الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَأخُذُ صَدَاقَهَا مِنْهُ. وَهَلْ يَأخُذُ صَدَاقَها الَّذِي أعطَاهَا أو الَّذِي أعْطَاهَا الثَّانِي؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
3869 - مسألة: (ويأخُذُ منه صَداقَها)
أي يأخُذُ الزوجُ الأوَّلُ مِن الزوج الثاني -إذا تَرَكَها له- صَداقَها؛ لقَضاء الصحابةِ بذلك. (وهل يأخُذُ) مِنه (صَداقَها الذي أعطاها أو الذي أَعطاها الثاني؟ على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رِوايَتَين) اخْتُلِفَ عن أحمدَ فيما يَرْجِعُ به؛ فرُوِيَ عنه، أنَّه يرْجِعُ بالصَّداقِ الذي أصْدَقَها هو. وهو اخْتيارُ أبي بكر، وقولُ الحسنِ، والزُّهْرِيِّ، وقَتادةَ، وعليِّ بنِ المَدِينيِّ؛ لقَضاءِ عليّ (1) وعُثمانَ أنَّه يُخَيَّرُ بينَها وبينَ الصَّداقِ الذي ساقَ إليها هو. ولأنَّه أتْلَفَ عليه المُعَوضَ، فرَجَعَ عليه بالعِوَضِ، كشهُودِ الطلاقِ إذا رَجَعُوا عن الشَّهادةِ. فعلى هذا، إن كان لم يَدْفَعْ إليها الصَّداقَ، لم يَرْجِعْ بشيءٍ، وإن كان دفَعَ بَعْضَه، رجَعَ بما دَفعَ. ويَحْتَمِلُ أن يَرْجِعَ عليه بالصَّداقِ، وتَرْجِعَ المرأة عليه بما بَقِيَ عليه مِن صَداقِها. وعن أحمدَ أنَّه يَرْجِعُ عليه بالمَهْرِ الذي أصْدَقَها الثاني؛ لأن الإتْلافَ مِن جِهَتِه، والرُّجُوعُ عليه بقِيمَتِه، والبُضْعُ لا يتَقَومُ إلَّا على زَوْج أو مَن جَرَى مَجْراه، فيَجِبُ الرُّجُوعُ عليه بالمُسَمَّى الثاني دُونَ الأوَّلِ. وهل يَرْجِعُ الزَّوْج الثاني على الزَّوْجةِ بما أخِذَ (2) منه؟ فيه روايتان. ذكَرَ ذلك أبو عبدِ الله بنُ حامدٍ؛ إحداهما، يَرْجِعُ به؛ لأنَّها غَرامة لزِمَتِ الزَّوْجَ بسبَبِ وَطْئِه لها، فرَجَعَ بها، كالمَغْرُورِ، ولأنَّ ذلك يُفْضِي إلى أن يَلْزَمَه مَهْرانِ بوَطْءٍ واحدٍ. والثانيةُ، لا يَرْجِعُ؛ لأنَّ الصَّحابةَ، رضي الله عنهم،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 82.
(2)
في الأصل: «أخذت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يَقْضُوا بالرُّجُوعِ، فإنّ سعيدَ بنَ المُسَيَّبِ روَى أنَّ عليًّا وعثمانَ قَضَيَا في المرأةِ التي لا تَدْرِي ما مَهْلِكُ زَوْجِها، أن تَتَرَبَّصَ أرْبَعَ سنين، ثُمَّ تَعْتَدَّ عدَّةَ المُتَوَفَّى عنها زَوْجُها أرْبَعَةَ أشْهُر وعَشْرا، ثم تَتَزَوَّجَ إن بدَا لها، فإن جاء زَوْجُها خُيِّرَ؛ إمَّا امرأتُه وإمَّا الصَّداقُ، فإنِ اخْتارَ الصَّداقَ، فالصَّداقُ على زَوْجِها الآخِرِ، وتَثْبُتُ عندَه وإنِ اخْتارَ امرأتَه، عُزِلَتْ عن زَوْجِها الآخِرِ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها، وإن قَدِمَ زَوْجُها وقد تُوُفِّيَ زَوْجُها الآخِرُ، وَرِثَتْ، واعْتدَّتْ عِدَّةَ [المُتَوَفَّى عنها زَوْجُها](1)، وتَرْجِعُ إلى الأوَّلِ. رواه الجُوزْجَانِي. ولأنَّ المَرْأةَ لا تَغْرِيرَ منها، فلم يَرْجِعْ عليها بشيء، كغَيرِها. وإن قُلْنا: يرْجِعُ عليها. فإن كان قد دَفَعَ إليها الصَّداقَ، رَجَعَ به، وإن كان لم يَدْفَعْه إليها، دَفَعَه إلى الأوَّلِ، ولم يَرْجِعْ عليها بشيءٍ، وإن كان قد دَفَعَ بعضَه، رجَعَ بما دَفَعَ. وإن قُلْنا: لا يَرْجِعُ عليها. وكان قد دفَعَ إليها الصَّداقَ، لم يرْجِعْ به، وإن لم يكنْ دَفَعَه إليها، لَزِمَه دَفْعُه (2)، ويَدْفَعُ إلى الأوَّلِ صَداقًا آخَرَ.
