الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَقِيلَ: ذَلِكَ يَنْبَنِى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ
ــ
قال: كنتُ أضْرِبُ غُلامًا لى، وإذا رَجُلٌ مِن خَلْفِى يقولُ:«اعْلَمْ أبا مَسْعُودٍ، [اعْلَمْ أبا مَسْعُودٍ» ] (1). فالْتَفَتُّ إليه (2)، فإذا النبىُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ:«اعْلَمْ أبا مَسْعُودٍ [أنَّ اللَّهَ] (3) أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ على هذا الغُلَامَ» (4).
4026 - مسألة: (وللعَبْدِ التَّسَرِّى بإذْنِ سَيِّدِه، ولو مَلَّكَه سَيِّدُه
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «للَّه» .
(4)
أخرجه مسلم، في: باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1280، 1281. وأبو داود، في: باب في حق المملوك، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 633. والترمذى، في: باب النهى عن ضرب الخدم، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذى 8/ 129. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 120.
فِى مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسَرِّى بِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ.
ــ
جارِيَةً، لم يَكُنْ له التَّسَرِّى بها إلَّا بإذْنِه) هذا هو المَنْصُوصُ عن أحمدَ، في روايةِ الجماعةِ. وهو قولُ ابنِ عمرَ، وابنِ عباسٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، والزُّهْرِىِّ، ومالكٍ، والأوْزَاعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ. وكَرِهَ ذلك ابنُ سِيرِينَ، وحَمَّادُ ابنُ أبى سُليمانَ (1)، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. وللشافعىِّ فيه قوْلان مَبْنِيّان على أنَّ العَبْدَ هل يملكُ بتَمْلِيكِ سَيِّدِه أو لا؟ وقال القاضى: يجبُ أن يكونَ في مذهبِ أحمدَ في تَسَرِّى العَبْدِ، وَجْهان مَبْنِيّان على الرِّوايتَيْن في ثُبُوتِ المِلْكِ له (2) بتَمْليكِ سَيِّدِه. واحْتَجَّ مَن مَنَعَ ذلك بأنَّ العَبْدَ لا يَمْلِكُ المالَ، ولا يجوزُ الوَطْءُ إلَّا في نِكاحٍ أو ملكِ يَمِينِ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (3). ولَنا، قولُ ابنِ عمرَ، وابنِ عباسٍ، ولانَعْرِفُ لهما في الصَّحابةِ مُخالِفًا.
(1) في الأصل: «سلمة» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سورة المؤمنون 6، 7.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورَوى الأَثْرَمُ عن ابنِ عمرَ بإسْنادِه، أنَّه كان لا يَرَى بأْسًا أن يَتَسَرَّى العَبْدُ. ونحوَه عن ابنِ عباسٍ (1). ولأَنَّ العَبْدَ يملكُ في النِّكاحِ، فملكَ التَّسَرِّىَ، كالحُرِّ. وقولُهم. إنَّ العَبْدَ لا يملِكُ المالَ. مَمْنُوعٌ؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ باعَ عَبْدًا وله مَالٌ» (2). فجعَلَ المالَ له، ولأنَّه آدَمِىٌّ، فيَمْلِكُ المالَ، كالحُرِّ، وذلك لأنَّه بآدَمِيَّتِه يتَمَهَّدُ لأهْلِيَّةِ المِلْكِ، إذ (3) كان اللَّهُ تعالى خَلَقَ الأمْوالَ للآدَمِيِّينَ ليَسْتَعِينُوا بها على القِيامِ بوظائِفِ التَّكالِيفِ، وأداءِ العِباداتِ، قال اللَّهُ تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (4). والعَبْدُ داخِلٌ في العُمُومِ، ومِن أَهْلِ التَّكاليفِ والعِباداتِ، فيكونُ أهْلًا للمِلْكِ، ولذلك (5) مَلَك في النِّكاحِ، وإذا ثَبَتَ المِلْكُ للجَنِينِ مع كَوْنِه نُطْقَةً لا حَياةَ فيها، باعْتِبارِ مآلِه إلى الآدَمِيَّةِ،
(1) وأخرجه عن ابن عمر وابن عباس عبد الرزاق، في: باب استسرار العبد، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 214، 215. وسعيد بن منصور، في: باب المرأة تلد لستة أشهر، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 69، 70. وابن أبى شيبة، في: باب ما قالوا في العبد يتسرى. . .، من كتاب النكاح. المصنف 4/ 174. والبيهقى، في: باب ما جاء في تسرى العبد، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 152.
