الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أشْهُر، وَغَالِبُهَا تِسْعَة، وَأكْثَرُهَا أرْبَعُ
ــ
كانتِ الفُرْقَةُ في الحياةِ بعدَ الدُّخُولِ، كزَوْجةِ كبيرٍ (1) دَخَلَ بها، ثم طَلَّقها، وأَتتْ بولَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أشْهُر منذُ تَزَوَّجَها، فإنَّها تَعْتَدُّ بعدَ وَضْعِه بثَلاثةِ قُرُوءٍ. وكذلك إذا طَلَّقَ الخَصِيُّ (2) المَجْبُوبُ امْرأتَه، أو مات عنها، فأتَتْ بولدٍ، لم يَلْحَقْه نَسَبُه، ولم تَنْقَضِ عِدَّتُها بوَضْعِه، وتَنْقَضِي به عِدَّةُ الوَطْءِ، ثم تسْتَأنِفُ عِدَّةَ الطَّلاقِ أو عِدَّةَ الوَفاةِ، على ما بَيناه. وذكَر القاضي أنَّ ظاهِرَ كلامِ أحمدَ، أنَّ الوَلَدَ يَلْحَقُ به؛ لأنه قد يُتَصَوَّرُ منه الإِنْزالُ، بأن يَحُكَّ مَوْضِعَ ذَكَرِه بفَرْجِها فيُنْزِلَ. فعلى هذا القولِ يَلْحَقُ به الولَدُ، وتَنْقَضِي به العِدَّةُ. والصَّحِيحُ أنَّ هذا لا (3) يَلْحَقُ به ولدٌ، لأنَّه لم تَجْرِ به عادَة، فلا يَلْحَقُ به ولَدُها، كالصَّبِيِّ الذي لم يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ. وكذلك إذا تَزَوَّجَ امْرأةً بحَضْرةِ الحاكمِ، ثم طَلَّقَها في المَجْلسِ، أو تَزَوَّجَ المَشْرِقِيُّ بالمَغْرِبِيَّةِ، ثم أتَتْ بوَلَدٍ، لم يَلْحَقْه، ولا تَنْقَضِي به العِدَّةُ. وقد ذكَرْناه في البابِ الذي قبلَه، وذكَرْنا الخِلافَ فيه، وانْقِضاءُ العِدَّةِ مَبْنِيٌّ على لُحُوقِ النَّسَبِ. واللهُ أعلمُ.
3844 - مسألة: (وأقَلُّ مُدَّةِ الحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وغَالِبُها تِسْعَةٌ
،
(1) في الأصل: «كبيرة» .
(2)
في الأصل: «الصبي» .
(3)
سقط من: الأصل.
سِنِينَ. وَعَنْهُ، سَنَتَانِ.
ــ
وأكثَرُها أرْبَعُ سِنِينَ. وعنه، سَنَتانِ) إنَّما كان أقَلُّ (1) مُدَّةِ الحَمْلِ سِتَّةَ أشْهُرٍ؛ لِمَا روَى الأثْرَمُ بإسْنادِه عن أبي الأسْودِ، أنَّه رُفِعَ إلى عمرَ أنَّ امْرأةً ولَدَتْ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ، فهَمَّ عمرُ بِرَجْمِها، فقال له عليٌّ: ليس لك ذلك، قال الله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَينِ كَامِلَينِ} (2). وقال الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (3). فحَوْلانِ وسِتَّةُ أشْهُرٍ ثَلَاثُونَ شَهْرًا، لا رَجْمَ عليها. فخَلَّى عمرُ سَبِيلَها، ووَلَدَتْ مَرَّةً أُخْرَى لذلك الحَدِّ (4). ورواه الأثْرَمُ أيضًا، عن عِكْرِمَةَ، أنَّ ابنَ عباسٍ قال ذلك (5). قال عاصمٌ الأحْوَلُ: فقلتُ لِعِكْرِمَةَ: إنَّه بَلَغَنا أنَّ عَلِيًّا قال هذا. قال: فقال عِكْرِمَةُ: لا، ما قال هذا إلَّا ابنُ عباس. وذكَرَ ابنُ قُتَيبَةَ، في «المعارفِ» (6) أنَّ عبدَ الملكِ بنَ مروانَ وُلِدَ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ. وهذا
(1) في الأصل: «أول» .
(2)
سورة البقرة 233.
(3)
سورة الأحقاف 15.
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 349 - 351. وسعيد بن منصور، في: سننه 2/ 66. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 442.
(5)
وانظر ما أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 351. وسعيد، في: سننه 2/ 66.
