الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَمَّا الَّتِي عَرَفَتْ مَا رَفَعَ الْحَيض؛ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ وَنَحْوهِ، فَلَا تَزَالُ في عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الْحَيضُ، فَتَعْتَدُّ بِهِ، إلا أنْ تَصِيرَ آيِسَةً، فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ آيِسَةٍ حِينَئِذٍ.
ــ
3864 - مسألة: (فأمَّا التي عَرَفَتْ ما رَفَعَ الحَيضَ؛ مِن مَرَض أو رَضاعٍ ونحْوه، فلا تَزالُ في عِدَّةٍ حتى يَعُودَ الحَيضُ، فَتَعْتَدُّ به)
أمَّا إذا عَرَفَتْ أنَّ (1) ارْتِفاعَ الحَيضِ بِعارِضٍ مِن مَرَض، أو نِفاسٍ، أو رَضاع، فإنَّها تَنْتَظِرُ زَوال العارِضِ، وَعْودَ الدَّمِ وإن طال، إلَّا أن تَصِيرَ في سِنِّ الإياسِ، وقد ذَكَرْناه، فتَعْتَدُّ حِينَئِذٍ عِدَّةَ الآيِساتِ. وقد روَى الشافعيُّ في «مُسْنَدِه» (2) بإسْنادِه، عن حَبَّان بنِ مُنْقِذٍ، أنَّه طَلَّقَ امرأتَه طَلْقَةً واحدَةً، وكان لها منه بُنَيَّةٌ تُرْضِعُها، فتباعَدَ حَيضُها، ومَرِضَ حَبَّان، فقيل له: إنَّك إن مِتَّ وَرِثَتْكَ. فمَضَى إلى عُثمانَ، وعندَه عليٌّ وزيدُ بنُ ثابتٍ، فسأله عن ذلك، فقال عثمانُ لعليٍّ وزيدٍ: ما تَرَيان؟ فقالا: نَرَى
(1) سقط من: م.
(2)
في: كتاب الطلاق. ترتيب المسند 2/ 58.كما أخرجه عبد الرزاق، في: باب تعتد أقراءها ما كانت، من كتاب الطلاق. المصنف 6/ 340، 341. والبيهقي، في: باب عدة من تباعد حيضها، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 419.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّها إن ماتَتْ وَرِثَها، وإن مات وَرِثَتْه؛ لأنها ليست مِن القَواعِدِ اللَّا ئى يئسْنَ مِن المَحِيضِ، ولا مِن الأبكارِ اللَّائى لم [يبْلُغْنَ المَحِيضَ](1). فرَجَعَ حَبَّان (2) إلى أهْلِه، فانتَزَعَ البِنْتَ منها، فعاد إليها الحَيضُ، فحاضَتْ حَيضَتَين، ومات حَبَّان قبلَ انْقِضاءِ الثالثةِ، فوَرَّثَها عثمانُ، رضي الله عنه. وروَى الأثْرَمُ بإسْنادِه (3)، عن محمدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَيان، أنه كان عندَ جَدِّهِ امْرأتان؛ هاشِمِيَّة، وأنْصارِية، فطَلَّقَ الأنْصارِيَّةَ وهي مُرْضِع، فمرَّتْ بها سَنَة، ثم هَلَكَ ولم تَحِضْ، فقالتِ الأنْصارِيةُ (2): لم أحِضْ. فاخْتَصَمُوا إلى عثمانَ، رضي الله عنه، فقَضَى لها بالمِيراثِ، فلامَتِ الهاشِمِيَّةُ عثمانَ، فقال: هذا عَمَلُ ابنِ عَمِّكِ، هو أشارَ علينا بهذا. يَعْنِي عليَّ بنَ أبي طالب، رضي الله عنه.
(1) في الأصل: «يحضن بتعلق المحيض» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
وأخرجه الإمام مالك، في: باب طلاق المريض، من كتاب الطلاق. الموطأ 2/ 572. والإمام الشافعي، في: الباب الخامس في العدة، من كتاب الطلاق، من ترتيب المسند 2/ 58، 59. وعبد الرزاق، في: باب تعتد أقراءها ما كانت، من كتاب الطلاق. المصنف 6/ 341، 342. وسعيد بن منصور، في: باب المرأة تطلق تطليقة أو تطليقتين، من كتاب الطلاق. السنن 1/ 308. وابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يطلق امرأته فترتفع حيضتها، من كتاب الطلاق. المصنف 5/ 210، 211. والبيهقي، في: باب عدة من تباعد حيضها، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 419.
فَصْلٌ: السَّادِس، امْرأةُ الْمَفْقُودِ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيبَةٍ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ؛ كَالَّذِي يُفْقَدُ مِنْ بَينِ أهْلِهِ، أوْ فِي مَفَازَةٍ، أوْ بَينَ الصَّفَّينِ إذَا قُتِلَ قَوْمٌ، أوْ مَنْ غَرِقَ مَرْكَبُهُ، وَنَحو ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ أرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ.
