الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيرُ لَبَنِ الْمَرأَةِ، فَلَو ارْتَضَعَ طِفْلَانِ مِنْ رَجُلٍ أوْ بَهِيمَةٍ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ، لَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: يُوقَفُ أمْرُ الْخُنْثَى حَتَّى يَتَبَيَّنَ أمْرُهُ.
ــ
3917 - مسألة: (ولا يَنْشُرُ الحُرْمَةَ غَيرُ لَبَنِ المَرْأةِ، فلو ارْتَضَعَ طِفْلان بِن رَجُلٍ أو بَهِيمَةٍ أو خُنْثَى مُشْكِلٍ، لم يَنْشُرِ الحُرْمَةَ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُوقَفُ أمْرُ الخُنْثَى حتَّى يَتَبَيَّنَ أمْرُه)
وجملةُ ذلك، أنَّ ابْنَين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لو ارْتَضَعا مِن بَهِيمةٍ، لم يَصِيرا أخَوَين، في قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم الشافعيُّ، وابنُ القاسمِ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْي. وكذلك لو ارْتَضَعا مِن رَجُلٍ، لم يَصِيرا أخَوَين، ولم يَنْشُرِ الحُرْمَةَ بينَه وبينَهما، في قولِ عامَّتِهم. وقال الكَرابِيسِيُّ (1): يتَعَلَّقُ به التَّحْريمُ؛ لأنَّه لَبَنُ آدَمِيٍّ، أشْبَهَ لَبَنَ المرْأةِ. وحُكِيَ عن بعضِ السَّلَفِ أنّهما إذا ارْتَضَعا مِن لَبَنِ بَهِيمةٍ صارا أخَوَين. وليس ذلك صحيحًا؛ لأنَّ هذا لا يَتَعَلَّقُ به تَحْريمُ الأُمومَةِ، فلا يَثْبُتُ به تَحْريمُ الأخُوَّةِ؛ لأنَّ الأخُوةَ فَرْعٌ على الأمُومَةِ، وكذلك لا يتَعَلَّقُ به تَحْريمُ الأبُوَّةِ لذلك (2)، ولأنَّ هذا اللَّبَنَ لم يُخْلَقْ
(1) الحسين بن علي بن يزيد البغدادي الشَّافعي أبو علي الكرابيسي، العلامة، فقيه بغداد، كان من بحور العلم، ذكيا فطنا فصيحا لَسِنًا، تصانيفه في الفروع والأصول تدل على تبحره، توفي سنة ثمان وأربعين ومائتين. وقيل: سنة خمس وأربعين. سير أعلام النبلاء 12/ 79 - 82.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لِغذاءِ المَوْلُودِ الآدَمِيِّ، فلم يتَعَلَّقْ به التَّحْريمُ، كسائِرِ الطَّعامِ. فإن ثابَ لخُنْثَى مُشْكِلٍ لَبَنٌ، لم يَثْبُتْ به التَّحْريمُ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ كَوْنُه امْرأةً، فلا يَثْبُتُ التَّحْريمُ مع الشَّكِّ. وقال ابنُ حامدٍ: يَقِفُ الأمْرُ حتَّى ينْكَشِفَ أمرُ الخُنْثَى. فعلى هذا، يَثْبُتُ التَّحْريمُ إلى أن يتَبَيَّنَ (1) كوْنُه رَجُلًا؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ كَوْنه مُحَرِّمًا.
(1) في ق، م:«يتيقن» .
فَصْلٌ: وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، أنْ يَرْتَضِعَ في الْعَامَينِ، فَلَو ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ، لَمْ تَثْبُتْ
ــ
فصل: قال الشَّيخُ، رحمه الله:(ولا تَثْبُتُ الحُرْمةُ بالرَّضاعِ إلَّا بشَرْطَين؛ أحَدُهما، أن يَرْضَعَ في الحَوْلَين، فلو ارْتَضَعَ بعدَهما بلحْظَةٍ، لم تَثْبُتْ) هذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العلمِ، رُوِيَ نحوُ ذلك عن عمرَ، وعليٍّ، وابنِ عمرَ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ، وأبي هُرَيرَةَ، وأزْواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سَوَى عائِشَةَ. وإليه ذهبَ الشَّعْبِيُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، والأوْزاعِيُّ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وأبو يوسف، ومحمدٌ، وأبو ثَوْرٍ، ورِوَايةٌ عن مالكٍ. ورُوِيَ عنه، إن زادَ شَهْرًا جازَ. ورُوِيَ شَهْران. [وقال أبو حنيفةَ: يُحَرِّمُ الرَّضاعُ في ثلاثينَ شَهْرًا؛ لقولِه سبحانه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ] (1). ولم يُرِدْ بالحَمْلِ حَمْلَ الأحْشاءِ؛ لأنَّه يكونُ سنَتَين، فعُلِمَ أنَّه أَرادَ الحَمْلَ في الفِصالِ. وقال زُفَرُ: مُدَّةُ الرَّضاعِ ثَلاثُ سِنِين. وكانتْ عائشةُ، رضي الله عنها، تَرَى رَضاعَةَ الكَبِيرِ (2)
(1) سقط من: الأصل.
