِه. وإن جَهِلَ بَيْنُونَتَها، أو (2) انْقِضاءَ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، أو بتَحْرِيمِ ذلك، وهو ممَّن يَجْهَلُه، لَحِقَه النَّسَبُ. وفى وُجُوبِ النَّفَقةِ عليه (3) رِوايتان.
3959 - مسألة: (وهل تَجِبُ النَّفَقَةُ للحامِلِ لِحَمْلِها، أو لها مِن أجْلِه؟ على رِوايَتَيْن)
إحداهما تجبُ للحَمْلِ. اخْتارَها أبو بكرٍ؛ لأنَّها تجبُ (4) بوُجُودِه، وتَسْقُطُ عندَ انْقِضائِه، فدَلَّ على أنَّها له. والثانيةُ، تجبُ لها مِن أجْلِه؛ لأنَّها تجبُ مع اليَسارِ والإِعْسارِ، فكانتْ لها، كنَفَقةِ
(1) بعده في م: «له» .
(2)
في تش: «و» .
(3)
زيادة من: ق، م.
(4)
بعده في الأصل: «النفقة» .
وَلَا تَجِبُ لَهَا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا.
ــ
الزَّوْجاتِ، ولأنَّها لا تَسْقُطُ بمُضِىِّ الزَّمانِ، فأشْبَهَتْ نَفَقَتَها في حَياتِه. وللشَّافعىِّ قَوْلان كالرِّوايتَيْن. ويَنْبَنِى على هذا الاخْتِلافِ فُرُوعٌ؛ منها، أنَّها إذا كانتِ المُطَلَّقةُ الحامِلُ أمَةً، وقُلْنا: النَّفقةُ للحَمْلِ. فنَفَقَتُها على سَيِّدِها؛ لأنَّه مِلْكُه. وإن قُلْنا: لها. فعلى الزَّوْجِ؛ لأَنَّ نَفَقَتَها عليه. وإن كان الزَّوْجُ عَبْدًا، وقُلْنا: هى للحَمْلِ. فليس عليه نَفَقَةٌ؛ لأنَّه لا يَلْزَمُه نَفَقةُ وَلَدِه. وإن قُلْنا: لها. فالنَّفقةُ عليه؛ لِمَا ذكَرْنا. وإن كانت حامِلًا مِن نِكاحٍ فاسدٍ، أو وَطْءِ شُبْهَةٍ، وقُلْنا: النَّفقةُ للحَمْلِ. فعلى الزَّوْجِ والوَاطِئِ؛ لأنَّه ولَدُه، فلَزِمَتْه نفقَتُه كما بعدَ الوَضْعِ. وإن قُلْنا: للحامِلِ. فلا نَفَقةَ عليه؛ لأنَّها ليستْ زَوْجةً يَجِبُ الإِنْفاق عليها. وإن نَشَزَتِ امرأةُ إنْسانٍ وهى حامِلٌ، وقُلْنا: النَّفقةُ للحَمْلِ. لم تَسْقُطْ نَفَقَتُها؛ لأَنَّ نَفقةَ ولَدِه لا تَسْقُطُ بنُشُوزِ أُمِّه. وإن قُلْنا: لها. فلا نَفَقةَ لها؛ لأنَّها ناشِزٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَلْزَمُ الزَّوْجَ دَفْعُ نَفَقةِ الحاملِ المُطَلَّقةِ إليها يومًا فيومًا، كما يَلْزَمُه دَفْعُ نَفَقةِ الرَّجْعِيَّةِ. وقال الشافعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه: لا يَلْزَمُه دَفْعُها إليها حتى تَضَعَ؛ لأَنَّ الحَمْلَ غيرُ مُتَحَقِّقٍ، ولهذا أوْقَفْنا المِيراثَ. وهذا خِلافُ قولِ اللَّهِ تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . ولأنَّها مَحْكُومٌ لها بالنَّفَقةِ، فوَجَبَ دَفْعُها إليها، كالرَّجْعِيَّةِ. وما ذكَرَه (1) لا يَصِحُّ؛ فإنَّ الحَمْلَ يَثْبُتُ بالأماراتِ، وتَثْبُتُ أحكامُه في مَنْعِ النِّكاحِ، والحَدِّ، والقِصاصِ، وفَسْخِ البَيْعِ في الجاريةِ المَبِيعَةِ، والمَنْعِ مِن الأخْذِ في الزَّكاةِ، ووُجُوبِ الدَّفْعِ في الدِّيَةِ، فهو كالمُتَحَقِّقِ، ولا يُشْبِهُ هذا المِيراثَ؛ فإنَّ الميراثَ [لا يَثْبُتُ](2) بمُجَرَّدِ الحَمْلِ، فإنَّه يُشْتَرطُ له الوَضْعُ والاسْتِهْلالُ بعدَ الوَضْعِ، ولا يُوجَدُ دلك قبلَه، ولأنَّنا لا نَعْلَمُ صِفَةَ الحَمْلِ ووُجُودَ شَرْطِ تَوْرِيثِه، بخِلافِ مَسْأَلَتِنا، فإنَّ النَّفقةَ تَجِبُ بمُجَرَّدِ الحَمْلِ، ولا تَخْتَلِفُ
(1) في الأصل، تش:«ذكروه» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
باخْتِلافِه. وإذا ثَبَتَ هذا، فمتى ادَّعَتِ الحَمْلَ فصَدَّقَها، دَفَعَ إليها، فإنْ [كانت حامِلًا](1)، فقد اسْتَوْفَتْ حَقَّها، وإن بانَ أنَّها ليستْ حامِلًا، رَجَعَ عليها، سَواءٌ دَفَعَ إليها بحُكْمِ الحاكِمِ أو بغيرِه، وسَواءٌ شَرَطَ أنَّها نَفقَةٌ أو لم يَشْتَرِطْ. وعنه، لا يَرْجِعُ. والصَّحيحُ الأَوَّلُ؛ لأنَّه دَفَعَه على أنَّه واجِبٌ، فإذا بانَ أنَّه ليس بواجبٍ، اسْتَرْجَعَه، كما لو قَضاها دَيْنًا فبانَ أنَّه لم يَكُنْ عليه دَيْنٌ. وإن أنْكَرَ حَمْلَها، نَظَرَ النِّساءُ الثِّقاتُ، فَرُجِعَ إلى قَوْلِهِنَّ، ويُقْبَلُ قولُ المرأةِ الواحدةِ إذا كانتْ مِن أَهْلِ الخِبْرَةِ والعَدالةِ؛
(1) في الأصل، ق، م:«كان حملا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّها شهادَةٌ على ما لا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ غالِبًا، أشْبَهَ الرَّضاعَ، وقد ثَبَتَ الأصْلُ بالخَبَرِ المذْكورِ.