ــ
فصل: (السادسُ، امرأةُ المَفْقُودِ الذي انْقَطَعَ خبرُه لغيبَةٍ ظاهِرُها الهلاكُ، كالذي يفْقَدُ مِن بينِ أهْلِه، أو في مَفازَةٍ) مُهْلِكَة (أو بينَ الصَّفين إذا قُتِلَ قوم، أو مَن غَرِق مَرْكَبُه، ونحو ذلك، فإنَّها تَتَرَبَّصُ أرْبعَ سنين، ثم تَعْتدُّ للوَفاةِ) وجملةُ ذلك، أنَّه إذا غاب الرجلُ عن امرأته لم يَخْلُ مِن حالينِ؛ أحَدُهما، أن تكونَ غَيبَتُه ظاهِرُها الهلاكُ، كالذي يُفْقَدُ مِن بينِ أهْلِه ليلًا أو نهارًا، أو يَخْرُجُ إلى الصَّلاةِ فلا يَرْجِعُ، أو يَمْضِي إلى مكانٍ قريبٍ ليَقْضِيَ حاجة ويَرْجِعَ، فلا يَظْهَرُ له خَبَر، أو يُفْقَدُ بينَ (1) الصَّفَّين، أو مَن انْكَسَرَ مَرْكَبُه فيَغْرَقُ بعضُ رُفْقَتِه، أو يُفْقَدُ في مَهْلَكَهَ،
(1) في تش: «من بين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَبَرِّيةِ الحِجَازِ ونحوها، فمذهبُ أحمدَ الظاهِرُ عنه، أنَّ زَوْجَتَه تَتَرَبَّصُ أرْبَعَ سنينَ، أكثرَ مُدةِ الحملِ، ثم تَعْتَدُّ للوَفاةِ أرْبَعَةَ أشْهُر وعَشْرًا، وتَحِل للأزْواجِ. قال الأثْرَمُ: قيل لأبي عبدِ اللهِ: تذْهَبُ إلى حَديثِ عمرَ؟ قال: هو أحْسَنُها، يُرْوَى عن عمرَ مِن ثمانيةِ وُجُوهٍ. ثم قال: زَعَمُوا أن عمرَ رَجَع عن هذا، هؤلاء الكَذَّابِين (1). قلتُ: فرُوِيَ مِن وجْهٍ ضعيف أن عمرَ قال بخلافِ هذا؟ قال: لا، إلَّا أن يكونَ إنسان يَكْذِبُ. وقلتُ له مرةً: إن إنْسانًا قال لي: إنَّ أبا عبدِ اللهِ قد تَرَكَ قولَه في المَفْقُودِ بعدَك. فضَحِكَ، ثم قال: مَن تَرَكَ هذا القولَ، أي شيءٍ يقولُ! وهذا قولُ عمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وابنِ عباس، وابنِ الزُّبَيرِ. قال أحمدُ: خمسة مِن أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وبه قال عطاء، وعمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ، والحسنُ، والزُّهْرِي، وقَتادةُ، والليثُ، وعَلِيُّ بنُ المَدِيني، وعبدُ العَزِيزِ بنُ أبي سَلَمَةَ. وبه قال (2) مالِك، والشافعي في القدِيمِ، إلا أن مالِكًا قال: ليس في انْتِظارِ مَن يُفْقَدُ في القِتالِ وقْت. ليقال سعيدُ. بنُ المُسَيبِ في امرأةِ المَفْقُودِ بينَ الصفين: تَتَرَبصُ سنةً؛ لأن غَلَبَةَ هَلاكِه ههُنا (3) أكثرُ مِن غلَبَةِ غيرِه، لوُجُودِ سَبَبِه. وقد نُقِلَ عن أحمدَ أنه قال:
(1) كذا على حكاية قوله.
(2)
في ق، م:«يقول» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كنتُ أقولُ: إذا تَرَبَّصَتْ أرْبَعَ سنين، ثم اعْتَدَّتْ أرْبَعَةَ أشْهُر وعَشْرًا، تَزَوَّجَتْ، وقد ارْتَبْتُ فيها، وهِبْتُ الجوابَ فيها، لمَّا اخْتَلَفَ الناسُ فيها، فكأنِّي أحِبُّ السَّلامةَ. وهذا تَوَقف يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ عمَّا قاله، وتَتَرَبَّصُ أبدًا، ويَحْتَمِلُ التَّوَرُّعَ، ويكونُ المذهبُ ما قاله أوَّلًا. قال القاضي: أكثرُ أصْحابِنا على أنَّ المذْهَبَ رواية واحدةٌ، وعندِي أنَّ المَسْألةَ على روايتَين. وقال أبو بكر: الذي أقولُ به إن صَحَّ الاخْتِلافُ في المَسْألةِ، أن لا [يُحْكَمَ بحكم ثانٍ](1) إلَّا بدَلِيل على الانْتِقالِ، وإن ثَبَتَ الإجْماعُ، فالحُكْمُ فيه على ما نصَّ عليه. وظاهِرُ المذْهَبِ على ما حَكَيناه (2) أوَّلًا. نقَلَه عن أحمدَ الجماعةُ، وقد أنْكَرَ أحمدُ روايةَ مَن روَى عنه الرُّجُوعَ على ما حَكَيناه مِن رِوايةِ الأثْرَمِ. وقال أبو قِلابةَ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وابنُ أبي لَيلَى،
(1) في الأصل، ق:«يحكم ثان» . وفي تش: «يحكم اثنان» .
