الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَتْ تَأْوِى إِلَيْهِ لَيْلًا، وَعِنْدَ السَّيِّدِ نَهَارًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ مُقَامِهَا عِنْدَهُ.
ــ
إلى إيجابِها. وقال ابنُ أبى مُوسى: فيه رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّها تَجِبُ في كَسْبِ العَبْدِ. وهو قولُ أصْحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّه لم يُمْكِنْ إيجابُها في ذِمَّتِه، ولا رَقَبَتِه، ولا ذِمَّةِ سَيِّدِه، ولا إسْقاطُها، فلم يَبْقَ إلَّا أن تَتَعَلَّقَ بكَسْبِه. وقال القاضى: تَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه؛ لأَنَّ الوَطْءَ في النِّكاحِ بمَنْزِلَةِ الجِنايَةِ، وأَرْشُ جِنايَةِ العَبْدِ يتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، يُباعُ فيها، أو يَفْدِيه سَيِّدُه. وهذا قولُ أصْحابِ الرَّأْى. ولَنا، أنَّه دَيْنٌ أذِنَ السَّيِّدُ فيه، فلَزِمَ ذِمتَّهَ، كالذى اسْتَدانَه وَكِيلُه. وقولُهم: إنَّه في مُقابَلةِ الوَطْءِ. لا يَصِحُّ؛ فإنَّه يَجِبُ مِن غيرِ وَطْءٍ، ويجبُ للرَّتْقاءِ، والحائضِ، والنُّفَساءِ، وزوجَةِ المَجْبُوبِ والصَّغيرِ، وإنَّما يَجِبُ بالتَّمْكِينِ، وليس ذلك بجِنايَةٍ ولا قائمٍ مَقامَها. وقولُ مَن قال: إنَّه تَعَذَّرَ إيجابُها في ذِمَّةِ السَّيِّدِ. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّه لا مانِعَ مِن إيجابِهِ (1)، وقد ذكَرْنا وُجُودَ مُقْتَضِيه، فلا مَعْنى لدَعْوَى التَّعَذُّرِ.
3977 - مسألة: (وإن كانَتْ تأْوِى إليه ليلًا، وعندَ السَّيِّدِ نَهارًا، فعلى كلِّ واحِدٍ منهما النَّفَقَةُ بقَدْرِ مُقامِها عندَه)
قد تَقَدَّمَ ذِكرُ هذه المسألةِ، وقد ذكَرْنا أنَّ النَّفقةَ تجبُ في مُقابلةِ التَّمْكِينِ، وقد وُجِدَ منها في اللَّيْلِ،
(1) في ق، م:«إيجابها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيجبُ على الزَّوْجِ النَّفقةُ فيه، والباقِى منها على السَّيِّدِ، بحُكْمِ أنَّها مَمْلُوكَتُه لم تجبْ نَفَقَتُها على غيرِه في هذا الزمنِ. فعلى هذا، علىِ كلِّ واحدٍ منهما نِصْفُ النَّفَقةِ. وهذا أحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ. وقال في الآخَرِ: لا نَفَقةَ لها على الزَّوْجِ؛ لأنَّها لم تُمَكِّنْ مِن نَفْسِها في جَمِيعِ الزَّمانِ، فلم يَجِبْ لها شئٌ مِن النَّفَقةِ، كالحُرَّةِ إذا بذَلَتْ نَفْسَها في زَمَنٍ دُونَ غيرِه. ولَنا، أنَّه وُجِدَ التَّمْكِينُ الواجِبُ بعَقْدِ النِّكاحِ، فاسْتَحَقَّتِ النَّفقةَ، كالحُرَّةِ إذا مَكَّنَتْ مِن نَفْسِها في غيرِ أوْقاتِ الصَّلواتِ المَفْرُوضاتِ، والصَّوْمِ الواجِبِ، والحجِّ المَفْرُوضِ. وفارَقَ الحُرَّةَ إذا امْتَنَعَتْ في أحَدِ الزَّمانَيْنٍ، فإنَّها لم تَبْذُلِ الوَاجِبَ، فتكونُ ناشِزًا، وهذه ليست ناشزًا ولا عاصِيَةً.
فصل: وإذَا طَلَّقَ الأمَةَ طَلاقًا رَجْعِيًّا، فلها النَّفقةُ في العِدَّةِ؛ لأنَّها زَوْجَةٌ. فإن أبانَها وهى حائِلٌ، فلا نَفقةَ لها؛ لأنَّها لو كانت حُرَّةً، لم تَجِبْ لها نَفَقةٌ، فالأمَةُ أَوْلَى. وإن كانت حامِلًا، فلها النَّفقةُ؛ لقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (1). نَصَّ على هذا أحمدُ. وبه قال إسْحاقُ. وقد ذكَرْنا في
(1) سورة الطلاق 6.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَفَقَةِ الحامِلِ، هل هى للحَمْلِ أو للحامِلِ؟ على رِوايتَيْن عن أحمدَ، رحمه الله؛ إحْداهُما، أنَّها للحَمْلِ. فعلى هذا، لا تَجِبُ للمَمْلُوكَةِ الحامِلِ البائِنِ؛ لأَنَّ الحَمْلَ مَمْلُوكٌ لسَيِّدِها، فنفَقَتُه عليه. وعلى الرِّوايةِ الأُخْرَى، تَجِبُ. وللشافعىِّ في هذا قَوْلان كالرِّوايَتَيْن.
فصل: فإن كان المُطَلِّقُ عَبْدًا، فطَلَّقَها طَلاقًا بائِنًا (1) وهى حامِلٌ، انْبَنَى وُجُوبُ النَّفقةِ على الرِّوايتَيْن في النَّفَقةِ، هل هى للحَمْلِ أو للحامِلِ؟ فإن قُلْنا: هى للحَمْلِ. فلا نَفَقةَ على العَبْدِ. وبه قال مالِكٌ. ورُوِىَ ذلك عن الشَّعْبِىِّ؛ لأنَّه لا يجبُ عليه نَفَقةُ وَلَدِه. وإن قُلْنا: هى للحامِلِ بسَبَبِه. وجَبَتْ لها النَّفقةُ. وهذا قولُ الأوْزاعِىِّ؛ للآيةِ، ولأنَّها حامِلٌ، فوَجَبَتْ لها النَّفقةُ، كما لو كان زَوْجُها حُرًّا.
فصل: والمُعْتَقُ بَعْضُه، عليه مِن نَفَقةِ امْرَأتِه بقَدْرِ ما فيه مِن الحُرِّيَّةِ، وباقِيها على سَيِّدِه، أو في ضَرِيبَتِه، أو في رَقَبَتِه، على ما ذكَرْنا في العَبْدِ القِنِّ. والقَدْرُ الذى يجبُ [عليه بالحُرِّيَّةِ](2)، يُعْتَبَرُ فيه حالُه؛ إن كان مُوسِرًا فنَفَقةُ المُوسِرينَ، وإن كان مُعْسِرًا فنَفَقةُ المُعْسِرينَ. والباقِى يجبُ فيه نَفقةُ المُعْسِرينَ؛ لأَنَّ النَّفقةَ ممَّا يتَبَعَّضُ، وما يَتَبَعَّضُ بَعَّضْناه في حَقِّ
(1) في م: «ثانيا» .
(2)
في الأصل: «الحرية» .