الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ال
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، خلق الإنسان وكرمه، فأمره بعبادته، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 1، وأرشده إلى طريق الفلاح، قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} 2، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} 3.
وأصلى وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، أنعم الله عليه بمعراج إلى السماء، فتلقى في هذا المقام الجليل تكليف الصلاة
…
فكانت بعد العقيدة أولى الواجبات، وللمؤمنين أهم السمات، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة "4.
أما بعد:
فالصلاة من أهم العبادات التي يجب على كل مسلم أن يفقه أحكامها درسا وتطبيقا، لعظم قدرها، وسمو مكانتها في الإسلام، فإذا كان الإيمان قولا بلسان واعتقادا بالجنان، فالصلاة عمل بالأركان وطاعة للرحمان.
1 سورة البقرة الآية [21] .
2 سورة المؤمنون، الآيتان [1، 2]
3 سورة الأعلى، الآيتان [14، 15] .
4 رواه مسلم 1/88 ح82.
ولما كانت الصلاة عبادة يتحقق فيها التجرد لله وحده، وتربية النفس على المعاني الإيمانية التي تعد المؤمن لحياة كريمة في الدنيا، وسعادة سرمدية في الآخرة، كانت سنة متتابعة عبر
الرسالات، وصلة بخالق الأرض والسماوات، وزادا يعين النفس على التزام الطاعات، والبعد عن المحرمات.
والصلاة عبادة يجب أن تؤدى على وجهها المشروع، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"..وصلوا كما رأيتمونى أصلى.." 1، فلابد للمسلم أن يتعلم كل ما يتعلق بأحكام الصلاة حتى يؤدى العبادة على الوجه الصحيح.
ومن هنا تبدو أهمية هذه الرسالة في التعريف بالصلاة ومكانتها وأثارها في حياة المسلم، وكيف يؤدى الإنسان صلاة صحيحة تامة كما علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد اعتنى القرآن الكريم بالصلاة عناية كبيرة، فجاءت الآيات تأمر بإقامتها، والمحافظة عليها، قال الله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} 2 وقال تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ
…
} 3، وقال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ
…
} 4.
وقد وصف القرآن الكريم أهل الأيمان بأنهم يقيمون الصلاة، قال الله تعالى:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ..} 5، وتوعد
1 رواه البخاري 1/155 كتاب الآذان، باب الأذان المسافر إذا كانوا جماعة والإقامة..
2 سورة النور، الآية [56] .
3 سورة الإسراء، الآية [78] .
4 سورة هود، الآية [114] .
5 سورة البقرة، الآية [3] .
الساهين عنها، قال تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} 1والمضيعين لها، قال تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} 2.
وتظهر مكانة الصلاة في القرآن فينادى لها، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ
…
} 3، ويأمر القرآن بالتطهر لها، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
…
} 4 ويشير القرآن إلى بناء المسجد لأدائها فيه، ويحث على عمارة المساجد، ويدعو ألى أخذ الزينة عندها.
ولم تنفك السنة المطهرة تعلم الأمة فضل الصلاة ومكانتها، وأنواعها، وكيفيتها، ويكون من آخر كلام هادى الأمة محمد صلى الله عليه وسلم وصيته بها:"الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم "5.
إنها آخر ما يفقد من الدين، فإن فقدت فقد الدين كله، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة..وكفى بها حدا فاصلا بين الإسلام والكفر.
1 سورة الماعون، الآية [4، 5] .
2 سورة مريم، الآية [59] .
3 سورة الجمعة، الآية [9] .
4 سورة المائدة، الآية [6] .
5 رواه أحمد 1/290 حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفتح الرباني 2/207، 208 (جه) وإسناده جيد، وصحح الإسناد الألباني في الإرواء 7/237.
أخي القارئ:
هذه هي الرسالة الثالثة من رسائل التعريف بالإسلام، أكتب فيها بعد أن من الله علي بالكتابة في الزكاة والصيام والحج، استكمالا لعقد أركان الإسلام، وقد راعيت فيها الإيجاز لتحصل الفائدة وتعم، والتزمت العبارة سليمة المبنى واضحة المعنى، وقد تعرضت لما تبدو الحاجة إليه من موضوع الصلاة، وبسطت القول في ما احتاج إلى البسط، مع ذكر الدليل، ورجحت ما ظهر لي من خلال استعراض كلام أهل العلم، واعتنيت بإبراز جانب كبير من الأخطاء التي ظن من يقع فيها الصواب
…
ولا أضيف جديدا إن نوهت إلى الدور الرائد الذي تقوم به جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والتي تمتد في نشاطها كشريان يغذي الأمة ويروي ظمأها، وفق منهج إسلامي قويم
وأتقدم بالشكر الجزيل والدعاء الصادق للقائمين عليها، وعلى رأسهم معالي مديرها الأستاذ الدكتور / محمد بن عبد الله العجلان، وأصحاب الفضيلة وكلاء الجامعة وسعادة عميد البحث العلمي فيها، لما يولونه من عناية فائقة لنشر وعي إسلامي صحيح، لا يدخرون في ذلك وسعا
…
أسأل الله جل وعلا أن ينفع بهذه الكتابة، وأن يغفر لي ما كان فيها من زلل أو تقصير، وأن يوفقنا إلى صالح الأعمال، انه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه
أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
في 8/10 /1415هـ
الزلفي
ص. ب188