الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا قَبْلَ دُخولِهِ بِهَا، فَعَلَى رِوَايَتَينِ؛ أوْلَاهُمَا، أنَّهَا تَبْنِي عَلَى مَا مضَى مِنَ الْعِدَّةِ الأولَى، لِأنَّ هَذَا طَلَاق مِنْ نِكَاحٍ لَا دخولَ فِيهِ، فَلَا يوجِبُ عِدَّة.
ــ
ففي تَداخلِ العِدَّتَين وَجْهان، فإن قلنا: يَتَداخَلان. فانْقِضاؤهما معًا بوَضْعِ الحَمْلِ. وإن قلْنا: لا يَتَداخَلان. فانْقِضاء عِدَّةِ الطلاق بِوَضْعِ الحملِ، وتَسْتَأنِف عِدَّةَ الوَطْءِ بالقروءِ.
3882 - مسألة: (وإن طَلَّقَها طَلاقًا بائِنًا، ثم نَكَحَها في عِدَّتِها، ثم طَلَّقَها قبلَ دُخولِه بها، فعلى رِوايَتَين)
إحداهما، تَسْتأنِفُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه طَلاق لا يَخْلو مِن عِدَّةٍ، فأوْجَب عِدَّة مُسْتأنَفَةً كالأوَّلِ. والثانية، لا يَلْزَمها اسْتِئْناف عِدَّةٍ. اختارَها شيخُنا (1). وهو قولُ الشافعيِّ، ومحمدِ بنِ الحسنِ؛ لأَنه طَلاقٌ في نكاح قبلَ المَسِيسِ، فلم يُوجب عِدَّةً، لعُمُومِ قولِه سبحانه:{ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (2). وذكرَ القاضي في
(1) انظر المغني 11/ 243.
(2)
سورة الأحزاب 49.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كتابِ «الروايتَينِ» أنَّه لا يَلْزَمُها اسْتِئْنافُ العِدَّةِ، روايةً واحدةً، لكنْ يَلْزَمُها إتْمامُ بَقِيَّةِ العِدَّةِ الأولَى؛ لأنَّ إسْقاطَها يُفْضِي إلى اخْتِلاطِ المِياهِ، لأَنه يَتَزَوَّجُ امرأةً ويَطَؤها ويخْلَعُها، ثم يتزَوَّجُها ويُطَلقُها في الحالِ، ويتزوَّجُها الثاني، في يومٍ واحدٍ. فإن خَلَعَها حامِلًا، [ثم تَزَوَّجَها حامِلًا](1)، ثم طَلَّقَها وهي حامِلٌ، انْقَضَتْ عِدَّتُها بوَضْعِ الحَمْلِ، على كِلتا الروايتَين، ولا نعلمُ فيه مُخالِفًا، ولا تَنْقَضِي عِدَّتُها قبلَ وَضْعِ حَمْلِها بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه. وإن وضَعَتْ حَمْلَها قبلَ النكاحِ الثاني، فلا عِدَّةَ عليها لِلطلاقِ مِن النِّكاحِ الثاني، بغيرِ خِلافٍ أيضًا؛ لأنه نكحَها بعدَ قَضاءِ عِدَّةِ الأوَّلِ. وإن وَضَعَتْه بعدَ النِّكاحِ الثاني وقبلَ طَلاقِه، فمَن قال: يَلْزَمُها استئنافُ عِدَّةٍ. أوْجَبَ عليها الاعْتِدادَ بعدَ طَلاقِ الثاني بثلاثةِ قُروءٍ. ومن قال: لا يَلْزَمُها استئنافُ عِدَّةٍ. لم يُوجِبْ عليها ههُنا عِدَّةً؛ لأنَّ العِدَّةَ الأولَى انْقَضَتْ بوَضْعِ الحملِ، إذْ لا يجوزُ أن تَعْتَدَّ الحامِلُ بغيرِ وَضْعِه. وإن كانت مِن ذَواتِ القُروءِ أو الشُّهورِ، فنَكَحَها الثاني بعد مُضِيِّ قَرْءٍ أو شَهْر، ثم مَضَى قَرءَانِ أو شَهْران قبلَ طَلاقِه مِن النكاحِ الثاني، فقد انْقَطَعَتِ العِدَّةُ بالنكاحِ الثاني. وإن قُلْنا: تَسْتَأنِفُ العِدَّةَ. فعليها عِدَّة تامَّةٌ، بثلاثةِ قُروء، أو ثلاثةِ أشْهُر. وإن قُلْنا: تَبْنِي. أتَمَّتِ العِدَّةَ الأولَى بقَرْأين أو شَهْرَين.