الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَتَجِبُ نَفَقَةُ ظِئْرِ الصَّبِىِّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْمَرأَةِ مِنْ وَضَاعِ وَلَدِهَا إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ.
ــ
نَفْسِها، ونَفَقَتُها على نَفْسِها ممَّا في يَدِها، فكذلك نَفَقةُ ولَدِها. وأمَّا زَوْجُها المُكاتَبُ، فليس عليه نَفَقَتُهم؛ لأنَّهم عَبِيدٌ لسَيِّدِ المُكاتَبةِ، فإن أرادَ المُكاَتَبُ التَّبَرُّعَ بالنَّفَقةِ على ولَدِه، مِن أمَةٍ أو مُكاتَبَةٍ لغيرِ سَيِّدِه أو حُرَّةٍ، فليس له ذلك؛ لأَنَّ فيه تَغْرِيرًا بمالِ سَيِّدِه. وإن كان مِن أمَةٍ لسَيِّدِه، جازَ؛ لأنَّه مَمْلُوكٌ لسَيِّدِه، فهو يُنْفِقُ عليه مِن المالِ الذى تَعَلَّقَ به حَقُّ سَيِّدِه، وإن كان مِن مُكاتَبَةٍ لسَيِّدِه، احْتَمَلَ الجَوازَ؛ لأنَّه في الحالِ بمَنْزِلةِ أُمِّه (1)، وأُمُّه مَمْلُوكَةٌ لسَيِّدِها. واحْتَمَلَ أن لا يجوزَ؛ لأَنَّ فيه تَغْرِيرًا، ويَحْتَمِلُ أن يَعْجِزَ هو، وتُؤَدِّىَ المُكاتَبَة، فيَعْتِقُ وَلَدُها، فيَحْصُلُ الإِنْفاقُ عليه من مالِ سَيِّدِه، ويَصِيرُ حُرًّا.
فصل: (وتجبُ نَفَقَةُ ظِئْرِ (2) الصَّبِىِّ على مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُه) لأَنَّ نَفَقةَ ظِئْرِ الصَّبِىِّ (3) الصَّغيرِ كنَفَقةِ الكَبيرِ، ويَخْتَصُّ وجُوبُ النَّفقةِ بالأبِ وحدَه، كالكَبِيرِ.
4011 - مسألة: (وليس له مَنْعُ المرْأةِ مِن رَضاعِ وَلَدِها إذا طَلَبَتْ
(1) في الأصل: «أمته» .
(2)
الظئر: المرضعة غير ولدها.
(3)
زيادة من: تش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك) إذا طلبتِ الأُمُّ رَضاعَ ولَدِها بأجْرِ مِثْلِها، فهى أحَقُّ به، سواءٌ كانت في حالِ الزَّوْجِيَّةِ أو بعدَها، وسواءٌ وَجَدَ الأبُ مُرْضِعَةً مُتَبَرِّعَةً أو لم يجدْ. وقال أصْحابُ الشافعىِّ: إن كانت في حِبالِ الزَّوْجِ، فلِزَوْجِها مَنْعُها مِن رَضاعِه، لأنَّه يُفَوِّتُ حَقَّ الاسْتِمْتاعِ بها في بعضِ الأحْيانِ، وإنِ اسْتَأْجرَها على رَضاعِه، لم يَجُزْ؛ لأَنَّ المنافِعَ حَقٌّ له، فلا يَجوزُ أن يَسْتأْجِرَ منها (1) ما هو أو بعضُه حَقٌّ له. وإن أرْضَعَتِ الولَدَ، فهل لها أجْرُ المِثْلِ؟ على وَجْهَيْن. وإن كانت مُطلَّقَةً، فطَلَبَتْ أجْرَ المِثْلِ، فأرادَ انْتِزاعَه منها ليُسَلِّمَه إلى مَن يُرضِعُه بأجْرِ المِثْلِ أو أكثرَ، لم يكُنْ له ذلك. وإن وجَدَ مُتَبَرِّعَةً أو مُرْضِعَةً [بدونِ أجْرِ](2) المِثْلِ، فله انتِزاعُه منها، في ظاهرِ المذْهَبِ، لأنَّه لا يَلْزَمُه الْتِزامُ المُؤْنَةِ مع دَفعَ حاجةِ الولَدِ بدُونِها. وقال أبو حنيفةَ: إن طَلَبَتِ الأُجْرَةَ، لم يَلْزَمِ الأبَ بَذْلُها، ولا يَسْقُطُ حَقُّها مِن الحَضانَةِ، وتأْتِى المُرْضِعَةُ تُرْضِعُه عندَها، لأنَّه أمْكَنَ الجَمْعُ بينَ الحَقَّيْن، فلم يَجُزِ الإِخْلالُ بأحَدِهما. ولَنا، قولُه سُبْحانه:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (3). فقَدَّمَهُنَّ على غيرِهنَّ، وهذا خبرٌ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «بأجر» .
