الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَزِمَ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَإنْ كَانَ بَعْدَهُ، لَمْ يَجِبْ فِي أَحدِ الْوَجْهَينِ.
ــ
وهو قولُ أبي حنيفةَ إذا تَقايَلا قبلَ القَبْضِ؛ لأنَّه لا فائدةَ في الاسْتِبْراءِ مع يَقِينَ البَراءَةِ.
3904 - مسألة: (وإذا اشْتَرَى أمَةً مُزَوَّجَةً، فَطَلَّقَها الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُول، وَجَبَ اسْتِبْراؤُها)
نصَّ عليه أحمدُ، وقال: هذه حِيلَةٌ وضَعَها أهْلُ الرَّأْي، لابُدَّ مِن اسْتِبْراءٍ. لأنَّها تَجَدَّدَ المِلْكُ فيها، ولم يَحْصُلِ اسْتِبْراؤُها في مِلْكِه، فلم تَحِلَّ بغيرِ اسْتِبْراءٍ، كما لو لم تكنْ مُزَوَّجَةً ولأنَّ إسْقاطَه ههُنا ذَرِيعَةٌ إلى إسْقاطِ الاسْتِبْراءِ (1) في حَقِّ مَنْ أرادَ إسْقاطَه، بأن يُزَوِّجَها عندَ بَيعِها، ثم يُطَلِّقَها زَوْجُها بعدَ تَمامِ البيعِ، والحِيَلُ حَرامٌ.
3905 - مسألة: (وإن كان بَعْدَه، لم يَجِبْ في أحَدِ الوَجْهَين)
(1) سقط من: الأصل، تش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمَّا إذا كان الزَّوْجُ دَخَلَ بها، ثم طَلَّقَها، فعليها العِدَّةُ، ولا يَلْزَمُ المُشْتَرِيَ اسْتِبْراؤُها؛ لأنَّ ذلك قد حصَلَ بالعِدَّةِ، ولأنَّها لو عَتَقَتْ لم يَجِبْ عليها مع العِدَّةِ اسْتِبْراءٌ، ولأنَّها قد اسْتَبْرأتْ نَفْسَها ممَّن كانت فِراشًا له، فأجْزَأ ذلك، كما لو اسْتَبْرأتْ نَفْسَها مِن سَيِّدِها إذا كانتْ خالِيَةً مِن زَوجٍ. وإنِ اشْتَراها (1)، وهي مُعْتَدَّةٌ مِن زَوْجِها، لم يجبْ عليه الاسْتِبْراءُ؛ لأنَّها لم تكنْ فِراشًا لِسَيِّدِها، وقد حَصَلَ الاسْتِبْراءُ مِن الزَّوْجِ بالعِدَّةِ، ولذلك لو عَتَقَتْ في هذه الحالِ، لم يجبْ عليها اسْتِبْراءٌ. وقال أبو الخَطَّابِ في المُزَوَّجَةِ: هل يَدْخُلُ الاسْتِبْراءُ في العِدَّةِ؟ على وجْهَين. وقال القاضي، في المُعْتَدَّةِ: يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِبْراؤها بعدَ قَضاءِ العِدَّةِ، ولا يتَداخَلان؛ لأنَّهما مِن رَجُلَين. ومَفْهُومُ كلامِ أحمدَ ما ذكَرْناه أوَّلًا؛ لأنَّه عَلَّلَ فيما قبلَ الدُّخُولِ بأنَّها حِيلَةٌ وضَعَها أهْلُ الرَّأْي، ولا يُوجَدُ ذلك ههُنا، ولا يَصِحُّ قولُهم: إنَّ الاسْتِبْراءَ مِن رَجُلَين. فإنَّ السَّيِّدَ ههُنا ليس له اسْتِبْراءٌ
(1) في م: «استبرأها» .
الثَّانِي، إِذَا وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أرَادَ تَزْويجَهَا، لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَإنْ أَرَادَ بَيعَهَا، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. وَإنْ لَمْ يَطَأْهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا فِي الْمَوْضِعَينِ.
