الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرّضَاعِ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ.
ــ
3920 - مسألة: (والسَّعُوطُ والوَجُورُ كالرَّضاعِ، في إحْدَى الرِّوايَتَين)
السَّعُوطُ؛ أن يُصَبَّ في أنْفِه اللَّبَنُ مِن إناءٍ أو غيرِه، فيَدْخُلَ حَلْقَه. والوَجُورُ؛ أن يُصَبَّ في حَلْقِه مِن غيرِ الثَّدْيِ. واخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ في التَّحْريمِ بهما، فأصَحُّ الرِّوايتَين أنَّ التَّحْريمَ يَثْبُتُ بهما، كما يَثْبُت بالرَّضاعِ. وهو قولُ الشَّعْبِيِّ، والثّوْرِيِّ، وأصْحابِ الرَّأي. وبه قال مالكٌ في الوَجُورِ. والثانيةُ، لا يَثْبُتُ التَّحْريمُ بهما. وهو اخْتِيارُ أبي بكرٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومذهبُ داودَ، وقولُ (1) عطاءٍ الخُراسانِيِّ في السَّعُوطِ؛ لأنَّ هذا ليس برَضاعٍ، وإنَّما حَرَّمَ الله تعالى ورسولُه بالرَّضاعِ، ولأنَّه حَصَلَ مِن [غيرِ ارْتِضاعٍ](2)، فأشْبَهَ ما لو حَصَلَ مِن جُرْحٍ في بَدَنِه (3). ولَنا، ما روَى ابنُ مسعودٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا رَضَاعَ إلَّا ما أنْشَزَ العَظْمَ، وأنْبَتَ اللَّحْمَ» . رواه أبو داودَ (4). ولأنَّ هذا يَصِلُ إليه اللَّبَنُ، كما يَصِلُ بالارْتِضاعِ، ويحْصُلُ به مِن إنْباتِ اللَّحْمِ وإنْشازِ العَظْمِ ما يحْصُلُ بالرَّضاعِ، فيجبُ أن يُساويَه في التَّحْريمِ، والأنفُ (5) سَبِيلٌ لفِطْرِ الصائِمِ، فكان سَبِيلًا للتَّحْريمِ، كالرَّضاعِ بالفَمِ.
فصل: وإنَّما يُحَرِّمُ مِن ذلك كالذي يُحَرِّمُ بالرَّضاعِ، وهو خَمْسٌ في الرِّوايةِ المَشْهُورة، فإنَّه فَرْعٌ على الرَّضاعِ، فيأخُذُ حُكْمَه، فإنِ ارْتَضَعَ دُونَ الخَمْسِ، وكَمَّلَ الخَمْسَ بسَعُوطٍ ووَجُورٍ، أو أُسْعِطَ وأُوجِرَ، وكَمَّلَ الخَمْسَ برَضاعٍ، ثَبَتَ التَّحْريمُ؛ لأنَّا جعلْناه كالرَّضاعِ
(1) سقط من: م.
(2)
في تش: «غيره» .
(3)
في الأصل: «ثديه» .
(4)
في: باب في رضاعة الكبير، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 475.
كما أخرجه الإِمام أَحْمد، في: المسند 1/ 432. وضعفه في الإرواء 7/ 223، 224.
(5)
في الأصل، تش:«للأنف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في أصْلِ التَّحْريمِ، فكذلك في إكمالِ العَدَدِ، ولو حُلِبَ في إناءٍ لَبَنٌ دَفْعةً واحدةً، ثم سُقِيَ الغُلامُ في خَمْسةِ أوْقاتٍ، فهو خَمْسُ رَضَعاتٍ، فإنَّه لو أكَلَ مِن طَعامٍ خَمْسَ دَفَعاتٍ مُتَفَرِّقاتٍ، لَكان قد أكَلَ خَمْسَ أكَلاتٍ. وإن حُلِبَ في إناءٍ خَمْسُ حَلَباتٍ في خَمْسةِ أوْقاتٍ، ثم سُقِيَ دَفْعةً واحِدَةً، كان رَضْعةً واحدةً، كما لو جَعَلَ الطَّعامَ في إِناءٍ واحدٍ في خمسةِ أوْقاتٍ، ثم أكَلَه دَفْعة واحدةً، كان أكلةً واحدَةً. وحُكِيَ عن الشافعيِّ في الصُّورتَين عكسُ ما قُلْناه، اعْتِبارًا بخُرُوجِه مِن المرأةِ؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بالرَّضاعِ، والوَجُورُ فَرْعُه. ولَنا، أنَّ الاعْتِبارَ بِشُرْبِ الصبيِّ له؛ لأنَّه المُحَرِّمُ، ولهذا يَثْبُتُ التَّحْريمُ به مِن غيرِ رَضاعٍ، ولو ارْتَضَعَ بحيثُ يَصِلُ إلى فِيهِ، ثم مَجَّه، لم يَثْبُتِ التَّحْريمُ، فكان الاعْتِبارُ به، وما وُجِدَ منه إلَّا دَفْعةٌ واحدَةٌ، فكان رَضْعةً واحدةً. وإن سَقَتْه (1) في أوْقاتٍ، فقد وُجِدَ في خَمْسةِ أوْقاتٍ، فكان خمْسٍ رَضَعاتٍ. فأمَّا إن سَقَتْه (1) اللَّبَنَ المَجْمُوعَ جُرْعةً [بعدَ جُرْعَةٍ](2) مُتَتابعة، فظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ أنَّه رَضْعةٌ واحدةٌ؛ لأنَّ المُعْتَبَرَ في الرَّضْعَةِ العُرْفُ، وهم لا يَعُدُّونَ هذا رَضَعاتٍ، فأشْبَهَ ما لو أكَلَ الطَّعامَ لُقْمَةً [بعد لُقْمَةٍ](2)، فإنَّه لا يُعَدُّ أكَلاتٍ.
(1) في م: «سقاه» .
(2)
سقط من: الأصل.