(1) في الأصل: «الوفاة» . ولم ترد: «زوجها» في تش.
(2)
بعده في تش: «إليها» .
وَالْقِيَاسُ أن تُرَدَّ إِلَى الأوَّلِ وَلَا خِيَارَ، إلا أنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَينَهُمَا، وَنَقُولَ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا، فَتَكُونُ زَوْجَةَ الثَّانِي بِكُلِّ حَالٍ. وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ فِي أمرِهِ. وَالْمَذْهَبُ الأوَّلُ.
ــ
فصل: قال شيخُنا: (والقِياسُ أن تُرَدَّ إلى الأوَّلِ ولا خِيارَ) لأنَّ زَوْجَها لم يُطَلِّقْها، ولم يَنْفَسِخْ نِكاحُه، فرُدَّتْ إليه، كما لو تَزَوَّجَتْ لبينةٍ قامت بوَفاتِه، ثم تَبَيَّنَ كَذِبُها بقُدومِه (إلَّا أن يُفَرِّقَ الحاكمُ بينَهما، ونقُولَ بوقوعِ الفُرْقَةِ باطِنًا) فينفسِخُ نِكاحُ الأوَّلِ؛ لأنَّ نِكاحَه انْفَسَخَ بحُكْمِ [الحاكِمِ، ووَقَعَ](1) نِكاحُ الثاني بعدَ بُطْلانِ نِكاحِ الأوَّلِ وقَضاءِ عِدَّتِها، فأشْبَهَ ما لو طَلَّقَها الأوَّلُ (فتكونُ زوْجَةَ الثاني بكلِّ حالٍ) لذلك (وعن أحمدَ التَّوَقُّف في أمْرِه) وقد ذَكَرْناه فيما مَضَى (والمذهَبُ الأوَّلُ)[لقضاءِ الصَّحابةِ، رضي الله عنهم](2).
فصل: إذا فَقَدَتِ الأمةُ زَوْجَها لِغَيبَةٍ ظاهِرُها الهَلاكُ، تَرَبَّصَتْ أرْبَعَ
(1) في ق، م:«حاكم ووقوع» .
(2)
في م: «أولى» .