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن طَلَّقَها طَلاقًا رَجْعِيًا، فنَكَحَتْ في عِدَّتِها مَن وَطِئها، فقد ذَكَرْنا أنَّها تَبْنِي على عِدَّةِ الأوَّل، ثم تَسْتَأنِفُ عِدَّةَ الثاني، ولِزَوْجِها الأوَّلِ. رَجْعَتُها في بَقِيَّةِ عِدَّتِها منه؛ لأَنَّ الرَّجْعَةَ إمْساكٌ للزَّوْجةِ، وطَرَيانُ الوَطْءِ مِن أجْنَبِي على النِّكاحِ لا يَمْنَعُ الزَّوْجَ إمْساكَ زَوْجَتِه، كما لو كانت في صُلْبِ النِّكاحِ. وقيلَ: ليس له رَجْعَتُها؛ لأنَّها مُحَرَّمَة عليه، فلم يَصِحَّ له ارْتِجاعُها، كالمُرْتَدَّةِ. والصَّحيحُ الأوَّلُ (1)؛ فإنَّ التَّحْرِيمَ لا يَمْنَعُ الرَّجْعَة، كالإحْرامِ. ويُفارِقُ الرِّدّةَ؛ لأنَّها جارِيَة إلى بَينُونَةٍ (2) بعدَ الرَّجْعَةِ، بخِلافِ العِدَّةِ. وإذا انْقَضَتْ عِدَّتُها منه، فليسِ له رَجْعَتُهَا في عِدَّةِ الثاني؛ لأنَّها ليست منه. وإذا ارْتَجَعَها في عِدَّتِها مِن نفسِه، وكانت بالقُرُوءِ أو بالأشْهُرِ، انْقَطَعَتْ عِدّتُه بالرَّجْعَةِ، وابْتَدَأتْ عِدَّةً مِن الثاني، ولا يَحِلُّ له وَطْؤها حتى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الثاني، كا لو وُطِئَتْ بشُبْهَةٍ في صُلْبِ نِكاحِه. وإن كانت مُعْتَدَّةً بالحملِ، لم يُمْكِنْ (3) شُرُوعُها في عِدَّةِ الثاني قبلَ وَضْعِ الحمل؛ لأنَّها بالقُروءِ، فإذا وضَعَتْ حَمْلَها، شَرَعَتْ في عِدَّةِ الثاني، [وإن كان الحملُ مُلْحَقًا بالثاني، فإنَّها تَعْتَدُّ به عن الثاني](4)،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «بينونته» .
(3)
في تش، ق، م:«يكن» .
(4)
تكملة من المغني 11/ 245، 246.
فَصْلٌ: وَيَجِبُ الإحْدَادُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْوَفَاةِ. وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِنِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ، وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أوْ زِنًى، أوْ فِي نِكَاح فَاسِدٍ، أوْ بِمِلْكِ يَمِين،
ــ
وتتَقَدَّمُ عِدَّةُ الثاني على الأوَّلِ، فإذا أكْمَلَتْها، شَرَعَتْ في إتْمامِ عِدَّةِ الأوَّلِ، وله حينَئذٍ أن يَرْتَجِعَها (1)؛ لأنَّها في عِدَّتِه. وإن أحَبَّ أن يرْتَجِعَها في حالِ حَمْلِها (2)، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّها ليست في عِدَّتِه، وهي مُحَرَّمَة عليه، فأشْبَهَتِ الأجْنَبِيَّةَ أو المُرْتَدَّةَ. والثاني، له رَجْعَتُها؛ لأن عِدَّتَها منه لم تَنْقَضِ، وتحْرِيمُها لا يَمْنَعُ رَجْعَتَها، كالمُحْرِمَةِ.
فصل: قال الشَّيخُ، رحمه الله:(ويَجِبُ الإحْدادُ على المُعْتَدَّةِ مِن الوَفاةِ. وهل يجبُ على البائِنِ؟ على رِوايتَين. ولا يَجِبُ على الرجْعِيَّةِ، والمَوْطُوءةِ بشُبْهَةٍ أو زِنًى، أو في نِكاحٍ فاسدٍ، أو بمِلْكِ يَمينٍ) لا
(1) في الأصل، تش:«يتزوجها» .
(2)
في الأصل: «حمله» .