الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ إِذَا فَارَقَهَا، بَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا مِنَ الأوَّلِ، وَاسْتَأنَفَتِ الْعِدَّةَ مِنَ الثَّانِي،
ــ
يَلْحَقُ به نَسَبٌ، وإن كان جاهِلًا أنَّها مُعْتَدَّة، أو بالتَّحْريمِ، انْقَطَعَتِ العِدَّةُ بالوَطْءِ؛ لأنَّها تَصِيرُ به فِراشًا، والعِدَّةُ تُرادُ للاسْتِبْراءِ، وكَوْنُها فِراشًا يُنافِي ذلك، فوَجَبَ أن يَقْطَعَها، فأمَّا طَرَيانُه عليها، فلا يجوزُ. ولَنا، أنَّ هذا وَطْءٌ بشُبْهَةِ نِكاحٍ، فتَنْقَطِعُ به العِدَّةُ، كما لو جَهِلَ. وقولُهم: إنَّها لا (1) تصيرُ به فِراشًا. قُلْنا: لكنَّه لا يَلْحَقُ الولَدُ الحادثُ مِن وَطئِه بالزَّوْجِ الأوَّلِ، فهما سِيَّانِ (2). إذا ثَبَتَ هذا، فعليه فِراقُها، فإن لم يَفْعَلْ، وجَبَ التفْرِيقُ بينَهما.
3875 - مسألة: (ثم إذا فارَقَها، بَنَتَ على عِدَّةِ الأوَّلِ، ثم اسْتأنَفَتِ العِدَّةَ مِن الثَّانِي)
إنما بَنَتْ على عِدَّةِ الأوَّلِ؛ لأنَّ حَقَّه أسْبق، ولأنَّ عِدَّتَه وجَبَتْ عن وَطْء في نِكاح صحيح، فإذا كَمَّلَتْ عِدَّةَ الأؤلِ، وجَبَ عليها أن تَعْتَدَّ مِن الثاني، ولا تَتداخَلُ العِدَّتانِ؛ لأنَّهما مِن رَجُلَين. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. وقال أبو حنيفةَ: تتَداخَلان، فتَأتِي بِثلاثةِ قروءٍ بعدَ مُفارَقَةِ الثاني، تكونُ عن بَقِيَّةِ عِدَّةِ الأوَّلِ، وعِدَّةً للِثاني؛ لأن القَصْدَ معْرِفَةُ بَراءَةِ الرَّحِمِ، وهذا يَحْصُلُ به بَراءَةُ الرَّحِمِ منهما جميعًا. ولَنا،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «سببان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما روَى مالِك (1)، عن ابنِ شِهاب، عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وسُليمانَ بنِ يَسار، أنَّ طُلَيحَةَ كانت تحتَ رُشَيدٍ الثَّقَفِيِّ، فطَلَّقَها، ونكحَتْ في عِدَّتِها، فضَرَبَها عمرُ بنُ الخَطَّابِ، رضي الله عنه، وضَرَبَ زَوْجَها ضَرَباتٍ (2) بمِخْفَقَةٍ، وفَرَّفَ بينَهما، ثم قال: أيما امْرأةٍ نَكَحَتْ في عِدَّتِها، فإن كان زَوْجُها الذي تَزَوَّجَها لم يَدْخُلْ بها، فُرِّقَ بينَهما، ثم اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِها مِن زَوْجِها الأوَّلِ، [وكان خاطبًا من الخطاب، وإن كان دخل بها فرق بينهما، ثم اعتدتْ بَقِيةَ عِدَّتِها مِن الأوَّلِ](3)، ثم اعْتَدَّتْ مِن الآخرِ، ولا يَنْكِحُها (4) أبدًا. وروى بإسْنادِه عن علي أنَّه قَضَى في التي تزَوَّجُ في عِدَّتِها، أنَّه يُفَرَّقُ بينَهما، ولها الصَّداقُ بما اسْتَحَلَّ مِن فرْجِها، وتُكْمِلُ ما أفْسَدَتْ مِن عِدَّةِ الأوَّلِ، وتَعْتَدُّ مِن الآخَر (5). وهذان قَوْلَا سَيِّدَين مِن الخُلَفاءِ، لم يُعْرَفْ لهما في الصَّحابةِ مُخالِف، ولأنَّهما حَقَّانِ مَقْصُودان لآدَمِيَّينِ، فلم يتَداخَلا، كالدَّينَين واليَمِينَين، ولأنَّه حَبْسٌ يَسْتَحِقُّه الرجالُ على النِّساءِ، فلم يَجُزْ أن تكونَ المرأةُ في حَبْسِ رَجُلَين، كالزّوْجَةِ.
(1) في: باب جامع ما لا يجوز من النكاح، من كتاب النكاح. الموطأ 2/ 536.كما أخرجه الإمام الشافعي، انظر: الباب الخامس في العدة، من كتاب الطلاق. ترتيب المسند 2/ 56، 57. وعبد الرزاق، في: باب نكاحها في عدتها، من كتاب الطلاق. المصنف 6/ 210.
(2)
في الأصل: «ضربتان» .
(3)
سقط من: م.
(4)
بعده في الأصل: «من الآخر» .
(5)
أخرجه الإمام الشافعي، انظر: الباب الخامس في العدة، من كتاب الطلاق. ترتيب المسند 2/ 57. =