الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، ما يَتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَإِنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ ثِقَاتٌ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، فَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
عِدَّتُها. قيل له: أفَتَتَزَوَّجُ؟ قال: لا. قال قَتادَةُ: خُصِمَ العَبْدُ. وهذا قولٌ شاذٌّ، يُخالِفُ ظاهِرَ الكِتابِ وقولَ أهْلِ العلمِ والمَعْنَى، فإن العِدَّةَ شُرِعَتْ لمَعْرِفَةِ البَراءَةِ مِن الحَمْلِ، فإذا عُلِمَ وُجُودُ الحَمْلِ، فقد تَبَيَّنَ وُجُودُ المُوجِبِ لِلعِدَّةِ، وانْتَفَتِ البَراءَةُ المُوجِبَةُ لانْقِضائِها، ولأنَّها لو انْقَضَتْ عِدَّتُها بوَضعِ الأوَّلِ، لأُبِيحَ (1) لها النِّكاحُ، كما لو وَضَعَتِ الآخِرَ. فإن وضَعَتْ ولَدًا، وشَكَّتْ في وُجُودِ ثَانٍ، لم تَنْقَضِ عِدَّتُها حتى تَزولَ الرِّيبَةُ، وتَتَيَقَّنَ أنَّه لم يَبْقَ معها حَمْلٌ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاؤُها، فلا يَزُولُ بالشَّكِّ.
3842 - مسألة: (والحَمْلُ الذي تَنْقَضِي به العِدَّةُ، ما يَتَبَيَّنُ فيه شَيْءٌ مِن خَلْقِ الإِنْسانِ، فإن وَضَعَتْ مُضْغَةً لا يَتَبَيَّنُ فيها شَيْءٌ مِن ذلك، فذَكَرَ ثِقَاتٌ مِن النِّساءِ أنَّه مُبْتَدأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، فهل تَنْقَضِي به العِدَّةُ؟ على رِوايَتَين)
وجملةُ ذلك، أنَّ المرأةَ إذا ألْقَتْ بعدَ فُرْقَةِ زَوْجِها شيئًا، لم تَخْلُ
(1) في الأصل: «لا صح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن خَمْسةِ أحْوالٍ؛ أحَدُها، أن تَضَعَ ما بان فيه خَلْقُ آدَمِيٍّ، مِن الرَّأْسِ واليَدِ والرِّجْلِ، فتَنْقَضِي به العِدَّة، بغيرِ خِلافٍ بينهم. قال ابن المُنْذِرِ: أجْمَعَ كل مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، أنَّ عِدَّةَ المرأةِ تَنْقَضِي بالسَّقْطِ إذا عُلِمَ أنَّه وَلَدٌ، وممَّن نَحْفَظُ عنه ذلك، الحسن، وابنُ سِيرِينَ، وشرَيحٌ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، والثَّوْرِيُّ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسْحاقُ. قال الأثْرَمُ: قلت لأبي عبدِ اللهِ: إذا نُكِسَ في الخلقِ الرابعِ -يعني تَنْقَضِي به العِدَّةُ؟ فقال: إذا نُكِسَ في الخَلْقِ الرابعِ، فليس فيه اخْتِلافٌ، ولكن إذا تَبَيَّنَ [خَلْقُه، هذا أدَلُّ](1). وذلك لأنَّه إذا بانَ فيه شيءٌ مِن خَلْقِ الآدَمِيِّ، عُلِمَ أنَّه حَمْلٌ، فيَدْخُل في عُمُومِ قولِه تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . الحالُ الثَّاني، ألْقَت نطْفَةً أو دَمًا، لا تَدْرِى هل هو ما يُخْلَق منه آدَمِيٌّ أو لا؟ فهذا لا يَتَعَلَّق به شيءٌ مِن الأحْكامِ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ أنَّه
