الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ مَاتَ زَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا، وَلَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَبَينَ مَوْتِهِمَا أقَلُّ مِنْ شَهْرَينِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ، لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخِرِ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنَ الْوَفَاةِ حَسْبُ، وَإنْ كَانَ بَينَهُمَا أكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، أوْ جُهِلَتِ الْمُدَّةُ، لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخِرِ مِنْهُمَا أطْوَلُ الْأَمْرَينِ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ أوْ الاسْتِبْرَاءِ.
ــ
3906 - مسألة: (وإن مات زَوْجُها وسَيِّدُها، ولم يُعْلَمِ السَّابِقُ منهما، وبينَ مَوْتِهما أقَلُّ مِن شَهْرَين وخَمْسَةِ أيَّامٍ، لَزِمَها بعدَ مَوْتِ الآخِرِ منهما عِدَّةُ حُرَّةٍ مِن الوَفَاةِ حَسْبُ)
وليس عليها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّ السَّيِّدَ إن كان مات أوَّلًا، فقد مات وهي زَوْجَةٌ، وإن كان مات آخِرًا فقد مات وهي مُعْتَدَّةٌ، وليس عليها اسْتِبْراءٌ في هاتَين الحالتَين، وعليها أن تَعْتَدَّ بعدَ مَوْتِ الآخِرِ منهما عِدَّةَ حُرَّةٍ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّ سَيِّدَها مات أوَّلًا، ثم مات زَوْجُها وهي حُرَّةٌ، فلَزِمَتْها عِدَّةُ الحرائِرِ، لتَخْرُجَ مِن العِدَّةِ بيَقِينٍ. وكذلك على قولِ أبي بكرٍ؛ لأنَّه ليس عليها عِدَّةُ اسْتِبْراءٍ؛ لأنَّ فِراشَ سَيِّدِها قد زال عنها، ولم تَعُدْ إليه، فلَزِمَها عِدَّةُ حُرَّةٍ، لمَا ذكَرْنا.
3907 - مسألة: (وإن كان بينَهما أكْثَرُ مِن ذلك، أو جُهِلَتِ المُدَّةُ)
فعليها (بعدَ مَوْتِ الآخِرِ منهما أطْوَلُ الأجَلَينِ) مِن أرْبَعَةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ، واسْتِبْراءٍ بِحَيضَةٍ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّ السَّيِّدَ مات أوَّلًا، فيكونُ عليها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عِدَّةُ الحُرَّةِ مِن الوَفاةِ، ويَحْتَمِلُ أنَّه مات آخِرًا بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِها مِن الزَّوجِ، وعَوْدِها إلى فِراشِه، فوَجَبَ الجَمْعُ بينَهما، ليَسْقُطَ الفَرْضُ بيَقِينٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وعلى هذا جميعُ القائِلينَ مِن العلماءِ بأنَّ عِدَّةَ أمِّ الولَدِ مِن سَيِّدِها حَيضَةٌ، ومِن زَوْجِها شَهْران وخمسُ ليالٍ. وقولُ أصْحابِ الشافعيِّ في هذا الفَصْلِ كقَوْلِنا، وكذلك قولُ أبي حنيفةَ وأصْحابِه، إلَّا أنَّهم جَعَلُوا مكان الحَيضَةِ ثلاثَ حَيضاتٍ، بِناءً على أصْلِهِم في اسْتِبْراءِ أُمِّ الولَدِ. وقال ابنُ المُنْذِرِ (1): حُكْمُها حُكْمُ الإِماءِ، وعليها شَهْران وخمسةُ أيامٍ، ولا أنْقُلُها إلى حُكْمِ الحَرائِرِ إلَّا بإحاطَةِ أنَّ الزَّوجَ مات بعدَ المَوْلَى. وقيل: إنَّ هذا قولُ أبي بكرٍ عبدِ العزيزِ أَيضًا. والذي ذَكَرْناه أحْوَطُ.
