الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَإِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِنَفَقَتِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا، أَوْ بِالْكُسْوَةِ، خُيِّرَتْ بَيْنَ فَسْخِ النِّكَاحِ وَالْمُقَامِ، وَتَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فِى ذِمَّتِهِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
ــ
التَّسْلِيمِ. [وكذلك إنِ اخْتَلَفا في وَقْتِه، فقالت: كان ذلك مِن شهرٍ. قال: بل مِن يومٍ. وبهذا قال الشافعىُّ، وأبو ثورٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ](1).
فصل: (وإن أعْسَرَ الزَّوْجُ بنَفقَتِها أو بَعضِها، أو بالْكُسْوَةِ، خُيِّرَتْ بينَ فَسْخِ النِّكاحِ والمُقامِ، وتَكونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا في ذِمَّتِه. وعن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّهَا لا تَمْلِكُ الفَسْخَ بإعْسارِه. والأَوَّلُ المَذْهَبُ) إذا مَنَعَ الرَّجُلُ نَفَقةَ امرأتِه لعُسْرَتِه، وعَدَمِ ما يُنْفِقُه، خُيِّرَت بينَ الصَّبْرِ
(1) سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه وبينَ فِراقِه. رُوِى نحوُ ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ، وأبى هُرَيْرَةَ. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، ورَبِيعةُ، وحَمَّادٌ، ومالكٌ، وعبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِىٍّ، والشَّافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ. وعن أحمدَ، أنَّها لا تَمْلِكُ الفَسْخَ بالإِعْسارِ. والأَوَّلُ المذْهَبُ. وذهبَ عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، وأبو حنيفة، وصاحِباه، إلى أنَّها لا تَمْلِكُ فِراقَه بذلك، ولكن يَرْفَعُ يَدَه عنها لتَكْتَسِبَ؛ لأنَّه حَقٌّ لها عليه، فلا يُفْسَخُ النِّكاحُ لعَجْزِه عنه، كالدَّيْنِ. وقال العَنْبَرِىُّ: يُحْبَسُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى أن يُنْفِقَ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (1). وليس (2) الإِمْساكُ مع تَرْكِ الإِنْفاقِ إمْساكًا بمَعْرُوفٍ، فتَعَيَّنَ التَّسْريحُ. وروَى سعيدٌ (3)، عن سُفْيانَ، عن أبى الزِّنادِ، قال: سألتُ سعيدَ بنَ المُسَيَّبِ، عن الرَّجُلِ لا يَجِدُ ما يُنْفِقُ على امْرَأتِه، أيُفَرَّقُ بينَهما؟ قال: نعم. قلتُ: سُنَّةٌ؟ قال: سُنَّةٌ. وهذا يَنْصَرِفُ إلى سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قال ابنُ المُنْذِرِ (4): ثَبَتَ أن عمرَ بنَ الخَطَّابِ كتَبَ إلى أُمَراءِ الأجْنادِ، في رِجالٍ غابُوا عن نِسائِهِم، فأمَرَهم بأن يُنْفِقُوا أو يُطَلِّقُوا، فإن طَلَّقُوا بعَثُوا بنَفَقَةِ ما مَضَى (5). ولأنَّه إذا ثَبَتَ الفَسْخُ بالعَجْزِ عن الوَطْءِ، والضَّرَرُ فيه أقَلُّ (6)، لأنَّه إنَّما هو فَقْدُ (7) لَذَّةٍ وشَهْوَةٍ يقُومُ البَدَنُ بدُونِه (8)، فلأَنْ يَثْبُتَ بالعَجْزِ عن النَّفقةِ التى لا يَقُومُ البَدَنُ إلَّا
(1) سورة البقرة 229.
(2)
في الأصل: «لأن» .
(3)
في: باب ما جاء في الرجل إذا لم يجد ما ينفق على امرأته، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 55.
كما أخرجه الإمام الشافعى، انظر: الباب التاسع في النفقات، من كتاب الطلاق. ترتيب المسند 2/ 65. وابن أبى شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يعجز عن نفقة امرأته، من كتاب الطلاق. المصنف 5/ 213. والبيهقى، في: باب الرجل لا يجد نفقة امرأته، من كتاب النفقات. السنن الكبرى 7/ 469.
(4)
انظر: الإشراف 1/ 123.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 340.
(6)
في الأصل: «أولى» .
(7)
سقط من: الأصل.