(2)
تقدم تخريجه في 6/ 303.
(3)
في الأصل: «إذا» .
(4)
سورة البقرة 29.
(5)
في م: «كذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالعَبْدُ الذى هوَ آدَمِىٌّ مُكَلَّفٌ أَوْلَى. ولا يَجوزُ له التَّسَرِّى إلَّا بإذْنِ سَيِّدِه، ولو مَلَّكَه سَيِّدُه جاريةً، لم يَكُنْ له وَطْؤُها حتىِ يأْذَنَ له (1) فيه؛ لأَنَّ مِلْكَه ناقِصٌ، ولِسَيِّدِه نَزْعُه منه متى شاءَ مِن غيرِ فسْخِ عَقْدٍ، فلم يَكُنْ له التَّصَرُّفُ فيه إلَّا بإذْنِ سَيِّدِه، فإن أذِنَ له فقال: تَسَرَّاها. أو: أذِنْتُ لك في وَطْئِها. أو ما دَلَّ عليه، أُبِيحَ له، وما وُلِدَ له مِن التَّسَرِّى فحُكْمُه حُكْمُ مِلْكِه؛ لأَنَّ الجارِيَةَ مَمْلُوكَةٌ له، فكذلك وَلَدُها، وإن تَسَرَّى بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، فالوَلَدُ مِلْكٌ لسَيِّدِه.
فصل: وإذا أذِنَ له السيِّدُ في أكْثَرَ مِن واحدَةٍ، فله التَّسَرِّى بما شاءَ.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأَنَّ مَن جازَ له التَّسَرِّى، جازَ له بغيرِ حَصْرٍ، كالحُرِّ. وإن أذِنَ له وأطْلَقَ، فله التَّسَرِّى بواحدَةٍ، وكذلك إذا أذِنَ له في التَّزْوِيجِ، لم (1) يَجُزْ أن يتَزَوَّجَ أكْثَرَ مِن واحدةٍ. وبهذا قال أصْحابُ الرَّأْى. وقال أبو ثَوْرٍ: إذا أذِنَ له في التَّزْوِيجِ، فعَقَدَ على اثْنَتَيْن في عَقْدٍ، جازَ. ولَنا، أنَّ الإِذْنَ المُطْلَقَ يتَناولُ أقَلَّ ما يقعُ عليه الاسْمُ يَقِينًا، وما زادَ مَشْكُوكٌ فيه، فيَبْقَى على الأَصْلِ، كما لو أذِنَ له في طَلاقِ امْرأتِه، لم يَكُنْ له أن يُطَلِّقَ أكْثَرَ مِن طَلْقَةٍ، ولأَنَّ الزَّائِدَ على (2) الواحدةِ يَحْتَمِل أن يكونَ غيرَ مُرادٍ، فيَبْقَى على أصْلِ التَّحْريمِ، كما لو شَكَّ في أصْلِ الإذْنِ.
فصل: نقلَ محمدُ بنُ مَاهَان عن أحمدَ: لا بأْسَ للعَبْدِ أن يَتَسَرَّى إذا أذِنَ له سَيِّدُه، فإن رَجَعَ السَّيِّدُ، فليس له أن يَرْجِعَ إذا أذِنَ له مَرَّةً [وتَسَرَّى](3). وكذلك نَقَلَ عنه إبْراهيمُ بنُ هانِئٍ، ويَعْقوبُ ابنُ بَخْتانَ، ولم أرَ عنه خِلافَ هذا، فظاهِرُه أنُّه إذا تَسَرُّى بإذْنِ السُّيِّدِ، لم يَمْلِكِ السَّيِّدُ
(1) في م: «ولم» .
(2)
في ق، م:«عن» .
(3)
سقط من: الأصل.