فصل: فأمَّا المِيراثُ، فإنَّها لا تَرِثُ مِن زَوْجِها شَيئًا؛ لأنَّ الأصْلَ الرِّقُّ، والحُرِّيَّةُ مَشْكُوكٌ فيها، فلم تَرِثْ مع الشَّكِّ، والفَرْقُ بينَ العِدَّةِ والإرْثِ أنَّ إيجابَ العِدَّةِ عليها اسْتِظْهارٌ لا ضَرَرَ فيه على غيرِها، وإيجابَ
(1) انظر: الإشراف لابن المنذر 1/ 265، 266، حيث نقل هذا الكلام عن أبي ثور، وليس من كلام ابن المنذر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإرْثِ إسْقاطٌ لحَقِّ غيرِها، ولأنَّ الأصْلَ تَحْرِيمُ النِّكاحِ عليها، فلا يزولُ إلَّا بيَقِينٍ، والأصْلُ عَدَمُ المِيراثِ لها، فلا يَزولُ إلَّا بيَقِينٍ. فإن قيل: ألَيسَ زوجَةُ المَفْقُودِ لو [ماتت حَقَّقَ ميراثَها](1) مع الشَّكِّ في إرْثِه؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما أنَّ الأصْلَ ههُنا الرِّقُّ، والشَّكُّ في زَوالِه وحُدُوثِ الحالِ التي تَرِثُ فيها، والمفْقُودُ الأصْلُ حياتُه، والشَّكُّ في مَوْتِه وخُرُوجِه عن كَوْنِه وارِثًا (2)، فافْتَرقا.
فصل: فإن أعْتَقَ أُمَّ ولَدِه، أو أمَتَه التي كان يُصِيبُها، أو غيرَها (3) ممَّن تَحِلُّ له إصابَتُها، ثم أَرادَ أن يتَزَوَّجَها، فله ذلك في الحالِ مِن غيرِ اسْتِبْراءٍ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعْتَقَ صَفِيَّةَ، وتزَوَّجَها، وجَعَل عِتْقَها صَداقَها (4). وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أجْرَهُمْ مَرَّتَينِ؛ رَجُلٌ كانَتْ له أمَةٌ، فأدَّبَهَا فأحْسَنَ تَأْدِيبَها، وعَلَّمَها فَأحْسَنَ تَعْلِيمَها، ثم أعْتَقَها وتَزَوَّجَها» (5). ولم يذْكرِ اسْتِبْراءً، ولأنَّ الاسْتِبراءَ لصيانةِ مائِه، وحِفْظِه (6) عن
(1) في م: «مات وقف ميراثه» .
(2)
في الأصل: «ولدها» .
(3)
في م: «غيرهما» .
(4)
تقدم تخريجه في 20/ 66، وانظر 20/ 236.
(5)
تقدم تخريجه في 20/ 243.
(6)
في م: «حفظ نسبه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاخْتِلاطِ بماءِ غيرِه، ولا يُصانُ ماؤُه عن مائِه، ولهذا كان له أن يتَزَوَّجَ مُخْتَلِعَتَه في عِدَّتِها. وقد رُوِيَ عن أَحْمد، في الأمَةِ التي لا يَطَؤُها: إذا أعْتَقَها لا يتَزَوَّجُها بغيرِ اسْتِبْراءٍ؛ لأنَّه لو با عَها لم تَحِلَّ للمُشْتَرِي بغيرِ اسْتِبْراءٍ. والصَّحيحُ أنَّها تَحِلُّ (1) له؛ لأنّه يَحِلُّ له (2) وَطْؤُها بمِلْكِ اليَمِينِ، فكذلك بالنِّكاحِ، كالتي كان يُصِيبُها، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعْتقَ صَفِيَّةَ وتَزَوَّجَها، ولم يُنْقَلْ (3) أنَّه كان قد أصابَها، والحديثُ الآخرُ يَدُلُّ على حِلِّها له بظاهِرِه، لدُخُولِها في العُمُومِ، ولأنَّها تَحِلُّ لمَن يتزَوَّجُها سواه، فله أوْلَى، ولأنَّه لو اسْتَبْرأها، ثم أعْتَقَها ثم تزوَّجها في الحالِ، كان جائِزًا حسنًا، فكذلك هذه، فإنَّه تارِكٌ لوَطْئِها، ولأنَّ وُجُوبَ الاسْتِبْراءِ في حَقِّ غيرِه، إنَّما كان لِصيانةِ مائِه عن الاخْتِلاطِ بغيرِه، ولا يُوجَدُ ذلك ههُنا. وكلامُ أحمدَ، رحمه الله، محْمولٌ على مَن اشْتَراها (4)، ثم تزوَّجَها قبلَ اسْتِبْرائِها.
فصل: إذا كانت له أمَةٌ يطَؤُها، فاسْتَبْرأها، ثم أعْتَقَها، لم يَلْزَمْها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّها خَرَجَتْ عن كَوْنِها فِراشًا باسْتِبْرائِها. وإن باعَها، فأعْتَقَها
(1) في م: «لا تحل» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «يقل» .
(4)
في م: «استبرأها» .