الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَعَلَى السَّيِّدِ الإِنْفَاقُ عَلَى رَقِيقِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ، وَكُسْوَتُهُمْ،
ــ
للوَلِىِّ الإذْنُ فيما يَضُرُّ بالصَّبِىِّ، ويُسْقِطُ حَقَّه.
فصل: فإن أجَرَتِ المرأةُ المُزَوَّجَةُ نَفْسَها للرَّضاعِ بإذْنِ زَوْجِها، جازَ، ولَزِمَ العَقْدُ؛ لأَنَّ الحَقَّ لهما، لا يَخْرُجُ عنهما. وإن أجَرَتْها بغيرِ إذْنِه، لم يَصِحَّ؛ لتَضَمُّنِه تَفْوِيتَ حَقِّ زَوْجها. وهذا أحَدُ الوجْهَيْن لأصْحابِ الشافعىِّ. والآخرُ، يَصِحُّ (1)؛ لأَنَّه تَناوَلَ (2) مَحَلًّا غيرَ مَحَلِّ النِّكاحِ، لكنْ للزَّوْجِ فَسْخُه؛ لأنَّه يَفُوتُ به الاسْتِمْتاعُ ويَخْتَلُّ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ يَفُوتُ به حَقُّ مَن ثَبَتَ له الحَقُّ بعَقْدٍ سابقٍ، فلم يَصِحَّ، كإجارَةِ المُسْتأْجَرِ (3).
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(وعلى السيِّدِ الإنْفاقُ على رَقِيقِه قَدْرَ كِفايَتِهم، وكُسْوَتُهم) بالمَعْروفِ. نَفَقةُ المَمْلوكِين على مُلَّاكِهِم ثابِتَةٌ بالسُّنَّةِ والإِجْماعِ؛ أمَّا السُّنَّةُ؛ فروَى أبو ذَرٍّ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُم اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فَمَنْ كان أخُوهُ تَحْتَ
(1) في تش: «لا يصح» .
(2)
في م: «يتأول» .
(3)
في الأصل: «المستأجرة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَدِه، فَلْيُطْعِمْه مِمَّا يَأْكلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ عليه». مُتَّفَقٌ عليه (1). وروَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لِلمَمْلُوكِ طَعامُهُ وكِسْوَتُهُ بالمَعْرُوفِ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ العَمَلِ ما لا يُطِيقُ» . رواه الشَّافعىُّ في «مُسْنَدِهِ» (2). وأجْمَعَ العُلَماءُ على وُجُوبِ نَفَقةِ المَمْلُوكِ على سَيِّدِه، ولأنَّه لا بُدَّ له (3) مِن نَفَقةٍ، ومَنافِعُه لسَيِّدِه، وهو أخَصُّ الناسِ به، فوجَبَتْ نَفَقَتُه عليه، كبَهِيمَتِه.
فصل: والواجبُ مِن ذلك قَدْرُ كِفايَتِهم (4) مِن غالِبِ قُوتِ البَلَدِ،
(1) أخرجه البخارى، في: باب المعاصى من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك، من كتاب الإيمان. وفى: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم: «العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون» ، من كتاب العتق، وفى: باب ما ينهى من السباب واللعن، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 1/ 14، 3/ 195، 8/ 19. ومسلم، في: باب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1283.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في حق المملوك، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 632. والترمذى، في: باب ما جاء في الاحسان الى الخدم، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذى 8/ 126. وابن ماجه، في: باب الإحسان إلى المماليك، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1216، 1217. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 158، 161، 173.
(2)
انظر: الباب الأول فيما جاء في العتق وحق المملوك، من كتاب العتق. ترتيب المسند 2/ 66.
كما أخرجه مسلم، في: باب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1284. والإمام مالك، في: باب الأمر بالرفق بالمملوك، من كتاب الاستئذان. الموطأ 2/ 980. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 247، 342.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في ق، م:«كفايته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سواءٌ كان قُوتَ سَيِّدِه، أو دُونَه، أو فَوْقَه، وأُدْم مِثْلِه بالمْعروفِ؛ لحديثِ أبى هُرَيْرَةَ. والمُسْتَحَبُّ أن يُطْعِمَه مِن جِنْسِ (1) طَعامِه؛ لقَوْلِه:«فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ» . فجَمعْنا بينَ الخَبَرَين، فحمَلْنَا خَبَرَ أبى هُرَيْرَةَ على الإِجْزاءِ، وحَدِيثَ أبى ذَرٍّ على الاسْتِحْبابِ. والسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بينَ أن يَجْعَلَ نَفقَتَه مِن كَسْبِه، إن كان له كَسْبٌ، وأن يُنْفِقَ عليه مِن مالِه ويأْخُذَ كَسْبَه، أو يَجْعَلَه برَسْمِ (2) خِدْمَتِه، ويُنْفِقَ عليه مِن مالِه؛ لأَنَّ الكلَّ مالُه، فإن جَعَلَ نَفَقَتَه في كَسْبِه، فكانت وَفْقَ الكَسْب، [صَرَفَها إليه](3)، وإن فَضَلَ مِن الكَسْبِ شئٌ، فهو لسَيِّدِه، وإن أعْوَزَ، فعليه تَمامُها (4). وأمَّا الكُسْوَةُ فبالمعْروفِ مِن غالِبِ الكُسْوَةِ لأمْثالِ العَبْدِ في ذلك البَلَدِ الذى هو به، والمُسْتَحَبُّ أن يُلْبِسَه مِن لِباسِه؛ لحدِيثِ أبى ذَرٍّ. ويُسْتَحَبُّ أن يُسَوِّىَ بينَ عَبِيدِه الذُّكُورِ في الكُسْوَةِ والإِطْعامِ، وبينَ إمائِه إن كُنَّ للخِدْمَةِ أو الاسْتِمْتاعِ، وإن كان فيهنَّ مَن هو للخِدْمَةِ، ومَن هو للاسْتِمْتاعِ، فلا بأْسَ بزِيادَة مَن هى للاسْتِمْتاعِ في الكُسْوَةِ؛ لأنَّه المَعْرُوفُ (5)، ولأَنَّ غَرَضَه تَجْمِيَلُ مَن يَسْتَمْتِعُ بها، بخِلافِ الخادِمَةِ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
بعدها في م: «نفقة» .
(3)
في الأصل: «صرفه إليها» .
(4)
في م: «تمامه» .
(5)
في ق: «العرف» . وفى م: «للعرف» .