ــ
فصل: إذا كانتِ الأمَةُ لرَجُلَين، فوَطِئاها، ثم باعاها لرجلٍ آخرَ، أجْزَأ اسْتِبْراءٌ واحدٌ؛ لأنَّه يحْصُلُ به مَعْرِفَةُ البَراءَةِ. فإن قِيلَ: فلو أعْتَقاها ألْزَمْتُمُوها اسْتِبْراءَين. قُلْنا: وُجوبُ الاسْتِبْراءِ في حَقِّ المُعْتَقَةِ مُعَلَّلٌ بالوَطْءِ، ولذلك لو أعْتَقَها وهي ممَّن لا يَطَؤُها، لم يَلْزَمْها اسْتِبْراءٌ، وقد وُجِدَ الوَطْءُ مِنْ اثْنَين، فَلَزِمَها حُكْمُ وَطْئِهما (1)، وفي مسأَلَتِنا هو مُعَلَّلٌ بتَجْديدِ المِلْكِ لا غيرُ، ولهذا يجبُ (2) على المُشْتَرِي الاسْتِبْراءُ، سَواءٌ كان سَيِّدُها يَطَؤُها أو لم يكنْ، والمِلْكُ واحِدٌ، فوَجَبَ أن يتجَدَّدَ الاسْتِبْراءُ.
(الثاني، إذا وَطِئَ أمَتَه ثم أرادَ تَزْويجَها، لم يَجُزْ حتى يَسْتَبْرِئَها، وإن أرادَ بَيعَها، فعلى رِوايتَين) وإن لم يكنْ بائِعُها يَطَؤُها، لم يَجِبِ اسْتِبْراؤُها في الموْضِعَين. أمَّا إذا أرادَ تَزْويجَها وكان يَطَؤُها، وجَبَ عليه اسْتِبْراؤُها
(1) في م: «وطئها» .
(2)
في الأصل: «لا يجب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبلَ تَزْويجِها، وجْهًا واحِدًا؛ لأنَّ الزَّوْجَ لا يَلْزَمُه اسْتِبْراءٌ، فيُفْضِي إلى اخْتِلاطِ المياهِ، واشْتِباهِ الأنْسابِ. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ، والشَّافعيِّ. وقال أصْحابُ الرَّأي: ليس عليها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّ له بَيعَها، فكان له تَزْويجُها، كالتي لا يُصِيبُها. وتَسْتَبْرِئُ بحيضَةٍ. وقال عطاءٌ، وقتادةُ: عِدَّتُها حيضَتان كعِدَّةِ الأمَةِ المُطَلَّقَةِ. ولَنا، أنَّها فِراشٌ لسَيِّدِها، فلم يَجُزْ أن تَنْتَقِلَ إلي فِراشِ غيرِه بغيرِ اسْتِبْراءٍ، كما لو مات عنها، ولأنَّها مَوْطُوءَةٌ وَطْأً له حُرْمَةٌ، فَلَزِمَه اسْتِبْراؤُها قبلَ التَّزْويجِ، كالمَوْطوءةِ بشُبْهَةٍ، ولأنَّه يُفْضِي إلى أن يَطَأَها سَيِّدُها اليومَ وزَوْجُها غدًا، فيُفْضِي إلى اخْتِلاطِ المِيَاهِ، وهذا لا يَحِلُّ، ويفارِقُ البَيعَ، فإنَّها لا تَصِيرُ للمُشْتَرِي فِراشًا حتى يَسْتَبْرِئَها، فلا يُفْضِي إلى اخْتِلاطِ المِيَاهِ، ولهذا يَصِحُّ بَيعُ المُزَوَّجَةِ والمُعْتَدَّةِ، بخلافِ تَزْويجِها، على أنَّ لنا في البيعِ مَنْعًا أيضًا، أنَّه لا يجوزُ. فإن أراد بَيعَها، وكان (1) لا يَطَؤُها، أو كانت آيِسَةً، فليس