(1) في الأصل: «خلق هذا أو هذا أول» . وفي ق: «خلقه هذا أول هذا أول» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولَا بالمُشاهَدَةِ ولا بالبَيِّنةِ. الحالُ الثالثُ، ألْقَتْ مُضْغَةً لم تَبِنْ فيها الخِلْقةُ، فشَهِدَ ثِقَاتٌ مِن القَوابِلِ، أنَّ فيه صُورَةً خَفِيَّةً، بانَ بها (1) أنَّها خِلْقةُ آدَمِيٍّ، فهذا في حُكْمِ الحالِ الأولِ. الحالُ الرابعُ، ألْقَتْ مُضْغَةً لا صُورَةَ فيها، فَشَهِدَ ثِقات مِن القَوابِلِ أنَّه مُبْتَدا خَلْقِ آدَمِيٍّ، فاخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، فنقَلَ (2) أبو طالبٍ أنَّ عِدَّتَها لا تَنْقَضِي به، ولا تَصِيرُ به أُمَّ وَلَدٍ؛ لأنَّه لم يَبِنْ فيه خَلْقُ آدَمِيٍّ (3)، أشْبَهَ الدَّمَ. وقد ذُكِرَ هذا قوْلًا للشَّافِعِيِّ. وهو اخْتيارُ أبي بكرٍ. ونَقَلَ الأثْرَمُ عن أحمدَ أنَّ عِدَّتَها لا تَنْقَضِي به، ولكن تصيرُ أُمَّ ولَدٍ؛ لأنَّه مَشْكُوكٌ في كَوْنِه ولدًا، فلم يُحْكَمْ بانْقِضاءِ العِدَّة المُتَيَقَّنةِ بأمْر مَشْكُوكٍ فيه، ولم يَجُزْ بَيعُ الأمَةِ الوالدةِ له مع الشَّكِّ في رِقِّها، فيثْبُتُ كَوْنُها أُمَّ ولدٍ احْتِيَاطًا، ولا تَنْقَضِي العِدَّةُ احْتِياطًا. ونَقَلَ حَنْبَلٌ أنَّها تَصِيرُ أُمَّ ولدٍ، ولم يَذْكُرِ العِدَّةَ، فقال بعضُ أصْحابِنا: على هذا تَنْقَضِي به العِدَّةُ. وهو قولُ الحسنِ. وظاهِرُ مذهبِ الشافعيِّ؛ لأنهم شَهِدُوا بأنَّه خِلْقَةُ آدَمِيٍّ، أشْبَهَ ما لو تَصَوَّرَ. قال شيخنا (4): والصَّحِيحُ أن هذا ليس رِوايةً في العِدَّةِ؛ لأنَّه لم يَذْكُرْها (3)،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
بعده في ق، م:«مهنا و» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في المغني 11/ 230.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولم يتَعَرَّضْ لها. الحالُ الخامسُ، أن تَضَعَ مُضْغَةً لا صُورةَ فيها، ولم تَشْهَد القَوابلُ بأنَّها مُبْتَدأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، فلا تَنْقَضِي به العِدَّةُ، ولا تَصِيرُ به الأمَةُ أُمَّ ولَدٍ؛ لأنَّه (1) لم يَثْبُتْ كَوْنُه ولدًا بِبيِّنَةٍ ولا مُشاهَدَةٍ، فأشْبَهَ العَلَقَةَ. ولا تَنْقَضِي العِدَّةُ بوَضْعِ ما قبلَ المُضْغَةِ بحالٍ، سَواءٌ كان نُطْفَةً أو عَلَقَةً، وسَواءٌ قيل: إنَّه بَدْءُ خلقِ آدَمِيٍّ. أو لم يُقَلْ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: أمَّا إذا كان عَلَقَةً، فليس بشيءٍ، إنَّما هو دَمٌ، لا تَنْقَضِي بها عِدَّةٌ، ولا تَعْتِقُ بها أمَةٌ. ولا نَعْلَمُ في هذا مُخالِفًا، إلَّا الحسنَ فإنَّه قال: إذا عُلِمَ أنَّها حَمْلٌ، انْقَضَتْ به العِدّةُ، وفيه الغُرَّةُ. والأوَّلُ أصَحُّ، وعليه الجُمْهورُ.
(1) سقط من: الأصل.