الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهَا، كَالْأَعْمَى وَالطِّفْلِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَيهَا.
ــ
لَحِقَه نَسَبُه، وإن لم يَطَأْها. وقد رُوِيَ عن أحمدَ أنَّ الصَّداقَ لا يكْمُلُ معِ وُجُودِ المانعِ، فكذلك يُخَرجُ في العِدَّةِ. ورُوِيَ عنه أن صَوْمَ شَهْرِ رمضان يَمْنَعُ كَمال الصَّداقِ مع الخَلْوَةِ، وهذا يدُلُّ على أنَّ (1) المانِعَ متى كان مُتَأكِّدًا، كالإِحْرامِ وشِبْهِه، مَنَع (2) كمال الصَّداقِ، ولم تَجِبِ العِدَّةُ؛ لأنَّ الخَلْوَةَ إنَّما أُقِيمَتْ تُقامَ المَسِيسِ لأنَّها مَظَنَّةٌ له، ومع المانعِ لا تَتَحَقَّقُ المَظِنَّةُ.
3841 - مسألة: (إلَّا أنْ لا يَعْلَمَ بها، كالأَعْمَى والطِّفْلِ، فلا عِدَّةَ عليها)
ولَا يَكْمل صَداقُها؛ لأن المَظِنَّةَ لا تَتَحَقَّقُ، وكذلك إن كانت صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُها، أو لم تَكنْ مُطاوعَةً؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ المَظِنَّةِ مع ظُهُورِ اسْتِحَالةِ المَسِيسِ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «مع» .
وَالْمُعْتَدَّاتُ عَلَى سِتَّةِ أَضْرُبٍ؛ إِحْدَاهُنَّ، أُولَاتُ الأَحْمَالِ، أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ، حَرَائِرَ كُنَّ أَوْ إِمَاءً، مِنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ أَو الْمَمَاتِ.
ــ
(والمُعْتَدَّاتُ على سِتَّةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُها، أُولَاتُ الأحْمالِ، أجَلُهُنَّ أن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ، حَرائِرَ كُنَّ أو إماءً، مِن فُرْقَةِ الحَياةِ أو المَماتِ) كلُّ امرأةٍ حاملٍ مِن زَوْجٍ، إذا فارقَتْ زَوْجَها بطلاقٍ أو فسخٍ أو موتِه عنها، حُرَّةً كانت أو أمَةً، مُسْلِمةً أو كافرَةً، فعِدَّتُها بوضْعِ الحَمْلِ؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . وهذا إجْماعُ أهلِ العلمِ (1)، إلَّا أنَّه رُوِيَ عن ابنِ عَباسٍ، وعن عليٍّ مِن وَجْهٍ، أن المُتَوَفَّى عنها. زَوْجُها تَعْتَدُّ بأطْوَلِ (2) الأجَلَين. وقاله أبو السَّنابلِ بنُ بَعْكَكٍ (3)، في حَياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم قولَه (4). وقد رُوِيَ
(1) في ق، م:«المدينة» .
(2)
في الأصل، تش:«بأقل» .
(3)
أبو السنابل بن بعكك بن الحجاج بن الحارث القرشي العبدرى، اسمه حَبَّة، وقيل عمرو، أسلم في الفتح، وهو من المؤلفة قلوبهم، وكان شاعرًا وسكن الكوفة، ومات بمكة. الاستيعاب 4/ 1684، أسد الغابة 1/ 439، 6/ 156، 157.
(4)
يأتي الحديث بتمامه قريبًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن ابنَ عَباسٍ رَجَعَ إلى قَوْلِ الجماعةِ لمَّا بَلَغه حَديثُ سُبَيعَةَ (1). وكَرِهَ الحسنُ، والشَّعْبِيُّ، أن تنْكحَ في (2) دَمِهَا. وحُكِيَ عن إسْحاقَ، وحَمادٍ، أنَّ عِدَّتَها لا تَنْقَضِي حتى تَطْهُرَ. وأبَى سائِرُ أهلِ العلمِ هذا القولَ، وقالوا: لو وَضَعَتْ بعدَ ساعةٍ مِن وفاةِ زَوْجِها، حَلَّ لها أن تَتَزَوَّجَ، ولكن لا يَطَؤُها زَوْجُها حتى تَطْهُرَ مِن نِفاسِها وتَغْتَسِلَ، وذلك لقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . ورُوِيَ عن أُبَيِّ بنِ (3) كَعْبٍ، قال: قلتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا والمُتَوَفى عنها زَوْجُها؟ قاك: «هِيَ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا، والمُتَوَفَّى عَنْهَا (4)» . وقال ابنُ مسعودٍ: مَن شاء باهَلْتُه -أو- لاعَنْتُه، أنَّ الآيةَ التي في سُورةِ النِّساءِ القُصْرَى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . نَزَلَتْ بعدَ التي في سورةِ البقرةِ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} (5). يعني أنَّ هذه الآيةَ هي الأخيرةُ، فتُقَدَّمُ على ما
(1) في الأصل: «شعبة» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
بعده في الأصل: «زوجها» . والحديث أخرجه عبد الله في زوائد المسند 5/ 116. وهو ضعيف. الإرواء 7/ 196.
