الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
{وَفِصَالُهُ فِي عَامَينِ} (1). فلو حُمِلَ على ما قاله أبو حنيفةَ، لَكان مُخالِفًا لهذه الآيةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فالاعْتِبارُ بالعامَينِ لا بالفِطامِ، فلو فُطِمَ قبلَ الحوْلَينِ، ثم ارْتَضَعَ فيهما، حَصَلَ التَّحْريمُ، ولو لم يُفْطَمْ حتَّى تَجاوَزَ الحوْلَين، ثم ارْتَضَع بعدَهما قبل الفِطَامِ، لم يَثْبُتِ التَّحْريمُ. وقال ابنُ القاسمِ صاحبُ مالكٍ: لو ارْتَضَعَ بعدَ الفِطامِ في الحوْلَينِ، لم يُحَرِّمْ؛ لقولِه عليه الصلاة والسلام:«وَكَانَ قَبْلَ الفِطَامِ» . ولَنا، قولُه سبحانه:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَينِ كَامِلَينِ} . ورُوِيَ عنه عليه الصلاة والسلام: «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ في الحَوْلَينِ» (2). والفِطَامُ مُعْتَبَرٌ بمُدَّتِه لا بِنَفْسِه.
3918 - مسألة: (فلو ارْتَضَعَ بعدَهما بلَحْظَةٍ، لم يَثْبُتِ)
التَّحْرِيمُ. وقال أبو الخَطَّابِ: لو ارْتَضَعَ بَعْدَ الحَوْلَين بِساعَةٍ، لم يُحَرِّمْ. وقال القَاضي: لو شَرَعَ في الخامِسَةِ، فحَال الحَوْلُ قبلَ كَمالِها، لم يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ. ولا يَصِحُّ هذا؛ لأنَّ ما وُجِدَ مِن الرَّضْعَةِ في الحَوْلَين كافٍ في التَّحْريمِ، بدَلِيلِ ما لو [انْفَصَلَ ممَّا](3) بعدَه، فلا يَنْبَغِي أن يَسْقُطَ حُكْمُه
(1) سورة لقمان 14.
(2)
أخرجه الدارقطني، في: كتاب الرضاع. سنن الدارقطني 4/ 174. وابن عدي، في: الكامل 7/ 2562.
(3)
في تش: «اتصل بما» .
الثَّانِي، أنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، ثَلَاثٌ يُحَرِّمْنَ. وَعَنْهُ وَاحِدَةٌ.
ــ
باتِّصالِ ما لا أثَرَ له به (1).
(الثاني، أن يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعاتٍ. [وعنه، ثلاثٌ يُحَرِّمْنَ. وعنه، واحِدَةٌ) الصحيحُ مِن المذهبِ أنَّ الذي يتَعَلَّقُ به التَّحريمُ خمْسُ رَضَعاتٍ] (2) فصاعِدًا. رُوِيَ هذا عن عائشةَ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ الزُّبَيرِ، وعطاءٍ، وطاوسٍ. وهو قولُ الشافعيِّ. وعن أحمدَ روايةٌ ثانيةٌ، أنَّ قَلِيلَ الرَّضاعِ يُحَرمُ، كما يُحَرِّمُ كَثِيرُه. ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ، وابنِ عباسٍ. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، ومَكْحُولٌ، والزُّهْرِيُّ، وقَتادَةُ، والحَكَمُ، وحَمَّاد، ومالكٌ، والأوْزاعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، واللَّيثُ، وأصْحابُ الرَّأْيَ. وزَعَمَ اللَّيثُ أنَّ المُسْلِمِين أجْمَعُوا على أنَّ قَلِيلَ الرَّضاعِ وكثيرَه يُحَرِّمُ في المَهْدِ، ما يُفْطِرُ به الصَّائِمُ، واحْتَجُّوا بقولِ اللهِ تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (3). وقولِه عليه الصلاة والسلام: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِن النَّسَبِ» . وعن عُقْبةَ بنِ الحارثِ، أنَّه تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنتَ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سورة النساء 23.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبي إهابٍ، فجاءتْ أمَةٌ سَوْداءُ، فقالت: قد أرْضَعْتُكُما. فذكَرْتُ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«وكَيفَ، وقَدْ زَعَمَتْ أنْ قَدْ أرْضَعَتْكُمَا!» . مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأنَّه فِعْلٌ يتَعَلَّقُ به تَحْريمٌ مُؤبَّدٌ، فلم يُعْتَبَرْ فيه العَدَدُ، كَتَحْرِيمِ أُمَّهاتِ النِّساءِ، ولا يَلْزَمُ اللِّعانُ؛ لأنَّه قولٌ. والرِّوايةُ الثالثةُ، لا يُحَرِّمُ إلَّا ثلاثُ رَضَعاتٍ. وبه قال أبو ثَوْرٍ، وأبو عُبَيدٍ، وداودُ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُحَرِّمُ المَصَّةُ ولَا المَصَّتَانِ» . وعن أمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحارثِ، قالتْ: قال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُحَرِّمُ الإمْلَاجَةُ (2) ولا الإملَاجَتَانِ» . رواهما مسلمٌ (3). ولأنَّ ما يُعْتَبَرُ فيه العَدَدُ
(1) تقدم تخريجه في 10/ 347.