(8)
في الأصل: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بها أَوْلَى. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه متى ثَبَتَ الإِعْسارُ بالنَّفقةِ على الإِطْلاقِ، فللمرأةِ المُطالَبَةُ بالفَسْخِ، مِن غيرِ إنْظارٍ (1). وهذا أحَدُ قَوْلَى الشَّافِعِىِّ. وقال حَمَّادُ بنُ أبى سليمانَ: يُؤَجَّلُ سنةً قِياسًا على العِنِّينِ. وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: اضْرِبُوا له (2) شَهْرًا أو شَهْرَيْن (3). وقال مالِكٌ: الشَّهْر ونحوُه. وقال الشافعىُّ في القولِ الآخَرِ: يُؤَجَّلُ ثَلاثًا؛ لأنَّه قَرِيبٌ. ولَنا، ظاهِرُ حديثِ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عَنه، ولأنَّه مَعْنًى يُثْبِتُ الفَسْخَ، ولم يَرِدِ الشَّرْعُ بالإِنْظارِ (4) فيه، فأثْبَتَ الفَسْخَ في الحالِ، كالعَيْبِ، ولأَنَّ سبَبَ الفَسْخِ الإِعْسارُ، وقد وُجِدَ، فلا يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ.
فصل: فإن لم يَجِدْ إلَّا نَفَقةَ يَوْمٍ بيَوْمٍ، فليس ذلك إعْسارًا يَثْبُتُ به الفَسْخُ؛ لأَنَّ ذلك هو الواجِبُ عليه، وقد قَدَرَ عليه. وإن وَجَدَ في أوَّلِ النَّهارِ (5) ما يُغَدِّيها، وفى آخِرِه ما يُعَشِّيها، لم يَكُنْ لها الفَسْخُ؛ لأنَّها تَصِلُ
(1) في الأصل، تش:«انتظار» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
انظر ما أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 96. وابن أبى شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يعجز عن نفقة امرأته. . .، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 213، 214.
(4)
في الأصل: «بالانتظار» .
(5)
في تش: «الزمان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى كِفايَتِها وما يقُومُ به بَدَنُها. وإن كان صانِعًا يَعْمَلُ في الأُسْبُوعِ ما يَبيعُه في يومٍ بقَدْرِ كِفايَتِها في الأُسْبُوعِ كلِّه، لم يَثْبُتِ الفَسْخُ؛ لأَنَّ هذا يُحَصِّلُ الكِفايَةَ في جَميعِ زَمانِه. وإن تَعَذَّرَ عليه الكَسْبُ في بعْضِ زَمانِه، أو تَعَذَّرَ عليه (1) البَيْعُ، لم يَثْبُتِ الفَسْخُ؛ لأنَّه يُمْكِنُ الاقْتِراضُ إلى زَوالِ العارِضِ، وحُصُولِ الاكْتِسابِ، وكذلك إن عَجَزَ عن الاقْتِراضِ أيَّامًا يَسِيرَةً؛ لأَنَّ ذلك يَزُولُ عن قَرِيبٍ، ولا يَكادُ يَسْلَمُ منه كثيرٌ مِن الناسِ. وإن مَرِضَ مَرَضًا يُرْجَى زَوالُه (2) في أيَّامٍ يَسِيرَةٍ، لم يُفْسَخْ؛ لما ذكَرْناه. وإن كان ذلك يَطُولُ، فلها الفَسْخُ، لأَنَّ الضَّرَرَ الغالِبَ يَلْحَقُها، ولا يُمْكِنُها الصَّبْرُ. وكذلك إن كان لا يَجِدُ مِن النَّفقةِ إلَّا يَوْمًا دُونَ يومٍ، لأنَّها لا يُمْكِنُها الصَّبْرُ على هذا، فهو كمَن لا يَجِدُ إلَّا بعضَ القُوتِ. وإن أعْسَرَ ببَعْضِ نَفقةِ المُعْسِرِ، ثَبَتَ لها الخِيَارُ، لأَنَّ البَدَنَ لا يقومُ بما دُونَها. فإن أعْسَرَ بما زادَ على نَفَقةِ المُعْسِرِ، فلا خِيارَ لها؛ لأَنَّ تلك الزِّيادَةَ تَسْقُطُ بإعْسارِه، ويُمْكِنُ الصَّبْرُ عنها.
(1) زيادة من: تش.
(2)
في ق، م:«برؤه» .