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه اسْتِبْراؤُها، لكن يُسْتَحَبُّ ذلك؛ ليَعْلَمَ خُلُوَّها مِن الحَمْلِ، فيكونَ أحْوَطَ للمُشْتَرِي، وأقْطَعَ للنِّزاعِ. قال أحمدُ: وإن كانت لامرأةٍ، فإنِّي أحبُّ أن لا تَبِيعَها حتى تسْتَبْرِئَها بحَيضَةٍ، فهو أحْوَطُ لها. وإن كان يَطَؤُها، وكانت آيِسَةً، فليس عليه اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّ انْتِفاءَ الحَمْلِ مَعْلُومٌ. وإن كانت ممَّن تَحْمِلُ، وَجَبَ عليه اسْتِبْراؤُها، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وبه قال النَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ. والثانيةُ، لا يَجِبُ عليه. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالِكٍ، والشافعيِّ؛ لأنَّ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوْفٍ باعَ جاريةً كان يَطَؤُها قبلَ اسْتِبْرائها. ولأنَّ الاسْتِبْراءَ على المُشْتَرِي، فلا يجبُ على البائعِ، ولأنَّ الاسْتِبْراءَ في حَقِّ الحُرَّةِ آكَدُ، ولا يجبُ قبلَ النكاحِ وبعدَه، كذلك لا يجبُ في الأمَةِ قبلَ البَيعِ وبعدَه. ولَنا، أنَّ عمرَ أنْكَرَ على عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ بَيعَ جاريةٍ كان يَطَؤُها قبلَ اسْتِبْرائِها، فروَى عبدُ اللهِ بنُ عُبَيدِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِ عُمَيرٍ، قال: باعَ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ جاريةً كان يَقَعُ عليها قبلَ أن يَسْتَبْرِئَها، فظَهَرَ بها حَمْلٌ عندَ الذي اشْتَراها، فخاصَمُوه إلى عمرَ، فقال له عمرُ: كُنْتَ تَقَعُ عليها؟ قال: نعم. قال: فبِعْتَها قبلَ أن تَسْتَبْرِئَها؟ قال: نعم. قال: ما كُنْتَ لذلك [بخَلِيقٍ. قال](1): فدَعا القافةَ، فنَظَرُوا إليه، فألْحَقُوه به (2). ولأنَّه يجبُ على المُشْتَرِي الاسْتِبْراءُ لحِفْظِ مائِه، فكذلك البائعُ، ولأنَّه قبلَ الاسْتِبْراءِ مَشْكُوكٌ في صِحَّةِ البيعِ وجَوازِه؛ لاحْتِمالِ أن تكونَ أُمَّ وَلَدٍ، فيَجِبُ الاسْتِبْراءُ لإزالةِ الاحْتِمالِ، ولأنَّه قد يَشْتَرِيها مَن لا يَسْتَبْرِئُها، فيُفْضِي إلى اخْتِلاطِ المِياهِ، واشْتِباهِ الأنْسابِ. فإن باع، فالبيعُ صحيحٌ في الظاهِرِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدمُ الحملِ، ولأنَّ عمرَ وعبدَ الرحمنِ لم يَحْكُما بفَسادِ البيعِ في الأمَةِ التي باعَها قبلَ اسْتِبْرائِها، إلَّا بلَحاقِ الوَلَدِ به، ولو كان البيعُ باطِلًا قبلَ ذلك، لم يَحْتَجْ إلى ذلك. قال شيخُنا (3): وذكرَ أصْحابُنا الرِّوايتَين في كلِّ أمَةٍ يَطؤُها، مِن غيرِ تَفْريقٍ بينَ الآيِسَةِ وغيرِها، والأوْلَى أنَّ ذلك لا يجبُ في الآيِسَةِ؛ لأنَّ عِلَّةَ الوُجوبِ احْتِمالُ الحملِ، وهو وَهْمٌ بعيدٌ، والأصْلُ عَدَمُه، فلا
(1) في الأصل: «تختلق» .
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الرجل يريد أن يبيع الجارية، من قال: يستبرئها، وباب في الرجل تكون له المرأة أو الجارية فيشك في ولدها، ما يصنع؟ من كتاب النكاح. المصنف 4/ 228، 378، 379.
(3)
في: المغني 11/ 282، 283.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَثْبُتُ به حكمٌ بمُجَرَّدِه.
