الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَزِدْ لَبَنُهَا، فهُوَ لِلأَوَّلِ، وَإنْ زَادَ لَبَنُهَا فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا، صَارَ ابْنًا لَهُمَا. وَإنِ انْقَطَعَ لَبَنُ الْأوَّلِ، ثُمَّ ثَابَ بِحَمْلِهَا مِنَ الثَّانِي، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ، هُوَ ابْنُ الثَّانِي وَحْدَهُ.
ــ
3944 - مسألة: (وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَزِدْ لَبَنُهَا، فهُوَ لِلأَوَّلِ، وَإنْ زَادَ لَبَنُهَا فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا، صَارَ ابْنًا لَهُمَا. وَإِنِ انْقَطَعَ لَبَنُ الْأوَّلِ، ثُمَّ ثَابَ بِحَمْلِهَا مِنَ الثَّانِي، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ، هُوَ ابْنُ الثَّانِي وَحْدَهُ)
وجملةُ ذلك، أنَّ الرَّجُلَ إذا طَلَّقَ زَوْجَتَه، ولها منه لَبَنٌ، فتَزَوَّجَتْ آخَرَ، لم يَخْلُ مِن خَمْسَةِ أحْوالٍ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحَدُها، أن يَبْقَى لَبَنُ (1) الأوَّلِ بحالِه، لم يَزِدْ ولم يَنْقُصْ، ولم تَلِدْ مِن الثانِي، فهو للأوَّلِ، سَواءٌ حَمَلَتْ مِن الثاني أو لم تَحْمِلْ. لا نعلمُ فيه خِلافًا، لأنَّ [اللَّبَنَ كان](2) للأوَّلِ، ولم يتَجَدَّدْ ما يَجْعَلُه مِن الثاني، فبَقِيَ للأوَّلِ.
الثاني، أن لا تَحْمِلَ مِن الثاني، فهو للأوَّلِ، سواءٌ زادَ أو لم يَزِدْ، أو انْقَطَعَ ثم عاد أو لم يَنْقَطِعْ.
الثالثُ، أن تَلِدَ مِن الثاني، فاللَّبَنُ له خاصَّةً. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ على هذا كلُّ مَن أحْفَظُ عنه [مِن أهْلِ العِلْمِ](3)، وهو قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ. سَواءٌ زادَ أو [لم يَزِدْ](4)، انْقَطَعَ أو لم يَنْقَطِعْ، لأنَّ لَبَنَ الأوَّلِ يَنْقَطِعُ بالولادَةِ مِن الثاني، فإنَّ حاجةَ الموْلودِ تَمْنَعُ كَوْنَه لغيرِه.
الرابعُ، أن يكونَ لَبَنُ الأوَّلِ باقِيًا، وزادَ بالحَمْلِ مِن الثاني، فاللَّبَنُ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «النكاح» .
(3)
زيادة من: تش.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منهما جميعًا، في قولِ أصْحابِنا. وقال أبو حنيفةَ: هو للأوَّلِ، ما لم تَلِدْ مِن الثاني. وقال الشافعيُّ: إن لم يَنتَهِ الحَمْلُ إلى حالٍ يَنْزِلُ (1) منه (2) اللَّبنُ، فهو للأوَّلِ، وإن بَلَغَ إلى حالٍ يَنْزِلُ به اللَّبَنُ، فزادَ به، ففيه قَوْلان؛ أحَدُهما، هو للأوَّلِ. والثاني، هو لهما. ولَنا، أنَّ زِيادَتَه عندَ حُدوثِ الحَمْلِ ظاهِرٌ في أنَّها (3) منه، وبَقاءُ لَبَنِ الأوَّلِ يَقْتَضِي كَوْنَ أصْلِه منه، فيَجِبُ أن يُضافَ إليهما، كما لو كان الوَلَدُ منهما.