وعقبة بن الحارث من أفراد البُخَارِيّ، ولم يخرج له مسلم. انظر: الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 381، والإرواء 7/ 225.
(2)
الإملاجة: المصة.
(3)
في: باب في المصة والمصتان، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم 2/ 1073 - 1075. كما أخرجهما النَّسائي، في: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 83. والدارمي، في: باب كم رضعة تحرم، من كتاب النكاح. سنن الدَّارمى 2/ 157.
وأخرج الأول أبو داود، في: باب هل يحرم ما دون خمس رضعات، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 476. والتِّرمذي، في: باب ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان، من أبواب الرضاع. عارضة الأحوذي 5/ 90 - 92. وابن ماجه، في: باب لا تحرم المصة ولا المصتان، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 624.
والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 31، 96، 216، 247.
وأخرج الثاني الإِمام أَحْمد، في: المسند 6/ 339، 340.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والتَّكْرارُ، يُعْتَبَرُ فيه الثَّلاث. ورُوِيَ عن حَفْصةَ: لا يُحَرِّمُ دُونَ عَشْرِ رَضَعاتٍ (1). ورُوِيَ ذلك عن عائِشَةَ؛ لأنَّ عُرْوَةَ روَى في حَدِيثِ سَهْلَةَ [بِنْتِ سُهَيلٍ](2): فقال لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما بَلَغَنا: «أرْضِعِيه عَشْرَ رَضَعاتٍ، فيَحْرُمُ بلَبَنِهَا» (3). ولَنا، ما رُوِيَ عن عائشةَ، رضي الله عنها، أنَّها قالت: أُنْزِلَ في القُرْآنِ: (عَشْرُ رَضَعاتٍ مَعْلُوماتٍ يُحَرِّمْنَ) فنُسِخَ مِن ذلك خَمْسٌ، وصارَ إلى خمْسِ رَضَعاتٍ مَعْلُوماتٍ يُحَرِّمْنَ، فتُوُفِّيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم والأمْرُ على ذلك. رواه مُسْلِمٌ (4). وروَى مالِكٌ (5)، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ، عن سَهْلَةَ بنتِ سُهَيلٍ:«أرْضِعِي سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا» . والآيةُ مُجْمَلةٌ (6) فسَّرَتْها السُّنَّةُ، وبَينَّتَ الرَّضاعةَ المُحَرِّمةَ، وصَرِيحُ ما رَوَيناه
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 470. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 457.
(2)
سقط من: م.
(3)
عند الإِمام أَحْمد في المسند 6/ 269 عن عائشة بلفظ: «فأرضعيه عشر رضعات ثم ليدخل عليك» . وأخرجه عبد الرَّزّاق في المصنف 7/ 460 من قول الزُّهْرِي بلفظ: «أرضعيه خمس رضعات فتحرم بلبنها» .
(4)
في: باب التحريم بخمس رضعات، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم 2/ 1075.
كما أخرجه أبو داود، في: باب هل تحرم ما دون خمس رضعات، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 476. والتِّرمذي، في: باب ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان، من أبواب الرضاع. عارضة الأحوذي 5/ 92. والنسائي، في: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 83. وابن ماجه، في: باب لا تحرم المصة ولا المصتان، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 625. والدارمي، في: باب كم رضعة تحرم، من كتاب النكاح. سنن الدَّارمي 2/ 157. والإمام مالك، في: باب جامع ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان، من كتاب الرضاع. الموطأ 2/ 608.
(5)
في: باب ما جاء في رضاعة الكبير، من كتاب الرضاع. الموطأ 2/ 605.
(6)
زيادة من: تش.