فصل: إذا اشْتَرَى جاريةً، فظَهَرَ بها حَمْلٌ، لم يَخْلُ مِن أحْوالٍ خمسةٍ؛ أحدُها، أن يكونَ البائعُ أقَرَّ بوَطْئِها عندَ البَيْعِ أو قبلَه، وأتَتْ بوَلَدٍ لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ، أو يكونَ البائعُ ادَّعَى الوَلَدَ، فصَدَّقَه المُشْتَرِي، فإنَّ الولَدَ يكونُ للبائعِ، والجاريةُ أُمُّ وَلَدٍ له، والبيعُ باطِلٌ. الثاني، أن يكونَ أحَدُهما اسْتَبْرأها (1)، ثم أتَتْ بوَلَدٍ لأكثرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ مِن حينَ وَطِئَها المُشْتَرِي، فالولَدُ للمُشْتَرِي، والجاريةُ أُمُّ وَلَدٍ له. الحالُ الثالثُ، أن تَأْتِيَ به لأكثرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ بعدَ اسْتِبْراءِ أحَدِهما لها، ولأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَها المُشْتَرِي، فلا يَلْحَقُ نَسَبُه بواحدٍ منهما، ويكونُ مِلْكًا للمُشْتَرِي، ولا يَمْلِكُ فَسْخَ البيعِ؛ لأنَّ الحملَ تَجَدَّدَ في مِلْكِه ظاهرًا، فإنِ ادَّعاه كُلُّ واحدٍ منهما، فهو للمُشْتَرِي؛ لأنَّه وُلِدَ في مِلْكِه مع احْتِمالِ كَوْنِه منه، وإنِ ادَّعاه البائعُ وحدَه، فصَدَّقَه المُشْتَرِي،
(1) في الأصل، تش:«اشتراها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَحِقَه، وكان البيعُ باطِلًا، وإن كَذَّبَه، فالقولُ قولُ المُشْتَرِي في مِلْكِ الوَلَدِ؛ لأنَّ المِلْكَ انْتَقَلَ إليه ظاهِرًا، فلا تُقْبَلُ دَعْوَى البائعِ فيما يُبْطِلُ حَقَّه، كما لو أقَرَّ بعدَ البيعِ أنَّ الجاريةَ مَغْصُوبةٌ أو مُعْتَقَةٌ. وهل يَثْبُتُ نَسَبُ الولدِ مع البائعِ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَثْبُتُ؛ لأنَّه نَفْعٌ للوَلَدِ مِن غيرِ ضَرَرٍ على المُشْتَرِي، فيُقْبَلُ قولُه فيه، كما لو أَقَرَّ لوَلَدِه بمالٍ. والثاني، لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا على المُشْتَرِي، فإنَّه لو أعْتَقَه كان أبوه أحَقَّ بمالِه منه مِيراثًا، ولذلك (1) لو أقرَّ عَبْدان كلُّ واحدٍ منهما بأُخُوَّةِ صاحِبِه (2)، لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. الحالُ الرابعُ، أن تَأْتِيَ به بعدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ وَطِئَها المُشْتَرِي وقبلَ اسْتِبْرائِها، فنَسَبُه لاحِقٌ بالمُشْتَرِي، فإنِ ادَّعاه البائعُ، فأقَرَّ له المُشْتَرِي، لَحِقَه، وبَطَلَ البيعُ، وإن كَذَّبَه، فالقولُ قولُ المُشْتَرِي. وإنِ ادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما أنَّه مِن الآخَرِ، عُرِضَ على القافةِ، فأُلْحِقَ بمَن ألْحَقَتْه به؛ لحديثِ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ، ولأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ مِن كلِّ واحدٍ منهما. فإن ألْحَقَتْه بهما لَحِقَ بهما، ويَنْبَغِي أن
(1) في م: «كذلك» .
(2)
سقط من: الأصل.
الثَّالِثُ، إِذَا أعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ، أوْ أمَةً كَانَ يُصِيبُهَا، أوْ مَاتَ عَنْهَا، لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا، إلا أنْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً أوْ مُعْتَدَّةً، فَلَا يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاءٌ.
