الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَللثَّانِي أن يَنْكِحَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ العِدَّتَينِ. وَعَنْهُ، أنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيهِ
ــ
لدُونِ سِتَّةِ أشْهُر مِن وَطْءِ الثاني، ولأكْثرَ مِن أرْبَعِ سِنِينَ مِن فِراقِ الأوَّلِ، لم يَلْحَقْ بواحِدٍ منهما، ولا تَنْقَضِي به (1) عِدَّتُها منه، لأنَّا نَعْلَمُ أنَّه مِن وَطْءٍ آخَرَ، فتَنْقَضِي به عِدَّتُها مِن ذلك الوَطْءِ، ثم تُتِمُّ عِدَّةَ الأولِ، وتَسْتأنف عِدَّةَ الثاني، لأنَّه قد وُجِدَ ما يَقْتَضِي عِدةً ثالثةً، وهو الوَطْءُ الذي حَمَلَتْ منه، فيَجِبُ عليها عِدَّتان، وإتْمامُ العِدَّةِ [مِن الأولِ](2).
فصل: إذا تزَوَّجَ مُعْتَدَّةً، وهما عَالِمان بالعِدَّةِ وبتَحْرِيمِ النِّكاحِ فيها، ووَطِئَها، فهما زَانِيان عليهما حَدُّ الزِّنَى، ولا مَهْرَ لها، ولا يَلْحَقُه النَّسَبُ، وإن كانا جاهِلَين بالعِدَّةِ أو بالتَّحْرِيمِ، ثَبَتَ النَّسَبُ، وانْتَفَى الحَدُّ، ووَجَبَ المَهْرُ، وإن عَلِمَ هو دُونَها، فعليه الحَدُّ والمَهْرُ، ولا يَلْحَقُه النّسَبُ، وإن عَلِمَتْ هي دُونَه، فعليها الحَدُّ، ولا مَهْرَ لها، ويَلْحَقُه النَّسَبُ، وإنَّما كان كذلك، لأنَّ هذا نِكَاح مُتّفَق على بُطْلانِه، فأشْبَهَ نِكاحَ ذَواتِ مَحارِمِه.
3878 - مسألة: (وللثَّاني أن يَنْكِحَها بعدَ انْقِضاء العِدَّتَين
.
(1) سقط من: م.
(2)
في تش: «للأول» ، وفي ق، م:«الأولى» .
عَلَى التَّأبِيدِ.
ــ
وعنه، أنَّها تَحْرُمُ عليه على التَّأبِيدِ) أمَّا الزوجُ الأوَّلُ، فإن كان طَلَّقَ ثلاثًا، لم تَحِلَّ له بهذا النِّكاحِ وإن وَطِئَ فيه؛ لأنَّه نِكاح باطل، وإن طَلَّقَ دُونَ الثَّلاثِ، فله نِكاحُها بعدَ العِدَّتَين. وإن كانت رَجْعِيَّة، فله رَجْعَتُها في عِدَّتِها منه. وأمَّا الزَّوْجُ الثاني، ففيه روايتان؛ إحداهما، تَحْرُمُ عليه على التَّأبِيدِ. وبه قال مالِكٌ، والشافعيُّ في القَديمِ؛ لقَوْلِ عمرَ، رضي الله عنه: لا يَنْكِحُها أَبدًا. ولأنَّه استَعْجَل الحَقَّ قبلَ (1) وَقْتِه، فحُرِمَه في وَقْتِه، كالوارِثِ إذا قتلَ مَوْرُوثَه، ولأنه يُفْسِدُ النَّسبَ، فيُوقِعُ التَّحْرِيمَ المُؤبَّدَ، كاللِّعانِ. والثانيةُ، تَحِلُّ له. قال الشافعيُّ في الجديدِ: له نِكاحُها بعدَ قَضاء عِدَّةِ الأولِ، ولا يُمْنَعُ مِن نِكاحِها في عِدَّتِها منه؛ لأنه وَطْء يَلْحَقُ به النَّسَبُ، فلا يَمْنَعُ مِن نِكاحِها في عِدَّتِها منه، كالوَطْءِ في النِّكاحِ، ولأنَّ العِدَّةَ إنَّما شُرِعَتْ حِفْظًا للنَّسَبِ، وصِيانَةً للماءِ، والنَّسَبُ لاحِقٌ به ههُنا، فأشبَهَ ما لو خالعَها ثم نَكَحَها في عِدَّتِها. قال شَيخُنا (2): وهذا قول حسن مُوافِق للنظَرِ. ولَنا على إباحَتِها بعدَ العِدَّتَين، أنَّه لا يَخْلو؛ إمَّا أن يكونَ تَحْرِيمُها بالعَقْدِ، أو بالوَطْءِ في النِّكاحِ الفاسدِ، أو بهما،
(1) في ق، م:«في غير» .
(2)
في: المغني 11/ 239.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجميعُ ذلك لا يَقْتَضِي التَّحْريمَ، بدليلِ ما لو نَكَحَها بلا وَلِي ووَطِئَها، ولأنه لو زَنَى بها، لم تَحْرُمْ عليه على التَّأبيدِ، فهذا أوْلَى، ولأنَّ آياتِ الإِباحةِ عامَّة، كقولِه تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (1). وقولِه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} (2). فلا يجوزُ تَخْصِيصُها بغيرِ دليل، وما رُوِيَ عن عمرَ في تَحْرِيمِها، فقد خالفَه على فيه، ورُوِيَ عن عمرَ، أنَّه رَجَعَ عن قولِه في التَّحْرِيمِ إلى قولِ علي، فإنَّ عَلِيًّا قال: إذا انْقَضَتْ عِدَّتُها، فهو خاطِب مِن الخُطابِ. فقال عمرُ: رُدُّوا الجَهالاتِ إلى السُّنَّة. ورَجَعَ إلى قولِ علي (3). وقِياسُهم يَبْطُلُ بما إذا زَنَى بها، فإنَّه قد اسْتَعْجَلَ وَطْأها، ولا تَحْرُمُ عليه على التَّأبِيدِ، ووَجْهُ تَحْرِيمِها قبلَ قَضاءِ عِدَّةِ الثاني عليه، قولُ اللهِ تعالى:{وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} (4). ولأنَّه وَطْء يَفْسُدُ به النَّسَب، فلم يَجُزِ النِّكاحُ في العِدَّةِ منه، كوَطْءِ الأجْنَبِيِّ.
(1) سورة النساء 24.
(2)
سورة المائدة 5.
(3)
أخرجه سعيد بن منصور، في: باب من راجع امرأته وهو غائب، من كتاب الطلاق. السنن 1/ 314. والبيهقي، في: باب الاختلاف في مهرها وتحريم نكاحها على الثاني، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 442.
(4)
سورة البقرة 235.