الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذا تَنازَعا فِيها، رَجَعَ الْأمْرُ إلَى الْحاكِمِ، فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تَحتَ الْمُوسِرِ قَذرَ كِفايَتها مِنْ أرفَعِ خُبْزِ الْبَلَدِ وأُدْمِهِ الَّذِي جَرَتْ عادَةُ أمْثالِها بِأكْلِهِ،
ــ
يُجْبَرُ واحِدٌ منهما على قَبُولِها، كالبَيعِ. وإن تَراضَيا على ذلك، جازَ؛ لأنَّه طَعامٌ وجَبَ في الذِّمَّةِ لآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، فجازَتِ المُعاوَضَةُ عنه، كالطَّعامِ في القَرْضِ، ويُفارِقُ الطَّعامَ في الكَفَّارَةِ؛ فإنَّه حَقٌّ للهِ تَعالى، وليس هو لآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ (1)، فيَرْضَى بالعِوَضِ عنه. وإن أعْطَاها مكانَ الخُبْزِ حَبًّا، أو دَقِيقًا، جازَ إذا تَراضَيا عليه؛ لأنَّ هذا ليس بمُعاوَضَةٍ حَقِيقَةً، فإنَّ الشَّارِعَ لم يُعَيِّنِ الواجِبَ بأكثرَ مِن الكِفايَةِ، فبأيِّ شيءٍ حَصَلَتِ الكِفايَةُ، كان ذلك هو الواجبَ، وإنَّما صِرْنَا إلى إيجابِ الخُبْزِ عندَ الاخْتِلافِ لِتَرَجُّحِه بكَوْنِه القُوتَ المُعْتادَ.
3946 - مسألة: (فإن تَنازَعَا فيها، رَجَعَ الأمْرُ إلى الحاكَمِ)
وجملةُ ذلك، أنَّ الأمْرَ يَرْجِعُ في تَقْدِيرِ الواجِبِ للزَّوْجَةِ إلى اجْتِهادِ الحاكمِ أو نائِبِه، إن (2) لم يَتَراضَيا على شيءٍ، فيَفْرِضُ للمرأةِ قَدْرَ كِفايَتِها مِن الخُبْزِ والأُدْمِ (فيَفْرِضُ للمُوسِرَةِ تحت المُوسِرِ قَدْرَ حاجَتِها، مِن أرْفَعِ خُبْزِ البلدِ الذي يأْكُلُه أمْثالُها) وللمُعْسِرَةِ تحت المُعْسِرِ قَدْرَ كِفايَتِها مِن
(1) سقط من: الأصل.
(2)
بعده في تش: «كان» .
وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيهِ مِنَ الدُّهْنِ،
ــ
أدْنَى خُبْزِ البَلَدِ، وللمُتَوَسِّطَةِ تحت المُتَوَسِّطِ مِن أوْسَطِه، لكلِّ أحَدٍ على حَسَبِ حالِه، على ما جَرَتِ العادَةُ في حَقِّ أمْثالِه، وكذلك الأُدْمُ، للمُوسِرَةِ تحت المُوسِرِ قَدْرُ كِفايَتِها مِن أرْفَعِ الأُدْمِ، مِن الأُرْزِ واللَّحْمِ واللَّبَنِ، وما يُطْبَخُ به اللَّحْمُ، والدُّهْنُ على اخْتِلافِ أنْواعِه في بُلْدانِه؛ السَّمْنُ في مَوْضِعٍ، والزَّيتُ [في آخَرَ](1)، والشَّحْمُ في آخَرَ، والشَّيرَجُ في آخَرَ. وللمُعْسِرَةِ تحتَ المُعْسِرِ مِن الأُدْمِ أدْوَنُه؛ كالباقِلَّاءِ، والخَلِّ، والبَقْلِ، والكامَخِ (2)، وما جَرَتْ به عادَةُ أمْثالِهم (وما تَحْتاجُ إليه مِن الدُّهْنِ) وللمُتَوَسِّطَةِ تحت المتَوَسِّطِ أوْسَطُ ذلك، مِن الخُبْزِ والأُدْمِ، على حَسبِ عادَتِه. وقال الشافعيُّ: الواجبُ مِن جِنْسِ قُوتِ البَلَدِ، لا يَخْتَلِفُ باليَسارِ والإِعْسارِ سِوَى المِقْدارِ، والأُدْمُ هو الدُّهْنُ خاصَّةً؛ لأنَّه أصْلَحُ للأبْدانِ، وأجْوَدُ في المُؤْنةِ؛ لأنَّه لا يَحْتاجُ إلى طَبْخٍ وكُلْفَةٍ، ويُعْتَبَرُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
الكامخ: المخللات المشهية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأُدْمُ بغالِبِ عادَةِ أهْلِ البَلَدِ، كالزَّيتِ بالشَّامِ، والشَّيرَجِ بالعِراقِ، والسَّمْنِ بخُرَاسانَ، ويُعْتَبَرُ قَدْرُ الأُدْمِ بالقُوتِ، فإذا قِيلَ: إنَّ الرَّطْلَ يَكْفِيه الأُوقِيَّةُ مِن الدُّهْنِ. فُرِضَ ذلك. وفي كُلِّ يومِ جُمُعةٍ رَطْلُ لَحْمٍ، فإن كان في مَوْضِعٍ يَرْخُصُ فيه (1) اللَّحْمُ، زادها على الرَّطْلِ شيئًا. وذَكَرَ القاضي مثلَ هذا في الأُدْمِ. وهذا مُخالِفٌ لقولِ اللهِ تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7]. ولقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَلَهُنَّ عَلَيكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ» (2). ومتى أنْفَقَ المُوسِرُ نَفَقَةَ المُعْسِرِ، فما أنْفَقَ مِن سَعَتِه، ولا رَزَقَها بالمَعْرُوفِ، وقد فَرَّقَ اللهُ تَعالى بينَ المُوسِرِ والمُعْسِرِ في الإِنْفاقِ، وفي هذا جَمْعٌ بينَ ما فَرَّقَه اللهُ تَعالى، وتَقْدِيرُ الأُدْمِ بما ذكَرُوه تَحَكُّمٌ (3) لا دَلِيلَ عليه، وخِلافُ العادةِ والعُرْفِ بينَ الناسِ في إنْفاقِهِم، فلا يُعَرَّجُ على مِثْلِ هذا. وقد قال ابنُ عمرَ: مِن أفْضَلِ ما تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ، الخُبْزُ واللَّحْمُ. والصَّحيحُ ما ذكَرْناه مِن رَدِّ النَّفَقةِ المُطْلَقَةِ في الشَّرْعِ إلى العُرْفِ فيما بينَ الناسِ في نَفَقاتِهم، في حَقِّ المُوسِرِ والمُعْسِرِ والمُتَوَسِّطِ، كما
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في 8/ 363، من حديث جابر الطويل.
(3)
في م: «تحكيم» .