(5)
أخرجه أبو داود، في: باب في عدة الحامل، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 539. والنسائي، في: باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 163، 164. وابن ماجه، في: باب الحامل المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 654.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَالفَها [مِن عُمومِ الآيةِ المتقدِّمةِ](1)، ويُخَصُّ بها عُمُومُها. وروَى عبدُ اللهِ بنُ الأرْقَمِ (2)، أن سُبَيعةَ الأسْلَمِيَّةَ أخْبَرَتْه أنَّها كانت تَحتَ سعدِ بنِ خوْلَةَ، وتُوُفِّيَ عنها في حَجَّةِ الوَداعِ وهي حاملٌ، فلم تَنْشَبْ (3) أن وضَعَتْ حَمْلَها بعدَ وفَاتِه، فلما تَعَلَّتْ (4) من نِفَاسِها، تجَمَّلَتْ للخُطَّابِ، فدَخَلَ عليها أبو السَّنابِلِ بنُ بَعْكَكٍ، فقال: ما لي أراكِ مُتَجَمِّلَةً، لعلَّك تَرْجِينَ النِّكاحَ؟ إنَّكِ واللهِ ما أنتِ بناكِحٍ حتى تَمُرَّ عليك أربعةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ. قالت سُبَيعَةُ: فلمَّا قال لي ذلك، جَمَعْت عليَّ ثِيابي حينَ أمْسَيتُ، فأتَيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسألتُه عن ذلك، فأفْتانِي بأنِّي قد حَلَلْتُ حينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وأمَرَنِي بالتَّزْويجِ إن بَدَا لي. مُتَّفَقٌ عليه (5).
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «الأثرم» .
(3)
في م: «تلبث» .
(4)
تعلت من نفاسها: سَلِمَت.
(5)
أخرجه البخاري معلقا، في: باب حدثني عبد الله بن محمد الجعفي، من كتاب المغازي. وموصولا، في: باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، من كتاب الطلاق. صحيح البخاري 5/ 102، 103، 7/ 73. ومسلم، في: باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها. . . .، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم 2/ 1122.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في عدة الحامل، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 538، 539. والترمذي، في: باب ما جاء في الحامل المتوفى عنها زوجها تضع، من أبواب الطلاق واللعان. عارضة الأحوذي 5/ 169، 170. والنسائي، في: باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 161 - 163. وبنحوه عند ابن ماجه، في: باب الحامل المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 653، 654. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 304، 305.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا حديث صحيحٌ (1)، قد جاء مِن وُجُوهٍ شَتَّى، كلُّها ثابتةٌ، إلَّا ما رُوِيَ عن ابنِ عباسٍ، ورُوِيَ عن عليٍّ مِن وَجْهٍ مُنْقَطِعٍ. ولأنَّها مُعْتَدَّةٌ حامِلٌ، فتَنْقَضِي عِدَّتُها بوَضْعِه كالمُطَلَّقَةِ، يُحَقِّقُه أن العِدَّةَ إنَّما شُرِعَتْ لمَعْرِفةِ بَراءَتِها مِن الحملِ، وَوَضْعُه أدَلُّ الأشْياءِ على البَراءَةِ منه، فوَجَبَ أن تنْقَضِيَ به العِدَّةُ، ولأنَّه لا خِلافَ في بَقاءِ العِدَّةِ بِبقاءِ الحملِ، فوَجَبَ أن تنْقَضِيَ به، كما في حَقِّ (2) المُطَلَّقَةِ.
فصل: وإذا كان الحَمْلُ واحِدًا، انْقَضَتِ العِدَّةُ بوَضْعِه، وانْفِصالِ جَميعِه، وإن ظَهَرَ بعضه، فهي في عِدَّتِها حتى يَنْفَصِلَ باقِيه، لأنَّها لا تكونُ واضِعَةً لحَمْلِها حتى يَخْرُجَ كله. وإن كان الحَمْلُ اثْنَينِ أو أكْثَرَ، لم تَنْقَضِ عِدَّتُها إلَّا بوَضْعِ الآخِرِ، لأنَّ الحملَ هو الجميِعُ. هذا قولُ جماعةِ أهلِ العلمِ، إلَّا أبا قِلابَةَ وعِكْرِمَةَ، فإنَّهما قالا: تنْقَضِي عِدَّتُها بوَضْعِ الأوَّلِ، ولا تَتَزوَّجُ حتى تَضَعَ الآخِرَ. وذكرَ ابنُ أبي شَيبَةَ (3)، عن قَتادَةَ، عن عِكْرِمَةَ، أنَّه قال. إذا وَضَعَتْ أحَدَهُما، فقد انْقَضَتْ
(1) في م: «حسن صحيح» . وانظر: التمهيد 20/ 33.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في: باب من قال: إذا وضعت أحدهما فقد حلت، من كتاب الطلاق. المصنف 5/ 176. وتقدم في 23/ 94.