(6)
المعارف 595: وفيه: «عبد الله بن مروان» . خطأ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولُ مالِكٍ، والشافعيِّ، وأصْحابِ الرَّأي، وغيرِهم. وغالِبُه تِسْعَةُ أشْهُرٍ؛ لأن غالِبَ النِّساءِ كذلك، وهذا أمْرٌ مَعْرُوفٌ بينَ الناسِ. وأكْثَرُ مُدَّةِ الحَمْلِ أرْبَعُ سِنِينَ. هذا ظاهِرُ المذهبِ. وبه قال الشافعيُّ، وهو المَشْهُورُ عن مالِكٍ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّ أقْصَى مُدَّتِه سَنَتانِ. رُوِيَ ذلك عن عائشةَ. وهو مذهبُ. الثَّوْرِيِّ، وأبي حنيفةَ؛ لِمَا رَوَتْ جَميلةُ بنت سَعْدٍ، عن عائشةَ: لا تَزِيدُ المرأةُ على السَّنَتَين في الحَمْل (1). ولأنَّ التَّقْديرَ إنَّما يُعْلَمُ بتَوْقِيفٍ (2) أو اتِّفاقٍ، ولا تَوْقِيفَ ههُنا، والاتِّفاقُ إنَّما هو على ما ذكَرْنا. وقد وُجِدَ ذلك، فإنَّ الضَّحَّاكَ بنَ مُزَاحِم (3)، وهَرِمَ بنَ حَيَّانَ (4)، حَمَلَتْ أُمُّ كلِّ واحدٍ منهما به سَنَتَين. وقال اللَّيثُ: أقْصاهُ ثَلاثُ (5) سِنِينَ، حَمَلَتْ مَوْلاةٌ لعمرَ بنِ [عبدِ الله] (6) ثَلاثَ سِنِينَ. وقال عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: خَمْسُ سِنِينَ. وعن الزُّهْرِيِّ قال: قد تَحْمِلُ المرأةُ ستَّ سِنِينَ، وسَبْعَ سِنِينَ. وقال أبو عُبَيدٍ: ليس لأقْصاه وَقْتٌ يُوقَف عليه.
(1) أخرجه سعيد بن منصور، في: سننه 2/ 67. والدارقطني، في: سننه 3/ 322. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 443.
(2)
في الأصل، تش:«بتقدير» .
(3)
ذكر ابن قتيبة أنه ولد وهو ابن ستة عشر شهرا. المعارف 594.
(4)
ذكر ابن قتيبة أيضًا، أنه حمل به أربع سنين، ولذلك سمي هرما. المعارف 595.
(5)
في م: «ثلاثين» .
(6)
في الأصل: «عبد العزيز» . وهو عمر بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، وانظر: الأشراف 1/ 254.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولَنا، أنَّ ما لَا نَصَّ فيه يُرْجَعُ فيه إلى الوُجُودِ، وقد وُجِدَ الحَمْلُ أرْبَعَ سِنِينَ، فروَى الوَلِيدُ بنُ سلِم، قال: قلتُ لمالِكٍ: حَدِيثُ جَميلةَ بنتِ سَعْدٍ، عن عائشةَ: لا تَزِيدُ المرأةُ على السَّنَتَين في الحَمْلِ. قال مالكٌ: سُبْحانَ اللهِ، مَن يقولُ هذا؟ هذه جارَتُنا امرأةُ محمدِ بنِ عَجْلانَ تَحْمِلُ أرْبعَ سِنِينَ قبلَ أن (1) تَلِدَ (2). وقال الشافعيُّ: بَقِيَ محمدُ بنُ عَجْلانَ في بَطْنِ أُمِّه أرْبَعَ سِنِينَ (3). قال أحمدُ: نِساءُ بني عَجْلانَ يَحْمِلْنَ أرْبَعَ سِنِينَ، وامرأةُ عَجْلانَ حَمَلَتْ ثَلاثَ بُطُونٍ، كلَّ دَفْعَةٍ أرْبَعَ سِنِينَ. وبَقِيَ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ بنِ [الحَسنِ بنِ](4) عليٍّ في بَطْنِ أُمِّه أرْبَعَ سِنِينَ. وهكذا إبْراهيمُ بنُ نَجِيح العُقَيليُّ. حَكَى ذلك أبو الخَطَّابِ. وإذا تَقَرَّرَ وُجُودُه، وجَبَ أن يُحْكَمَ به، ولا يُزادَ عليه؛ لأنَّه ما وُجِدَ، ولأنَّ عمرَ ضَرَبَ لامْرأةِ المَفْقُودِ أرْبَعَ سِنِينَ، ولم يَكُنْ ذلك إلَّا لأنَّه غايةُ (5) الحَمْلِ. ورُوِيَ ذلك عن عثمانَ، وعلي، وغيرِهما. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أخرجه الدارقطني، في: سننه 3/ 322. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 443.
(3)
ذكر ابن قتيبة أن محمد بن عجلان حمل به أكثر من ثلاث سنين، فلما ولد كانت قد نبتت أسنانه. المعارف 595.
(4)
سقط من: الأصل، تش. وفي م:«بن الحسين» . والمثبت كما في ق والمغني 11/ 233. وانظر: سير أعلام النبلاء 6/ 210.
(5)
في الأصل: «غالب» .