الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي استِبْرَاءِ الْإِمَاءِ
وَيَجِبُ الاسْتِبْرَاءُ فِي ثَلَاثةِ مَوَاضِعَ؛ أحَدُهَا، إِذَا مَلَكَ أمَةً، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا الاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِمُبَاشَرَةٍ وَلَا قُبْلَةٍ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، إلا المَسْبِيَّةَ، هَلْ لَهُ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ،
ــ
بابٌ في استِبْراءِ الإِماءِ
(ويجبُ الاسْتِبْراءُ في ثلاثةِ مواضعَ؛ أحدُها، إذا مَلَكَ أمَةً، لم يَحِلَّ له وَطْؤُها ولا الاسْتِمْتاعُ بها بمُباشَرَةٍ أو قُبْلَةٍ حتى يَسْتَبْرِئَها، إلَّا المَسْبِيَّةَ، هل له الاسْتِمْتاعُ منها بما دُونَ الفَرْجِ؟ على رِوايَتَين) مَن مَلَكَ أمَةً بسَبَبٍ مِن أسْبابِ المِلْكِ؛ كالبيعِ، والهِبَةِ، والإِرْثِ، وغيرِ ذلك، لم يَحِلَّ له وَطْؤُها حتى يَسْتَبْرِئَها، بِكْرًا كانت أو ثَيِّبًا، صَغِيرةً أو كبيرةً، ممَّن تَحْمِلُ أو ممَّن (1) لا تَحْمِلُ. هذا قولُ الحسنِ، وابنِ سِيرِينَ، وأكثرِ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أهلِ العِلْمِ؛ منهم مالكٌ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْي. وقال ابنُ عمرَ: لا يجبُ اسْتِبْراءُ البِكْرِ. وهو قولُ داودَ؛ لأنَّ الغَرَضَ بالاسْتِبْراءِ مَعْرِفَةُ بَراءَتِها مِن الحَمْلِ، وهذا مَعْلُومٌ في البِكْرِ، فلا حاجةَ إلى الاسْتِبْراء. وقال اللَّيثُ: إن كانتْ ممَّن لا يَحْمِلُ مِثْلُها، لم يَجِبِ اسْتِبْراؤُها [لذلك. وقال عثمانُ البَتِّيُّ: يجبُ الاسْتِبْراءُ على البائعِ دونَ المُشْتَرِي؛ لأنَّه لو زَوَّجَها، لكان الاسْتِبْراءُ] (1) على السَّيِّدِ دونَ الزَّوْجِ، كذلك ههُنا. ولَنا، ما روَى أبو سعيدٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عامَ أوْطَاسٍ أن تُوطَأ حامِلٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرُ حامِلٍ حتى تَحِيضَ. روَاه أحمدُ في «المسندِ» (2). وعن رُوَيفِعِ بنِ ثابتٍ، قال: إنَّنِي لا أقولُ إلَّا ما سَمِعْتُ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سمِعْتُه يقولُ:«لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، أنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأةٍ مِنَ السَّبْي حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بحَيضَةٍ» . رواه أبو داودَ (3). وفي لفظٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَينٍ يقولُ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْم الآخِرِ، [فَلَا يَسْقِ مَاءَه زَرْعَ غَيرِه، ومَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ](1)، فَلَا يَطَأْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْي
(1) سقط من: الأصل.
(2)
تقدم تخريجه في 2/ 390. وهو عند أبي داود في 1/ 497.
(3)
تقدم تخريجه في 20/ 336.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بحَيضَةٍ». رواه الأثْرَمُ (1). ولأنَّه مَلَكَ جارِيةً مُحَرَّمَةً عليه، فلم تَحِلَّ له قبلَ اسْتِبْرائِها، كالثَّيِّبِ (2) التي تَحْمِلُ، ولأنَّه سَبَبٌ وَجَبَ للاسْتِبْراءِ، فلم تَفْتَرِقِ الحالُ فيه بينَ البِكْرِ والثَّيِّبِ، والتي تَحْمِلُ والتي لا تَحْمِلُ، كالعِدَّةِ. قال أبو عبدِ اللهِ: قد بَلَغَنِي أنَّ العَذْراءَ تَحْمِلُ. فقال له بعضُ أهْلِ المجْلِسِ: نعم، قد كان في جِيرانِنا. وذَكَره بعضُ أصْحابِ الشافعيِّ. وما ذكَرُوه يَبْطُلُ بما إذا اشْتَراها مِن امرأةٍ أو صَبِيٍّ، أو مَن تَحْرُمُ عليه برَضاعٍ أو غيرِه، وما ذكَرَه البَتِّيُّ (3) لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المِلْكَ قد يكونُ بالسَّبْي والإرْثِ والوَصِيَّةِ، فلو لم يَسْتَبْرِئْها المُشتَرِي، أفْضَى إلى اخْتِلاطِ المِياهِ، واشْتِباهِ الأنْسابِ. والفَرْقُ بينَ البَيعِ والتَّزْويجِ، أنَّ التزويجَ لا يُرادُ إلَّا للاسْتِمْتاعِ، فلا يجوزُ إلَّا في مَن تَحِلُّ له، فوَجَبَ أن يتقَدَّمَه الاسْتِبْراءُ، ولهذا لا يَصِحُّ تَزْويجُ مُعْتَدَّةٍ، ولا مُرْتَدَّةٍ، ولا مَجُوسِيَّةٍ، ولا وَثَنِيَّةٍ، ولا مُحَرَّمَةٍ بالرَّضاعِ ولا المُصاهَرَةِ، والبيعُ يُرادُ لغيرِ ذلك، فصَحَّ قبلَ الاسْتِبْراءِ، ولهذا صَحَّ في هذه المُحَرَّماتِ، ووَجَبَ الاسْتِبْراءُ على المُشْتَرِي؛ لِما ذَكَرْناه.
(1) بنحوه أخرجه أبو داود فيما تقدم. وذكر أن زيادة: «بحيضة» وهم في هذا الحديث من أبي معاوية، وهي صحيحة في حديث أبي سعيد.
(2)
في م: «كالبنت» .
(3)
سقط من: الأصل.