والآية رقم 15 من سورة الأحقاف.
(2)
في الأصل: «اللبن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُحَرِّمُ. ويُرْوَى هذا عن عَطاءٍ، واللَّيثِ، وداودَ؛ لِما رُوِيَ أنَّ سَهْلَةَ بنتَ سُهَيلٍ قالتْ: يَا رسولَ اللهِ، إنَّا كُنَّا نَرَى سالِمًا ولَدًا، فكان يَأْوي معي ومع أبي حذيفةَ في بيتٍ واحدٍ، ويَرانِي فُضُلًا، وقد أنْزَلَ الله فيهم ما قد عَلِمْتَ، فكيف تَرَى فيه؟ فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أرْضِعِيه» . فأرْضَعَتْه خَمْسَ رَضَعاتٍ، فكان بمَنْزِلَةِ وَلَدِها، فبذلك كانتْ عائشةُ تأْخُذُ، تَأْمُرُ بناتِ [أخَواتِها، وبَناتِ](1) إخْوَتِها يُرْضِعْنَ مَن أحَبَّتْ عائشةُ أن يَراها، ويَدْخُلَ عليها، وإن كان كَبِيرًا، وأبَتْ ذلك أُمُّ سَلَمَةَ، وسائرُ أزْواجِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يَدْخُلَ عليهنَّ بتلك الرَّضاعَةِ أحدٌ مِن النَّاسِ، حتَّى يَرْضَعَ في المَهْدِ، وقُلْنَ لعائشةَ: واللهِ ما نَدْرِي، لعَلَّها رُخْصةٌ مِن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم لسالمٍ دُونَ النَّاسِ. رواه. النَّسائِيُّ، وأبو داودَ، وغيرُهما (2). ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَينِ كَامِلَينِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (3). فجعلَ تمامَ الرَّضاعةِ حَوْلَين كامِلَين (4)، فيَدُلُّ على أنَّه لا حُكْمَ لها بعدَهما. وعن عائشةَ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
تقدم تخريجه في 20/ 35.
(3)
سورة البقرة 233.
(4)
زيادة من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رضي الله عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عليها وعندَها رَجُلٌ، فتَغَيَّرَ وَجْهُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: يَا رسولَ اللهِ، إنَّه أخِي مِن الرَّضاعَةِ. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«انْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ، فَإنَّما الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ» . مُتَّفّقٌ عليه (1). وعنِ أمِّ سَلَمَةَ، قالتْ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ، إلَّا مَا فَتَقَ الأمْعَاءَ، وكانَ قَبْلَ الفِطَامِ» . أخْرَجَه التِّرْمِذِيُّ (2)، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وعندَ هذا يتَعَيَّنُ حَمْلُ (3) خَبَرِ أبي حُذَيفَةَ على أنَّه خاصٌّ له دُونَ الناسِ، كما قال سائِرُ أزْواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وقولُ أبي حنيفةَ، تَحَكُّمٌ يُخالِفُ ظاهِرَ الكِتابِ [والسُّنةِ](4) وقولَ الصَّحابةِ، فقد رَوَينا عن ابنِ عباسٍ أنَّ المُرادَ بالحَمْلِ حَمْلُ البَطْنِ. وبه اسْتَدَلَّ على أن أقَلَّ الحَمْلِ سِتَّةُ أشْهُرٍ. وقد دَلَّ على هذا قولُ الله تعالى:
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الشهادة على الأنساب، من كتاب الشهادات، وفي: باب من قال: لا رضاع بعد حولين، من كتاب النكاح. صحيح البُخَارِيّ 3/ 222، 7/ 12. ومسلم، في: باب إنما الرضاعة من المجاعة، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم 2/ 1078.
كما أخرجه النسائي، في: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 84. والدارمي، في: باب في رضاعة الكبير، من كتاب النكاح. سنن الدَّارمى 2/ 158. والإمام أَحْمد، في. المسند 6/ 94، 174، 214.
(2)
في: باب ما جاء ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلَّا في الصغر. . . .، من أبواب الرضاع. عارضة الأحوذي 5/ 97، 98.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب لا رضاع إلَّا بعد فصال، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 626.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: الأصل.