الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كَانَتْ أمَةً، اعْتَدَّتْ بِأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَقْعُدَ لِلْحَمْلِ أرْبَعَ سِنِينَ.
ــ
ضَرَرًا، فإنَّها تُمْنَعُ مِن الأزْواجِ، وتُحْبَسُ (1) دائِمًا، ويتَضَرَّرُ الزَّوْجُ بإيجابِ السُّكْنَى والنَّفَقَةِ عليه. وقد قال ابنُ عبّاسٍ: لا تُطَوِّلُوا عليها الشُّقَّةَ، كَفَاها تِسْعَةُ أشْهُرٍ. فإن قِيلَ: فإذا مَضَت تِسْعَةُ أشْهُرٍ، فقد عُلِمَ بَراءَةُ رَحِمِها ظاهِرًا، فلِمَ اعْتَبَرْتُم بثلاثةِ أشْهُرٍ بعدَها؟ قُلْنا: الاعْتِدادُ بالقُرُوءِ والأشْهُرِ إنَّما يكونُ عندَ عَدَمِ الحَمْلِ، وقد تَجِبُ العِدَّةُ مع العِلْمِ ببَراءَةِ الرَّحِمِ، بدَلِيلِ ما لو عَلَّقَ طَلَاقَها بوَضْعِ الحَمْلِ، فوَضَعَتْه، وقَعَ الطَّلاقُ، ولَزِمَتْها العِدَّةُ.
3861 - مسألة: (وإن كانت أمَةً، اعْتَدَّتْ أحَدَ عَشَرَ شَهْرًا)
تِسْعَةَ أشْهُرٍ للحَمْلِ وشَهْرَين للعِدَّةِ. وهذا مَبْنِيٌّ على أنَّ الحُرَّةَ تَعْتَدُّ بتِسْعَةِ أشْهُرٍ للحَمْلِ، وثلاثةٍ للعِدَّةِ، على ما ذكَرْنا في المَسْأَلةِ قبلَها، وأنَّ عِدَّةَ الأمَةِ شَهْران؛ لأنَّ مُدَّةَ الحملِ تَتَساوَى فيها الحُرَّةُ والأمَةُ؛ لكَوْنِه أمْرًا حَقِيقِيًّا، فإذا يَئسَتْ مِن الحَمْلِ، اعْتَدَّتْ عِدَّةَ آيِسَةٍ شَهْرَين. وعلى قوْلِنا: إنَّ عِدَّةَ الأمَةِ شَهْرٌ ونِصْفٌ. تكونُ عِدَّتُها عَشَرَةَ أشْهُرٍ ونِصْفًا. ومَن جَعَل عِدَّتَها ثلاثةَ أشْهُرٍ، فهي كالحُرَّةِ سَوَاءً.
(1) في الأصل: «تجلس» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن عاد الحَيضُ إليها في السَّنَةِ، ولو في آخِرِها، أو عادَ إلى الأمَةِ قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، على ما فيها مِن الاخْتِلافِ، لَزِمَها الانْتِقَالُ إلى القُروءِ؛ لأنَّها الأصْلُ، فبَطَلَ بها حُكْمُ البَدَلِ، وإن عادَ بعدَ مُضِيِّها ونِكاحِها، لم تَعُدْ إلى القُرُوءِ؛ لأنَّ عِدَّتَها انْقَضَتْ، وحَكَمْنا بصِحَّةِ نِكاحِها، فلم تَبْطُلْ، كما لو اعْتَدَّتِ الصَّغيرَةُ بثَلاثةِ أشْهُرٍ، وتَزَوَّجَتْ، ثم حاضَتْ. وإن حاضَتْ بعدَ السَّنَةِ وقبلَ نِكاحِها، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا تَعُودُ؛ لأنَّ العِدَّةَ انْقَضَتْ بالشُّهُورِ، فلم تَعُدْ (1)، كالصَّغِيرةِ. والثاني، تَعُودُ؛ لأنَّها مِن ذَواتِ القُروءِ، وقد قَدَرَتْ على المُبْدَلِ قبلَ تَعَلُّقِ حَقِّ زَوْجٍ بها، فَلَزِمَها العَوْدُ، كما لو حاضَتْ في السَّنَةِ.
