الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ غَيَّبَهُ، وَصَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ، فَلَهَا الْفَسْخُ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ.
ــ
في حالِ غَيْبَتِه، وله وَكِيلٌ، فَحُكْمُ وَكِيلِه حُكْمُه في المُطالَبَةِ والأخْذِ مِن المالِ عندَ امْتِناعِه، وإن لم يكُنْ له وَكِيلٌ ولم تَقْدِرِ المرأةُ على الأخْذِ، أخَذَ لها الحاكمُ مِن مالِه، ويجوزُ بَيْعُ عَقارِه وعُروضِه في ذلك، إذا لم يَجِدْ (1) ما يُنْفِقُ سواه. ويُنْفِقُ على المرأةِ يومًا بيَوْمٍ. وبهذا (2) قال الشافعىُّ، ويحيى بنُ آدمَ. وقال أصْحابُ الرَّأْى: يَفْرِضُ لها في كُلِّ شَهْرٍ. ولَنا، أنَّ هذا تَعْجِيلٌ للنَّفَقةِ قبلَ وُجُوبِها، فلم يَجُزْ، كما لو عَجَّلَ لها أكْثَرَ مِن شَهْرٍ.
3991 - مسألة: (فإن غَيَّبَ مالَه، وصَبَرَ على الحَبْسِ، فلها الفَسْخُ)
إذا لم يَقْدِرِ الحاكمُ له على مالٍ يأْخُذُه، أو لم يَقْدِرْ على النَّفَقةِ مِن مالِ الغائِبِ، فِى ظاهِرِ قَوْلِ الخِرَقِىِّ، واخْتِيارِ أَبى الخَطَّاب. واخْتارَ القاضى أنَّها لا تَمْلِكُ الفَسْخَ. وهو ظاهِرُ مذهب الشافعىِّ؛ لَأنَّ الفَسْخَ في المُعْسِرِ لِعَيْبِ الإِعْسارِ، ولم يُوجَدْ ههُنا، ولأَنَّ المُوسِرَ في مَظِنَّةِ الأخْذِ مِن مالِه، وإذا امْتَنَعَ فرُبَّما لا يَمْتَنِعُ في غَدِه، بخِلافِ المُعْسِرِ. ولَنا،
(1) في الأصل: «يتحدد» .
(2)
في م: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، كَتَبَ في رِجالٍ غابُوا عن نِسائِهم، فأمَرَهُم بأن يُنْفِقُوا أو يُطَلِّقُوا (1). وهذا إجْبارٌ على الطَّلاقِ عندَ الامْتِناعِ مِن الإِنْفاقِ، ولأَنَّ الإِنْفاقَ عليها مِن مالِه مُتَعَذِّرٌ، فكان لها الخِيارُ، كحالِ الإِعْسارِ، بل هذا أَوْلَى بالفَسْخِ؛ فإنَّه إذا جازَ الفَسْخُ على المَعْذُورِ، فعلى غيرِه أَوْلَى، ولأَنَّ في الصَّبْرِ ضَرَرًا أمْكَنَ إزالَتُه بالفَسْخِ، فوَجَبَتْ إزالَتُه دَفْعًا للضَّرَرِ، [ولأنَّه نَوْعُ تَعَذُّرٍ](2) يُجَوِّزُ الفَسْخِ، فلم يَفْتَرِقِ الحالُ بينَ المُعْسِرِ والمُوسِرِ، كأداءِ ثَمَنِ المَبِيعِ، فإنَّه لا فَرْقَ في جَوازِ الفَسْخِ بينَ أن يكونَ المُشْتَرِى مُعْسِرًا، وبينَ أن يَهْرُبَ قبلَ أداءِ الثَّمنِ، ولأَنَّ عَيْبَ الإِعْسارِ إنَّما جَوَّزَ الفَسْخَ لتَعَذُّرِ الإِنْفاقِ، بدليلِ أنَّه لو اقْتَرَضَ ما يُنْفِقُ عليها، أو تَبَرَّعَ له إنْسانٌ بدَفْعِ ما يُنْفِقُه، لم تَمْلِكِ الفَسْخَ. وقولُهم: إنَّه يَحْتَمِلُ أن يُنْفِقَ فيما بعدَ هذا. قُلْنا: وكذلك المُعْسِرُ، يَحْتَمِلُ أن يُعِينَه اللَّهُ تعالى، وأن يَقْتَرِضَ، أو يُعْطَى ما يُنْفِقُه، فاسْتَوَيا.