(3)
سورة البقرة 233.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُرادُ به الأمْرُ، وهو عامٌّ في حَقِّ (1) كُلِّ والدةٍ. وقولُه:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (2). ولَنا، على جوازِ الاسْتِئْجارِ، أنَّه عَقْدُ إجارَةٍ يَجُوزُ مع غيرِ الزَّوْجِ إذا أذِنَ فيه، فجازَ مع الزَّوْجِ، كإجارَةِ نَفْسِها للخِياطَةِ. وقَوْلُهم: إنَّ المنافعَ مَمْلُوكَةٌ له (3). لا يَصِحُّ؛ فإنَّه لو مَلَكَ مَنْفَعَةَ الحضانَةِ، لمَلَكَ إجْبارَها عليها، ولم يَجُزْ إجارةُ نَفْسِها لغيرِه بإذْنِه، [ولَكانتِ](4) الأُجْرةُ له، وإنَّما امْتَنَعَ إجارةُ نَفْسِها لأجْنَبِى بغيرِ إذْنِه، لِما فيه مِن تَفْوِيتِ الاسْتِمْتاعِ في بعضِ الزَّمانِ، ولهذا جازتْ بإذْنِه، وإذا اسْتأْجَرَها، فقد أذِنَ لها في إجارةِ نَفْسِها، فصَحَّ، كما يَصِحُّ مِن الأجْنَبِىِّ. وأمَّا الدَّليلُ على وُجُوبِ تَقْديم الأُمِّ، إذا طَلَبَتْ أجْرَ مِثْلِها، على المُتَبَرِّعَةِ، فما ذكَرْنا مِن الآيتَيْن. ولأَنَّ الأمَّ أحْنَى وأشْفَقُ، ولَبَنَها أمْرَأُ مِن لَبَنِ غيرِها، فكانت أحَقَّ به مِن غيرِها، كما لو طَلَبَتِ الأجْنَبِيَّةُ رَضاعَه بأجْرِ مِثْلِها، ولأَنَّ في رَضاعِ غيرِها تَفْوِيتًا لحَقِّ الأمِّ مِن الحَضانَةِ،
(1) سقط من: م.
(2)
سورة الطلاق 6.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل: «أو كانت» .
وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا، وَوُجِدَ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ، فَهِىَ أَحَقُّ،
ــ
وإضْرارًا بالوَلَدِ، ولا يَجوزُ تَفْوِيتُ حَقِّ الحضانَةِ الواجبِ، والإِضْرارُ بالولَدِ لغَرَضِ إسْقاطِ حَقٍّ أوْجَبَه اللَّهُ تَعالى على الأبِ. وقولُ أبى حنيفةَ يُفْضِى إلى تَفْوِيتِ حَقِّ [الولدِ مِن](1) لَبَنِ أُمِّه، وتَفْويتِ الأُمِّ في إرْضاعِه لَبَنَها، فلم يَجُزْ ذلك، كما لو تَبَرَّعَتْ برَضاعِه. فأمَّا إن طَلَبَتِ الأُمُّ أكثرَ مِن أجْرِ مِثْلِها، ووَجَدَ الأبُ مَن يُرْضِعُه بأجْرِ مِثْلِها، أو (2) مُتَبَرِّعَةً، جازَ انْتِزاعُه منها؛ لأنَّها أسْقَطَتْ حَقَّها [باشْتِطاطِها، وطَلَبِها](3) ما ليس لها، فدَخَلَتْ في قولِه تعالى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (4). وإن لم يجدْ مُرْضِعَةً إلَّا بتلك الأُجْرَةِ، فالأُمُّ أحَقُّ؛ لأنَّهُما تساوتا في الأجْرِ، فقُدِّمَتِ الأُمُّ، كما لو طَلَبَتْ كلُّ واحدَةٍ منهما أَجْرَ مِثْلِها.
فصل: وإن طَلَبَتِ المُزَوَّجَةُ بأجْنَبِىٍّ إرْضاعَ ولَدِها بأجْر مِثْلِها، بإذْنِ زَوْجِها، ثَبَتَ حَقُّها، وكانت أحَقَّ به مِن غيرِها؛ لأَنَّ الأمَّ إنَّما مُنِعَتْ مِن الإِرْضاعِ لحَقِّ (5) الزَّوْجِ، فإذا أذِنَ فيه، زالَ المانِعُ، فصارَتْ كغيرِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في الأصل: «بإسقاطها وطيها» .
(4)
سورة الطلاق 6.
(5)
في الأصل: «على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذاتِ الزَّوْجِ، وإن مَنَعَها الزَّوْجُ، سَقَطَ حَقُّها، لتَعَذُّرِ وُصُولِها إليه.
فصل: وإن أرْضَعَتِ المرأةُ ولَدَها، وهى في حِبالِ والدِه، فاحْتاجَتْ إلى زِيادَةِ نَفَقَةٍ، لَزِمَهُ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} . ولأنَّها تَسْتَحِقُّ عليه قَدْرَ كِفايَتِها، فإذا