فَأمَّا مَنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ، كَالتَّاجِرِ
ــ
سنين، ثم اعْتَدَّتَ للوَفاةِ شَهْرَين وخمسةَ أيام. وهذا اخْتيارُ أبي بكر. وقال القاضي: تَتَرَبَّصُ نِصْفَ تَرَبُّصِ الحُرَّةِ. ورواه أبو طالبٍ عن أحمدَ. وهو قولُ الأوْزاعِيِّ، واللَّيثِ؛ لأنَّها مُدَّة مضْروبةٌ للمرأةِ لعَدَمِ زَوْجِها، فكانتِ الأمَةُ فيه على النِّصْفِ مِن الحُرَّةِ، كعِدَّةِ الوَفاةِ. ولَنا، أنَّ الأرْبَعَ السنين مَضْرُوبَة لِكَوْنِها أكْثَرَ مُدَّةِ الحَمْلِ، [ومُدَّةُ الحَمْلِ](1) في الأمَةِ والحُرَّةِ سواءٌ، فاسْتَوَيا في التَّرَبُّصِ لها، كالتِّسْعَةِ الأشْهُرِ في حَقِّ مَن ارْتَفَعَ حَيضُها لا تَدْرِي ما رَفَعَه، وكالحَمْلِ نَفْسِه (2)، وبهذا (3) يَنْتَقِضُ قِياسُهم. فأمَّا العَبْدُ، فإن كانت زَوْجَتُه حُرَّةً فتَرَبُّصُها كتَرَبُّص الحُرَّةِ [تحت الحُرِّ](4). وإن كانت أمَةً، فهي كالأمَةِ تحت الحُرِّ (5)؛ لأنَّ العِدَّةَ مُعْتَبَرَة بالنِّساءِ دُونَ الرِّجالِ، وكذلك مُدَّةُ التَّرَبُّصِ. وحُكِيَ عن الزُّهْرِيِّ، ومالِك، أنَّه يُضْرَبُ له نِصْفُ أجَلِ الحُرِّ (6). والأوْلَى ما قُلْناه؛ لأنه تَرَبُّص مَشْرُوع في حَقِّ المرأةِ لفُرْقَةِ زَوْجِها، فأشْبَهَتِ العِدَّةَ.
الثاني (مَن انْقَطَعَ خَبَرُه لغَيبَةٍ ظاهِرُها السَّلامَةُ) كسَفَرِ التِّجارَةِ في غيرِ
(1) سقط من: ق، م.
(2)
في الأصل: «تسعة» .
(3)
بعده في الأصل: «قال» .
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
في ق، م:«الحرة» .
وَالسَّائِحِ، فَإِنَّ امْرَاتَهُ تَبْقَى أبَدًا إِلَى أنْ يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ. وَعَنْهُ؛ أنَّهَا تَتَرَبَّصُ تِسْعِينَ عَامًا مَعَ سِنِّهِ يَوْمَ وُلِدَ، ثُمَّ تَحِلُّ.
ــ
مَهْلَكَةٍ، وإباقِ العَبْدِ، وطَلَبِ العِلْمَ والسياحةِ (فإنَّ امْرأتَه تَبْقَى أبدًا، حتى يُتَيَقَّنَ موْته) رُوِيَ ذلك عن علي. وإليه ذهبَ ابنُ شبْرُمَةَ، وابنُ أبي لَيلَى، [والثَّوْرِيُّ](1)، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ في الجَديدِ. ورُوِيَ ذلك عن أبي قِلابَةَ، [والنَّخَعِيِّ](2)، وأبي عُبَيدٍ. وقال مالِكٌ، والشافعيُّ في القديمِ: تَتَرَبَّصُ أرْبَعَ سِنِينَ، وتَعْتَدُّ للوَفاةِ أرْبَعَةَ أشْهُر وعَشْرًا، وتَحِل للأزْواجِ؛ لأنَّه إذا جاز الفَسْخ لِتَعَذُّرِ الوَطْءِ بالعُنَّةِ، وتَعَذر النَّفَقَةِ. بالإِعْسارِ، فلَأن يجوزَ ههُنا لتَعَذُّرِ الجميعِ أولَى. واحْتَجُّوا بحديثِ عمرَ الذي ذَكَرْناه في [المفْقُودِ، مع مُوافَقَةِ الصَّحابةِ، وتَرْكِهم إنْكارَه. ونَقَلَ أحمدُ بنُ أصْرَمَ، عن أحمدَ: إذا مَضَى عليه](2) تِسْعُونَ (3) سنةً، قُسِمَ مالُه. وهذا يَقْتَضِي أنَّ زَوْجَتَه تَعْتَدُّ عِدَّةَ الوَفاةِ ثم تتزوَّجُ. قال أصحابُنا: إنَّما اعْتَبَرَ تِسْعِينَ سنةً مِن يومِ ولادَتِه؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّه لا يعيشُ أكثرَ منها،
(1) سقط من: ق، م.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في الأصل: «سبعون» .
وَكَذَلِكَ امْرَأةُ الْأسِيرِ.