(2)
في تش: «حكاه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصْحابُ الرَّأي، والشافعيُّ في الجَدِيدِ: لا تَتَزَوَّجُ امرأةُ المفْقُودِ حتى تَتَيَقنَ موْتَه أو فِراقَه؛ لِما روَى المُغِيرَةُ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«امْرَأةُ المَفْقُودِ امْرَأتهُ حَتَّى يَأتِيَهَا زَوْجُهَا (1)» (2). وروَى الحَكَمُ (3)، وحَمَّاد، عن علي: لا تَتَزَوَّجُ امرأةُ المفْقُودِ حتى يَأتِيَ مَوْتُه أو طَلاقُه (4). ولأنَّه شَك في زَوالِ الزَّوْجِيَّةِ، فلم تَثْبُتْ به الفُرْقَة، كما لو كان [ظاهِرُ غَيْبَتِه](5) السَّلامَةَ. ولَنا، ما روَى الأثْرَمُ والجُوزْجانِيُّ بإسْنادِهما، عن عُبَيدِ بنِ عُمَير، قال: فُقِدَ رَجُل في عَهْدِ عمرَ، فجاءتِ امرأتُه إلى عمرَ، فذَكَرَتْ ذلك له، فقال: انْطَلِقِي فَتَرَبَّصِي أرْبَعَ سنين. ففَعَلَتْ، ثم أتَتْه، فقال: انْطَلِقي فاعْتَدِّي أرْبَعَةَ أشْهُر وعَشرًا. ففَعَلَتْ، ثم أتَتْه، فقال: أينَ وَلِيُّ هذا الرجلِ؟ فجاء وَلِيُّهُ، فقال: طَلِّقْها. ففَعَلَ، فقال لها عمرُ:
(1) في سنن الدارقطني: «الخبر» . وفي سنن البيهقي: «بيان» . وهي في نسخة للدارقطنى أيضًا.
(2)
أخرجه الدارقطني، في: باب المهر، من كتاب النكاح. السنن 3/ 312. والبيهقي،: باب من قال: امرأة المفقود. . . .، من كتاب العدد. السنن 7/ 445. وضعف إسناده.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب التي لا تعلم مهلك زوجها، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 90. وسعيد بن منصور، في: باب الحكم في امرأة المفقود، من كتاب الطلاق. السنن 1/ 402. والبيهقي، في: باب من قال بتخيير المفقود. . . .، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 446.
(5)
في ق، م:«ظاهرها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انْطَلِقِي، فتَزَوجِي مَن شِئْتِ. فتَزَوجَتْ، ثم جاء زَوْجُها الأوَّلُ، فقال له عمرُ: أينَ كنتَ؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، استَهْوَتْنِي الشَّياطِين (1)، فواللهِ ما أدْرِي في أيِّ أرْضِ اللهِ، كنتُ عندَ قَوْم يَسْتَعْبِدُونَنِي، حتى [اغْتَزَاهُم منهم](2) قوم مُسْلِمونُ، فكنتُ في ما غَنِمُوه، فقالوا لي: أتْتَ رَجُل مِن الإنْسِ، وهؤلاءِ الجنُّ، فما لك وما (3) لهم؟ فأخْبَرْتُهم خَبَرِي، فقالوا: بأيِّ (4) أرْضِ اللهِ تُحِبُّ أن تُصْبِحَ؟ قلتُ: المَدِينةُ هي أرْضِي، فأصْبَحْتُ وأنا أنظرُ إلى الحَرَّةِ. فخَيَّرَه عمرُ؛ إن شاء امْرأتَه، وإن شاء الصَّداقَ. فاخْتارَ الصَّداقَ، وقال: قد حَبِلَتْ، لا حاجَةَ لي فيها (5). قال. أحمدُ: يُرْوَى عن عمرَ مِن ثمانيةِ وُجُوهٍ، ولم يُعْرَفْ في الصحابةِ له مُخالِف. وروَى الجُوزْجاني وغيرُه بإسْنادِهم (6)، عن علي في امرأةِ المفْقُودِ: تَعْتَدُّ أرْبَعَ سِنِين، ثم يُطَلِّقُها وَلِيُّ زَوْجِها، وتَعْتَدُّ بعدَ ذلك أرْبَعَةَ أشْهُر وعَشْرًا، فإن جاء زَوْجُها المفْقُودُ
(1) بعده في ق، م:«قال» .
(2)
في ق: «اغتزاهم» ، وفي م:«غزاهم» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل، م:«بأية» .
(5)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 86 - 88. وسعيد، في: سننه 1/ 401، 402. وعنده أن الرجل اختار امرأته. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 445، 446. وابن أبي شيبة مختصرًا، في: المصنف 4/ 238.
(6)
في الأصل: «بإسناده» .