فصل: فإن حاضَتْ حَيضَةً، ثم ارْتَفَعَ حَيضُها لا تَدْرِي ما رَفَعَه، فهي كالمَسْأَلةِ التي قبلَها، تَعْتَدُّ سَنَةً مِن وقتِ انْقِطاعِ الحَيضِ؛ وذلك لِما رُوِيَ عن عمرَ، رضي الله عنه، أنَّه قال في رَجُلٍ طَلَّقَ امرأتَه، فحاضَتْ حَيضَةً أو حَيضَتَين، فارْتَفَعَ حَيضُها، لا تَدْرِي ما رَفَعَه: تَجْلِسُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ، فإن لم يَسْتَبِنْ بها حَمْلٌ، تَعْتَدُّ بثلاثةِ أشْهُرٍ (2). فذلك سَنَةٌ. ولا
(1) في م: «تعتد» .
(2)
أخرجه الإمام مالك، في: باب جامع عدة الطلاق، من كتاب الطلاق. الموطأ 2/ 582. والإمام الشافعي، انظر: الباب الخامس في العدة، من كتاب الطلاق. ترتيب مسند الشافعي 2/ 58. وعبد الرزاق، في: باب المرأة يحسبون أن يكون الحيض قد أدبر عنها، من كتاب الطلاق. المصنف 6/ 339. وابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يطلق المرأة فترتفع حيضتها، من كتاب الطلاق. المصنف 5/ 209. والبيهقي، في: باب عدة من تباعد حيضها، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 419، 420.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَعْلَمُ له مُخالِفًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: قَضَى به عمرُ بينَ المُهاجِرين والأنْصار، لا يُنْكِرُه مُنْكِرٌ. وقال الأثْرَمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْئَلُ عن الرجلِ يُطَلِّقُ امرأتَه، فتَحِيضُ حَيضَةً، ثم [يَرْتَفِعُ حَيضُها] (1)؟ قال: أذْهَبُ إلى حَديثِ عمرَ: إذا رُفِعَتْ (2) حَيضَتُها فلم تَدْرِ بما ارْتَفَعَتْ، فإنَّها تَنْتَظِرُ سَنَةً. قِيلَ له: فحاضَتْ دُونَ السَّنَةِ؟ فقال: تَرْجِعُ إلى الحَيضِ. قِيلَ له: فإنِ ارْتَفعَتْ حَيضَتُها أيضًا (3) لا تَدْرِي ممَّا ارْتَفَعَتْ؟ قال: تقْعُدُ سَنَةً أُخْرَى. وهذا قولُ كلِّ مَن وافَقَنا في المَسْأَلةِ قبلَها؛ وذلك لأنَّها لمَّا ارْتَفعَتْ حَيضَتُها، حَصَلَتْ مُرْتَابةً، فوَجَبَ أن تَنْتَقِلَ إلى الاعْتِدادِ بسَنَةٍ، كما لو ارْتَفَعَ حَيضُها حينَ طَلَّقَها، ووَجَبَ عليها سَنَةٌ كاملةٌ؛ لأنَّ العِدَّةَ لا تُبْنَى على عِدَّةٍ أُخْرَى، ولذلك لو حاضَتْ حَيضَةً أو حَيضَتَينِ، ثم يَئسَتْ، انْتَقَلَتْ إلى ثلاثَةِ أشْهُرٍ كاملةٍ، ولو اعْتَدَّتِ الصغيرةُ شَهْرًا أو شَهْرَين، ثم حاضَتْ، انْتَقَلَتْ إلى ثلاثةِ قُروءٍ.
فصل: فإن كانت عادَةُ المرأةِ أن يَتَباعَدَ ما بينَ حَيضَتَيها، لم تَنْقَضِ عِدَّتُها إلَّا بثلاثِ حيضاتٍ وإن طالتْ؛ لأنَّ هذه لم يَرْتَفِعْ حَيضُها، ولم يَتَأخَّرْ عن عادَتِها، فهي مِن ذَواتِ القُروءِ، باقِيَةٌ على عادَتِها، فأشْبَهَتْ
(1) في م: «ترتفع حيضتها» .
(2)
في الأصل، تش:«رفعتها» .
(3)
سقط من: م.