ــ
فإذا اقْتَرَنَ به انْقطاعُ خَبَرِه، وجَبَ الحُكْمُ بمَوْتِه، كما لو كان فَقْدُه لِغَيبَةٍ ظاهِرُها الهَلاكُ. والمذْهَبُ الأوَّلُ؛ لأنَّ هذه غَيبَةٌ ظاهِرُها السَّلامَةُ، فلم يُحْكَمْ بمَوْتِه، كما قبلَ أرْبَعِ سِنِينَ، أو كما قبلَ التِّسْعِين (1)، ولأنَّ هذا التَّقْديرَ بغيرِ تَوْقِيفٍ، فلا يَنْبَغِي أنْ يُصارَ إليه إلَّا بالتَّوْقِيفِ، ولأنَّ تَقْدِيرَ هذا بتِسْعين سنةً مِنِ يومِ ولادَتِه، يُفْضِي إلى اخْتِلافِ العِدَّةِ في حَقِّ المرأةِ، ولا نَظِيرَ لهذا، وخبَرُ عمرَ وَرَدَ في مَن ظاهِرُ غَيبَتِه الهَلاكُ، فلا يُقَاسُ عليه غيرُه.
فصل: فإن كافت غيبَتُه غيرَ مُنْقَطِعةٍ، يُعْرَفُ خَبَرُه، ويأتِي كِتابُه، فهذا ليس لامْرَأتِه أن تَتَزَوَّجَ في قولِ أهلِ العلمِ أجْمَعِينَ (2)، إلَّا أن يَتَعَذَّرَ
(1) في الأصل: «السبعين» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإِنْفاقُ عليها مِن مالِه، فلها أن تَطْلُبَ فَسْخَ النِّكاحِ، فيُفْسَخَ نِكاحُه. وأجْمَعُوا أنَّ امرأةَ الأسِيرِ لا تَنْكِحُ حتىَ تَعْلَمَ يَقِينَ وَفاتِه. هذا قولُ النَّخَعِيِّ، والزُّهْرِيِّ، ويَحْيى الأنْصارِي، ومَكْحُولٍ، والشافعيِّ، وأبي عُبَيدٍ، وأبي ثَوْر، وإسْحاقَ، وأصحابِ الرَّأي. وإن أبقَ العبدُ، فزَوْجَتُه على الزَّوْجِيَّةِ، حتى تَعْلَمَ مَوْتَه أو رِدَّتَه. وبه قال الأوْزاعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ. وقال الحسنُ: إباقُه طَلاقُه. ولَنا، أله ليس بمَفْقُودٍ، فلم يَنْفسِخْ نِكاحُه، كالحُر. ومَن تَعَذَّرَ الانْفاقُ مِن مالِه على زَوْجَتِه، فحُكْمُه في الفَسْخِ حُكْمُ ما ذَكَرْنا، إلَّا أنَّ العَبْدَ نَفَقَةُ زَوْجَتِه على سَيِّدِه، أو (1) في كَسْبِه، فيُعْتَبَرُ تَعَذُّرُ الإِنْفاقِ مِن (2) مَحِلِّ الوُجُوبِ.
فصل: إذا تَزَوَّجَ الرجلُ امرأةً لها وَلَا مِنٍ غيرِه، فمات ولدُها، فإنَّ أحمدَ قال: يَعْتَزِلُ امرأتَه حتى تَحِيضَ حَيضَة. وهذا يُرْوَى عن عليِّ بنِ أبي طالب، والحسنِ ابْنِه، ونحوُه عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رضي الله عنهم، وعن الحسينَ بنَ علي، والصَّعْبِ بنَ جَثَّامةَ (3). وبه قال عطاء، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، والنَّخَعِيُّ، ومالِكٌ، وإسْحاقُ، وأبو عُبيدٍ. قال عمرُ
(1) في الأصل: «و» .
(2)
في ق، م:«في» .
(3)
الصعب بن جثامة بن قيس الليثي كان ينزل ودان من أرض الحجاز، هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، روى عنه ابن عباس وشريح بن عبيد الحضرمي، توفي بعد خلافة أبي بكر. الاستيعاب 2/ 739، الإصابة 3/ 426.