الحالُ الخامسُ، انْقَطَعَ مِن الأولِ، ثم ثَابَ بالحَمْلِ مِن الثاني. فقال أبو بكرٍ: هو منهما. وهو أحَدُ أقْوالِ الشافعيِّ، إذا انْتَهَى الحَمْلُ إلى حالٍ يَنْزِلُ به اللَّبَنُ؛ وذلك لأنَّ اللَّبَنَ كان للأوَّلِ، فلمَّا عادَ بحُدُوثِ الحَمْلِ، فالظاهِرُ أنَّ لَبَنَ الأوَّلِ ثابَ بسَبَبِ الحَمْلِ الثاني، فكان مُضافًا إليهما، كما لو لم يَنْقَطِعْ. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ أنَّه مِن الثاني. وهو القولُ الثاني للشافعيِّ (4)؛ لأنَّ لَبَنَ الأولِ انْقَطَع، فزال حُكْمُه بانِقْطاعِه، وحَدَثَ بالحَمْلِ مِن الثاني، فكان له، كما لو لم يكنْ لها لَبَنٌ مِن الأوَّلِ. وقال أبو حنيفةَ: هو للأوَّلِ ما لم تَلِدْ مِن الثانِي. وهو القولُ الثالثُ للشافعيِّ؛ لأنَّ الحَمْلَ لا (4) يَقْتَضِي اللَّبَنَ، وإنَّما يَخْلُقُه اللهُ تعالى للوَلَدِ عندَ وُجُودِه
(1) في ق: «يترك» .
(2)
في م: «به» .
(3)
في الأصل: «لبنها» .
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لحاجَتِه إليه. وقد سَبَقَ الكلامُ عليه.
فصل: وإذا ادَّعَى أحَدُ الزَّوْجَين على الآخَرِ، أنَّه أقَرَّ أنَّه أخُو صاحِبِه مِن الرَّضاعِ، فأنْكَرَ، لم يُقْبَلْ في ذلك شَهادَةُ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ؛ لأنَّها شَهادَةٌ على الإِقْرارِ، والإِقْرارُ ممَّا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ، فلم يحْتَج فيه إلى شَهادَةِ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ، فلم يُقْبَلْ ذلك، بخِلافِ الرَّضاعِ نفْسِه.
فصل: كَرِهَ أبو عبدِ الله الارْتِضاعَ بلَبَنِ الفُجُورِ والمُشرِكاتِ. وقال عمرُ بنُ الخطابِ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، رضي الله عنهما: اللَّبَنُ يُشْبِهُ (1)، فلا تَسْقِ (2) مِن يَهُودِيَّةٍ ولا نَصْرانِيَّةٍ ولا زانِيَةٍ، ولا يَقْبَلُ (3) أهْلُ الذِّمَّةِ المُسْلِمَةَ، ولا يَرَى شُعُورَهُنَّ (4). ولأنَّ لَبَنَ الفَاجِرَةِ رُبَّما أفْضَى إلى شَبَهِ المُرْضِعةِ في الفُجُورِ، ويَجْعَلُها أُمًّا لِوَلَدِه، [فيَتَعَيَّرُ بها، ويتَضَرَّرُ](5) طَبْعًا وتَعَيُّرًا، والارْتِضاعُ مِن المُشْرِكَةِ يجْعَلُها أُمًّا، لها حُرْمَةُ
(1) في م: «يشتبه» .
وأخرج هذا الجزء عنهما البيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 464 قولهما: اللبن يشبه. وأخرجه عن عمر بن الخطاب سعيد بن منصور، في: سننه 2/ 116.
(2)
في م: «تستق» .
(3)
من القبالة، وهي استقبال الولد عند الولادة.
(4)
في الأصل: «سوقهن» .
(5)
في تش: «فيتضرر بها» . وفي ق: «فيتضرر بها ويتضرر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأُمِّ مع شِرْكِها، ورُبَّما مال إليها في مَحَبَّةِ دِينِها. ويُكْرَهُ الارْتِضاعُ بلَبَنِ الحَمْقاءِ؛ كيلا يُشْبِهَها الوَلَدُ في الحُمْقِ، فإنَّه يُقالُ: إنَّ الرَّضاعَ يُغَيِّرُ الطِّباعَ.