ــ
يَبْطُلَ البيعُ، وتكونَ الجاريةُ أُمَّ ولَدٍ للبائِعِ؛ لأنَّا نَتَبَيَّنُ أنَّها كانت حامِلًا منه قبلَ بَيعِها. الحالُ الخامسُ، أتَتْ به لأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ باعَها، ولم يكنْ [أقَرَّ بوَطْئِها](1)، فالبيعُ صحيحٌ في الظاهرِ، والوَلَدُ مَمْلُوكٌ للمُشْتَرِي، فإنِ ادَّعاه البائعُ، فالحكمُ فيه كما ذكرْنا في الحالِ الثالثِ سواءً.
المَوْضِعُ (الثالثُ، إذا أعْتَقَ أُمَّ وَلَدِه، أو أمَتَه التي كان يُصِيبُها، أو مات عنها، لَزِمَها الاسْتِبْراءُ) لأنَّها صارتْ فِراشًا له، فلم تَحِلَّ لغيرِه قبلَ اسْتِبْرائِها؛ لئلَّا يُفْضِيَ إلى اخْتِلاطِ المِياهِ، واشْتِباهِ الأنْسابِ (إلَّا أن تكونَ مُزَوَّجَةً أو مُعْتَدَّةً، فلا يَلْزَمُها اسْتِبْراءٌ) وإذا زَوَّجَ أُمَّ ولَدِه، ثم مات، عتَقَتْ ولم يَلْزَمْها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّها مُحَرَّمةٌ على المَوْلَى، وليست له فِراشًا، وإنَّما
(1) في الأصل: «وطأها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هي فِراشٌ للزَّوْجِ، فلم يَلْزَمْها الاسْتِبْراءُ ممَّن ليستْ له فِراشًا، ولأنَّه لم يُزَوِّجْها حتَّى اسْتَبْرأها، فإنَّه لا يَحِلُّ له تَزْويجُها قبلَ اسْتِبْرائِها، وفيه خِلافٌ ذَكَرْناه. وكذلك إن أعْتَقَها، أو مات عن أمَةٍ كان يَطَؤُها، أو أعْتَقَها، فهي على ما ذَكَرْنا. فإن زَوَّجَها فطَلَّقَها [الزَّوْجُ قبلَ دُخولِه بها، فلا عِدُّةَ عليها أَيضًا؛ لأنَّه لم يُوجدْ في حَقِّها ما يُوجِبُ الاسْتِبْراءَ، فإن طَلَّقَها](1) بعدَ المسِيسِ، أو مات عنها قبلَ ذلك أو بعدَه، فعليها (2) عِدَّةُ حُرَّةٍ كاملةٌ؛ لأنَّها (3) قد صارت حُرُّةً في حالِ وُجوبِ العِدَّةِ عليها. وإن مات سَيِّدُها وهي في عِدَّةِ الزَّوجِ، عَتَقَتْ، ولم يَلْزَمْها اسْتِبْراءٌ؛ لِما ذكَرْناه، ولأنَّه زال فِراشُه عنها قبلَ مَوْتِه، فلم يلزَمْها اسْتِبْراءٌ مِن أجلِه، كغيرِ أمِّ الولَدِ إذا باعَها ثم مات، وتَبْنِي على عِدَّةِ أمةٍ إن كان طَلاقُها بائِنًا، أو كانت مُتَوَفَّى عنها، وإن كانت رَجْعِيَّةً، بَنَتْ على عِدَّةِ حُرَّةٍ، على ما ذكَرْناه، وإن بانَتْ مِن الزَّوْجِ قبلَ الدُّخولِ بطَلاقٍ، أو بانتْ بمَوْتِ زَوْجِها، أو طَلاقِه بعدَ الدُّخولِ، فأتَمَّتْ عِدَّتَها، [ثم مات سَيِّدُها، فعليها الاسْتِبْراءُ؛ لأنَّها عادتْ إلى فِراشِه. وقال أبو بكرٍ: لا يَلْزَمُها](1) اسْتِبْراءٌ، إلَّا أن يَرُدَّها السَّيِّدُ إلى نَفْسِه؛ لأنَّ فِراشَه قد زال بتَزْويجِها، ولم يتَجَدَّدْ لها ما يَرُدُّها إليه، فأشْبَهَتِ الأمَةَ التي لم يَطَأها.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «فلها» .
(3)
في الأصل: «ولأنها» .